التحول الرقمي بالمملكة يسهم بفاعلية في تقليل البصمة الكربونية والاعتماد على الموارد غير المستدامة
كتبت أمل الحامد:
لفتت عضو هيئة التدريس في كلية إدارة الأعمال بجامعة البحرين دولة عبدالله الملا، أن هناك ستة تحديات تواجه تطبيق الصيرفة الخضراء وتتطلب استراتيجيات واضحة للتعامل معها.
وأوضحت في حديث مع «أخبار الخليج» أن الصيرفة الخضراء تتمثل في الممارسات المالية التي تركز على تعزيز التنمية المستدامة وحماية البيئة وتحقيق الحياد الكربوني، ما يعني أنها ممارسة الأنشطة المصرفية التقليدية بطرق صديقة للبيئة.
وأضافت أن فكرة الصيرفة الخضراء أشبه بفكرة الشخص الذي يتبنى نمط حياة صحيا، حيث يستمر في تناول الطعام والشراب كما كان يفعل في السابق، ولكنه يختار الأطعمة الصحية. وبالمثل، فإن الصيرفة الخضراء هي تقديم نفس الخدمات والتمويلات المصرفية، ولكن بطرق تعتمد على ممارسات صديقة للبيئة، بهدف حماية الأجيال الحالية والمستقبلية. ومن ضمنها تقديم المنتجات والخدمات المصرفية التي تدعم المشاريع الخضراء مثل الطاقة المتجددة، كفاءة الطاقة، وإدارة النفايات، وغيرها من المبادرات التي تسهم في الحفاظ على البيئة.
وذكرت أن السندات الخضراء تعتبر أحد المنتجات المقترحة تحت مظلة الصيرفة الخضراء كأداة مالية لجمع الأموال لمشاريع محددة تهدف إلى تحقيق فوائد بيئية إيجابية وتعزيز الاقتصاد الأخضر. هذه المشاريع تشمل الطاقة المتجددة، النقل المستدام، إدارة المياه، وإدارة النفايات وغيرها. المستثمرون الذين يشترون السندات الخضراء عادة ما يكون لديهم التزام بالتنمية المستدامة ويبحثون عن طرق لتمويل المشاريع التي تسهم في تحسين البيئة.
وقالت الملا إن تحديات تطبيق الصيرفة الخضراء عديدة ولكن يمكن حصرها في 6 تحديات، هي: الوعي المحدود، التكاليف الأولية المرتفعة، عدم وجود معايير موحدة، التقييم البيئي المعقد، المخاطر البيئية والتنظيمية، ونقص الحوافز الحكومية.
وأشارت إلى أن التحدي الأول هو الوعي المحدود الذي يقصد به بعض المؤسسات المالية والمستثمرين قد لا يكون لديهم معرفة كافية بمزايا الصيرفة الخضراء أو كيفية الاستثمار في السندات الخضراء، التحدي الثاني التكاليف الأولية المرتفعة التي قد تتطلب المشاريع الخضراء استثمارات كبيرة في البداية، مما يجعل من الصعب على الشركات أو الحكومات تبنيها على نطاق واسع.
وأضافت أن التحدي الثالث أنه حتى الآن، لا توجد معايير دولية موحدة تحدد ما إذا كان المشروع مؤهلاً ليعتبر «أخضر»، هذا يؤدي إلى اختلافات في تصنيف المشاريع وقد يسبب ارتباكاً لدى المستثمرين. أما التحدي الرابع فهو التقييم البيئي المعقد حيث إن تقييم الأثر البيئي للمشاريع يتطلب معايير واضحة وشفافة، وهو أمر قد يصعب تنفيذه بدقة.
وواصلت أن التحدي الخامس هو المخاطر البيئية والتنظيمية التي قد تواجه المشاريع البيئية تغييرات تنظيمية أو قيود تجعل من الصعب تحقيق عوائد مادية أو بيئية على المدى الطويل، والتحدي السادس هو نقص الحوافز الحكومية إذ إن قلة الحوافز الحكومية في بعض الدول قد تعيق المؤسسات المالية من تقديم منتجات مصرفية خضراء أو الترويج للسندات الخضراء.
الصيرفة الخضراء في البحرين
وأكدت دولة عبدالله الملا أن القيادة في مملكة البحرين أظهرت التزاماً استراتيجياً قوياً في مواجهة تحديات التغير المناخي وحماية البيئة، وهو ما يتجلى في الأهداف الطموحة التي وضعتها البلاد لتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 30% بحلول عام 2035، والوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060. هذا الالتزام يعكس حرص القيادة على تحقيق التنمية المستدامة، بما يضمن الحفاظ على البيئة مع الحفاظ على زخم النمو الاقتصادي.
لافتة أن الصيرفة الخضراء، كأحد الأدوات المهمة لتحقيق هذه الأهداف، تدعم بشكل مباشر رؤية القيادة عبر تمويل المشاريع المستدامة والبيئية. فالبنوك التي تتبنى الصيرفة الخضراء تقدم قروضاً وتمويلات مخصصة لمشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو ما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي الذي يسهم بشكل كبير في انبعاثات الكربون. هذه البنوك تسهم أيضاً في تمويل مشاريع البنية التحتية الخضراء، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات المختلفة، مثل الصناعة والنقل والمباني.
وأكدت أن القيادة في البحرين تدرك أن تحقيق الأهداف البيئية الطموحة يتطلب توجيه الاستثمارات نحو التكنولوجيا النظيفة والممارسات المستدامة، ولذلك يتم تشجيع البنوك على إصدار السندات الخضراء، وهي أدوات مالية تهدف إلى جذب استثمارات عالمية لتمويل مشاريع بيئية محلية. هذه السندات توفر التمويل اللازم للمشاريع التي تسهم في الحد من انبعاثات الكربون، مثل تطوير مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات تحسين كفاءة الطاقة. علاوة على ذلك، القيادة تحرص على تمكين الشركات والمؤسسات من تبني ممارسات صديقة للبيئة، حيث تعمل البنوك على تقديم قروض ميسرة للشركات التي تعتمد استراتيجيات خضراء في إنتاجها. هذا يساعد على تقليل الانبعاثات من القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، كما يسهم في رفع مستوى الوعي البيئي على نطاق واسع بين الأفراد والمؤسسات. بالإضافة إلى ذلك، تدفع القيادة البحرينية نحو توسيع نطاق الصيرفة الرقمية، مما يسهم في تقليل الاعتماد على العمليات الورقية وتقليل استهلاك الطاقة في المؤسسات المالية. هذا بدوره يؤدي إلى خفض البصمة الكربونية للبنوك، مما يعزز الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف البيئية بحلول عام 2035.
الصيرفة الخضراء وتقليل البصمة الكربونية
وعن تأثير الصيرفة الخضراء في مملكة البحرين في تقليل البصمة الكربونية، أكدت الملا أن الصيرفة الخضراء في البحرين تسهم بشكل فعّال في تقليل البصمة الكربونية من خلال تمويل المشاريع البيئية المستدامة التي تعتمد على الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال تشجيع الاستثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تسهم البنوك الخضراء في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق التحول نحو اقتصاد أخضر. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد هذه البنوك على تقنيات مصرفية رقمية تقلل من استهلاك الورق والطاقة، مما يسهم في تقليل الأثر البيئي. علاوة على ذلك، تعزز هذه البنوك الوعي البيئي بين الشركات والعملاء وتشجعهم على تبني ممارسات أكثر استدامة، مما يدعم البحرين في تحقيق أهدافها البيئية الوطنية والدولية، ويسهم في تحسين استدامة الاقتصاد على المدى الطويل.
وسلطت الملا الضوء على أن المصارف التجارية هي واجهة الدولة في أي بلد ويعد القطاع المصرفي قدوة للقطاعات الأخرى، لذلك فإن امتثال وتبني استراتيجيات الصيرفة الخضراء من قبل البنوك له دور مهم وكبير في جذب الآخرين للانضمام إلى هذا الاتجاه.
التحول الرقمي والبصمة الكربونية
وأوضحت الملا أن التحول الرقمي في البحرين يسهم بشكل كبير في تقليل البصمة الكربونية من خلال تحسين الكفاءة وتقليل الاعتماد على الموارد غير المستدامة باستخدام التقنيات الرقمية مثل العمل عن بُعد، الخدمات الإلكترونية، والتحول إلى الاقتصاد الرقمي، تقليل الحاجة إلى التنقل والمكاتب المادية، مما يؤدي إلى تقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن وسائل النقل واستهلاك الطاقة في المباني. كما أن التحول الرقمي يعزز استخدام التقنيات الذكية، مثل أنظمة إدارة الطاقة وإنترنت الأشياء التي تسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل الفاقد، لذا فإن هذه التحسينات التكنولوجية تساعد على تقليل استهلاك الكهرباء وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالإنتاج الصناعي والخدمات العامة. بالإضافة إلى ذلك، تقليل الاعتماد على العمليات الورقية في المؤسسات الحكومية والشركات يسهم بشكل مباشر في تقليل نفايات الورق والطاقة المستخدمة في طباعته وتخزينه، مما يدعم التحول نحو اقتصاد مستدام وأقل اعتماداً على الموارد التقليدية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك