في ظل أعمال القتل المباشرة للشعب الفلسطيني، تبرز الدولة الصهيونية مرة إضافية بإجراءاتها العنصرية بعد أن أعادت اكتشاف طريقة جديدة لقتل الفلسطينيين! ففي خطوة تعدت حدود التصعيد العسكري؛ قرر الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا تمرير قانونين يحظران عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) داخل إسرائيل. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء سياسي، بل تمثل جزءًا من استراتيجية أكبر تنسال طياتها تباعاً وتهدف إلى تجريد الفلسطينيين من حقوقهم الحياتية والسياسية الأساسية، وعلى رأسها حق العودة، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الإنسانية المأساوية التي يعيشونها.
لدى الأونروا (التي تأسست بقرار أممي عام 1949) تفويض إنساني وتنموي بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين ريثما يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. وتقدم الأونروا المساعدة الإنسانية وتسهم في حماية اللاجئين من خلال تقديم الخدمات الأساسية، في المقام الأول في مجالات التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأولية ورعاية الصحة العقلية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والقروض الصغيرة والمساعدة الطارئة، بما في ذلك في حالات النزاع المسلح، إلى الملايين من لاجئي فلسطين المسجلين والموجودين ضمن أقاليم عملياتها الخمسة (الأردن، لبنان، سوريا، الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وغزة).
منذ منتصف القرن الماضي، تتحرك (الأونروا) على امتداد أربعة حقول مركزية تقوم فيها بما يشبه أعمال الفلاحة والزراعة.
أولها: التعليم والتدريب من خلال واحدة من أكبر شبكات التدريس (أكثر من 700 مدرسة) ويشمل التدريب إكساب الشباب مهارات العمل.
وثانيها، ضمان حياة مديدة وصحية لنصف أبناء الشعب الفلسطيني (من اللاجئين) إذ هي تقدم خدمات صحية أساسية من خلال شبكة أخرى كبيرة من مرافق الرعاية الصحية الأولية والعيادات المتنقلة. كما تقدم خدمات وقائية وخدمات طبية ضرورية ورعاية اختصاصية لكل مرحلة من المراحل العمرية، وتعمل بشكل مستمر من أجل تحقيق بيئة معيشة صحية للاجئي فلسطين.
وثالثها، ضمان مستوى لائق من المعيشة، مع التركيز على خدمات الحماية الاجتماعية للاجئين الأشد فقرا، وتقدم الإمدادات الغذائية الأساسية والإعانات النقدية علاوة على المنح النقدية الطارئة والمساكن الملائمة للاجئين الأشد عرضة للمخاطر. ومع تحسين البيئة المادية والاجتماعية في المخيمات.
أما رابعها، فهو إنساني مختلف عن الأهداف التنموية الثلاثة آنفة الذكر، حيث تقاتل (الأونروا) من أجل ضمان أقصى قدر من حقوق الإنسان للاجئين الفلسطينيين في الظروف العادية وبالخصوص حين يتعرض اللاجئون للمخاطر.
وفي هذا السياق، تحتفظ (الأونروا) بشبكة إضافية هدفها مراقبة وتوثيق الحوادث التي يتم فيها انتهاك حقوق الإنسان والتدخل لدى السلطات وأصحاب المصلحة الآخرين بشأنها. وعليه، يتضح أن (الأونروا) هي بمثابة دولة ملايين اللاجئين الفلسطينيين بعد أن حرموا (ومعهم باقي الفلسطينيين) من وجود دولة خاصة بهم!
كما أن حظر (الأونروا) يمثل نوعًا من العقاب الجماعي، حيث يستهدف السكان المدنيين ويهدد بزيادة حالات الوفيات بين الأطفال، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من (13000) طفل استشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، وهو ما يزيد من القلق حيال الأثر الكارثي الذي سيخلفه حظر (الأونروا) على الحياة اليومية لهؤلاء الأطفال، مع تعذر نقل صلاحياتها إلى منظمات أخرى وفق ما تريده الحكومة الإسرائيلية الساعية لإنهاء (الأونروا) وخدماتها وبالتالي تجويع اللاجئين الفلسطينيين وتجريدهم من التعليم والرعاية الصحية، وهي طريقة مبتكرة جديدة لقتل الفلسطينيين.
إن قدرة الفلسطينيين على المقاومة ستبقى قائمة، على الرغم من محاولات الاحتلال لتجريدهم من هويتهم وحقوقهم. أما المجتمع الدولي فهو أمام اختبار حقيقي لتحديد موقفه من هذه السياسات، وفي ظل هذه الظروف، ينبغي أن يكون التحرك الفوري ضرورة قصوى لمنع تدمير (الأونروا- دولة اللاجئين الفلسطينيين).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك