العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا يمكن أن نتوقع من ترامب في نسخته الثانية؟

بقلم: د. جاسم بونوفل

الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬الفوز‭ ‬الساحق‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ماراثون‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬الذي‭ ‬بموجبه‭ ‬سيدخل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ويتربع‭ ‬على‭ ‬عرشه‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬المقبل‭ ‬ليكون‭ ‬بذلك‭ ‬الرئيس‭ ‬السابع‭ ‬والأربعين‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بدأ‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬التحرك‭ ‬سريعاً‭ ‬نحو‭ ‬اختيار‭ ‬أعضاء‭ ‬فريق‭ ‬إدارته‭ ‬المقبلة،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اختياراته‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الكيمياء‭ ‬القائمة‭ ‬بينه‭ ‬وبينهم‭ ‬حول‭ ‬مقارباتهم‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬برنامجه‭ ‬الانتخابي‭ ‬أهمها‭: ‬الهجرة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتعليم‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه‭ ‬المراقبون‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬سيختلف‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬عن‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى؟

في‭ ‬اعتقادي‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬متغيرين‭ ‬أساسيين‭ ‬أولهما‭ ‬السمات‭ ‬الشخصية‭ ‬له،‭ ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬استجدت‭ ‬على‭ ‬الساحتين‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدولية‭. ‬

لنبدأ‭ ‬أولاً‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السمات‭ ‬الشخصية،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يذهب‭ ‬أغلب‭ ‬المحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬سياسياً‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمة،‭ ‬فهو‭ ‬يختلف‭ ‬اختلافاً‭ ‬جوهرياً‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬السابقين‭ ‬الذين‭ ‬امتهنوا‭ ‬السياسة‭ ‬قبل‭ ‬دخولهم‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬

أما‭ ‬عنه‭ ‬فهو‭ ‬فلم‭ ‬يمارس‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربته‭ ‬كرئيس‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬العريقين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬الديمقراطي‭ ‬والجمهوري‭)‬،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬فليس‭ ‬لديه‭ ‬تجربة‭ ‬سياسية‭ ‬كسلفه‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬نصف‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الحزبي‭ ‬وفي‭ ‬دهاليز‭ ‬السياسة‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬مؤهل‭ ‬تعليمي‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬العريقة؛‭ ‬فهو‭ ‬ببساطة‭ ‬شديدة‭ ‬رجل‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬أحاديثه‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬لغة‭ ‬المثقفين‭ ‬والسياسيين‭ ‬وفذلكاتهم،‭ ‬ولا‭ ‬يستخدم‭ ‬الكلمات‭ ‬والعبارات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬حيال‭ ‬موضوع‭ ‬معين‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬أغلب‭ ‬السياسيين،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬أنه‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬رسالته‭. ‬وإن‭ ‬كل‭ ‬شهرته‭ ‬تتحدد‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬رجل‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬السوق‭ ‬والعقارات،‭ ‬وأن‭ ‬خير‭ ‬توصيف‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بيزنس‭ ‬مان‮»‬‭. ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬صاحبها‭ ‬إلا‭ ‬لغة‭ ‬المال‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬ستنعكس‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬على‭ ‬تصرفاته‭ ‬وستؤثر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬قراراته‭.‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬بأن‭ ‬ثقافة‭ ‬السوق‭ ‬ستلازم‭ ‬ترامب،‭ ‬وستسيطر‭ ‬على‭ ‬تفكيره‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬لأنها‭ ‬جزء‭ ‬أصيل‭ ‬من‭ ‬شخصيته،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬ذلك‭ ‬عملياً‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬2017‭. ‬من‭ ‬هذ‭ ‬المنطلق‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬النهج‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬ونستشف‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريحاته‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭. ‬خذ‭ ‬مثالاً‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬فكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يطالب‭ ‬دوله‭ ‬بزيادة‭ ‬إنفاقها‭ ‬الدفاعي‭ ‬وتأكيده‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬بلاده‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬وفائها‭ ‬بالعهد‭ ‬الذي‭ ‬تلتزم‭ ‬فيه‭ ‬بالإنفاق‭ ‬بنسبة‭ ‬2%‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭.‬

هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يُحَمْل‭ ‬الخزينة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أعباء‭ ‬مالية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سواد‭ ‬عيون‭ ‬الأوروبيين‭. ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬ترامب‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية؛‭ ‬لأنه‭ ‬تحرر‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬تكبله‭ ‬أثناء‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭ ‬مثل‭ ‬مراعاته‭ ‬للناخبين،‭ ‬فهو‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أصواتهم‭ ‬بسبب‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬للمرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بحكم‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بالترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2028‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬حالياً‭ ‬أفكار‭ ‬تتقاطع‭ ‬مع‭ ‬بروفايل‭ ‬شخصيته‭ ‬النرجسية؛‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬بصمة‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انجازات‭ ‬تخلد‭ ‬ذكراه‭ ‬أسوة‭ ‬بغيره‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬السابقين‭ ‬الذين‭ ‬يشار‭ ‬إليهم‭ ‬بالبنان‭ ‬كصناع‭ ‬للتاريخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬أمثال‭: ‬الرئيس‭ ‬جيمس‭ ‬ماديسون‭ ‬الذي‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬بأبو‭ ‬الدستور‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الرئيس‭ ‬أندرو‭ ‬جاكسون‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬بسداد‭ ‬الديون‭. ‬والرئيس‭ ‬إبراهام‭ ‬لنكولن‭ ‬محرر‭ ‬العبيد‭ ‬والرئيس‭ ‬دوايت‭ ‬أيزنهاور‭ ‬الذي‭ ‬أنهى‭ ‬الحرب‭ ‬الكورية‭.‬

أما‭ ‬المتغير‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية،‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬الساحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مست‭ ‬بقيم‭ ‬فئات‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬بفعل‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن؛‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬بفرض‭ ‬قيم‭ ‬جديدة‭ (‬المثلية‭ ‬والتحول‭ ‬الجنسي‭) ‬على‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وقد‭ ‬أثارت‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬حنقهم‭ ‬وامتعاضهم‭ ‬وقد‭ ‬استثمر‭ ‬ترامب‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬ووظفه‭ ‬لصالحه‭ ‬وقال‭: ‬إنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬من‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬المدرسية‭.‬

في‭ ‬ملف‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬ترامب‭ ‬أحد‭ ‬لاعبيه‭ ‬الأساسيين،‭ ‬فإنه‭ ‬سيمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬سياساته‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬الأمريكيتين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬وزيادة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬ستؤثر‭ ‬حتماً‭ ‬على‭ ‬انسياب‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬وعلى‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يستعد‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭.‬

بقي‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬أفكار‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬توجهاته‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬المقبلة؟

في‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أطلق‭ ‬وعوداً‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬بأنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وكان‭ ‬دائماً‭ ‬يتباهى‭ ‬بخلو‭ ‬عهده‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭ (‬2017-2020‭) ‬ولذلك‭ ‬فإنه‭ ‬سيسعى‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬إلى‭ ‬إطفاء‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بمجرد‭ ‬دخوله‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وأن‭ ‬بداية‭ ‬الانطلاق‭ ‬عنده‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬لديه‭ ‬ثقة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬اقناع‭ ‬أطراف‭ ‬الحرب‭ ‬وبالأخص‭ ‬روسيا‭ ‬لعلاقته‭ ‬الوثيقة‭ ‬مع‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬وقفها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحلول‭ ‬الدبلوماسية‭.‬

ونتيجة‭ ‬لتصريحاته‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادر‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬توحي‭ ‬باقتراب‭ ‬نهايتها‭ ‬وتجسم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬زيلينسكي‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭: ‬إنه‭ ‬يؤثر‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬العسكري‭ ‬لأزمة‭ ‬بلاده،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دخول‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬شولتس‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬عبر‭ ‬تصريحاته‭ ‬الأخيرة‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وهو‭ ‬قطب‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬سيدفع‭ ‬بالتأكيد‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬مساعيه‭ ‬إلى‭ ‬وقفها‭. ‬

لكن‭ ‬فاته‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭ ‬كيف‭ ‬سينهي‭ ‬مأساة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬أهلها‭ ‬جراء‭ ‬القتل‭ ‬والتنكيل‭ ‬والتشريد‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬أراضيهم‭.‬

إن‭ ‬تجربتنا‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬تسر‭ ‬أحدا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هواه‭ ‬وميوله‭ ‬صهيونية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬مبادراته‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬عن‭ ‬تعاطفه‭ ‬الكبير‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬ولا‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬سيغير‭ ‬من‭ ‬جلدته‭ ‬وسيحيد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬خلال‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬لأن‭ ‬المسألة‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬متعلقة‭ ‬بالإيمان‭ ‬العقدي‭ ‬وبصورة‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬ذهنه،‭ ‬والكتاب‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬عنوانه‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬العربي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬قليلي‭ ‬الثقة‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬نطمئن‭ ‬إلى‭ ‬تصرفاته‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لننتظر‭ ‬ما‭ ‬تكشفه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الجديدة‭ ‬لعله‭ ‬يفعل‭ ‬شيئاً‭ ‬مغايراً‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬مثلنا‭ ‬العربي‭ ‬ونأخذ‭ ‬بالمثل‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭: ‬لا‭ ‬تحكم‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬غلافه‭ ‬Ever‭ ‬judge‭ ‬the‭ ‬book‭ ‬by‭ ‬its‭  ‬cover‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا