من غير المجدي هذا الذي يتكرر حدوثه للمثقف البحريني!
تصرمت أعـواما طويلة على ساحتنا الثقافية وشاب شعر لحانـا وها نحن مكانك سـر فيما يخص دعـم الكاتب والمثقف. مناسبة اثارة هذا الكلام ما تفضل به أحد الأخوة الكتاب من خيبـة أملـه في عـدم قدرته على تلبية دعـوة لحضور مؤتمر أدبي في دولة عربية شقيقـة لكونها لا تشمل كلفة تذاكـر السفر. وهذا شائع الحدوث خصوصاً لدى العديد من الدول العربية التي لا تتمتع وزارات الثقافة فيها بموازنات مالية عالية، حيث ترى هذه الدول أن الكاتب الخليجي مرفه ماديـاً وشراء تذكرة سفر لديـه ميسر وبسيط.
بينما حقيقـة الواقع أن المثقف البحريني على وجه الخصوص، رجل مطحـون بالكاد يتدبر معيشته في طاحونة الحياة، جهات الثقافة تتخلى عـنه وكثيرا ما يتحمل نفقات سفره ابتغاء رفع رايـة وطنـه في دمشق أو القاهرة أو الشارقة ...إلخ من عواصم الدنيا، حيث تستمر ذات المعاناة فأين هُم نوابنا في المجلس النيابي أو مجلس الشورى من هكذا واقع يمر بنفقـه المثقف البحريني؟
من ينصف المثقف البحريني ويعطيـه مكانته التي يستحقها؟ لماذا لا نجد ولا مقترح برغبـة يُرفع إلى الحكومة على سبيل الاقتراح بأهمية إلزام هيئـة الثقافة والتراث عن طريق استحداث آلية لتمويل تذاكر سفر تتوجه لدعـم الكاتب والمثقف المحلي بالاتفاق مع ناقلتنا الوطنية طيران الخليج.
دول كثيرة عربية وصديقة من مختلف بقاع العالم تعتبر كتابها ومثقفيها سفراء فوق العادة لبلدانها وتخصهم بالامتيازات وكذا تخصص لهم يوماً من كل عام كيما تحتفل بهم وتقدرهم.. فما بال المشرع القانوني، النائب، المسؤول، الوزير، كل هؤلاء الذين يعنيهم الأمر في فحوى مقالتي هنا بمملكتنا الغاليـة ولا أحد يكترث بسد هذه الفجوة ويُترك المثقف شبه معـزول عن محيطـه الثقافي العربي لما تقصر يده ويهرب الدينار من محفظـته فتعز عليه كرامته ولا يستجدي إحسان هذه الجهة أو تلك حتى يتقي حرج المطالبة بحقه من التقدير، على الرغـم من أنه يمثل بلده وفي هذا الحق الأصيل ليس ثمـة منة أو صدقة لـ.. سواءً لأسرة الأدباء والكتاب أو لهيئـة الثقافة أو وزارة الإعلام، فكما يحق لمختلف القطاعات الانتاجية من صناعـية، رياضية، تراثية، سياحية تمثيل الوطـن فالثقافـة لا تنفصل عـن بقية المشهد الرسمي وتحتاج إلى اعادة نظر من الزاوية التي طرحناها على أمل أن يصل النداء ويخترق جدار العزلـة الذي رمينا خلفـة الكاتب البحريني ونسيناه. هذه رسالة مفتوحـة سبق أن كـررنا إرسالها منذُ سنوات ولا نزال نعيد كتابة سطورها على ذات المنوال فربما ثمـة ضوء في نهاية النفق.. المسألة جوهرية لها أبعاد مختلفـة ولا يقرأ هذه الأبعاد غـير الكاتب والمثقف والذي يعرف أكثر من غـيره ماذا يعني أن تغيب الساحة الثقافية في البحرين عن عـرس ثقافي عربي في القاهرة على سبيل المثال أو مهرجان مسرحي عربي في عـمّـان أو تجمع أدباء في الرباط.. إلخ من هذه الفاعليات الثقافية طوال العام.
حيث جرت العادة على أن من يشاركـون هنا وهناك مجموعـة معروفة لديها نفـوذ ثقافي ويُبسط أسفل أقدامها البساط الأحمـر، تبقى هي من يتصدر تمثيل البلد بحكم الامتيازات الإدارية وسطوة العلاقات العامة التي تمسك بزمامها في مشهدنا الثقافي ولا تعود تفكر في رفاق الكلمـة حسب ترتيب صراع أنانية المنفعـة كما نعرفها في اللهجة المصرية ذات الإيقاع اللغوي الصادم والصريح والطريف في آن وهي تشخص واقعـنا المؤسف.. «أنا في الأول وكل اللي ورايا يولعـوا بكاز»!!
«لا» ففي رؤيتنا أن مثل هذا الواقع نحـن قادرين من دون أدنى شـك على اختراقـه وتغييره ليس بالكلام «الثورجي» ولا ضمن وقفـة اعتصام أو حتى احـتجاج ولا تحريض ضد هذه الجهـة أو تلك حتى لا نقع في المحظور.. يكفينا هنا معشر الكتاب والمثقفيـن، بالذات من يدوسون جمـر المعاناة صامتين أن يفكوا قيد صمتهم حتى على صعيد صفحاتهم الفيسبوكيـة أو بأي وسيلة أخرى متاحـة لإثارة الموضوع والإصرار عليه بنفس طـويل.. فما ضاع حـق وراءه مُطالب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك