العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل تؤثر التعريفات الجمركية المقترحة مـن «تـرامب» عـلـى الصناعات الخليجية؟

بقلم: علي فقيه

الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

يسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬لفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬عالية‭ ‬الكلفة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬على‭ ‬وارداتها‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬بالمائة‭. ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الصناعات‭ ‬الخليجية‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬التعريفات‭ ‬المقترحة،‭ ‬حيث‭ ‬ستكون‭ ‬السلع‭ ‬مثل‭ ‬الألومنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬تحت‭ ‬رادار‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وسترتفع‭ ‬الضريبة‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬بحوالي‭ ‬20‭ ‬بالمائة‭. ‬علماً‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2018م،‭ ‬فرض‭ ‬الرئيس‭ ‬حينها‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬على‭ ‬الحديد‭ ‬بحوالي‭ ‬25‭ ‬بالمائة‭ ‬والألمنيوم‭ ‬بحوالي‭ ‬10‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬

هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسباب‭ ‬رئيسية‭ ‬تقود‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬لإعلان‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وسنعرض‭ ‬هنا‭ ‬مثالاً‭ ‬حول‭ ‬الألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭:‬

‭ ‬أولاً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفع‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الألمنيوم‭ ‬والحديد،‭ ‬يعطي‭ ‬ترامب‭ ‬صفة‭ ‬‮«‬الاحتكار‮»‬‭ ‬للصناعات‭ ‬المحلية‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭.‬

ولكن،‭ ‬سيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬لأن‭ ‬المستوردين‭ ‬للألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬سيقومون‭ ‬برفع‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬بواقع‭ ‬20‭ ‬بالمائة‭ ‬مثلاً،‭ ‬والمصنعين‭ ‬المحليين‭ ‬للألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬لن‭ ‬يخفضوا‭ ‬أسعارهم‭ ‬لأن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬منتجاتهم‭ ‬سوف‭ ‬ترتفع‭ ‬محلياً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السابق‭. ‬

ثانياً،‭ ‬يسعى‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬لزيادة‭ ‬دخل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬ستعوض‭ ‬الخفض‭ ‬الذي‭ ‬سيفرضه‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬بواقع‭ ‬15‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬21‭ ‬بالمائة‭ (‬الحالي‭). ‬

ثالثاً،‭ ‬تسعى‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬خلق‭ ‬فائض‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬وخفض‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الصين‭.‬

والسؤال‭ ‬هنا،‭ ‬كيف‭ ‬تؤثر‭ ‬هذه‭ ‬الزيادات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون؟‭ ‬

في‭ ‬العامين‭ ‬2016‭-‬2020،‭ ‬انخفض‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬89‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬2016‭ ‬إلى‭ ‬57‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬2020‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬السلع‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬الألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬المصدرة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬انخفضت‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭. ‬وعند‭ ‬عودة‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب،‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬التعريفات‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬شهدناها‭ ‬في‭ ‬العامين‭ ‬2016‭-‬2020‭.‬

وللإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬أعلاه،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬الألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬التي‭ ‬تستوردها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ستنخفض،‭ ‬فإن‭ ‬تأثيرها‭ ‬محدود‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬الخليجية،‭ ‬وذلك‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭: ‬

أولاً،‭ ‬حظر‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬استيراد‭ ‬سلع‭ ‬الألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ستحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬حصص‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬بديلة‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬البحرين‭ ‬والامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭. ‬

ثانياً،‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭ ‬رفع‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬شركاء‭ ‬تجاريين‭ ‬لبيع‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عليها‭ ‬رسوماً‭ ‬جمركية‭ ‬عالية‭. ‬ثالثاً‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬سيفرض‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الخليجية‭ ‬ستتأثر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الضرائب،‭ ‬لأنها‭ ‬سوف‭ ‬تُدفع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الموردين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ستنتقل‭ ‬الكلفة‭ ‬إلى‭ ‬المستهلكين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مثل‭ ‬السيارات‭ ‬والمكائن‭ ‬ومواد‭ ‬البناء‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬السلع‭.‬

علماً‭ ‬بأن‭ ‬قيمة‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬الصناعات‭ ‬الخليجية‭ ‬قابلة‭ ‬للارتفاع‭ ‬والانخفاض‭ ‬بحسب‭ ‬الطلب‭ ‬والعرض‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬

‭ ‬فمثلاً،‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭-‬الأوكرانية،‭ ‬شهدت‭ ‬أسعار‭ ‬الألمنيوم‭ ‬تقلبات‭ ‬كبيرة،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬4,073‭ ‬دولارا‭ ‬أمريكيا‭ ‬للطن‭ ‬المتري‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022م‭ ‬نتيجة‭ ‬لتعطل‭ ‬الإمدادات‭ ‬والعقوبات‭ ‬على‭ ‬الألمنيوم‭ ‬الروسي،‭ ‬كون‭ ‬روسيا‭ ‬مصدراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬لها‭. ‬

وتفاقم‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬بسبب‭ ‬تحديات‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬انخفضت‭ ‬الأسعار‭ ‬لاحقًا‭ ‬واستقرت‭ ‬تحت‭ ‬مستوى‭ ‬2,400‭ ‬دولار‭ ‬للطن‭ ‬المتري‭ ‬بحلول‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2022م‭ ‬مع‭ ‬تكيُّف‭ ‬الأسواق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الإمداد‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توجهات‭ ‬ترامب‭ ‬الجمركية،‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬سوف‭ ‬تفرض‭ ‬ضرائب‭ ‬مرتفعة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬السلع‭ ‬الخليجية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬توقيع‭ ‬البحرين‭ ‬وعمان‭ ‬لاتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يعفي‭ ‬أغلبية‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬ضرائب‭ ‬ترامب‭ ‬المرتفعة،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬كالألمنيوم‭ ‬والحديد‭ ‬اللتين‭ ‬وقعتا‭ ‬تحت‭ ‬المجهر‭ ‬الضريبي‭ ‬لإدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الجديدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا