تركزت الجلسة الثانية من فعاليات منتدى «حوار المنامة» حول موضوع الاستجابات السياسية والعسكرية تحدث الدكتور نيغ إينغ هين وزير الدفاع السنغافوري عن التغييرات التي طالت العالم وازدواجية المشاكل مثل الغزو الروسي الأوكراني وأزمة قطاع غزة، وبيّن أن هذا النوع من الصراعات أسهم في ارتفاع مخاطر عدم الاستقرار، كما تطرّق إلى الأحداث التاريخية التي وقعت في بحر الصين الجنوبي وآسيـا وفي الشرق الأوسط منذ بداية القرن الجاري التي انطلقت من أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت عاملًا في إطلاق بعض الإجراءات حيث انضمت سنغافورة لعدد من القوات في المنطقة على سبيل المثال تم نشر عدد من الموظفين في العراق، كما لعبت سنغافورة دورًا في دعم تحالف هزيمة داعش في 2014.
كما أشار إلى اهتمام الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط والصين، أدى ذلك إلى انضمام الصين إلى اتفاقية التجارية العالمية والذي ساهم في رفع معدلات اقتصادها إلى 18% وساهم ذلك أيضًا في تراكم سريع بالمنشـآت العسكرية وبناء حوالي 3 آلاف منشأة صناعية صينية، وحديثًا عن الأهداف الصينية البحرية قال إن الصين استطاعت أن تحقق أهدافها في البحر الجنوبي والتي تلّخصت بالقرب من الجزر الماليزية والفلبينية والفيتنامية إلا أن هذه المسـألة فاقمت من الوجود الأجنبي ضمن البحر الجنوبي والذي تضمن الدول الأوروبية والمملكة المتحدة، وفي العام الماضي تم تسجيل حوالي 107 تمرينات أمريكية في المنطقة البحرية.
وحول عودة السلام في منطقة الشرق الأوسط كشف أن تسلسل الأحداث في المنطقة وتقدم الخليج العربي وتوقيع اتفاقية إبراهام كان لها دور في إرساء السلام في المنطقة إلا أن أحداث السابع من أكتوبر الماضي أحبطت هذه الأحلام فالدمار الوحشي والأزمات الإنسانية التي نشبت في قطاع غزة ولبنان كانت عاملا مؤثرا، إلى جانب عامل تسليح إيران وكوريا الشمالية لروسيـا، بالإضافة إلى صراعات أخرى ظهرت في المنطقة أدت إلى تـأخر إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وبشـأن الدوافع والأهداف المشتركة في إحلال هذه الصراعات كشف الدكتور نيغ إينغ هين وزير الدفاع السنغافوري أنه من الضروري خفض التصعيد والاستباق كخطوة أولى، والدعوة إلى منع حدوث أي صراعات جديدة، ونوّه إلى ضرورة استحداث قرار أخير بشـأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث سيسهم هذا القرار في مد الأمل نحو حل الدولتين، وأوضح بـأن المسار الوحيد لتطبيق حل الدولتين يقوم على إيقاف إطلاق النار.
وحديثًا عن الأزمة الأوكرانية الروسية والتي امتدت لأكثر من ألف يوم تحدث عن ضرورة إيجاد تبريرات سياسية وايقاف الحرب، وإن وُجدت أهداف عسكرية من هذا الصراع فبالإمكان من تحقيقها دون تعريض المدنيين للخطر، وفي ختام حديثه دعا إلى الخوض في المزيد من السعي الدبلوماسي والحذر الجذري، والدعوة إلى تغيير المسار العالمي وحث المسار الآسيوي على الترابط.
وفي السياق نفسه أكد فاهان كوستانيان نـائب وزير خارجية أرمينيا التركيز الذي تحظى به منطقة الخليج من قبل الوفود المشاركة في منتدى حوار المنامة 2024 ومن ضمنها الوفد الأرميني، وحديثًا عن أجندة المنتدى قال حول تكرار المفردات العسكرية في أجندة المنتدى دليل على عدم فعالية القوانين في قمع النزاعات الحاصلة في المنطقة، وإيمانًا بالسياسية الأرمينية كشف كوستانيان بأن الحلول العسكرية لا استدامة فيها وعلى الأطراف المتشاركة في النزاع أن تبدأ بالخوض في الحلول السياسية.
وفي تفاصيل اضافية، نوّه إلى أن الجرأة السياسية قد لا تتسم بالسهولة إلا أنها تعتبر الخيار الأمثل في ظل الظروف الراهنة والحاصلة في المنطقة، كما تطرّق إلى ضرورة الانتقال من الاستجابات السياسية والعسكرية إلى الاقتصادية كذلك كون أن الاقتصاد يلعب دورًا رياديا مهما في الوصول إلى السلام عالميًا ودوليًا.
كما توّجه بحديثه نحو الحدود الأرمينية التركية والحدود مع أذربيجان، فقد نصح بضرورة خلق الاعتماد التكافلي الاقتصادي الذي يبني العلاقات وينهض بها، كما أكد رغبة أرمينيا بالربط مع دول الخليج وذلك بغاية خلق ترابط اقليمي أكبر لما له من معنى وأهمية، وأكد النهج الأرميني في تعزيز الاستقرار وخلق الاعتمادية، وشجع على ضرورة خلق نظام أكثر استدامة.
وفي ختامه لكلمته الافتتاحية في الجلسة الثانية، دعا إلى ضرورة إيجاد الاستجابة العسكرية المطلوبة إلى جانب التركيز على الاستجابة السياسية معها، كما شجع على إيجاد حلول أكثر استدامةً وأقل ضررًا ودمارًا.
وناقش اللواء ولاء عادل أبو الفرج مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية بجمهورية مصر العربية الاستجابات السياسية والعسكرية تجاه الصراعات في المنطقة، وقال: على الرغم من أن الصراعات والنزاعات جزءَ لا يتجزأ من تاريخ البشرية ولكن نوّه إلى أن اتساع رقعة الصراعات وامتدادها الزمنى دون القدرة على الحل يلقي على الجميع بمزيد من المسؤولية للقيام بالتحليل والإصرار على تقديم الحلول المبتكرة والفعالة للتعامل مع تلك الصراعات والنزاعات للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
وأشار إلى أن طبيعية الصراعات الحالية وتداعياتها والتحولات في النظام الدولي وظهور الفضاء الافتراضي والذكاء الاصطناعي والحرب بالوكالة وانتشار المرتزقة بيّن أنها كانت عاملًا أدى إلى مزيد من التعقيدات في طبيعة التهديدات الأمنية واتساعها بما يتجاوز الشكل التقليدي حيث ظهرت تهديدات جديدة لمسألة الأمن تتخطى حدود الدول وقيم المجتمعات والشعوب أبرزها انتقال المقاتلين الأجانب وتجنيد المرتزقة، وكان أخطرها غياب نظام الأمن الجماعي الدولي وظاهرة عدم احترام قرارات الشرعية الدولية.
وبشـأن الفترة الراهنة التي تمر بها المنطقة، أكد مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية المصري أنها بالغة الدقة في ظل تعدد الأزمات والصراعات وتشابك التحديات والتهديدات الإقليمية وتـأثرها بالمتغيرات الدولية وأكد اللواء ضرورة التعاون الدولي لاستثمار كل الإمكانيات والفرص المتاحة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراعات والتقليل من التوترات والتدخلات الخارجية وحالة الانقسام لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
كما دعا إلى الاستجابة الفعالة للصراعات التي تتطلب توازنًا بين الحلول السياسية والعسكرية، وذلك من خلال إيجاد إطار تعاون واستقرار من خلال الحوار والتفاوض ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين القدرات الدفاعية لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية المشتركة.
وحول التدخل العسكري المُباشر أوضح أنه شكل من أشكال الاستجابة العسكرية التي تتضمن إرسال قوات عسكرية إلى مناطق الصراع، والذى يجب أن يتم في إطار الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن لحفظ الأمن ودعم عودة الاستقرار، مع أهمية أن تكون الاستجابة السياسية والعسكرية تجاه مناطق الصراعات مدعومة بإستراتيجيات واضحة تهدف إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل والمتمثلة في حماية المدنيين من الأعمال العدائية ومنع انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم المساعدات وتأمين المناطق المتضررة، وتحقيق الاستقرار في منطقة النزاع واستعادة النظام والأمن، ومكافحة التنظيمات الإرهابية ومنع توسعها والحد من قدراتها.
وشدّد على الاستجابات السياسية تجاه الصراعات التي تتطلب تناول العديد من الجوانب المهمة لفهم كيفية تعامل الدول والمجتمع الدولي مع الأزمات والنزاعات، وتحدث عن أهمية اتباع منهجاً شاملاً متعدد الأبعاد يجمع بين الدبلوماسية والتعاون والتنمية المستدامة من خلال تعزيز عمليات الوساطة، وبناء البيئة المناسبة لضمان توصل الأطراف المتصارعة لحل للنزاع في إطار يضمن العدالة والحيادية وبما يتيح تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
وخلال النقاش أشار إلى أن العقوبات الاقتصادية تعتبر واحدة من الأدوات الأساسية في الاستجابة السياسية تجاه الصراعات وذلك لفرض قيود اقتصادية للضغط لوقف النزاعات دون اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية وبهدف تغيير السياسات العنيفة، وتعزيز فرص الدخول في مفاوضات أو حل النزاع بشكل سلمي.
كما أكد أهمية تحقيق الاستجابة العسكرية تحت مظلة دولية، حيث لا ينبغي أن تكون القوة هي الخيار الأول، وشجع على الإدراك بأن أي استجابة عسكرية غير مدروسة قد تؤدى إلى تفاقم الأوضاع وأهمية تبني إستراتيجيات أمنية شاملة تتضمن استخدام القوة بشكل محدود وموجه مع التركيز على حماية المدنيين وتجنب التصعيد، مبينًا أن تحقيق هذا الأمر يدفع بضرورة إلى تبني نهجاً متوازناً أحد أولوياته الأدوات الدبلوماسية مع ضرورة العمل على تعزيز التعاون الدولي والإقليمي وتبادل المعلومات والخبرات وتطوير الاستراتيجيات لمعالجة أسباب الصراعات.
وأكد اللواء ولاء عادل أبو الفرج مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية بجمهورية مصر العربية أن تحقيق السلام والاستقرار يتطلب تكامل الجهود السياسية والعسكرية مع التركيز على التنمية المستدامة وبناء السلام حيث إن العمل الجماعي والشامل في مواجهة الصراعات هو السبيل نحو عالم ينعم بالاستقرار والسلام المجتمعي ويعزز فرص تحقيق الأمن في مناطق النزاع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك