العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

صناعة المبادرات.. ومشروع (فكرة)

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

باختصار‭ ‬فإن‭ ‬صناعة‭ ‬المبادرة‭ ‬تعني‭: ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬أو‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬فرد‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬بهدف‭ ‬التصدي‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬وضع‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياة‭ ‬أفضل،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬أساليب‭ ‬علمية‭ ‬منهجية‭ ‬متنوعة‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬عليها‭ ‬المبادرة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تخصيص‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬والفنية،‭ ‬والخبرات‭ ‬ونحو‭ ‬ذلك‭.‬

يقول‭ ‬ستيفن‭ ‬كوفي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬العادات‭ ‬السبعة‭ ‬للناس‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭): ‬‮«‬إنها‭ ‬تعني‭ ‬أننا‭ ‬كبشر‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬حياتنا،‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬سلوكنا‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬قراراتنا‭ ‬وليس‭ ‬ظروفنا،‭ ‬فنحن‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬المشاعر‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬القيم،‭ ‬إننا‭ ‬نمتلك‭ ‬حس‭ ‬المبادرة‭ ‬والمسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تمكننا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬نريد‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬يتحدث‭ ‬كوفي‭ ‬عند‭ ‬العادة‭ ‬الأولى‭ (‬كن‭ ‬مبادرًا‭) ‬فإنه‭ ‬يضع‭ ‬خريطة‭ ‬إذ‭ ‬يضع‭ (‬المبادرة‭) ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬أيضًا‭ (‬حرية‭ ‬الاختيار‭) ‬بين‭ ‬المحفز‭ ‬والاستجابة،‭ ‬وعندما‭ ‬يكون‭ ‬موقع‭ ‬الإنسان‭ ‬بين‭ ‬المثير‭ ‬والاستجابة‭ ‬فإن‭ ‬حرية‭ ‬الاختيار‭ ‬تصنع‭ ‬مبادرة‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإرادة‭ ‬المستقلة،‭ ‬والضمير،‭ ‬والخيال،‭ ‬والإدراك‭ ‬الذاتي‭.‬

وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يجد‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الضغوطات‭ ‬وربما‭ ‬الحاجة‭ ‬أو‭ ‬الظروف‭ ‬الخارجية‭ ‬المحيطة‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬مضطرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يسلك‭ ‬بعض‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يمكن‭ ‬ليسير‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬إيجابية،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬سلبية‭ ‬فإنها‭ ‬تورد‭ ‬المرء‭ ‬موارد‭ ‬الهلاك،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬إيجابية‭ ‬فإنها‭ ‬تعد‭ (‬مبادرة‭)‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬ذاته‭ ‬أو‭ ‬أسرته‭ ‬أو‭ ‬مجتمعه‭.‬

ذات‭ ‬يوم‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬تدريبية‭ ‬حول‭ ‬موضع‭ (‬تطوير‭ ‬المبادرات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭) ‬في‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة،‭ ‬وأثناء‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬المبادرات‭ ‬وكيفية‭ ‬تكوينها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وتنميتها‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬روت‭ ‬لي‭ ‬إحدى‭ ‬المتدربات‭ ‬قصة‭ ‬مبادرة‭ ‬شاهدتها‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها،‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

سيدة‭ ‬أمية‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬شبه‭ ‬منعزلة،‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬الأمية‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها،‭ ‬فأصبحت‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬محفز‭ ‬ومثير،‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق،‭ ‬وهذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬المال‭ ‬الكافي‭ ‬لتتبرع‭ ‬وتبني‭ ‬مدارس‭ ‬أو‭ ‬تجلب‭ ‬مدرسين‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

قامت‭ ‬السيدة‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬قدراتها‭ ‬ومهارات‭ ‬الشخصية‭ ‬وإمكانياتها،‭ ‬فوجدت‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬إلا‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الطبخ،‭ ‬ففكرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المهارة،‭ ‬فقالت‭ ‬في‭ ‬نفسها‭: ‬‮«‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أصنع‭ ‬وجبات‭ ‬غذائية‭ ‬وأبيعها‭ ‬ومن‭ ‬ريعها‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أتبنى‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬ليخرجوا‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬عباءة‭ ‬الجهل‭ ‬والأمية؟‮»‬‭.‬

وبالفعل،‭ ‬بدأت‭ ‬مشروعها‭ ‬وحدها‭ ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬مستهجنًا‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬منعزلة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬نساء‭ ‬القرية‭ ‬يطبخون‭ ‬ويتناولون‭ ‬أكلهم‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬أيديهن،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬المشروع‭ ‬بدأت‭ ‬تنتشر،‭ ‬ومع‭ ‬الأيام‭ ‬استحسن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬وخاصة‭ ‬اللاتي‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬الفكرة،‭ ‬وبدأت‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المشروع‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬المبادرة،‭ ‬وبدأ‭ ‬ريع‭ ‬المشروع‭ ‬يتزايد‭ ‬ويتضاعف،‭ ‬وأعداد‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬يقمن‭ ‬بالطبخ‭ ‬يزيد،‭ ‬وكان‭ ‬ريع‭ ‬المشروع‭ ‬أو‭ ‬المبادرة‭ ‬‭ ‬كله‭ ‬‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريس‭ ‬وبناء‭ ‬مدرسة،‭ ‬وكان‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬يجلبون‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬للطبخ،‭ ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬المتعلمين‭ ‬والمعلمين‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بمبادرة‭ ‬صغيرة‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬نالت‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬صاحبة‭ ‬المبادرة‭ ‬جائزة‭ ‬الدولة‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي‭. ‬انتهى‭.‬

فالمبادرة‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬عملا‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وعندما‭ ‬تخضع‭ ‬تلك‭ ‬الطبيعة‭ ‬لبعض‭ ‬المؤثرات‭ ‬الخارجية‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭ ‬‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬برغبته‭ ‬أو‭ ‬مضطرًا‭ ‬‭ ‬سيلجأ‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬لتتحول‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬صناعة‭ ‬مبادرة‭ ‬ذات‭ ‬فائدة‭ ‬تنعكس‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬مجتمعه‭.‬

وقد‭ ‬يتساءل‭ ‬بعضنا‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬مبادرة،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكنه‭ ‬ذلك،‭ ‬بمعنى‭ ‬ما‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬اتباعها‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬مبادرة؟‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬يمكن‭ ‬اتباع‭ ‬الخطوات‭ ‬التالية‭:‬

1-‭  ‬مرحلة‭ ‬التفكير‭ ‬وتصميم‭ ‬ودراسة‭ ‬المبادرة؛‭ ‬وهذه‭ ‬المرحلة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬نجالس‭ ‬ونعايش‭ ‬المجتمع،‭ ‬وندرس‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬المجتمع،‭ ‬سواء‭ ‬الأفراد‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬كله‭ ‬كوحدة‭ ‬متكاملة،‭ ‬فلنفترض‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬قضايا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬فيها،‭ ‬نأخذ‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬ونكتبها‭ ‬على‭ ‬ورقة،‭ ‬كل‭ ‬قضية‭ ‬على‭ ‬ورقة‭ ‬مستقلة‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬نأتي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬ونخضعها‭ ‬لأدوات‭ ‬التفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬والابتكاري،‭ ‬مرة‭ ‬ومرات،‭ ‬حتى‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬قد‭ ‬وضعها‭ ‬مسودة‭ ‬أو‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لحل‭ ‬‭ ‬لنقل‭ ‬‭ ‬3‭ ‬مشكلات‭ ‬فقط،‭ ‬أما‭ ‬البقية‭ ‬فلم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬دراستها‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬لها‭. ‬

2-‭  ‬إعادة‭ ‬الدراسة؛‭ ‬نعيد‭ ‬دراسة‭ ‬المشاكل‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬لها،‭ ‬نعيد‭ ‬دراستها‭ ‬مرة‭ ‬ومرات،‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬حتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الارتياح‭.‬

3-‭ ‬دراسة‭ ‬المشاكل‭ ‬والحلول؛‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬دراسة‭ ‬تلك‭ ‬المشاكل‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬حلها‭ ‬وإدارتها،‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬وجدناها‭. ‬ونضع‭ ‬لكل‭ ‬مشكلة‭ ‬ملفا‭ ‬متكاملا‭ ‬وتفصيليا‭.‬

4-‭  ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الموارد؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬المبادرات‭ ‬لحل‭ ‬كل‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬موضوع،‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬للمشروع،‭ ‬ودراسة‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشروع،‭ ‬ليس‭ ‬الدراسة‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬استملاك‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الموارد‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭.‬

5-‭  ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ؛‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬نستكمل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الموارد‭ ‬وتلك‭ ‬المشاريع،‭ ‬نبدأ‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وهذه‭ ‬المرحلة‭ ‬طويلة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صبر‭ ‬كبير،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تواجهنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المصاعب‭ ‬والمشكلات،‭ ‬وربما‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬الإحباط‭ ‬والحزن،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬المبادرة‭ ‬أن‭ ‬يتحلوا‭ ‬بفضيلة‭ ‬الصبر‭ ‬والتعاون‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬اجتياز‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬العوائق‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭.‬

6-‭  ‬النهاية؛‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تصبح‭ ‬المبادرة‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان،‭ ‬والكل‭ ‬يشير‭ ‬إليها‭ ‬باستحسان،‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬المبادرة‭ ‬مجتمعية‭ ‬وتستحق‭ ‬الثناء‭.‬

7-‭  ‬التقييم‭ ‬والتقويم؛‭ ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬التفكير‭ ‬والدراسة‭ ‬والتنفيذ‭ ‬أن‭ ‬نقيّم‭ ‬ونقوّم‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الخطوات،‭ ‬فإن‭ ‬وجدناها‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬المخطط‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬وإلا‭ ‬فإننا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬منذ‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭.‬

والمبادرة‭ ‬وهي‭ ‬العادة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬العادات‭ ‬السبعة‭ ‬للناس‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬هي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالشخصية،‭ ‬فهي‭ ‬تساعد‭ ‬صاحبها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬اليومية،‭ ‬وهذا‭ ‬يحقق‭ ‬له‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭. ‬وهذه‭ ‬الصفة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تنمي‭ ‬عند‭ ‬الشخص‭ ‬خاصية‭ ‬تحمُّل‭ ‬نتيجة‭ ‬قراراته‭ ‬تجاه‭ ‬الأحداث‭ ‬والمواقف‭ ‬والمشاهد‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬كشخصٍ‭ ‬معنيٍّ‭ ‬بالقرار‭ ‬لكي‭ ‬يستثمرها،‭ ‬فتكون‭ ‬وسيلة‭ ‬يندفع‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬

وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬المبادرة‭ ‬كانت‭ ‬برنامجًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬هدي‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الدعوة‭ ‬‭ ‬يذهب‭ ‬بنفسه‭ ‬إلى‭ ‬وفود‭ ‬الحجاج‭ ‬والقبائل‭ ‬ليعرض‭ ‬عليها‭ ‬الإسلام،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬إليه‭ ‬الناس،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يكتفي‭ ‬بأن‭ ‬يرسلَ‭ ‬الصحابةَ‭ ‬يمينًا‭ ‬ويسارًا‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬يجلس‭ ‬هو‭ ‬ويأخذ‭ ‬موقف‭ ‬المتفرج،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬مبادرًا‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬ولهذا‭ ‬كان‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬دين‭ ‬دعوة‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الحق‭ ‬والتحرك‭ ‬إليهم‭ ‬وعدم‭ ‬الجلوس‭ ‬والانتظار،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬النحل‭ ‬‭ ‬الآية‭ ‬125‭ (‬ادْعُ‭ ‬إِلَى‭ ‬سَبِيلِ‭ ‬رَبِّكَ‭ ‬بِالْحِكْمَةِ‭ ‬وَالْمَوْعِظَةِ‭ ‬الْحَسَنَةِ‭ ‬وَجَادِلْهُمْ‭ ‬بِالَّتِي‭ ‬هِيَ‭ ‬أَحْسَنُ‭ ‬إِنَّ‭ ‬رَبَّكَ‭ ‬هُوَ‭ ‬أَعْلَمُ‭ ‬بِمَنْ‭ ‬ضَلَّ‭ ‬عَنْ‭ ‬سَبِيلِهِ‭ ‬وَهُوَ‭ ‬أَعْلَمُ‭ ‬بِالْمُهْتَدِينَ‭).‬

ومن‭ ‬تطبيقات‭ ‬فكرة‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الركن‭ ‬النص‭ ‬التالي‭: ‬حاول‭ ‬مدة‭ ‬ثلاثين‭ ‬يومًا‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬التأثير،‭ ‬أي‭: ‬في‭ ‬حدود‭ ‬إمكاناتك‭ ‬واستطاعتك،‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬مواعيدك،‭ ‬كن‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الحلِّ‭ ‬لا‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشكلة،‭ ‬وبعد‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬ستكون‭ ‬المبادرة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬حياتك،‭ ‬لذلك‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬جديدة‭.‬

ويمكن‭ ‬الملاحظة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬تتوافق‭ ‬بصورة‭ ‬تامة‭ ‬لما‭ ‬جاء‭ ‬بقوله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأعراف‭ ‬‭ ‬الآيات‭ ‬29‭ ‬و30‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (‬وَوَاعَدْنَا‭ ‬مُوسَى‭ ‬ثَلَاثِينَ‭ ‬لَيْلَةً‭ ‬وَأَتْمَمْنَاهَا‭ ‬بِعَشْرٍ‭ ‬فَتَمَّ‭ ‬مِيقَاتُ‭ ‬رَبِّهِ‭ ‬أَرْبَعِينَ‭ ‬لَيْلَةً‭)‬،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬عبادة‭ ‬توقيفية‭ ‬نجد‭ ‬بين‭ ‬طياتها‭ ‬أمورًا‭ ‬تربويةً‭ ‬في‭ ‬الصبر‭ ‬والطاعة‭ ‬وتهذيب‭ ‬النفس‭ ‬وتربيتها‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المجازفات‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طول‭ ‬فترة‭ ‬الصيام‭ ‬29‭ - ‬30‭ ‬يومًا‭.‬

ومنطق‭ (‬المبادرة‭) ‬تذكرنا‭ ‬بمبادرة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬والتي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحفيز‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬لدى‭ ‬موظفي‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬الحكومية‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬أمامهم‭ ‬للتنافس‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬فاعلة‭ ‬للارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬الأداء‭ ‬الحكومي،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتماشى‭ ‬مع الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‮ ‬وأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

برنامج‭ (‬فكرة‭) ‬عمل‭ ‬جيد،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تنمي‭ ‬عند‭ ‬الشباب‭ ‬والموظفين‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لمسته‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اندفاع‭ ‬الشباب‭ ‬للمساهمة‭ ‬فيها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتصال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬المشاركة،‭ ‬إذ‭ ‬كانوا‭ ‬يريدون‭ ‬رأيا‭ ‬في‭ ‬أفكارهم‭ ‬وتطويرها‭ ‬وتنميتها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬البرنامج،‭ ‬وهذه‭ ‬المشاركات‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬عمل‭ ‬إيجابي،‭ ‬نرجو‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬منه‭ ‬أعمال‭ ‬كبيرة‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬خطة‭ ‬البحرين‭ ‬وكيفية‭ ‬تطويرها‭. ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬المتواضع‭ ‬فإن‭ ‬برنامج‭ ‬‭(‬فكرة‭) ‬هو‭ ‬فكرة‭ ‬رائعة‭. ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا