العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

هوامش

عبدالله الأيوبي

ayoobi99@gmail.com

مجزرة نابلس تفضح العالم «الحر»

خلفت‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نابلس‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬11‭ ‬شهيدا‭ ‬فلسطينيا،‭ ‬و295‭ ‬مصابا،‭ ‬وفق‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وجمعية‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬حصيلة‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬والمصابين‭ ‬الذين‭ ‬يسقطون‭ ‬جراء‭ ‬جريمة‭ ‬‮«‬إسرائيلية‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬لاقت‭ ‬إدانة‭ ‬عربية‭ ‬واسعة‭ ‬ووصفتها‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الإدانة‭ ‬الصادر‭ ‬عنها‭ ‬بــ«المجزرة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الوصف‭ ‬الصحيح‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الإجرامي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬قوات‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬طرح‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬يطالب‭ ‬بإدانة‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬ويطالب‭ ‬بإيقافه‭.‬

بحسب‭ ‬ما‭ ‬رشح‭ ‬من‭ ‬معلومات،‭ ‬فإن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬‮«‬تطمينات‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بوقف‭ ‬الاقتحامات‭ ‬للمدن‭ ‬والقرى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الأبواب،‭ ‬وما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬دينية‭ ‬لدى‭ ‬المسلمين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬التطمينات‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬صحت،‭ ‬فإنها‭ ‬مجرد‭ ‬أوهام،‭ ‬فسلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬لديها‭ ‬مخطط‭ ‬استراتيجي‭ ‬تنفذه‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اكتراث‭ ‬أو‭ ‬مبالاة‭ ‬بما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬من‭ ‬إدانات‭ ‬وشجب،‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تصفية‭ ‬الحقوق‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنفيذ‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬الجرائم‭.‬

ما‭ ‬تنفذه‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬بأي‭ ‬صلة‭ ‬لما‭ ‬تقوله‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬المحيط‭ ‬والبحار،‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تمارس‭ ‬‮«‬حقها‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬جنودها‭ ‬ومستوطنيها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬وغير‭ ‬قانوني،‭ ‬باعتراف‭ ‬وتأييد‭ ‬مؤسسات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬وما‭ ‬هذه‭ ‬الحجة‭ ‬إلا‭ ‬ذريعة،‭ ‬وهي‭ ‬بالمناسبة‭ ‬تحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬مطلق‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المختلفة،‭ ‬هذه‭ ‬مجرد‭ ‬ذريعة‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬إفراغ‭ ‬المناطق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬عبر‭ ‬سياسة‭ ‬التوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬والتنكيل‭ ‬ومصادرة‭ ‬الممتلكات‭ ‬وجرائم‭ ‬القتل‭ ‬المتعمد‭ ‬شبه‭ ‬اليومية‭.‬

جريمة‭ ‬نابلس‭ ‬البشعة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الأعلى‭ ‬حصيلة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أعداد‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬يسقطون‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تبقى‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬تقترفها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهي‭ ‬جرائم‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬طالما‭ ‬أصرت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬مصادرة‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬الخنوع‭ ‬لسياسة‭ ‬النهب‭ ‬والسلب‭ ‬وأثبت‭ ‬أبناؤه‭ ‬جيلًا‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬رغم‭ ‬سياسة‭ ‬البطش‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬محاولاتها‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬النضال‭ ‬والإصرار‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لا‭  ‬يمكن‭ ‬وصف‭ ‬ممارسات‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬سوى‭ ‬بالممارسات‭ ‬الإجرامية،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬غير‭ ‬شرعي،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬تعطي‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كامل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة،‭ ‬وهو‭ ‬نضال‭ ‬تقره‭ ‬جميع‭ ‬الشرائع‭ ‬الدولية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يمارسون‭ ‬حقا‭ ‬مشروعا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وحقوقهم‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬سلطات‭ ‬احتلال‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬هيمنتها‭ ‬وتصادر‭ ‬حقوقهم‭ ‬بالأساليب‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬يوميا‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬القتل‭ ‬المتعمد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬بين‭ ‬طفل‭ ‬وشيخ‭. ‬

العالم‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬متفرجا‭ ‬مكتفيا‭ ‬بالإدانة‭ ‬تارة‭ ‬والاستنكار‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬نراه‭ ‬يقف‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬الإجرامية،‭ ‬رغم‭ ‬معرفة‭ ‬وإقرار‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬أصدقاء‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بأن‭ ‬الوجود‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬ويتنافى‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بهذه‭ ‬الأراضي،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مواقف‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬‮«‬القلق‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬العنف‮»‬‭ ‬ودعوة‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬مساواة‭ ‬وقحة‭ ‬بين‭ ‬الضحية‭ ‬والجلاد،‭ ‬وبين‭ ‬المعتدي‭ ‬المغتصب‭ ‬والمعتدى‭ ‬عليه‭ ‬مسلوب‭ ‬الحقوق،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬وإجبار‭ ‬المعتدي‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬إلى‭ ‬أبنائها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا