العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

تجار «زاري عتيج».. موديل 2025..!!

في‭ ‬سنوات‭ ‬ماضية‭ ‬كان‭ ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‮»‬‭ ‬هو‭ ‬البائع‭ ‬المتجول‭ ‬الذي‭ ‬يطوف‭ ‬على‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬الفرجان‭ ‬بعربته‭ ‬الخشبية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬الدواب‭.. ‬وينادي‭ ‬بأعلى‭ ‬صوته‭ ‬لإعلان‭ ‬بضاعته،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬الصحون‭ ‬والأدوات‭ ‬المنزلية‭.. ‬عبر‭ ‬أسلوب‭ ‬المقايضة‭ ‬والتبديل،‭ ‬بحيث‭ ‬تعطيه‭ ‬ربة‭ ‬المنزل‭ ‬أغراضا‭ ‬قديمة‭ ‬ومستهلكة‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬أو‭ ‬أكياس‭ ‬الأرز‭ ‬‮«‬الخياش‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬الأسلاك‭ ‬الكهربائية‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الدارجة‭ ‬بعبارة‭: ‬‮«‬الماو‮»‬‭.. ‬ويعطيها‭ ‬صحونا‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬صحن‭ ‬بو‭ ‬أسد‮»‬‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬المنزلية‭. ‬

ومع‭ ‬تطور‭ ‬الحياة،‭ ‬تحول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومحلات‭ ‬تجارية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الباعة‭ ‬فضلوا‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيع‭ ‬الأسماك‭ ‬والخضروات‭ ‬على‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬الفرجان،‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬قناني‭ ‬المياه‭ ‬عند‭ ‬إشارات‭ ‬المرور،‭ ‬ثم‭ ‬بسطات‭ ‬البيع‭ ‬عند‭ ‬التقاطعات‭.. ‬وبعدها‭ ‬بدأنا‭ ‬نرى‭ ‬شاحنات‭ ‬‮«‬البيك‭ ‬آب‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تبيع‭ ‬الخضروات‭ ‬والفواكه‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬أمام‭ ‬السيارات،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لاشتراطات‭ ‬النظافة‭ ‬والصحة،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬بسطات‭ ‬بيع‭ ‬المكسرات‭ ‬والشاي‭ ‬والكرك،‭ ‬والهريس‭ ‬والمضروبة،‭ ‬والكباب‭ ‬والنخي‭ ‬وغيرها‭.‬

كما‭ ‬وانتقلت‭ ‬الظاهرة‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬بيع‭ ‬السيارات‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬المساحات‭ ‬المفتوحة،‭ ‬وهو‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬رفضته‭ ‬معارض‭ ‬بيع‭ ‬السيارات‭ ‬واشتكت‭ ‬منه،‭ ‬وتصدت‭ ‬له‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة،‭ ‬وفرضت‭ ‬عليهم‭ ‬الغرامات‭ ‬والجزاءات،‭ ‬وانخفضت‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمطاعم‭ ‬والكافتيريات‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬فروع‭ ‬متنقلة‭ ‬عبر‭ ‬مركبات‭ ‬‮«‬الفود‭ ‬تراك‮»‬،‭ ‬واستغلال‭ ‬منصات‭ ‬وحسابات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبعض‭ ‬المشاهير‭ ‬لإعلان‭ ‬بضائعها،‭ ‬وتحول‭ ‬بعض‭ ‬المشاهير‭ ‬والبلوجر‭ ‬وغيرهم‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‮»‬‭ ‬إلكتروني‭..!! ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬بدأنا‭ ‬نشهد‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة‭ ‬اليوم،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬وقوف‭ ‬مركبات‭ ‬لمؤسسات‭ ‬تجارية‭ ‬لبيع‭ ‬الثياب‭ ‬والملابس،‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬وتنظيف‭ ‬السيارات،‭ ‬أمام‭ ‬محطات‭ ‬البترول،‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬الجانبية‭ ‬داخل‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭..!! ‬

ولا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬الحاصلة؟‭ ‬ومن‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬وقفها؟‭ ‬وما‭ ‬أسباب‭ ‬انتشارها؟‭.. ‬ربما‭ ‬حالة‭ ‬الركود‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬السوق‭ ‬هي‭ ‬السبب‭.. ‬فتضطر‭ ‬المحلات‭ ‬إلى‭ ‬الترويج‭ ‬عن‭ ‬بضائعها‭ ‬خارج‭ ‬المحلات،‭ ‬والاتفاق‭ ‬مع‭ ‬نوعية‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬لبيع‭ ‬البضائع‭ ‬وفق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬المبيعات‭.‬

وربما‭ ‬الوضع‭ ‬الحاصل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يردع‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلين،‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬العملية‭ ‬بشكل‭ ‬قانوني،‭ ‬تحت‭ ‬مبرر‭ ‬عدم‭ ‬مضايقة‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬أرزاقهم‭ ‬ولقمة‭ ‬عيشهم‭.. ‬شجع‭ ‬الآخرين‭ ‬للبيع‭ ‬بأسلوب‭ ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‮»‬‭.. ‬وربما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المحلات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬ضاقت‭ ‬ذرعا‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الرسوم‭ ‬والإيجارات،‭ ‬فتوجهت‭ ‬إلى‭ ‬البيع‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكلف‭ ‬أي‭ ‬رسوم،‭ ‬ولا‭ ‬تتكبد‭ ‬الخسائر،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يحاسبها‭.‬

ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بدايات‭ ‬لفوضى‭ ‬تجارية‭ ‬ستنتشر‭ ‬وتستفحل‭ ‬أكثر،‭ ‬لدرجة‭ ‬أننا‭ ‬سنشاهد‭ ‬في‭ ‬الغد‭ ‬بيع‭ ‬الكتب‭ ‬والغسالات‭ ‬والأجهزة‭ ‬الالكترونية،‭ ‬ولربما‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬العقارات‭ ‬وتأجير‭ ‬الشقق‭ ‬والأثاث،‭ ‬وكافة‭ ‬المهن‭ ‬والوظائف‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬خدماتها،‭ ‬لا‭ ‬عبر‭ ‬مكاتب‭ ‬ومحلات‭ ‬ومؤسسات،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭.. ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬نشاهد‭ ‬اليوم‭ ‬توزيع‭ ‬الإعلانات‭ ‬في‭ ‬أبواب‭ ‬المنازل‭ ‬وعلى‭ ‬السيارات‭.‬

أوقفوا‭ ‬ظاهرة‭ ‬تجار‭ ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‮»‬‭ ‬موديل‭ ‬2025‭.. ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تغلق‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬أبوابها‭.. ‬ونرى‭ ‬كل‭ ‬المحلات‭ ‬تبيع‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات،‭ ‬وتنادي‭ ‬بأعلى‭ ‬صوتها‭: ‬‮«‬زاري‭ ‬عتيج‭.. ‬ماوي‭ ‬عتيج‮»‬‭..!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا