العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

صهاينة الغرب وانعدام الاتزان الأخلاقي والفكري!

{‭ ‬حين‭ ‬كتبت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬بعنوان‭ (‬بريطانيا‭ ‬غير‭ ‬متزنة‭ ‬أخلاقيا‭) ‬لأنها‭ ‬ترسل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬تقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لغزة‭! ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬متزن‭ ‬فكريا‭ ‬وأخلاقيا‭ ‬كما‭ ‬وصفه‭ ‬الكاتب‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬هارون‭ ‬صديق‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬وصفت‭ ‬حليمة‭ ‬بيجوم‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمنظمة‭ ‬‮«‬أوكسفام‮»‬‭ ‬البريطانية،‭ ‬موقف‭ ‬بريطانيا‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭! ‬وبتلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬يتم‭ ‬قتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬والأطفال،‭ ‬فكيف‭ ‬يستقيم‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬ادعاءات‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لهم‭! ‬المنطق‭ ‬يقول‭ ‬توقفوا‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬بالسلاح‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬قتلهم‭ ‬كمدنيين‭ ‬وأبرياء‭! ‬كيف‭ ‬تتحدث‭ ‬بريطانيا‭ ‬عن‭ ‬تطلعاتها‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تقوم‭ ‬بشحن‭ ‬القنابل‭ ‬والأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬متزن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفكرية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬الصحفي‭ ‬البريطاني‭!‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬ليست‭ ‬بريطانيا‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بانعدام‭ ‬الاتزان‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والفكري‭ ‬بل‭ ‬والإنساني،‭ ‬وهي‭ ‬تزود‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬بكل‭ ‬أسلحة‭ ‬الفتك‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها،‭ ‬والمستمرة‭ ‬منذ‭ ‬8‭ ‬أشهر‭! ‬إنما‭ ‬كل‭ ‬الحكام‭ ‬والحكومات‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬فيها‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬كأمريكا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬داعمي‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬بالسلاح،‭ ‬ينطبق‭ ‬عليها‭ ‬هذا‭ ‬الاختلال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والفكري‭ ‬والإنساني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عرفته‭ ‬اليوم‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬حكوماتها‭! ‬وتظاهرت‭ ‬ضده‭ ‬وضد‭ ‬توريد‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬وإيقاف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬هاجم‭ ‬ناشطون‭ ‬بريطانيون‭ ‬مؤخرا‭ ‬معملا‭ ‬لصناعة‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬والذي‭ ‬يتم‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬احتجاجهم‭ ‬ضد‭ ‬الموقف‭ ‬المخزي‭ ‬لحكومتهم‭ ‬البريطانية‭!‬

{‭ ‬الكل‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬يدرك‭ ‬حجم‭ ‬الخسائر‭ ‬والهزائم‭ ‬المعنوية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يعايشها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والغرب‭ ‬الداعم‭ ‬له‭ ‬بالسلاح‭ ‬والموقف‭! ‬حتى‭ ‬وصف‭ ‬الناشطون‭ ‬والمفكرون‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭ ‬وعلى‭ ‬مستويات‭ ‬مختلفة‭ ‬بأن‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬حرب‭ ‬أمريكا‭ ‬ودول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭! ‬وفيما‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬يعيش‭ ‬أعمق‭ ‬أزماته‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬وعلى‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬ويقوم‭ ‬نتنياهو‭ ‬بـ‭(‬حل‭ ‬مجلس‭ ‬الحرب‭) ‬ليوقع‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬‮«‬اليمين‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‮»‬‭ ‬الأكثر‭ ‬تطرفا‭ ‬منه‭ ‬مثل‭ (‬بن‭ ‬غفير‭) ‬و‭(‬سيموريتش‭) ‬فإن‭ ‬المظاهرات‭ ‬حول‭ ‬منزله‭ ‬تتواصل‭! ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدرك‭ ‬صهاينة‭ ‬الكيان‭ ‬نتيجة‭ ‬تحرير‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬مؤخرا،‭ ‬بقتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬منهم،‭ ‬ومقتل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الكيان‭ ‬وضباطه‭!‬

{‭ ‬الأزمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والفكرية‭ ‬تتفاقم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬وتتساقط‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الغربية‭ (‬المدعاة‭) ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القانوني‭! ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬تمتنع‭ ‬عن‭ ‬تطبيق‭ ‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬لأن‭ ‬مجرمي‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬لا‭ ‬تنال‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬وحده‭ ‬وقادته،‭ ‬وإنما‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الداعمة‭ ‬والمتماهية‭ ‬مع‭ ‬العدوان‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬وقادة‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭!‬

{‭ ‬لذلك‭ ‬هم‭ ‬يتخبطون‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬ويعلنون‭ ‬شيئا‭ ‬ويقومون‭ ‬بنقيضه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭! ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فيما‭ ‬هم‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وتقديم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬إنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬حالة‭ (‬انفصام‭ ‬متعددة‭ ‬المستويات‭)! ‬وما‭ ‬السقوط‭ ‬المدوي‭ ‬في‭ ‬هاوية‭ ‬الجنون‭ ‬اللاأخلاقي‭ ‬واللاإنساني‭ ‬إلا‭ ‬أحد‭ ‬تجليات‭ ‬انفضاح‭ ‬كل‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬ضحكوا‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬الأرقى‭ ‬في‭ ‬حفظها‭ ‬وصونها،‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬ينكشفون‭ ‬أمام‭ ‬شعوبهم‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬بأنهم‭ ‬مخادعون‭ ‬وكاذبون‭ ‬ويستخدمون‭ ‬الشعارات‭ ‬لدعم‭ ‬منهجهم‭ ‬الاستعماري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وإحداث‭ ‬الإرباكات‭ ‬والقلاقل‭ ‬في‭ ‬دوله‭ ‬باسم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬والحريات،‭ ‬التي‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يفتقدها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬شعوب‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭! ‬وما‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلا‭ ‬بقعة‭ ‬السواد‭ ‬المدلهم‭ ‬في‭ ‬ظلمة‭ ‬اللوحة‭ ‬التي‭ ‬يرسمونها‭ ‬للعالم‭!‬

{ من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬ككل‭ ‬وليس‭ ‬بريطانيا‭ ‬وحدها‭ ‬إذًا‭ ‬فقد‭ ‬كل‭ ‬مصداقيته‭ ‬بالكامل‭ ‬وبالتمام‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ،‭ ‬التي‭ ‬ادعوا‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭! ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬تحديدا‭ ‬بالشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬مجرد‭ ‬واجهة‭ ‬مزركشة‭ ‬للمنظومة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والعولمية‭ ‬الشرسة‭!‬

ولأن‭ ‬غزة‭ ‬بكل‭ ‬تضحياتها‭ ‬الفادحة‭ ‬كشفت‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬والبادئ،‭ ‬وقع‭ ‬قادتها‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬التناقضات‭ ‬وعدم‭ ‬الاتزان‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والفكري‭ ‬والإنساني‭! ‬وأصبح‭ ‬العالم‭ ‬بشعوبه‭ ‬يراهم‭ ‬كأراجوزات‭ ‬مضحكة‭ ‬بخطابات‭ ‬زائفة‭ ‬ومتناقضة‭ ‬ومنافقة‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬هم‭ ‬لايزالون‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬الضحك‭ ‬على‭ ‬شعوبهم‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭! ‬فهل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لايزال‭ ‬يصدقهم؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا