في ظل تنامي الوعي الصحي المتزايد وتغير أنماط الحياة الغذائية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، تبرز الأطباق النباتية كجزء أصيل من الثقافة الغذائية العربية، متجاوزة بذلك كونها مجرد اتجاه غذائي جديد أو صيحة عابرة.
فقد أصبحت الأطعمة النباتية اليوم جزءاً من التوجهات الغذائية الأكثر شيوعاً على مستوى العالم، بما في ذلك في البلدان العربية، حيث يعكف العديد من الأفراد على تبني خيارات غذائية صحية تركز على النباتات والفواكه والحبوب كبدائل طبيعية وصحية. ويأتي هذا التحول بالتوازي مع تزايد الاهتمام بالاستدامة البيئية والحفاظ على صحة الجسم، مما يبرز الأطباق النباتية كخيار مثالي يجمع بين الفوائد الصحية والالتزام بالممارسات البيئية المستدامة.
إرث عربي
وتقول المهنا إن الأطباق النباتية كانت جزءاً من المائدة العربية التقليدية، لكنها لم تعرف كخيار غذائي مستقل. إذ قالت: “لطالما زينت الأطباق النباتية موائدنا اليومية، من الكشري في مصر إلى الكباب البحريني، لكنها ظلت جزءاً من ثقافتنا الغذائية المتنوعة التي نحتفي بها دون تصنيفها كاختيار نباتي منفصل، لكوننا شعوب تعشق التنوع، وهذه العادة جعلتنا نحتضن هذا النوع من الأطباق بسهولة.”
وأضافت أن الإرث العربي غني بالأكلات النباتية التي تناقلتها الأجيال، ومع زيادة الوعي الصحي أصبح تناول هذه الأطعمة جزءاً من نمط حياة صحي متكامل. وأشارت إلى توفر بدائل نباتية حديثة مثل الحليب النباتي المصنوع من اللوز أو الشوفان أو جوز الهند، والتي باتت جزءاً من الحياة اليومية للعديد من الأشخاص، حتى غير النباتيين، لما تقدمه من فوائد غذائية وخفة على المعدة.
وأوضحت المهنا أن التحول نحو الأطعمة النباتية لم يعد مجرد اتجاه عالمي، بل أصبح جزءاً من سلوكيات غذائية حديثة حتى في المجتمعات العربية. وأضافت: “أصبح من الشائع أن يخصص الناس يوماً أو يومين أسبوعياً لتناول وجبات نباتية. ومع ذلك، من المهم أن يدرك الجميع أن ليس كل ما هو نباتي صحي؛ فالأطعمة المقلية، مثلاً، لا تزال غير صحية. ومن الأفضل التركيز على طرق الطهي الصحية مثل الشوي أو استخدام القلاية الهوائية.”
تحدثت المهنا أيضاً عن تنامي الزراعة المنزلية كوسيلة لتحسين جودة الأطباق النباتية. حيث أشارت إلى أن العديد من ربات البيوت بدأن بزراعة الأعشاب الطازجة مثل النعناع وإكليل الجبل في منازلهن، ما يضيف نكهة مميزة للأطعمة ويضمن خلوها من المواد الحافظة.
ولفتت الشيف إلى أن التحديات الاقتصادية والوعي البيئي أسهما في تقليل استهلاك اللحوم والاعتماد على بدائل نباتية مثل البقوليات، التي تُعد أقل تكلفة وأكثر توفرًا، مما يساهم في تعزيز الاستدامة الغذائية.
اهتمام متزايد بالأنظمة الصحية
وفي السياق ذاته، أكدت فاطمة رضي، إحدى المهتمات باتباع أنظمة غذائية صحية، أهمية تبني نمط حياة متوازن يجمع بين العادات الغذائية القديمة والممارسات الحديثة. وقالت: “اتباع نظام غذائي صحي لا يعني التخلي عن المأكولات التقليدية، بل إعادة اكتشافها بطرق جديدة. فالأطباق النباتية مثل العدس وغيرها كانت جزءاً أساسياً من ثقافتنا، ومع إدخال بدائل مثل الحليب النباتي أو الطهي بطرق صحية، يمكننا الحفاظ على تقاليدنا الغذائية مع تحسين صحتنا.”
وأضافت رضي أن تجربة الأنظمة النباتية أثرت إيجابياً على أسلوب حياتها، مشيرة إلى أن: “اختيار أطعمة طبيعية وغير معالجة ينعكس مباشرة على النشاط اليومي والصحة العامة، وهو ما يجعلني أحرص على تشجيع من حولي على تجربة هذا النمط الغذائي.”
تبرز تجربة كل من وفاء وفاطمة في تعزيز دور الوعي البيئي في التقليل من استهلاك اللحوم، والاتجاه نحو البدائل النباتية التي تساهم في تعزيز الاستدامة الغذائية. مما يظهر أن الأطعمة النباتية ليست مجرد صيحة غذائية، بل هي خيار مستدام يعكس رغبة حقيقية في تحسين الصحة العامة وتبني أساليب حياة أكثر توازناً ووعيًا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك