التكتلات الأجنبية في القطاع الخاص أبرز المعوقات أمام زيادة نسب البحرنة
مبادرات توظيف البحرينيين غير فعالة.. وهناك خلل بين برامج التدريب وفرص التوظيف
وزارة العمل أخذت الطريق الأسهل وهو التدريب بدلا من توفير فرص العمل
أجرى الحوار: وليد دياب وياسمين العقيدات
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
أكد رئيس لجنة التحقيق البرلمانية بشأن بحرنة الوظائف في القطاعين العام والخاص النائب منير سرور ان هناك خللا فيما بين اعداد المتدربين البحرينيين لتأهيلهم لسوق العمل وبين عدد من يتم توظيفهم فعليا، معتبرا ان عدد المتدربين يفوق بصورة كبيرة عدد المتوظفين، وان الحكومة تقوم بضخّ أموال كبيرة في مجال التدريب وتحاول بكل طاقتها، ولكن تكون النتيجة غير موائمة، لافتا إلى أنه يرى ان المبادرات التي تقوم بها الحكومة أو صندوق العمل تمكين من أجل زيادة توظيف البحرينيين غير فعالة.
وقال النائب منير سرور في حوار لـ«أخبار الخليج» إن من ابرز معوقات البحرنة هو ما اسماه التكتلات الأجنبية في القطاع الخاص والتي تستمر في جلب أبناء جلدتهم وأقربائهم على حساب الكوادر البحرينية، مضيفا انه فيما يخص نتائج عمل لجنة التحقيق البرلمانية خلصت الى 29 توصية ومقترحا و19 استنتاجا و6 معوقات، لافتا الى ان ابرز المقترحات التي قدمتها اللجنة تمثلت في تثبيت جميع الموظفين البحرينيين العاملين بموجب عقود مؤقتة في الشركات الحكومية، واعتماد جهة مركزية تتولى التوظيف والنظر في طلبات العاطلين عن العمل من اجل الحصول على الوظيفة، وزيادة مستويات نسبة البحرنة في الوظائف بما لا يقل عن 90% في كافة الشركات الحكومية، وتوطين بعض الوظائف وقصرها على البحرينيين فقط في سوق العمل.
وفيما يلي نص الحوار:
بداية كيف كانت آلية عمل لجنة التحقيق في ملف البحرنة؟ وهل لمستم اختلافا في نتائج عملكم عن نتائج لجنة التحقيق السابقة في الفصل التشريعي الخامس؟
أهم ما يميز عمل لجنتنا هو استخدام آليات عملية حوارية مع الجهات لطلب تقارير مفصلة عن نسبة الموظفين الأجانب والمهام المطلوبة منهم، بالإضافة الى المسمى الوظيفي والسيرة الذاتية ليتم توفير باحث عن عمل بذات المواصفات وتدريبه وتأهيله ليتولى ذات المنصب، فقد تواصلنا مع حوالي 85 جهة للحصول على هذه المعلومات إلا أن التجاوب كان ضعيفا جدًا، وكان الرد الدائم هو سرية المعلومات بالرغم من انه كان هناك تجاوب مع بعض الجهات الحكومية مثل وزارة الصحة التي كانت متعاونة حيث شاركتنا رؤيتها على المدى القصير والتصور بشأن ملف البحرنة، بالإضافة الى إعطائنا بيانات تدل على وجود نقص في تخصص التمريض، وأيضا كان هناك تعاون من وزارة التربية والتعليم في جانب مشاركة بعض المعلومات حيث خطت الوزارة خطوات كبيرة في عملية توظيف البحرينيين، كما ان الوزارة توقفت منذ 5 سنوات عن توظيف الأجانب وهذه المساعي تعتبر طيبة، كما لمسنا تطورا في القطاع الخاص وتوجها نحو بحرنة الوظائف مقارنةً بنتائج لجنة التحقيق السابقة.
هل تعتقدون أنه مازال هناك تفضيل من القطاع الخاص لتوظيف الأجانب على حساب البحرينيين؟
بعض أصحاب الاعمال يفضّل توظيف الأجنبي على حساب البحريني اعتقادا منه ان الموظف الأجنبي يتحمل ضغوطات العمل بصورة اكبر ويعمل عدد ساعات أكثر لكونه يعيش وحده، معتبرا ان الموظف البحريني لديه التزامات عائلية وحياتية كثيرة قد تؤثر على عمله، بالإضافة الى إحساس صاحب العمل بأن الموظف الأجنبي حافظ للأسرار بشكل أكبر من البحريني بحيث إن نطاق المعارف لديه قليل جدًا وخصوصاً في مجالات المحاسبة والأمور المالية التي تعتمد على الحفاظ على سرية الأموال وعدم إفشائها للغير، ولكن إذا نظرنا إلى الواقع نرى ان البحريني اصبح يتحمل العمل في مختلف المستويات ويمكن الاعتماد عليه بصورة كبيرة مثله مثل الأجنبي، كما انه من حيث تكلفة كل موظف لا أرى ان هناك فارقا كبيرا في التكلفة المالية بين راتب الأجنبي والبحريني اذا ما احتسبنا تكاليف الأجنبي من سكن ورسوم تأشيرة وتذاكر طيران، وبالإضافة الى ما سبق فإن من أهم عوامل توظيف الأجنبي في القطاع الخاص على حساب البحريني التكتلات الأجنبية في المؤسسات والشركات وحرصهم على استقدام معارفهم وأبناء بلدتهم من الخارج للتوظيف في ذات الاماكن.
لذلك يجب العمل على تغيير تلك الصورة النمطية عن الموظف البحريني وخاصة ان الوضع الحالي في سوق العمل تغير بشكل كبير، ولا سيما ان ارتفاع نسب البطالة سيؤدي الى تداعيات سلبية تتمثل في زيادة شكوى الأهالي من الحاجة المالية إلى مصاريف أبنائهم العاطلين، وكثرة هيمنة الأجانب في الاستثمارات في غالبية المهن، فأصبحنا نراهم الان في القطاع التجاري والمالي والعقاري بصورة أكبر من البحريني، وينتج عن ذلك زيادة عدد الموظفين الأجانب على حساب الموظفين البحرينيين، وكما قلت سابقا إن هيمنة الأجنبي على وظائف معينة تمثل عائقا امام توظيف البحريني، بالإضافة الى منح تصاريح عمل غير ضرورية للأجانب مع وجود كوادر وطنية.. لذلك يجب ان يكون هناك إجراءات تصعّب من جلب الأجنبي مما يتيح الفرصة للتسهيل امام توظيف البحريني، ولا يجب جلب أجنبي الا إذا لم يكن هناك كادر بحريني مؤهل للوظيفة، كما يجب ان أؤكد انني لست ضد توظيف الأجانب، فوجودهم مهم وضروري، ولكن أيضا يجب الاعتماد على البحرينيين المؤهلين والعمل على تقنين توظيف الأجانب، فالوظيفة أصبحت حاجة أساسية لكل بحريني ودستور مملكة البحرين نص على ان توفير الوظيفة هو حق لكل مواطن.
وما تقييمكم للمبادرات التي تطلقها الحكومة من أجل زيادة نسب البحرنة؟
الحكومة تقوم بضخّ أموال كبيرة في مجال التدريب وتحاول بكل طاقتها من اجل اعداد كوادر وطنية مؤهلة لسوق العمل، ولكن لماذا لا يكون هناك مواءمة بين التدريب والتوظيف وخاصة أننا نرى وجود خلل بين أعداد المتدربين وأعداد من يتم توظيفهم، كما انني أرى ان المبادرات التي تقوم بها الحكومة او تمكين من اجل زيادة توظيف البحرينيين غير فعالة، ففرص التدريب يجب ان تساوي فرص التوظيف، فمن وجهة نظري أرى ان برامج التدريب المطروحة لا تتوازن مع كفة التوظيف بحيث يتم صرف مبالغ من قبل الدولة على فرص التدريب بدون تفعيل عملية التوظيف وتوجيه التدريب مما يتسبب بضبابية سوق التدريب وتكديس برامج التدريب في السيرة الذاتية من دون عملية توجيه وتفعيل، كما ان البرامج التي توفرها وزارة العمل غير فعالة ولا تتوافق مع سوق العمل بحيث من المفترض ان يكون هناك تعاون مشترك ما بين جهات التدريب وجهات العمل للوصول الى نتيجة التوظيف، فيجب ان يكون التدريب بحسب ما يحتاج إليه سوق العمل، وان يكون التوظيف أولا ثم بعد ذلك يتم تدريب الموظفين على ما تحتاج إليه المؤسسة التي يعملون بها.
ومن خلال رصدي لعملية البحرنة منذ 2011 الى 2023 بناء على معلومات من هيئة تنظيم سوق العمل، نجد ان نسبة البحرنة في الوظائف ثابتة بلا انخفاض أو حتى ارتفاع في القطاع الخاص مقارنة بتوظيف الأجنبي في القطاع الخاص، بحيث هناك ارتفاع وانخفاض في السوق وهذا يدلّ على الحركة المستمرة لهم في عملية التوظيف.
ولذلك اعتقد أن وزارة العمل اخذت الطريق الاسهل وهو عملية التدريب بدلا من توفير فرص عمل، فحوالي 80% من عملها يتعلق بالتدريب وليس التوظيف، وبالرغم من ان عملية التدريب ليست خطأ، ولكن حاليا يجب ان تهتم الوزارة بالتوظيف أكثر بدلا من خسارة مبالغ كبيرة في التدريب، وفي المقابل نجد خريجين مدربين تدريبا جيدا ولكنهم عاطلون عن العمل.
بالعودة الى نتائج عمل لجنة التحقيق بشأن نسب البحرنة.. ما هي أبرز مقترحات استنتاجات اللجنة؟
خرجنا بعدد 29 مقترحا وتوصية أبرزها ضرورة ابتعاث مواطنين لدراسة التخصصات النادرة حتى يكون لدينا كوادر بحرينية في تلك التخصصات عقب عدد من السنوات، كما اننا طالبنا بتثبيت جميع الموظفين البحرينيين العاملين بموجب عقود مؤقتة في الجهات والشركات الحكومية، مثل ادارتي الأوقاف السنية والجعفرية لديهم موظفون كثر يعملون بعقود سنوية، ونأمل ان يتم التعامل مع هؤلاء الموظفين بعقود مؤقتة مثل ما تم في وزارة الصحة عبر تثبيت حوالي 40 طبيبا مؤخرا.
كما اننا طالبنا بتحسين السياسات والإجراءات العامة المتبعة في وزارة العمل تجاه المتقدمين للوظائف، ويجب أيضا تغيير الفكر العام تجاه البحريني والعمل على تمكينه من دون الخوف من انخفاض حجم الاستثمارات في البحرين، واقترحنا أيضا اعتماد جهة مركزية تتولى التوظيف والنظر في طلبات العاطلين عن العمل من اجل الحصول على الوظيفة وخاصة ان وزارة العمل بالرغم من دورها في التوظيف الا انها أصبحت لا توظف وأخذت منحى التدريب أكثر من التوظيف.
وأوصت اللجنة أيضا بزيادة مستويات نسبة البحرنة في الوظائف بما لا يقل عن 90% في كافة الشركات الحكومية، وتوطين بعض الوظائف وحصر واقتصار التوظيف فيها على البحرينيين فقط في سوق العمل، مثل قسم الموارد البشرية ان تكون محصورة فقط في البحرينيين، والعمل على زيادة نسبة البحرنة في مصرف البحرين المركزي والقطاع المصرفي وخاصة أن البحرينيين متقدمون في هذا القطاع الذي سجلت فيه نسبة بحرنة وصلت الى حوالي 65%، وهذه تعتبر نسبة منخفضة مقارنة بقدرات وامكانيات الكوادر البحرينية، وأيضا ضرورة التحقق من اعتمادية الشهادات التعليمية غير البحرينية للأجانب، وخاصة انه تم اكتشاف شهادات لأجانب مزورة، والعمل على تقديم حوافز وتسهيلات للشركات والمؤسسات التي تلتزم بنسب البحرنة في القطاع الخاص، والتزام الوزارات والجهات والشركات الحكومية بنشر تقارير دورية كل ستة اشهر بشأن نسب بحرنة الوظائف لديها.
كما خرجنا بستة معوقات أبرزها تأخر ردود عدد من الوزارات والهيئات، بالإضافة الى عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية بتزويدنا بالمعلومات والبيانات والجداول المطلوبة التي ستساعد في وصول لجنة التحقيق الى الاستنتاج، وعدم وجود نص قانوني يحدد المدة الزمنية للردود على الأسئلة.
وتوصلنا الى حوالي 19 استنتاجا اهمها عدم الالتزام بتطبيق نص المادة 11 من قانون الخدمة المدنية والذي يتعلق بضوابط توظيف الأجانب في القطاعات الحكومية من خلال بقائهم سنوات طويلة من دون عملية إحلال، وأيضا عدم وجود لجنة وطنية تعنى بتوجيه مخرجات تعليم الثانوية العامة وتوجيه الطلبة للتخصصات المطلوبة في سوق العمل، ولا يوجد مراجعة لنظام «الفيزا الموازية» بحيث يدفع صاحب العمل 500 دينار مقابل استقدام موظفين أجانب اضافيين بعيدا عن العدد المسموح به مقابل تحقيق نسبة البحرنة المقدرة بـ20% المفروضة، فيوجد في مملكة البحرين 28 ألف أجنبي فيزا موازية، عدم وجود جدول زمني قصير المدى من 3 الى 5 شهور يلزم من خلاله توظيف الباحثين عن عمل في التخصصات التي لا تحتاج الى خبرات، لم يتم تحديد نسبة بحرنة الوظائف الطبية في المستشفيات الخاصة، عدم وجود خطة إحلال للعمالة البحرينية محل العمالة الأجنبية في القطاع الخاص.
وما تقييمكم لعملية الإحلال ونسب البحرنة في القطاع الحكومي والشركات الحكومية؟
عدد الموظفين الأجانب في القطاع الحكومي بلغ 6400 موظف أجنبي، وأرى ان عملية إحلال البحرينيين محل الأجانب في الجهات الحكومية تسير في الاتجاه الصحيح، فعلى سبيل المثال وزارة الاشغال بها 115 موظفا أجنبيا، ووزارة الكهرباء 270 أجنبيا، ووزارة البلديات حوالي 180 موظفا أجنبيا وأكثر تلك الوظائف فنيون، وبالرغم من ذلك نرى انه يمكن إحلال كوادر بحرينية في الوظائف التي يشغلها أجانب في تلك الوزارات.
ولكن مازالت الشركات الحكومية تعاني من تلك المشكلة مثل شركة اسري التي وجدنا تجاوبها معنا ضعيفا ونسب توظيف البحرينيين فيها قليل وأيضا طيران الخليج وخاصة قطاع المضيفين الذي تشكل نسبة البحرينيين فيه 35% فقط، وبالتالي يجب تخفيف بعض القيود والشروط المتعلقة بتوظيف المضيفات من أجل رفع نسبة البحرنة في هذا القطاع، كما هو موجود في نسبة البحرنة في قطاع الطيارين والتي تصل الى 60% وهذه نسبة جيدة ونأمل أيضا في زيادتها، ولمسنا لدى الإدارة الجديدة لطيران الخليج عند الاجتماع معهم ان لديهم رؤية جيدة نحو إحلال البحرينيين محل الأجانب.
هل ترون ان هناك تمييزا في الاختيارات للتوظيف بين الرجل والمرأة؟
ارى ان المجلس الأعلى للمرأة له دور كبير في دعم المرأة البحرينية في سوق العمل، وارى ان مملكة البحرين بها تكافؤ فرص كبير ومعيار التوظيف يعتمد على الكفاءة وليس النوع سواء كان رجلا او امرأة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك