كتبت ياسمين العقيدات:
تختلف حقوق الطفل عن باقي الحقوق في مضمونها وطبيعتها، حيث إن الطفل هو النواة الأولى في بناء المجتمع، وبالتالي فإن التركيز على نشأة هذه النواة في بيئة سليمة خالية يعتبر ركيزة أساسية في بناء مجتمع صحي.
وفي هذا المجال، تعتبر مملكة البحرين من أكثر الدول الحريصة على حماية الأطفال، حيث فعّلت كل القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للحفاظ على مستقبلهم وإنشاء المراكز المساندة لحقوق الطفل.
«أخبار الخليج» التقت الدكتورة حورية الديري، مفوض حقوق الطفل في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي أكدت أن مفوضية حقوق الطفل لها دور رقابي في التأكد من قيام الجهات ذات العلاقة بممارسة دورها في حماية حقوق الطفل، ومنع أية انتهاكات قد يتعرض لها، إضافة إلى العمل في الجانب التثقيفي والتوعوي سواء مع الطفل نفسه وأهله، أو مع الجهات الرسمية ذات العلاقة.
وبينت الديري أنه في حالة الاعتقاد بوقوع الانتهاك في إحدى الجهات التي يشتبه في أن تكون موقعًا لانتهاك حقوق الإنسان (المؤسسات الإصلاحية أو أماكن الاحتجاز أو الدور الصحية والتعليمية، وغيرها)، ومراعاةً لمصالح الطفل الفضلى، فإن شكاوى الأطفال يتم النظر فيها بشكل عاجل، وذلك بغية رفع الانتهاك عن الطفل باعتباره من الفئات الأولى بالرعاية.
كما رصدت المفوضية خلال فترة يونيو 2023 حتى أغسطس 2024م 5 شكاوى لأطفال سجل الوضع القانوني لهم لأطفال مقيدة حرياتهم، بالإضافة الى 4 طلبات لمنح 4 أطفال الجنسية، بالإضافة الى تلقيها 10 طلبات في التمتع بمختلف الحقوق والحريات، و3 طلبات لأطفال طالبوا بالحق في ضمانات المحاكمة العادلة.
أما بخصوص الحق في السلامة الجسدية والمعنوية فسجل 11 طفلا معنفا بذات الفترة، أما الحق في الصحة فطالب طفل واحد فقط، بينما سجل الرصد طلبات لـ4 أطفال في الحق بمستوى معيشي لائق، و16 طلبا لأطفال منعُوا من التعليم.
- ما هو دور مفوض حقوق الأطفال في مملكة البحرين؟ وأبرز اهتماماته؟
يستمد مفوض حقوق الطفل دوره والمهام الموكلة إليه في مجال تعزيز وحماية حقوق الطفل من ذات الاختصاصات المنوطة بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والواردة في قانون إنشائها رقم (26) لسنة 2014، المعدل بالمرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2016، وكذلك له ولاية عامة لتمثيل آراء الأطفال والناشئة والشباب، والدفاع عن القضايا المتعلقة بحقوق الطفل، إلى جانب دراسة التشريعات الوطنية والتحقق من مدى مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مع متابعة القضايا التي تواجه الأطفال، والعمل على حماية وتعزيز مصالحهم الفضلى، بالإضافة إلى متابعة السياسات والتشريعات الجديدة وتأثيرها على حقوقهم، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بحقوق وآراء ومصالح الأطفال الفضلى، مع سلطة تلقي الشكاوى الواردة من قبلهم والعمل على حلها وتقديم الدعم والمساندة اللازمة عند الحاجة، وتعزيز التعاون الوثيق بين المفوض والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية الإقليمية والدولية ذات الصلة.
ومن أبرز اهتمامات المفوض حاليًا العمل ضمن سلسلة شراكات محلية ودولية من أجل الانخراط بشكل أكبر في جهود حماية الطفل، وإذكاء الوعي التام بحقوق الطفل من خلال تعظيم مشاركة الأطفال في التعبير عن الرأي والمشاركة في صنع القرار في كافة الأمور ذات العلاقة بمصالحهم. من جانب آخر يتم الدفاع عن حقوق الأطفال من خلال دراسة كافة المشكلات والشكاوى التي ترد إلى المؤسسة من قبل الأطفال أو أولياء أمورهم، من خلال الآليات التي تضمن للأطفال الاستقرار التام.
- كيف يتعامل مفوض حقوق الطفل مع القضايا المتعلقة بالأطفال؟
تطرقت مفوض حقوق الطفل إلى عدة قضايا تتعلق بالعمل على تأهيل مشاركة الأطفال في صنع القرار مستقبلا، وهو جانب حيوي لتحقيق التمكين والمواطنة الفاعلة، إذ إنه من خلال سلسلة من المشاورات واللقاءات الدورية، حرصت مفوض حقوق الطفل على التعريف بدور مفوض حقوق الطفل واختصاصاته، مما أسهم في رفع مستوى الوعي بأهمية إشراك الأطفال في القضايا التي تمسهم بشكل مباشر.
وفيما يتعلق بآلية معالجة القضايا، تم تنظيم ورش عمل تحفيزية موجهة للأطفال دون 18 عامًا، حيث يتم إشراكهم بشكل فعال في الحوار وتأهيلهم لاتخاذ القرارات مستقبلا، وهذه الورش ليست فقط لتعريف الأطفال بحقوقهم، بل تهدف أيضًا إلى تزويدهم بالأدوات والمهارات اللازمة ليكونوا شركاء في العملية الديمقراطية عندما يكونون راشدين ومكلفين قانونا. هذا النهج الشامل يعزز من قدرة الأطفال الحالية على التعبير عن آرائهم بحرية ويمنحهم الثقة للمشاركة في بناء مجتمعهم في المستقبل، كما يزيد من مستوى وعيهم وإدراكهم بحقوقهم المكفولة وفق التشريعات الوطنية والمعايير الدولية ذات العلاقة.
في سياق متابعة القضايا، تقوم مفوض حقوق الطفل بالتنسيق المستمر مع الجهات المختلفة لضمان تنفيذ التوصيات الصادرة عنها. هذه المتابعة الدؤوبة تهدف إلى معالجة أية انتهاكات أو تحديات قد تواجه الأطفال، وضمان التزام جميع الجهات المعنية بتطبيق المعايير الدولية لحقوق الطفل، حيث تعمل مفوض حقوق الطفل بشكل وثيق مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لخلق بيئة تحمي حقوق الأطفال وتكفل لهم حياة كريمة وآمنة.
- وكيف يسهم وجود مفوض لحقوق الطفل في تعزيز مكانة البحرين على المستوى الدولي فيما يتعلق بحماية حقوق الطفل؟ وماذا عن التواصل مع الجهات الخارجية ذات العلاقة؟
مع تعاظم الاهتمام العالمي بالطفل والتأكيد على أولوية الاهتمام بمصالح الطفل الفضلى، اتجهت العديد من الدول المتقدمة نحو تخصيص مفوض خاص بحقوق الطفل للعمل على متابعة جميع الشكاوى المتعلقة بحقوق الطفل والتي تكون الدولة طرفا فيها، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها بالتعاون مع الجهات الرسمية في المملكة، حيث يتمحور دور مفوض حق الطفل حول الدور الرقابي بالتأكد من قيام الجهات ذات العلاقة بممارسة دورها في حماية حقوق الطفل، ومنع أية انتهاكات قد يتعرض لها، إضافة إلى العمل في الجانب التثقيفي والتوعوي سواء مع الطفل نفسه وأهله، أو مع الجهات الرسمية ذات العلاقة.
ويلقى المفوض قبولاً كبيرًا من جانب المنظمات الأممية، وخاصة تلك العاملة في مجال الطفل كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان، ولجنة حقوق الطفل المعنية بمتابعة تنفيذ الدول لاتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من المنظمات والهيئات، حيث تم التعريف بمفوض حقوق الطفل في حلقة نقاشية على هامش الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف العام الماضي.
وبناء على الصلاحيات المخولة للمؤسسة بموجب قانون الإنشاء، ومتابعتها لجميع مواضيع حقوق الإنسان (السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) والتي من ضمنها حقوق الطفل، تم إنشاء مفوض حقوق الطفل من ضمن أعضاء مجلس المفوضين، علما بأنه لم تقم أي دولة خليجية أو عربية أو حتى إفريقية بتعيين مفوض خاص بالطفل سواء من قبل الحكومات أو المؤسسات الوطنية لديها.
وسيعود إنشاء مفوض حقوق الطفل بالفائدة الكبيرة على سمعة مملكة البحرين من حيث ريادتها في دعم مفاهيم حقوق الإنسان وإعطاء الأولوية لحقوق الطفل، لكونه من الفئات الأولى بالرعاية، ناهيكم عن رفع اسم البحرين عاليًا في المحافل الدولية كأول دولة في المنطقة يتم فيها تعيين مفوض متخصص في حقوق الطفل.
- ماذا عن المنصة المتوافرة لتلقي ورصد جميع الشكاوى التي تتعلق بالأطفال؟ وكيف يتم التعامل معها؟ وهل هناك تفاعل على تلك المنصة؟
تتلقى المؤسسة الشكاوى من خلال عدة أساليب يتخذها «مركز الاتصال وتلقي الشكاوى»، وتتم عبر الموقع الرسمي أو الاتصال عبر الخط الساخن 80001144، أو الحضور الشخصي، أو تطبيق الهواتف الذكية، وفي جميع الحالات يتوجب على الشاكي سواء كان الطفل أو من ينوب عنه من المتولين أمره تزويد المفوض والمختصين بالمعلومات والوثائق المطلوبة، كما تتم مقابلة الطفل من قبل المفوض استعدادًا لدراسة الحالة والتحقق من وجود الانتهاك من عدمه لأي حق من حقوقه، والتواصل مع الجهات المختصة أو القيام بالزيارات المطلوبة للتباحث حول الأمر، وإيجاد الحل الملائم للشكوى، ولمفوض الطفل إجراء زيارة عاجلة، أو الانتقال الفوري لمكان وقوع الانتهاك -حسب الأحوال- في حالة الاعتقاد بوقوع الانتهاك في إحدى الجهات التي يشتبه في أن تكون موقعًا لانتهاك حقوق الإنسان (المؤسسات الإصلاحية أو أماكن الاحتجاز أو الدور الصحية والتعليمية، وغيرها)، ومراعاةً لمصالح الطفل الفضلى، فإن شكاوى الأطفال يتم النظر فيها بشكل عاجل، وذلك بغية رفع الانتهاك عن الطفل باعتباره من الفئات الأولى بالرعاية.
وحول آليات التعامل مع الطفل، نظمت المؤسسة العديد من البرامج التدريبية للمختصين حول آلية التعامل مع الطفل والتعامل مع الشكاوى الخاصة بهم، الأمر الذي نتج عنه رفع مستوى وعي الأفراد بدور المفوض من خلال التفاعل والزيادة في أعداد الشكاوى الخاصة، مما يؤكد مستوى الثقة التي يوليها المجتمع البحريني لدور مفوض حقوق الطفل التابع للمؤسسة.
- كم عدد الحالات التي يتم تلقيها في المنصة؟
منذ تدشين منصب مفوض حقوق الطفل في يونيو 2023 حتى أغسطس 2024، تلقت المؤسسة عدد (49) شكوى حول حقوق الطفل متعلقة بالهوية وذوي الإعاقة والصحة والتعليم، توزعت في عام 2023م الى 25 شكوى ما بين 4 مدنية وسياسية و21 اقتصادية واجتماعية وثقافية، اما بخصوص 2024م فوصل عدد الشكاوى الى 24 توزعت في 14 مدنية وسياسية و10 اقتصادية واجتماعية وثقافية، كما ترصد المؤسسة الحالات الخاصة بحقوق الطفل من خلال الصحف الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وتقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة حسب النظام والاختصاص.
كما تم بذات الفترة من يونيو 2023 حتى أغسطس 2024، رصد 5 أطفال سجل الوضع القانوني لهم لأطفال مقيدة حريتهم تقدموا بشكوى، بالإضافة الى 44 طفلا عاديا غير مقيدة حريته، أما بخصوص شكاوى الأطفال فتم رصد 33 مساعدة و10 شكاوى تم رصدها بالإضافة الى 6 شكاوى من قبل الأطفال.
أما بخصوص تصنيف مواضيع الطفل بحسب الحقوق فتلقت المفوض طلبات لمنح 4 أطفال الجنسية، بالإضافة الى تلقيها 10 طلبات للتمتع بمختلف الحقوق والحريات، و3 طلبات لأطفال طالبوا بالحق في ضمانات المحاكمة العادلة.
أما بخصوص الحق في السلامة الجسدية والمعنوية فسجل 11 طفلا معنفا بذات الفترة، أما الحق في الصحة فطلب طفل واحد فقط، بينما سجل الرصد طلبات لـ4 أطفال في الحق بمستوى معيشي لائق، و16 طلبا لأطفال منعُوا من التعليم.
- ما هو دوركم في الحملة الوطنية «حماية» التي تم إطلاقها بالمملكة؟
بالطبع إن الحملة الوطنية «حماية» انطلقت بجهود وطنية كبيرة متمثلة في النيابة العامة ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم وجهات عدة، من ضمنها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، حيث تركز الحملة في كافة رسائلها وبرامجها على تعزيز سبل الحماية للأطفال من الابتزاز والاستغلال الإلكتروني، وقد أطلقت المؤسسة أولى برامجها خلال الأيام الماضية في إطار الحملة بهدف نشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع، ومازالت بصدد تنظيم العديد من الفعاليات والتي ستستمر حتى نهاية العام الجاري.
- ما هي أبرز الفعاليات والأنشطة التي نظمتها مفوض حقوق الطفل؟
مع تعاظم الاهتمام العالمي بالطفل، جاء دور مفوض حقوق الطفل لتعزيز مفهوم حقوق الإنسان لدى الأطفال والناشئة من خلال نشر ثقافة حقوق الإنسان، وذلك بطرح المشاريع والمبادرات الهادفة إلى تحويل المعرفة بحقوق الإنسان إلى مهارات عملية وسلوك يومي يمارسه الأفراد في المجتمع وفي أعمالهم وفي حياتهم الخاصة، وخاصة فئة الأطفال، لما لهذا الموضوع من أهمية قصوى في الحفاظ على حقوق الطفل الفضلى، ومنع أية انتهاكات قد تؤثر على حياته ونشأته.
ومن هذا المنطلق شاركت مفوض حقوق الطفل بالعديد من الفعاليات والأنشطة التي أقامتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أو جهات رسمية أخرى في مملكة البحرين أو خارجها، كما شاركت في العديد من المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، فضلًا عن الزيارات لمختلف الجهات.. منها مشاركة مفوض حقوق الطفل بتقديم محور في الحلقة التشاورية للأطفال بعنوان «صوتي مسموع» المنظمة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية لطلبة المدارس الحكومية والخاصة، كما شاركت مفوض حقوق الطفل بفعاليات مدينة شباب 2030 من خلال تنفيذ برنامج تدريبي «مبادرة السفراء الشباب لحقوق الإنسان»، يهدف إلى تحفيز الفكر القانوني والحقوقي من خلال إجراء المناقشات والتوصل إلى حلول، وفي عام 2023 شاركت مفوض حقوق الطفل بفعاليات مدينة شباب 2030 من خلال تنظيم حلقة نقاشية بعنوان «القائد الحقوقي»، بالإضافة إلى مشاركة مفوض حقوق الطفل في فعالية نموذج الأمم المتحدة (MUN) والتي نظمتها مدرسة الشويفات الدولية، بإلقاء كلمة ترحيبية والتعريف بدور المفوض لأكثر من 400 مشارك من الأطفال.. فضلًا عن تنظيم لقاء تشاوري مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالطفولة، وذلك لتبادل وجهات النظر المختلفة، واستعراض التحديات والصعوبات التي تواجه عمل مؤسسات المجتمع المدني المشاركة والمعنية بالطفولة، والتباحث حول الحلول المقترحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك