العدد : ١٧٠٩٠ - الاثنين ٠٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٠ - الاثنين ٠٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مفاتيح تحقيق النجاح بخطوات عقلانية

بقلم: د. سعد الله المحمدي

الجمعة ٠٣ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

الإبداعُ‭ ‬والابتكارُ‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬الحميدة‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬الإنسانُ‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها،‭ ‬وَهُمَا‭ ‬مِنَ‭ ‬الأسُس‭ ‬المتينة‭ ‬والرّكائزِ‭ ‬المُهمّة‭ ‬لنجاح‭ ‬أيّ‭ ‬مشروع،‭ ‬كمَا‭ ‬أنّ‭ ‬الجودةَ‭ ‬والإتقانَ‭ ‬للعمل‭ ‬ضرورةٌ‭ ‬شرعيةٌ،‭ ‬وَمِنَ‭ ‬الأمور‭ ‬المستحسنة‭ ‬لدى‭ ‬البشر‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬المثالية‭ ‬الجيّدة‭ ‬والطموح‭ ‬الصّحيح‭.‬

وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تأتي‭ ‬المثالية‭ ‬السلبية‭ ‬وهي‭ ‬المبنيّة‭ ‬على‭ ‬المبالغة‭ ‬وتجاوز‭ ‬الحدّ‭ ‬في‭ ‬الاستعداد‭ ‬لدرجة‭ ‬التشتت‭ ‬وفقْدِ‭ ‬القُدرة‭ ‬على‭ ‬البدء؛‭ ‬فتَجدُ‭ ‬البعض‭ ‬يُحجِمُ‭ ‬عن‭ ‬الانطلاق‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬يُجيدُه‭ ‬ويتميّز‭ ‬فيه،‭ ‬بسببِ‭ ‬شَغَفِه‭ ‬الزائد‭ ‬بالمثالية،‭ ‬وإصرارهِ‭ ‬على‭ ‬الانتظار،‭ ‬وخوفه‭ ‬على‭ ‬اهتزاز‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬حُدوثِ‭ ‬خطأٍ‭ ‬أوْ‭ ‬نَقْصٍ‭ ‬أو‭ ‬عفويّة‭ ‬في‭ ‬عمله؛‭ ‬حيثُ‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬عيْباً،‭ ‬لكنّه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬قَيْدٌ‭ ‬وجحر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تقّدمه‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬يضعون‭ ‬نصب‭ ‬أعينهم‭ ‬توقّعاتٍ‭ ‬غير‭ ‬واقعية،‭ ‬ومنها‭: ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الأول،‭ ‬وفي‭ ‬المقدمة‭ ‬دائما‭ ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬مجال‭!! ‬وبالتالي‭ ‬يغلبُ‭ ‬عليهم‭ ‬الأرق‭ ‬والتردّد‭ ‬والفوضى‭ ‬الداخلية،‭ ‬وضياع‭ ‬الفُرص‭ ‬لعدم‭ ‬أخذ‭ ‬القرار،‭ ‬والضياع‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الكمال‭.‬

ومن‭ ‬الحلول‭ ‬المقترحة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬فخّ‭ ‬المثالية‭ ‬الزائدة‭:‬

1-‭ ‬الانطلاقةُ‭ ‬والمغامرةُ‭:‬

حدّد‭ ‬أهدافك‭ ‬بوضوح،‭ ‬وباشر‭ ‬عملك‭ ‬الآن،‭ ‬واكسر‭ ‬حاجز‭ ‬الخوف‭ ‬بالمغامرة،‭ ‬واترك‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وبذلك‭ ‬تَنْجو‭ ‬مِنَ‭ ‬التسويف‭ ‬والتأجيل،‭ ‬وداء‭ ‬العجز‭ ‬والكسل،‭ ‬وتتخلّص‭ ‬مِنْ‭ ‬أخوات‭ (‬ليتَ‭) ‬و‭ (‬لعلّ‭) ‬و‭(‬عسى‭).‬

2-‭ ‬عدم‭ ‬انتظارِ‭ ‬ردّة‭ ‬الفعل‭:‬

اعمل‭ ‬لله،‭ ‬ولا‭ ‬تعمل‭ ‬للناس،‭ ‬واعلم‭ ‬أنّ‭ ‬كلمات‭ ‬الإطراء‭ ‬والمجاملة‭ ‬لا‭ ‬تضيف‭ ‬قيمة‭ ‬حقيقية‭ ‬إلى‭ ‬عملك‭ ‬وعطائك،‭ ‬فاعمل‭ ‬ولا‭ ‬تنتظر‭ ‬ردّة‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬فَرِضَا‭ ‬الناس‭ ‬غايةٌ‭ ‬لا‭ ‬تُدْرَك،‭ ‬ورِضَا‭ ‬اللهِ‭ ‬غايةٌ‭ ‬لا‭ ‬تُتْرك‭.‬

3-‭ ‬التزامُ‭ ‬المرونة‭:‬

التزم‭ ‬المرونة‭ ‬في‭ ‬حياتك،‭ ‬وخَفّضْ‭ ‬نسبة‭ ‬التّوقعات،‭ ‬ولا‭ ‬ترهق‭ ‬نفسك‭ ‬فوق‭ ‬طاقتها،‭ ‬فكلّ‭ ‬شيء‭ ‬له‭ ‬حدود،‭ (‬ولا‭ ‬يُكَلِّفُ‭ ‬اللهُ‭ ‬نَفْسًا‭ ‬إِلَّا‭ ‬وُسْعَهَا‭) (‬البقرة‭: ‬286‭)‬،‭ ‬وارضَ‭ ‬بالموجودِ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬أنْ‭ ‬بذلتَ‭ ‬المجهود‭. ‬

4-‭ ‬الاستثمارُ‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭:‬

الخطأ‭ ‬جزءٌ‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬مِنْ‭ ‬أيّ‭ ‬عمل،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يخطئ‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعمل،‭ ‬تعلّم‭ ‬مِنْ‭ ‬أخطائك،‭ ‬وتذكّر‭ ‬أنّ‭ ‬الخطأ‭ ‬ليس‭ ‬عارًا،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬فرصةٌ‭ ‬للنمّو‭ ‬والتحسين،‭ ‬فكلّنا‭ ‬بشر‭ ‬نصيبُ‭ ‬ونخطئ،‭ ‬وكلّنا‭ ‬كالقمر‭ ‬له‭ ‬جانبٌ‭ ‬مشرق‭ ‬والأخر‭ ‬مظلم،‭ ‬حوّل‭ ‬كلّ‭ ‬خطأ‭ ‬إلى‭ ‬فرصةٍ‭ ‬جديدة‭ ‬للاستفادة‭.‬

5-‭ ‬البداياتُ‭ ‬الصغيرة‭:‬

تذكّر‭ ‬أن‭ ‬مسيرة‭ ‬الألف‭ ‬ميل‭ ‬تبدأ‭ ‬بخطوةٍ،‭ ‬وأنّ‭ ‬جميع‭ ‬المشاريع‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬تشاهدها‭ ‬انطلقت‭ ‬مِنْ‭ ‬فكرةٍ‭ ‬صغيرةٍ،‭ ‬وأنّ‭ ‬كثيرا‭ ‬مِنَ‭ ‬العُظماء‭ ‬بدأوا‭ ‬بخطواتٍ‭ ‬متواضعة،‭ ‬فابدأ‭ ‬بخطوةٍ‭ ‬صغيرة‭ ‬وستحقّق‭ ‬نتائج‭ ‬كبيرة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬فالكون‭ ‬بدأ‭ ‬ذرّة،‭ ‬والسّيل‭ ‬قطرة،‭ ‬والغابة‭ ‬بذرة‭.‬

6-‭ ‬الرضا‭ ‬النفسي‭:‬

تصالح‭ ‬مع‭ ‬نفسك‭ ‬وتقبلّها‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬بضعفها‭ ‬وقوّتها،‭ ‬وسجيّتها‭ ‬وفطرتها،‭ ‬وَقُدْها‭ ‬إلى‭ ‬المعالي‭ ‬والعظائم،‭ ‬باعتدال‭ ‬ومرونة‭ (‬ولكن‭ ‬ساعة‭ ‬وساعة‭) ‬ولا‭ ‬تتوّقع‭ ‬منها‭ ‬المستحيلات،‭ ‬كنْ‭ ‬عفويا،‭ ‬بسيطا،‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬محبّا‭ ‬لهم،‭ ‬فرْدا‭ ‬مِنَ‭ ‬المْجتمع،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التّكلف‭ ‬والتّصنع‭ ‬في‭ ‬عملك‭ ‬وأدائك،‭ ‬ففي‭ ‬الحديث‭ ‬‮«‬نُهينا‭ ‬عن‭ ‬التكلّف‮»‬‭ (‬أخرجه‭ ‬البخاري‭: ‬7293‭).‬

7-غيّر‭ ‬أفكارك‭:‬

عندما‭ ‬تغيّر‭ ‬طريقة‭ ‬تفكيرك‭ ‬فأنت‭ ‬تغيّر‭ ‬حياتك‭ ‬للأفضل،‭ ‬واعلم‭ ‬أنّ‭ ‬شخصيتك‭ ‬ومكانتك‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬تتشكّل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬عقلك،‭ ‬وكيفما‭ ‬تفكّروا‭ ‬تكونوا‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬علماء‭ ‬النفس،‭ ‬فلا‭ ‬تكن‭ ‬مثاليّتُك‭ ‬الزائدة‭ ‬حاجزا‭ ‬أمام‭ ‬بدء‭ ‬مشروعك‭!‬

شمعة‭ ‬أخيرة‭:‬

الناس‭ ‬لا‭ ‬يتوقّعون‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأوّل‭ ‬دائما‭ ‬وتصُنعَ‭ ‬المستحيلات،‭ ‬فلماذا‭ ‬تتوقع‭ ‬من‭ ‬نفسك‭ ‬ذلك؟‭ ‬

يكفيك‭ ‬أن‭ ‬تبذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدك‭ ‬في‭ ‬إتقان‭ ‬العمل‭ ‬ومباشرته،

‭ ‬ثم‭ ‬تترك‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬واثقا‭ ‬مؤمنا‭ ‬صادقا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا