التعاون الاستراتيجي بين الشركاء في الشرق الأوسط أمر مهم لتعزيز الأمن والازدهار لشعوب المنطقة
أشاد الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية بنجاح المنتدى العشرين للأمن الإقليمي «حوار المنامة» كمنصة دبلوماسية عالمية عززت ريادة مملكة البحرين كشريك فاعل في ترسيخ الأمن والسلام الإقليمي والدولي في ظل الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المُعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتوجهات الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء.
وأعرب وزير الخارجية عن تقديره للتعاون البنَّاء مع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والشراكة مع المؤسسات الوطنية في تنظيم «حوار المنامة»، ومتابعة نجاحاته على مدى عشرين عامًا كملتقى عالمي للحوار البنَّاء بين القادة والوزراء وصناع القرار في الشؤون السياسية والدفاعية والأمنية، والتفاهم الدولي من أجل حلول سلمية عادلة وشاملة ومستدامة لمختلف النزاعات والتحديات، وبناء عالم أكثر أمنًا وسلامًا وازدهارًا.
وعبر وزير الخارجية عن اعتزازه بتزامن القمة العشرين للأمن الإقليمي، مع اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك المُعظم مقاليد الحكم، ورئاسة جلالته للقمة العربية الثالثة والثلاثين «قمة البحرين»، ومبادراته الرائدة بشأن الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات، فضلًا عن إنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي، وتعزيز دور المملكة كشريك محوري في ترسيخ السلم والأمن الدوليين، ومكافحة الإرهاب.
ونوه وزير الخارجية بمواقف المملكة الداعمة لإعلاء راية الدبلوماسية والحوار في إنهاء الحروب وتسوية النزاعات، في مقدمتها: الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، واحتواء التصعيد والتوتر العسكري الإقليمي، ودعمها لأمن الجمهورية العربية السورية الشقيقة، واستقرارها وسيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وتلبية تطلعات شعبها الشقيق في السلام والازدهار المستدام، واستعادة دورها الحيوي في محيطها الإقليمي والدولي.
وثمَّن وزير الخارجية الرؤية الدبلوماسية الحكيمة لصاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء، في افتتاح منتدى «حوار المنامة»، والتي أكدت حرص المملكة على تعزيز التعاون الدولي في التوصل إلى حلول سلمية مستدامة لمختلف التحديات، وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي، باعتباره دعامة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وعبر الوزير عن اعتزازه بخروج منتدى حوار المنامة بنتائج مثمرة عززت من خلالها مملكة البحرين شراكاتها الدولية وتحالفاتها الاستراتيجية في حفظ الأمن والسلام الإقليمي بتوقيع بروتوكول انضمام المملكة المتحدة إلى اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل المبرمة في واشنطن بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر 2023، بما يعزز التكامل الأمني والدفاعي في مواجهة التهديدات الخارجية، وتوسيع نطاق التعاون في مجالات التجارة والعلوم وتطوير البنية التحتية الرقمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني، والالتزام المشترك بحماية المجال الجوي وأمن الملاحة البحرية.
وأكد الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني مواصلة مملكة البحرين جهودها ومبادراتها الدبلوماسية في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المُعظم، ودعم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتزامها الراسخ بتعزيز التعاون الدولي والتحالف الوثيق مع الدول الشقيقة والصديقة على أسس ومبادئ الحوار والتعايش السلمي واحترام قواعد القانون الدولي، ودعم أهداف التنمية المستدامة، والتضامن الدولي من أجل منطقة آمنة مستقرة، وعالم أكثر عدلًا وسلامًا وازدهارًا.
هذا وقد ركزت الجلسة الختامية لمنتدى حوار المنامة أمس على التعاون الاستراتيجي الإقليمي والشراكات بالشرق الأوسط والعالم، واستعرض الدكتور سوبرامنيام جاي شانكار وزير الشؤون الخارجية في جمهورية الهند علاقات بلاده بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى وجود حوالي 60 مليون مواطن هندي موّزعين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن الشراكات لا تقوم فقط على الطاقة وإنما يجب اشراك الاستثمار والطاقة وتمديد جسور التعاون في المجال التكنولوجي، وبعيدًا عن الأهمية التكنولوجية المرتبطة بالطاقة تحدث عن الاهتمامات الهندية بالتكنولوجيا والسمـاد التي تُعتبر من مقومات أساسية للزراعة العربية في المنطقة.
وحول التعاون الاستراتيجي وعلى الصعيد الدبلوماسي والسياسي تنظر جمهورية الهند إلى التحديات بشكل فعّال، مشددا على ضرورة منع التصعيد وكبح انتشار النزاعات والالتفات إلى الجهود الدبلوماسية، وقال إن النمطيات الناشئة بالمنطقة تعتبر مثالًا ايجابيًا، منها توقيع الاتفاقية الابراهيمية، وكشف عن وجود تعاون استراتيجي على مستوى الأمن وخصوصًا في فترة النزاعات الحاصلة في المجال البحري، وأكد انخفاض البواخر التجارية الهندية السنوية من 30 إلى 12 باخرة نظرًا للأحداث والتصعيدات الحاصلة على الخط التجاري البحري المرتبط بالشرق الأوسط.
وتطرق إلى زيادة التدريبات المشتركة مع دول الخليج، محذرا من أن الترابط العالمي اليوم يتسم بالهشاشة والمحدودية وتصحبه معطلات بحاجة إلى معالجة، كما أكد تركيز الهند المُوجه نحو رؤية خطوط اقتصادية عالمية جديدة.
من جانبه تحدث توماس بوجار مستشار الأمن القومي لجمهورية التشيك عن ضرورة المحافظة على الترابط العالمي وحل النزاعات بصورة ديمقراطية، كما شجّع على ايجاد حلول أفضل للوصول إلى الأمن، وقال إن العالم يواجه حربًا كبرى جاءت بعد الحرب العالمية الثانية التي واجهت فيها أوكرانيا حوالي 50 ألف قذيفة، وأشار إلى الصراعات الموجودة في المنطقة مثل الصراع السوري والنزاع السوداني والأحداث الحاصلة في ليبيا إلى جانب الأوضاع في غزة، متطرقًا إلى التوترات الحاصلة في منطقة المحيط الهادئ وأنها في طور التصعيد آملًا عدم ثورانها، مشجعًا على ضرورة التعاون الديمقراطي لحل هذه النزاعات.
بدوره أكد الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية أهمية التعاون الاستراتيجي بين الشركاء من دول الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم لتعزيز الأمن والازدهار لشعوب المنطقة في مواجهة العديد من النكسات والتحديات والصراعات التي تواجه المنطقة.
وقال إن التعاون الاستراتيجي في العالم العربي على مدى العقود الأخيرة تجلى في أشكال مختلفة، بما في ذلك تأسيس جامعة الدول العربية في عام 1945 ومجلس التعاون لدول الخليج العربية قبل أكثر من أربعين عامًا، إلى جانب العديد من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف التي تتناول الدفاع والأمن والتجارة والاستثمار.
وأوضح وزير الخارجية أن الدول العربية انخرطت في الآونة الأخيرة بشكل بناء مع الشركاء والوكالات الدولية مثل الأمم المتحدة لمعالجة القضايا الإقليمية الرئيسية، عبر تقديم المبادرات البارزة، مبادرة السلام العربية (2002)، ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتسوية الأزمة في اليمن، واتفاق مبادئ إبراهيم.. مضيفًا أن الجهود الأكثر حداثة هي تلك المبادرات التي اقترحتها مملكة البحرين في القمة العربية الثالثة والثلاثين «قمة البحرين» بصفتها الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية، وتعاون المملكة العربية السعودية مع الاتحاد الأوروبي والنرويج من أجل تأسيس التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين.
وأشار وزير الخارجية في هذا الصدد إلى اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسلط الضوء على الدور الأساسي للتكامل الاقتصادي والأمن الجماعي في تعزيز الرخاء المشترك، بالإضافة إلى مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والذي يهدف إلى دمج المنطقة في أطر اقتصادية وأمنية عالمية أوسع.
وقال الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إن الدول العربية لا تركز فقط على التعاون الإقليمي؛ بل إنها تسعى بنشاط إلى وضع الشرق الأوسط في سياق عالمي أوسع، وهذا يعكس إجماعًا متزايدًا بين قادة المنطقة على أن الاستقرار والازدهار المستدامين لا يعتمدان فقط على التدابير الأمنية الفورية ولكن أيضًا على التنمية والاحترام والترابط المتبادل.
وتحدث وزير الخارجية عن الدروس المستفادة من التاريخ لتوجيه مستقبل المنطقة وشعوبها، وقال إن القضية الفلسطينية تشكل محوراً للسلام والاستقرار الإقليميين، مؤكدًا أن إشراك الدول العربية في التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية أمر بالغ الأهمية، مشيرًا إلى أن هناك الآن إجماعا إقليميا غير مسبوق على حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وينبغي للمجتمع الدولي أن يستفيد من المبادرات الجريئة للعديد من الدول العربية لتعزيز الحوار الهادف نحو حل شامل ومستدام.
كما دعا الوزير إلى الاستفادة من الإمكانات الواسعة للتعاون الاستراتيجي في جميع أنحاء المنطقة، سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث القضايا المعنية، لأن التحديات التي تواجه منطقتنا معقدة ومتعددة الأوجه.. مطالبًا أيضًا بتقدير دور الهياكل الإقليمية القائمة التي ساهمت بشكل إيجابي في السلام والاستقرار، وهي تلعب دورًا حاسما في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
وقال إنه إذا نظرنا إلى المستقبل، فيمكن للأمم المتحدة أن تعزز التعاون مع الهيئات الإقليمية، ليس فقط لتعزيز السلام الدولي ولكن أيضاً لمتابعة الأهداف المشتركة، مشيرًا إلى إمكانية عقد اجتماع تنسيقي سنوي مع المنظمات الإقليمية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة، مما سيؤدي إلى تسهيل هذا التعاون، مع انسجام هذه الفكرة مع المناقشات الجارية حول إصلاح الأمم المتحدة، بهدف إضفاء الطابع المؤسسي على دور المنظمات الإقليمية، وتعزيز الملكية والتأثير المحلي، مع إمكانية تمكين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل أكبر من خلال اشتراط أن تتضمن قراراته آليات تنفيذ واضحة وقابلة للتنفيذ، بما في ذلك تفاصيل حول كيفية مشاركة المنظمات الإقليمية في عملية التنفيذ.
وقال وزير الخارجية إن مرونة الأطر أمر حيوي كما هو متمثل في اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل، إذ يمكن للموقعين الأوائل توسيع تعاونهم إلى إطار أوسع للأمن والرخاء. وقال إن مملكة البحرين والولايات المتحدة دعتا بالأمس المملكة المتحدة إلى الانضمام إلى اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل، معترفين بالتزامها الطويل الأمد بتعزيز هذه الأهداف في الشرق الأوسط وخارجه.
وقال الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إن مستقبل التعاون الاستراتيجي الإقليمي يتطلب تبني أطر واقعية ومركزة وقابلة للتكيف تشرك المشاركين الجدد والقضايا الجديدة بمرور الوقت، من أجل توحيد جهود الشركاء المتشابهين في التفكير لمعالجة تحديات محددة وتعزيز الأمن والاستقرار والترابط المتبادل في المنطقة تدريجياً، بدعم من حلفائنا العالميين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك