العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

سمو الإنسان والأسمى هو الرسول الأعظم

{ ونحن‭ ‬نتأمل‭ ‬ذكرى‭ ‬مولد‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ولا‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬الاختلافات‭ ‬حول‭ ‬يوم‭ ‬مولده،‭ ‬فإن‭ ‬ولادته‭ ‬ووصوله‭ ‬إلى‭ ‬أسمى‭ ‬المراتب‭ ‬البشرية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬تجعلنا‭ ‬نتأمل‭ ‬أولاً‭ ‬قيمة‭ ‬الإنسان‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬جلاله،‭ ‬باعتباره‭ ‬أسمى‭ ‬المخلوقات‭ ‬التي‭ ‬أمر‭ ‬الملائكة‭ ‬بالسجود‭ ‬له‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬‮«‬آدم‮»‬‭.‬

بداية‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل،‭ ‬الذي‭ ‬علمه‭ ‬الله‭ ‬الأسماء‭ ‬كلها،‭ ‬تنتقل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬معارف‭ ‬الله‭ ‬وعلومه‭ ‬التي‭ ‬أرادها‭ ‬لعمران‭ ‬الأرض‭ ‬والإنسان‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬أسسوا‭ ‬بعلوم‭ ‬الله‭ ‬تلك‭ ‬الحضارات‭ ‬الأوليات‭ ‬الأقدم‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تُداخل‭ ‬تلك‭ ‬المعارف‭ ‬والعلوم‭ ‬الإلهية‭ ‬الشركيَّات‭ ‬والتلفيقات‭ ‬والتأويلات‭ ‬الباطلة‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬العصور‭ ‬المختلفة‭! ‬

{ وفي‭ ‬التأمل‭ ‬ذاته‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬السامي‭ ‬الذي‭ ‬حظِي‭ ‬بحرية‭ ‬الاختيار‭ ‬والإرادة،‭ ‬كان‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬سموا‭ ‬وتجسيدا‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬الأنبياء‭ ‬صفوة‭ ‬البشر‭! ‬وما‭ ‬أراده‭ ‬من‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬نزلت‭ ‬له‭ ‬التعاليم‭ ‬الإلهية‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأنبياء‭ ‬بوحي‭ ‬منه،‭ ‬وتقديما‭ ‬وتشريفا‭ ‬لكل‭ ‬الرسالات‭ ‬السماوية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شرائع‭ ‬ودين‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل‭ ‬فالدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬الإسلام،‭ ‬لتصل‭ ‬الخلاصة‭ ‬إلى‭ ‬معجزة‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم،‭ ‬وحيث‭ ‬معجزته‭ ‬القرآن،‭ ‬النص‭ ‬الإلهي‭ ‬الأكثر‭ ‬قدسية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وآخر‭ ‬الرسالات‭ ‬وأتمتها‭ ‬وخاتمها،‭ ‬الذي‭ ‬يخاطب‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ ‬والخلق‭ ‬كله،‭ ‬ويخاطب‭ ‬العقل‭ ‬المجرد‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬بنص‭ ‬إلهي‭ ‬مجرد،‭ ‬صالح‭ ‬حتى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬تتضح‭ ‬معجزاته،‭ ‬ليري‭ ‬الله‭ ‬الإنسان‭ ‬الآيات‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وفي‭ ‬الآفاق‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الخلق‭! ‬وبالرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬آخر‭ ‬الأنبياء،‭ ‬تجلت‭ ‬كل‭ ‬الصفات‭ ‬السامية‭ ‬بل‭ ‬الأكثر‭ ‬سموا‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬لتكون‭ ‬قدوة‭ ‬ورحمة‭ ‬للعالمين،‭ ‬عبر‭ ‬نموذج‭ ‬إنساني‭ ‬هو‭ ‬الأعظم‭ ‬وبالتقوى‭ ‬والخلق‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬الله‭: (‬إنك‭ ‬لعلى‭ ‬خلق‭ ‬عظيم‭) ‬ليرتبط‭ ‬السمو‭ ‬الإنساني‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬العصور،‭ ‬بمبادئ‭ ‬الإسلام‭ ‬وقيمه‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬آدم‭ ‬الرسول‮»‬‭ ‬وبالأخلاق‭ ‬السامية،‭ ‬التي‭ ‬تجلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسمى‭ ‬فيها،‭ ‬في‭ ‬نبي‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ ‬‮«‬محمد‮»‬‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭. ‬فهو‭ ‬نور‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الإنساني‭ ‬وسر‭ ‬قوة‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬أنزله‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬متجليا‭ ‬فيه،‭ ‬ودرة‭ ‬التاج‭ ‬الإنساني‭ ‬وخير‭ ‬البشرية،‭ ‬ونبي‭ ‬‮«‬خير‭ ‬أمة‭ ‬أخرجت‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‮»‬‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يتبع‭ ‬دينه‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬شرقا‭ ‬أو‭ ‬غربا‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬دين‭ ‬للبشرية‭ ‬كلها‭! ‬

{ ونحن‭ ‬نتأمل‭ ‬مجيء‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬ويوم‭ ‬ولادته،‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هجمة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الشيطان‮»‬‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬الوصف‭ ‬الإلهي‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬القرآن‭! ‬أو‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬الشيطانية‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬العصور،‭ ‬كما‭ ‬درجت‭ ‬التسمية‭ ‬لهم،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فقط‭ ‬هجمة‭ ‬على‭ ‬دين‭ ‬الله‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الرسالات‭ ‬وآخر‭ ‬الأنبياء،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬هجمة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬من‭ ‬شرائع‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬التوراة‭ ‬والإنجيل،‭ ‬وما‭ ‬لحق‭ ‬بهما‭ ‬من‭ ‬تلفيق‭ ‬وتحريف‭! ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الهجمة‭ ‬على‭ (‬مكانة‭ ‬الإنسان‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬كله‭) ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نزع‭ ‬السمو‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬حباه‭ ‬الله‭ ‬به‭! ‬ولأن‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬البشرية‭ ‬وقدوتها‭ ‬ونموذجها‭ ‬الإنساني‭ ‬الأسمى،‭ ‬طالته‭ ‬الهجمة‭ ‬الشيطانية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره،‭ ‬وبشكل‭ ‬متعمد‭ ‬وممنهج‭ ‬أرادوا‭ ‬بها‭ ‬تشويه‭ ‬صورته،‭ ‬وسمو‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬لكل‭ ‬البشرية‭! ‬حتى‭ ‬يسقطوا‭ ‬القدسية‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬وعن‭ ‬نموذجه‭ ‬الديني‭ ‬والإنساني‭ ‬الأسمى‭! ‬أو‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬ككل‭! ‬فيصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬مستباحاً‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬وروحه‭ ‬وأخلاقه‭ ‬وقيمه‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬دينه،‭ ‬وما‭ ‬أراده‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خُلقٍ‭ ‬تجسّد‭ ‬أعظمه‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الأنبياء،‭ ‬والرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭! ‬

{ ومنه‭ ‬نتأمل‭ ‬وبه‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هجمة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الشيطان‮»‬‭ ‬أو‭ ‬هجمه‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬الشيطانية‮»‬‭ ‬قديماً‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬هي‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬تجريد‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬دينه‭ ‬ومن‭ ‬مكانته‭ ‬السامية‭ ‬بين‭ ‬الخلق،‭ ‬ولذلك‭ ‬أسست‭ ‬هذه‭ ‬النخبة،‭ ‬وهي‭ ‬المسيطرة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل،‭ ‬لكل‭ ‬عوامل‭ ‬التفرقة‭ ‬والفتنة‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والحروب‭ ‬والأوبئة‭ ‬والسقوط‭ ‬الاخلاقي‭ ‬والفكري‭ ‬والديني‭! ‬وأعلنت‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وعلى‭ ‬الإنسانية‭ ‬والبشرية‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تبرير‭ ‬قتله‭ ‬في‭ ‬الحروب،‭ ‬وإبادته،‭ ‬بنزع‭ ‬حتى‭ ‬صفة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عنه،‭ ‬ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬فيما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حين‭ ‬يروج‭ ‬شياطين‭ ‬العصر‭ ‬الصهاينة‭ (‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حيوانات‭ ‬ويجب‭ ‬إبادتهم‭)! ‬وهذا‭ ‬النزع‭ ‬لصفة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬عبر‭ ‬العصور،‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬المستعمرون‭ ‬والمتسلطون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حروبهم‭ ‬واحتلالاتهم‭ ‬عبر‭ ‬القارات‭ ‬الخمس‭ ‬المعروفة‭ ‬للشعوب‭ ‬التي‭ ‬احتلوها‭ ‬وأبادوا‭ ‬فيها‭!‬

{ اليوم‭ ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬العبث‭ ‬الشيطاني‭ ‬بالأرض‭ ‬والإنسان‭ ‬والبشرية‭ ‬بل‭ ‬وبكل‭ ‬الخلائق،‭ ‬فإن‭ ‬الإسلام‭ ‬وقوته‭ ‬الذاتية‭ ‬الكامنة‭ ‬بتعاليم‭ ‬الله‭ ‬النهائية‭ ‬لكل‭ ‬البشرية‭! ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬العبث‭ ‬الشيطاني‮»‬‭ ‬من‭ ‬محتواه‭ ‬وسيطرته‭ ‬وقوة‭ ‬هيمنته‭ ‬عبر‭ ‬ترسيخ‭ ‬الإيمان‭ ‬بالله‭ ‬وبدينه‭ ‬القويم،‭ ‬وبرسوله‭ ‬الأعظم،‭ ‬كأسمى‭ ‬المخلوقات،‭ ‬وقد‭ ‬اصطفاه‭ ‬الله‭ ‬ليكون‭ ‬صاحب‭ ‬الرسالة‭ ‬الأعظم‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬ووعده‭ ‬ووعد‭ ‬أمته،‭ ‬بحفظ‭ ‬النص‭ ‬المقدس‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ ‬لتجعلنا‭ ‬ذكرى‭ ‬مولده،‭ ‬كأشرف‭ ‬الخلق،‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬لتذكر‭ ‬سمو‭ ‬الإنسان‭! ‬ولتذكر‭ ‬صفات‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم،‭ ‬والتشبث‭ ‬بها‭ ‬لمواجهة‭ ‬كل‭ ‬‮«‬عبث‭ ‬شيطاني‮»‬‭ ‬ضدّ‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭! ‬وبالإيمان‭ ‬واليقين‭ ‬تبقى‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬أينما‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬القادرة‭ ‬وحدها‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭ ‬رغم‭ ‬ضعفها‭ ‬الحالي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا