بيروت - (أ ف ب): اقتربت فصائل المعارضة السورية من دمشق أمس السبت وأعلنت بدء «تطويق» العاصمة، بينما نفت السلطات الأنباء عن مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق مع فقدان قواته السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة بجنوب البلاد. وتراجعت القوات الحكومية السورية بشكل كبير وغير متوقع خلال الأيام الماضية في الميدان. وخسرت الحكومة أمس السبت سيطرتها على محافظة درعا بعد سيطرة مقاتلين من فصائل معارضة على مدينة رئيسية. كما أخلت القوات الحكومية السورية مواقعها في محافظة القنيطرة لتصبح المحافظة الواقعة عند الحدود مع إسرائيل خالية لأول مرة من الجيش السوري.
وكانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل متحالفة معها قد بدأت في 27 نوفمبر هجوما على القوات الحكومية انطلاقا من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وتمكّنت من السيطرة على مناطق واسعة أبرزها حلب (شمال) ثاني كبرى مدن البلاد، وواصلت التقدم لتسيطر على حماة (وسط)، وتقترب من مدينة حمص (وسط).
ويُعد هذا الهجوم غير مسبوق باتساع نطاقه منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد في عام 2011، قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول إلى نزاع دامٍ أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتسبب بدمار واسع. ونفت الرئاسة السورية التقارير عن مغادرة الأسد الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده حافظ عام 2000، دمشق، مؤكدة أنه «يتابع عمله» من العاصمة.
وأخلت القوات الحكومية السورية ـأمس السبت بلدات تبعد حوالي 10 كيلومترات عن العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية الغربية، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في إطار سلسلة انتاكسات منيت بها في الميدان. وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن بـ«انسحاب لقوات النظام من بلدات بريف دمشق الجنوبي الغربي على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق والسيطرة عليها من قبل مقاتلين محليين». وأضاف أن «القوات الحكومية أخلت كذلك فرع سعسع للمخابرات العسكرية» في ريف دمشق على بعد حوالي 25 كلم عن العاصمة.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع السورية أن «لا صحة لأي نبأ وارد بشأن انسحاب وحدات قواتنا المسلحة الموجودة في كامل مناطق ريف دمشق». وأتى ذلك في يوم خاطب قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني مقاتليه مؤكدا أنّ «دمشق تنتظركم». وفي بيان بعنوان «إلى إخواني الثوار الأحرار» نشرته قيادة الفصائل على تطبيق تلغرام، قال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلا من لقبه العسكري، «وإني أعزم عليكم ألا تهدروا رصاصة واحدة إلا في صدور أعدائكم، فدمشق تنتظركم». من جهته، أكد القيادي في الفصائل المعارِضة حسن عبدالغني، البدء في «تنفيذ المرحلة الأخيرة من تطويق العاصمة دمشق».
وتراجعت القوات الحكومية السورية بشكل كبير وغير متوقع خلال الأيام الماضية في الميدان. وخسرت الحكومة السبت سيطرتها على محافظة درعا بعد سيطرة مقاتلين من فصائل معارضة على مدينة رئيسية، بحسب ما أفاد المرصد. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إنّ «مقاتلين محليين سيطروا على مدينة الصنمين، غداة سيطرتهم على مدينة درعا، بعد انسحاب قوات النظام منها». كذلك أخلت القوات الحكومية السورية مواقعها في محافظة القنيطرة عند الحدود مع إسرائيل، وفق المرصد. وقال مدير المرصد إن «قوات النظام أخلت مواقع ونقاطا عسكرية وأمنية، بينما غادر العاملون في المؤسسات الحكومية، لتصبح المحافظة الواقعة عند الحدود مع إسرائيل خالية لأول مرة من الجيش السوري».
وفي وسط البلاد، قتل سبعة مدنيين جراء قصف وغارات سورية وروسية على بلدات في محيط مدينة حمص، بحسب ما أحصى المرصد. وبعد تقدمها في ريف حمص الشمالي آتية من حماة، تحاول الفصائل المسلّحة التقدم إلى مدينة حمص بعدما وصلت إلى أطرافها أمس السبت، إلا أن شدة القصف والغارات التي تنفذها قوات النظام مع روسيا «أبطأت» تقدمها، وفق المرصد. وتزامن ذلك مع تنفيذ قصف مدفعي وغارات شنّتها القوات الحكومية مع روسيا على بلدات تقدّمت إليها الفصائل في ريف حمص الشمالي، ما أسفر عن مقتل 21 مدنيا منذ الجمعة.
وقال الجيش السوري في بيان السبت إن قواته «بدأت باستعادة زمام الأمور في محافظتي حمص وحماة في مواجهة التنظيمات الإرهابية». من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص، أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد. وفيما تتحرّك فصائل معارِضة محلية في الجنوب ضد القوات الحكومية، مستفيدة على الأرجح من ضعف القوات الحكومية، تقدّمت قوات سوريا الديمقراطية وعمادها المقاتلون الأكراد، في محافظة دير الزور في الشرق.
وفي خضم التطورات المتسارعة والمفاجئة المتواصلة منذ أسبوع، أفاد مصدر مقرّب من حزب الله حليف دمشق، بأنّ الحزب أرسل ألفي مقاتل إلى منطقة القصير السورية في ريف حمص، والحدودية مع لبنان. وأشار المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إلى أن الحزب «لم يشارك في أي معركة بعد» ضدّ الفصائل المعارضة التي تحقّق تقدّما كبيرا على حساب النظام في شمال البلاد ووسطها. وأضاف أنّ الحزب أرسل كذلك «150 مستشارا عسكريا» إلى مدينة حمص لدعم الجيش السوري.
وإلى ذلك سمحت السلطات العراقية بدخول «مئات» الجنود السوريين «الفارّين من الجبهة» إلى العراق عن طريق معبر القائم الحدودي، على ما أفاد مصدران أمنيان وكالة فرانس برس أمس السبت. وقال مسؤول أمني عراقي إن «عدد الجنود السوريين الذين دخلوا العراق بلغ ألفين بين ضابط وجندي»، لافتا إلى أن «دخولهم جاء بالاتفاق مع (قوات سوريا الديمقراطية) (قسد) وبموافقة القائد العام للقوات المسلحة» رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وأشار مسؤول آخر إلى أن من بين هؤلاء «الفارّين من الجبهة (...) جرحى نقلوا إلى مستشفى القائم لتلقي العلاج».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك