العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

البحرين.. ومجموعة بريكس وتحولات النظام العالمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬تقدمت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بطلب‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يعود‭ ‬تأسيسها‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬وتضم‭ (‬روسيا،‭ ‬والصين،‭ ‬والهند،‭ ‬والبرازيل،‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬شمل‭ (‬الجزائر،‭ ‬ومصر،‭ ‬والسعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬والكويت،‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭). ‬وفي‭ ‬قمتها‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬‮«‬جوهانسبرج‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬بحضور‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬دولة‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬أصدقاء‭ ‬بريكس»؛‭ ‬حضر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحريني‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الزياني‮»‬‭. ‬

‮ ‬وفي‭ ‬كلمته،‭ ‬أثنى‭ ‬‮«‬الزياني‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬المجموعة‭ ‬كـ«شريك‭ ‬رئيسي‮»‬‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬كما‭ ‬أشاد‭ ‬بالإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬بنك‭ ‬التنمية‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬ودورها‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والتصنيع‭ ‬والإبداع،‭ ‬مؤكدا‭ ‬دعم‭ ‬البحرين‭ ‬لرؤيتها‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لعالم‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬وإنصافًا‭ ‬وازدهارًا،‭ ‬ومشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية‭ ‬الحالية‭ ‬تتطلب‭ ‬تعاونًا‭ ‬أوسع،‭ ‬وأكثر‭ ‬تنظيماً‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬المملكة‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن،‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬نحو‭ ‬ربع‭ ‬ثروة‭ ‬العالم،‭ ‬و22%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬و42%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬16%‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭. ‬وقبل‭ ‬انعقاد‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬جوهانسبرج‮»‬،‭ ‬قال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسي،‭ ‬إن‭ ‬انضمام‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬والجزائر،‭ ‬ومصر‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬سيثريها؛‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬إرث‭ ‬حضاري‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭.‬

وتسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ -‬ومنها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬بريكس،‭ ‬لتعزيز‭ ‬توازن‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية،‭ ‬ما‭ ‬يقربها‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬كبرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والهند‭. ‬وتعتبر‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬خارج‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬التنمية‭ ‬الجديد،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬منافسة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬و«البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية،‭ ‬كما‭ ‬قدمت‭ ‬‮«‬الجزائر‮»‬،‭ ‬طلبًا‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬بمبلغ‭ ‬1,5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وفيما‭ ‬تسعى‭ ‬المجموعة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬عملتها‭ ‬الخاصة؛‭ ‬بهدف‭ ‬كسر‭ ‬هيمنة‭ ‬الدولار؛‭ ‬فإن‭ ‬انضمام‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬إليها،‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬محطة‭ ‬مهمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تحول‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية؛‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬العربية‭ ‬مرشحة‭ ‬لتكون‭ ‬‮«‬دولاً‭ ‬رائدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬الطاقات‭ ‬النظيفة‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬المقبلة‭. ‬

وفي‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬قام‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬لروسيا‭ -‬أحد‭ ‬الأعضاء‭ ‬المؤسسين‭ ‬لبريكس‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياسي،‭ ‬والأمني،‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬وتوجت‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬البحرينية‭ ‬‭ ‬الروسية‮»‬،‭ ‬بتوقيع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مذكرات‭ ‬التفاهم،‭ ‬والبرامج‭ ‬المشتركة‭ ‬للتعاون‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬والثقافي،‭ ‬والصحي،‭ ‬والبيئي،‭ ‬وأكدت‭ ‬تقارب‭ ‬المواقف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لقيادات‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬حرصهما‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬الأمن،‭ ‬والاستقرار،‭ ‬والسلام‭ ‬الإقليمي‭.‬

وخلال‭ ‬الزيارة،‭ ‬تم‭ ‬تفعيل‭ ‬مخرجات‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الحكومية‭ ‬المشتركة‮»‬،‭ ‬للتعاون‭ ‬التجاري،‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬والعلمي،‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتباط‭ ‬البلدين‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬اتفاقية،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬للتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية،‭ ‬والأمنية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬فيما‭ ‬أطلع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الـ33،‭ ‬والمبادرة‭ ‬البحرينية‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وإحياء‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬بإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وفق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وتوفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمتضررين‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬فيما‭ ‬عبر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬للمواقف‭ ‬الروسية‭ ‬الداعمة‭ ‬للقضايا‭ ‬العربية‭ ‬العادلة،‭ ‬لاسيما‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتأييده‭ ‬منح‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬صفة‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لحضور‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬قازان‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري،‭ ‬بصفته‭ ‬رئيس‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الحالية‭.‬

وبعد‭ ‬توسيع‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬قمة‭ (‬جوهانسبرج‭)‬،‭ ‬غدت‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬تمثل‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬و36%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجاوز‭ ‬مساهمة‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬البالغة‭ ‬30%،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬42%‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭.‬

وفي‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬قازان‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الدورة‭ ‬الـ‭(‬16‭)‬،‭ ‬أعلنت‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬مشاركة‭ ‬24‭ ‬رئيس‭ ‬دولة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬وجهت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬دعوات‭ ‬إلى‭ ‬38‭ ‬دولة؛‭ ‬أكدت‭ ‬32‭ ‬منها‭ ‬مشاركتها،‭ ‬فيما‭ ‬أعلن‭ ‬سفير‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬روسيا،‭ ‬مشاركة‭ ‬المملكة‭ ‬بوفد‭ ‬يترأسه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الزياني‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ألقى‭ ‬كلمة‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬القمة،‭ ‬التي‭ ‬توسعت‭ ‬لتضم‭ ‬10‭ ‬دول‭ ‬حاليًا‭ ‬بعد‭ ‬انضمام‭ ‬الأعضاء‭ ‬الجدد،‭ ‬وتخلي‭ ‬الأرجنتين‭ ‬عن‭ ‬عضويتها‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تزايدت‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬للعضوية،‭ ‬مثل‭ (‬تركيا،‭ ‬والجزائر،‭ ‬وأذربيجان،‭ ‬وبوليفيا،‭ ‬وبنجلاديش،‭ ‬وبيلاروسيا،‭ ‬وهندوراس،‭ ‬وفنزويلا،‭ ‬وفيتنام،‭ ‬وزمبابوي،‭ ‬وإندونيسيا،‭ ‬وكوبا،‭ ‬والكويت،‭ ‬وكازاخستان،‭ ‬ونيكاراجوا،‭ ‬وباكستان،‭ ‬وغينيا‭ ‬الاستوائية،‭ ‬والسنغال،‭ ‬وسوريا،‭ ‬وأوغندا،‭ ‬وتشاد،‭ ‬وسريلانكا،‭ ‬واريتريا،‭ ‬وجنوب‭ ‬السودان،‭ ‬حيث‭ ‬تطمح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬لتعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والسياسي،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭.‬

وبينما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬مشاركة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬قازان‮»‬‭ ‬كأول‭ ‬مشاركة‭ ‬لها‭ ‬كعضو‭ ‬رسمي،‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬مؤهلة‭ ‬أيضًا‭ ‬للعب‭ ‬دور‭ ‬فعّال‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬‮«‬بريكس‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬ستركز‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬بريكس‭ ‬والجنوب‭ ‬العالمي‭.. ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬مشترك‭ ‬للعالم‮»‬‭. ‬وتُعد‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬القمة،‭ ‬فيما‭ ‬ينصبّ‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬اجتماعات‭ ‬أعضاء‭ ‬بريكس‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬التعددية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬وأمن‭ ‬عالميين‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬تسعى‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة،‭ ‬فإنها‭ ‬تسعى‭ ‬للانضمام‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والسياسية‭ ‬الدولية،‭ ‬وقد‭ ‬نوه‭ ‬سفير‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬موسكو،‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬روسيا‭ ‬لضمان‭ ‬وجود‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭. ‬

ويقف‭ ‬وراء‭ ‬الطلب‭ ‬البحريني‭ ‬خدمة‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المميزات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬يجلبها‭ ‬هذا‭ ‬الانضمام،‭ ‬ومبدأ‭ ‬التوازن،‭ ‬الذي‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬فيما‭ ‬تحتفظ‭ ‬بعلاقات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وسياسية‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الأعضاء‭ ‬المؤسسين‭ ‬لها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬علاقاتها‭ ‬الجيدة‭ ‬بالقوى‭ ‬الغربية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬حيث‭ ‬تمثل‭ ‬المجموعة‭ ‬مع‭ ‬توسيع‭ ‬عضويتها‭ ‬خطوة‭ ‬كبيرة‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭.‬

وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ -‬وعلى‭ ‬هامش‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬الدولي‭ ‬الخامس‭ ‬لدول‭ ‬بريكس‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬سان‭ ‬بطرس‭ ‬بورج‮»‬‭ ‬الروسية‭ ‬‭ ‬أكد‭ ‬سفير‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬موسكو،‭ ‬أن‭ ‬انضمام‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬يعزز‭ ‬مكانتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمن،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬بريكس،‭ ‬تمنح‭ ‬المملكة‭ ‬‮«‬دورًا‭ ‬محوريًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬اقتصاد‭ ‬المنطقة‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬نموها‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬البحرين‭ ‬بالدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬المؤسسين‭ ‬لهذه‭ ‬المجموعة‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬متميزة‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭ -‬مايو‭ ‬2024‭- ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬فيه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬روسيا‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬الصين،‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬المؤسسين‭ ‬للمجموعة،‭ ‬وذلك‭ ‬باعتباره‭ ‬رئيس‭ ‬الدورة‭ ‬الحالية‭ ‬للقمة‭ ‬العربية،‭ ‬وتأكيدًا‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬35‭ ‬عامًا،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬1989،‭ ‬وهي‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬والرغبة‭ ‬الصادقة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬نموذج‭ ‬للتعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬يخدم‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬فيما‭ ‬حملت‭ ‬الزيارة‭ ‬واجبًا‭ ‬قوميًا‭ ‬يتضمن‭ ‬الترويج‭ ‬لإعلان‭ ‬البحرين‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬وتنمية‭ ‬العلاقات‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬ذات‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬المصالح‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬الشامل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬مبادرتها‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لتسوية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتنمية‭ ‬جهود‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفلسطين‭ ‬عضوًا‭ ‬كامل‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬للمملكة،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬نحو‭ ‬2,4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2022‭. ‬وأثناء‭ ‬زيارته‭ ‬لها‭ ‬شارك‭ ‬جلالة الملك‭  ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬لمنتدى‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭- ‬الصيني‭.‬

أما‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬فهي‭ ‬سادس‭ ‬أكبر‭ ‬مستثمر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بـ‭ ‬1,5‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬يبلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬نحو‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتعد‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أكبر‭ ‬الجاليات‭ ‬الأجنبية‭. ‬كما‭ ‬تحتفظ‭ ‬المملكة‭ ‬بعلاقات‭ ‬ودية‭ ‬متميزة‭ ‬مع‭ ‬جمهورية‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وقد‭ ‬أشاد‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬النواب‮»‬،‭ ‬البحريني‭ ‬بموقفها‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬تأييده‭ ‬للدعوى‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬وخرق‭ ‬اتفاقية‭ ‬منع‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لعام‭ ‬1948‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبرازيل،‭ ‬ففي‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬احتفاء‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭ ‬بمرور‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭-‬البرازيلية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬بفضل‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬المتميزة،‭ ‬تصبح‭ ‬البحرين‭ ‬مؤهلة‭ ‬لقبول‭ ‬طلبها‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬حيث‭ ‬ستتيح‭ ‬لها‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬فرصة‭ ‬لطرح‭ ‬مبادراتها‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬متماشية‭ ‬مع‭ ‬نهج‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية،‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مدرسة‭ ‬يقتدى‭ ‬بها،‭ ‬والتي‭ ‬تتميز‭ ‬بالإيجابية‭ ‬وتسعى‭ ‬دومًا‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬وإنصافًا‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬سياستها‭ ‬الحيادية،‭ ‬متجنبة‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬المنافسات‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا