أزمة مواقف.. والشركات تتساءل: ما ضمانات استئجار المواطنين للمواقف التي سنوفرها؟
الكثيرون يفضلون الأرصفة والشوارع على المواقف المدفوعة
المشكلة ليست في التخطيط بقدر ما هي تضاعف عدد السكان
المطلوب لجنة متخصصة تضع الحلول الملائمة لإمكانيات المواطن.. وليس مواقف مبالغا في رسومها
هي منطقة جديدة نسبيا، بنيت فيها المباني والفنادق والعمارات وفق أحدث تصميم. وأصبحت من أرقي مناطق المملكة وأكثرها حيوية نظرا الى احتضانها الكثير من المؤسسات الخدمية والشركات والبنوك والمطاعم والمقاهي وغيرها.
ولكن.. ربما غاب عن ذهن من صمم المنطقة ووضع المعايير والاشتراطات، ان تضاعف أهمية وحيوية المنطقة، سيوازيه تضاعف الإقبال عليه، وهذا ما يوازيه أيضا تضاعف الحاجة الى مواقف سيارات تستوعب هذا العدد المتزايد من المراجعين والزوار.
ولكن ما يحدث هو ان بعض الأجزاء من منطقة السيف باتت اشبه بنسخ محدثة للمنطقة الدبلوماسية. فالسيارات مبعثرة هنا وهناك بشكل عشوائي بعد أن عجزت عن إيجاد مواقف مناسبة.. وقانونية. البعض يقف على الأرصفة، وآخرون على المساحات الرملية. وغيرهم في وسط الشارع غير عابئين بسلاسة السير.
الا يعكس ذلك إشكالية في التخطيط المسبق لمثل هذه المناطق؟ هل مازال الوقت متاحا لتلافي المشكلة قبل تفاقمها؟ خاصة انه لا تزال هناك الكثير من البراحات والمساحات غير المستغلة حتى الآن.
«أخبار الخليج» كانت لها جولة في هذه المنطقة الحيوية، وقفنا على معاناة المراجعين واضطرار بعضهم الى إيقاف مركباتهم على مسافات بعيدة ثم المشي تحت اشعة الشمس الحارة. فيما لا يأبه آخرون بالنظم، ويكون رد فعلهم هو الوقوف في أي زاوية ممكنة حتى إن أعاقت السير! بل ان احد المواطنين رد علينا عندما سألناه عن وقوفه فوق الرصيف بقوله: «ليوفروا لنا مواقف قانونية، وبعدها من حقهم ان يخالفونا»!
معاناة الموطنين هذه بلغت الجهات الرسمية والمختصة فعلا، واقتنع الجميع انها مشكلة مقلقة ومتفاقمة ولا بد من تدارك الامر حتى لا تتحول الى نسخة أخرى من المنطقة الدبلوماسية او شارع المعارض وغيرها من المناطق في البحرين.
حول هذه المشكلة تحدثنا رئيسة لجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس أمانة العاصمة هدى سلطان، مشيرة الى انه ووفقا للنظام، فإن أي مبنى يتم إنشاؤه تكون هناك اشتراطات تنظيمية للتعمير ومعايير تضعها الجهات المختصة وفقا لتصنيف المنطقة، وهذه الاشتراطات تحدد مثلا عدد الطوابق والمواقف السيارات التي تخصص لكل مبنى.
وتضيف: لكن ما نلاحظه أنه في أغلب الحالات يكون هناك نقص شديد فيما يتعلق بمواقف السيارات سواء كانت مباني سكنية او تجارية او استثمارية او غيرها.
علما بأن الاشتراطات الجديدة للمباني السكنية تشترط وجود موقفين لكل شقة، وفي السابق كان الاشتراط موقف واحد. وهنا نجد أن الكثير من العائلات لديها أكثر من موقفين. وبالتالي غالبا ما يكون عدد المواقف اقل من الطاقة الاستيعابية للمنطقة.
وهنا عندما نتحدث عن منطقة السيف، فهي منطقة استثمارية جديدة، تضم في الغالب مباني وشركات استثمارية. وهذه المباني خصصت لها مواقف محددة وفقا لعدد العاملين بها والعملاء الذين يراجعونها، ولكن في الواقع يكون عدد الزوار والمراجعين أكبر بكثير من المواقف التي خصصت لكل مبنى، وهذا ما يجعلهم مضطرين الى ان يقفوا في أي مكان متاح في الشارع وعلى الأرصفة وغيره.
وكخطوة للتعامل مع المشكلة، قمنا بزيارات ميدانية وعقدنا اجتماعات منها اجتماع مع عدد من المستثمرين المتخصصين في بناء وانشاء مواقف سيارات وتؤجرها على المراجعين.
وفي الواقع كان هناك تجاوب من هذه الجهات وتقبل للفكرة من حيث المبدأ، لكنهم يطلبون نوعا من الضمان بأن هذه المواقف سيتم استئجارها فعلا. لأن مشروع المواقف سواء كان مساحات أرضية أو مباني من طوابق، هو مشروع استثماري في الأخير.
والمشكلة هنا انه لا يمكن ضمان ذلك لأسباب أبرزها أن الكثير من المواطنين والمقيمين لا يفضلون المواقف المدفوعة حتى لو توافرت، ونجدهم يوقفون سياراتهم فوق الأرصفة أو حتى وسط الشارع بدل ان يدفع مبلغ للموقف. فكيف نستطيع إجبار المواطن على استخدام الموقف المدفوع؟
وبالتالي هناك حاجة إلى تعاون من جميع الجهات مثل التخطيط العمراني والبلديات والمرور ومجلس أمانة العاصمة وغيرها، الى جانب حملة توعوية للمواطنين.
وقد بدأنا فعلا الحصول على الدراسات وعقد الاجتماعات، ونأمل في هذه الدورة ان تكون هناك مبادرات عملية لحلحلة هذه المشكلة.
* ولكن منطقة السيف منطقة جديدة نسبيا وتم تطويرها من الصفر. ألا يعكس وجود هذه المشكلة إشكالية في التخطيط المسبق؟
** لا أعتقد أن المشكلة تكمن في التخطيط بقدر ما هي تزايد عدد السكان من مواطنين ومقيمين. فالكثافة السكانية كبيرة، وهي تسبب الكثير من المشاكل في أي مدينة بالعالم. لذلك لا اعتقد أن هناك مشكلة في التخطيط، لأنه وضع في فترة سابقة كان عدد السكان ربما نصف الحالي. وعندما تبرز المشاكل تكون هناك حاجة الى دراسة الوضع واعتماد الحلول المناسبة مثل الاستثمار في مباني المواقف والبراحات المتاحة. ونحن نلاحظ أن مشكلة المواقف ليست قصرا على السيف وانما في العديد من المناطق.
وهنا في رأيي لا بد من وجود جهة او لجنة متخصصة تضم كافة الجهات المعنية مثل التخطيط العمراني والمرور والبلديات، لدراسة المشكلة ووضع الحلول المناسبة مع تحديث الاشتراطات والمعايير والقوانين بعد دراسة شاملة، فالأمر يعتبر تنظيميا بالمقام الأول.
والأمر الآخر أن هذه الحلول يجب أن تراعي مصالح جميع الأطراف. فهناك مشكلة تتعلق بكلفة بعض المواقف، حيث تفرض رسوما تعتبر عالية ولا يستطيع كل مواطن تحملها. وبالتالي فإن مسؤولية مثل هذه اللجنة يجب ان تكون اقتراح الحلول التخطيطية التي تسهم في حل المشكلة على المدى البعيد على ان تكون هذه الحلول متوائمة مع إمكانيات المواطن البحريني والمقيم. وعندما نوفر مثل هذه الحلول المناسبة، ولا يلتزم بها البعض، هنا يكون من حقنا أن نخالفه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك