العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

«هند كاليري» في المحرق..
ملتقى فني يحتضن الفنّانين النحاتين.. ويغوص في عمق الإنسان تشكيلا

الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

تغطية‭ : ‬علي‭ ‬باقر‭ ‬

 

للفن‭ ‬النَّحتي‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنساني‭ ‬عبر‭ ‬العصور،‭ ‬فهو‭ ‬مبحثٌ‭ ‬مهم‭ ‬لتسجيل‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمم‭ ‬السابقين‭ ‬وحضاراتهم‭ ‬وأفكارهم،‭ ‬وليكن‭ ‬الشاهد‭ ‬التاريخي‭ ‬حينما‭ ‬نغوص‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬الحضارة‭ ‬اليونانية‭ ‬أو‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬أو‭ ‬الصينية‭ ‬والأشورية‭ ‬والبابلية‭ ‬والهندية‭ ‬واليابانية‭ ‬نجد‭ ‬المنحوتات‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬وتوحي‭ ‬بحركتهم‭ ‬وعقائدهم‭ ‬ونعرف‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬أزيائهم‭ ‬ومن‭ ‬شواهد‭ ‬الحضارات‭ ‬أنها‭ ‬احتفظت‭ ‬بمجسمات‭ ‬لشخصيات‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تلك‭ ‬الحضارات‭. ‬فالنحتُ‭ ‬فنٌّ‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬التشكيلية‭ ‬التي‭ ‬تخاطب‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بالنظر،‭ ‬في‭ ‬زيارتي‭ ‬لملتقى‭ ‬بعض‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬استثارتني‭ ‬المنحوتات‭ ‬تناولت‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬الإنسان‮»‬‭ ‬الفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬مع‭ ‬أخوتهم‭ ‬الفنانين‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬ومصر‭ ‬في‭ ‬ملتقى‭ ‬فني‭ ‬يظهرون‭ ‬طاقاتهم‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ويعبرون‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬بالشكل‭ ‬الواقعي‭ ‬الكلاسيكي‭. ‬

صباح‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬الموافق‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬الساعة‭ ‬العاشرة‭ ‬أعده‭ ‬يوماً‭ ‬استثنائيا‭ ‬وأنا‭ ‬أدخل‭ ‬‮«‬السمبوزيم‮»‬‭ ‬ملتقى‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬‮«‬هند‭ ‬كاليري‮»‬‭ ‬وأنا‭ ‬أستمتع‭ ‬مباشرة‭ ‬برؤية‭ ‬بصرية‭ ‬المجسمات‭ ‬الطينية‭ ‬التي‭ ‬يعكف‭ ‬الفنانون‭ ‬البحرينيون‭ ‬على‭ ‬نحتها‭ ‬ولإظهار‭ ‬حركتها‭ ‬وانفعالاتها‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداعهم‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الدقيقة‭. ‬إنه‭ ‬فكرٌ‭ ‬ملهمٌ‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬مجسمات‭ ‬بشرية‭. ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أستثمر‭ ‬وقتي‭ ‬بنبش‭ ‬مكنونات‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفنانين‭ ‬وقفت‭ ‬متسمراً‭ ‬أمام‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالرسول‭ ‬الغائب‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬منحوتته‭ ‬الأنثى‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬طفلاً‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬مجسمي‭ ‬هذا‭ ‬ارتفاعه‭ ‬متر‭ ‬وثمانين‭ ‬سنتمترا،‭ ‬وكما‭ ‬ترى‭ ‬أماً‭ ‬تحمل‭ ‬طفلاً‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الأمومة‭ ‬الحانية،‭ ‬وأنت‭ ‬ترى‭ ‬بعينيك‭ ‬ألا‭ ‬تحس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نحتي‭ ‬هذا‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬الطفل‭ ‬الوليد‭ ‬وتعلقه‭ ‬بأمه‭ ‬وحركة‭ ‬الأم‭ ‬وحنانها‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أجسده‭ ‬بتفاصيله‭ ‬لكي‭ ‬تبدو‭ ‬مغمورة‭ ‬بالأمومة،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬مني‭ ‬وقتاً‭.. ‬العملُ‭ ‬فيه‭ ‬متعةٌ‭ ‬رغم‭ ‬التهيئة‭ ‬للمواد‭ ‬الطينية‭ ‬التي‭ ‬يتطلب‭ ‬مني‭ ‬دراسة‭ ‬وعملا‭ ‬دائماً‭ ‬ليقف‭ ‬عليها‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬المجسم،‭ ‬وكما‭ ‬ترى‭ ‬إنه‭ ‬صورة‭ ‬طبيعية‭. ‬وعندما‭ ‬سألتُه‭ ‬عن‭ ‬التفاصيل‭ ‬وهو‭ ‬يبرز‭ ‬ملامح‭ ‬الفتاة‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬شدَ‭ ‬بصري‭ ‬لحركتها‭.. ‬قلت‭ ‬له‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬جهد‭ ‬يتخيله‭ ‬الفنَّان‭ ‬ولتبدو‭ ‬صورة‭ ‬في‭ ‬مقياسها‭ ‬الطبيعي‭ ‬جداً‭ ‬قال‭ ‬الفنان‭ ‬‮«‬الغائب‮»‬‭: ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬النحَّات‭ ‬دراسة‭ ‬علم‭ ‬التشريح‭ ‬للجسم‭ ‬وعند‭ ‬الاشتغال‭ ‬فيه‭ ‬يتخيله‭ ‬أو‭ ‬يلتقط‭ ‬صوراً‭ ‬له‭ ‬كموديل‭ ‬حيٍّ،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يبرز‭ ‬العضلات‭ ‬والتعرجات‭. ‬أنا‭ ‬درستُ‭ ‬التَّشريح‭ ‬في‭ ‬‮«‬كرزون‮»‬‭ ‬للفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬وأعرف‭ ‬مواقع‭ ‬أي‭ ‬عضلة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬وأطبق‭ ‬ما‭ ‬درسته‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنحوتة‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬الكويتي‭ ‬النّحات‭ ‬ميثم‭ ‬عبدال‭ ‬أراه‭ ‬منهمكا‭ ‬في‭ ‬نحته‭ ‬لشخصية‭ ‬المرحوم‭ ‬الفنان‭ ‬الكويتي‭ ‬عبدالحسين‭ ‬عبدالرضا‭.. ‬أبهرني‭ ‬اختياره‭ ‬لشخصية‭ ‬قريبة‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬محيطنا‭ ‬الخليجي‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬وليست‭ ‬شخصية‭ ‬متخيلة‭.. ‬حدثني‭ ‬بإحساس‭ ‬الفنان‭ ‬المرهف‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬من‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يتذكر‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬درب‭ ‬الزَّلق‮»‬‭ ‬اخترت‭ ‬منحوتتي‭ ‬تلامس‭ ‬الخليج‭ ‬ووطني‭ ‬الكويت‭.. ‬نتذكر‭ ‬هذا‭ ‬صورة‭ ‬المرحوم‭ ‬الفنَّان‭ ‬عبدالحسين‭ ‬عبدالرضا‭ ‬بعدما‭ ‬خسر‭ ‬كلَّ‭ ‬أموال‭ ‬تثمين‭ ‬بيت‭ ‬أبيه‭ ‬وأفلس‭ ‬تماماً،‭ ‬كانت‭ ‬صورته‭ ‬على‭ ‬صندوق‭ ‬الخزانة‭ ‬المفتوحة‭ ‬والفارغة‭.. ‬لو‭ ‬تأملت‭ ‬في‭ ‬حركته‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬تستلهم‭ ‬البسمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نحت‭ ‬التفاصيل‭ ‬لشخصيته‭ ‬وهيئته‭ ‬وجلوسه‭ ‬وتتذكر‭ ‬بالطبع‭ ‬الكوميديا‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬لدوره،‭ ‬فنستلهم‭ ‬البسمة‭ ‬التي‭ ‬ستظل‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬كل‭ ‬مُشَاهد‭ ‬ولكن‭ ‬ستكون‭ ‬ممزوجة‭ ‬بالعبرة‭.. ‬التي‭ ‬تتجسد‭ ‬أيضاً‭ ‬لنا‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الطمع‭ ‬والجشع‭ ‬وتبصر‭ ‬الإنسان‭ ‬بمشاهد‭ ‬نهاية‭ ‬المسلسل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يتخذ‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬فسيخسر‮»‬‭.‬

‭ ‬قلت‭ ‬ُ‭ ‬له‭: ‬وأنا‭ ‬أنظر‭ ‬في‭ ‬دقة‭ ‬تفاصيل‭ ‬نحتك‭ ‬للمرحوم‭ ‬الفنان‭ ‬عبدالحسين‭ ‬عبدالرضا‭ ‬وشكل‭ ‬جلسته‭ ‬على‭ ‬صندوق‭ ‬الخزنة‭ ‬وهو‭ ‬مفلس‭ ‬تخيلتُ‭ ‬هذا‭ ‬المجسم‭ ‬ورفاقه‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬وكذلك‭ ‬مجسم‭ ‬آخر‭ ‬للفنان‭ ‬سعد‭ ‬الفرج‭ ‬ومشهد‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬الأقدر‭ ‬في‭ ‬متحف‭ ‬العثمان‭ ‬بمنطقة‭ ‬حولِّي،‭ ‬تلك‭ ‬المجسمات‭ ‬النحتية‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬متحف‭ ‬العثمان‭ ‬لتكون‭ ‬المنحوتات‭ ‬مشروعاً‭ ‬ثقافياً‭ ‬ترائياً‭ ‬فنياً‭ ‬في‭ ‬زاوية‭  ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬المتحف‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬تذكرنا‭ ‬عن‭ ‬ثلج‭ ‬أبو‭ ‬صالح‭ ‬أو‭ ‬مسلسل‭ ‬الأقدار‭ ‬تبدو‭ ‬لسائح‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬باهتة،‭ ‬ألا‭ ‬يستحق‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬المالكين‭ ‬للمتحف‭ ‬لتكون‭ ‬شواهد‭ ‬أيضاً‭  ‬نتذكر‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬روعة‭ ‬التشكيل‭ ‬النحتي‭ ‬للفنانين‭ ‬الكويتيين‭ ‬يفخر‭ ‬بهذا‭ ‬الفن‭ ‬الكويتيون‭ ‬والسائحون‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم؟

‭ ‬فبادرني‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬تخيلك‭ ‬فيه‭ ‬إبداع‭ ‬ويستحق‭ ‬الإشادة‭.. ‬‮«‬بتاُثر‮»‬‭ ‬والله‭ ‬بكامل‭ ‬الصدق‭ ‬والأمانة‭ ‬نحن‭ ‬وزملائي‭ ‬نحلم‭ ‬بهذا‭ ‬الشيء،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬نفقد‭ ‬الأمل،‭ ‬عسى‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬تكون‭ ‬أجمل‭ ‬وأفضل‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسي،‭ ‬أنا‭ ‬مستعدٌ‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مع‭ ‬أخوتي‭ ‬الفنانين‭ ‬ونقوم‭ ‬بتجسيم‭ ‬تلك‭ ‬المشاهد‭ ‬نحتاً‭ ‬في‭ ‬المتحف‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬متحف‭ ‬في‭ ‬وطني‭ ‬الكويت،‭ ‬آمل‭ ‬أن‭ ‬يتبنى‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬أحد‭ ‬رجالات‭ ‬الكويت‭ ‬الأحبَّة‭ ‬الذين‭ ‬يقدرون‭ ‬الفن‭ ‬لكي‭ ‬نجد‭ ‬أعمالنا‭ ‬الفنيَّة‭ ‬التي‭ ‬ننحتها‭ ‬أنصبة‭ ‬تجمِّل‭ ‬ميادين‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي‭ ‬الكويت‭ ‬ونرى‭ ‬تفاعل‭ ‬الناس‭ ‬معها‭ ‬ويتأثرون‭ ‬بها‭ ‬ونحس‭ ‬بتذوقهم‭ ‬فنياَ‭.‬

لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬الفنَّان‭ ‬الأستاذ‭ ‬خليل‭ ‬المدهون‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للفنِّ‭ ‬المعاصر‭ ‬وأحد‭ ‬منظمي‭ ‬الملتقى‭ ‬الخليجي‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬وهو‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬فتاته‭ ‬الرِّيفية‭ ‬التي‭ ‬ينحتها‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬يضفي‭ ‬حركة‭ ‬على‭ ‬ملابسها‭ ‬بإظهار‭ ‬تفاصيل‭ ‬توحي‭ ‬لها‭ ‬بالحركة‭ ‬وتكسبها‭ ‬فنَّاً‭ ‬وجمالاً،‭ ‬ويقوم‭ ‬بترطيب‭ ‬الطين‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬معينة‭ ‬ليباشر‭ ‬النَّحت،‭ ‬فطلبتُ‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يحدثني‭ ‬حولها‭ ‬ويبين‭ ‬مدى‭ ‬تأثره‭ ‬بها‭. ‬

‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬موضوع‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭.. ‬النَّحت‭ ‬الواقعي‭ ‬وكل‭ ‬فنَّان‭ ‬يحلق‭ ‬بفكره‭ ‬الفنِّي‭ ‬وينحت،‭ ‬فاستحضرت‭ ‬الفنون‭ ‬الشَّعبية‭ ‬وألعابها‭ ‬في‭ ‬وطني‭ ‬الحبيب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وهنا‭ ‬ترسخ‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬تجسيم‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬الرِّيفية‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬لعبة‭ ‬‮«‬الحجلة‭ ‬أو‭ ‬لعبة‭ ‬سُكينة‮»‬‭ ‬وطبعاً‭ ‬اللباس‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬يبرزها‭ ‬كريفية‭ ‬بالبخنق‭ ‬والتنورة‭.. ‬أن‭ ‬اختيار‭ ‬الموضوع‭ ‬وإبراز‭ ‬تفاصيله‭ ‬مهارة‭ ‬للنحت،‭ ‬لقد‭ ‬أظهرت‭ ‬حركة‭ ‬الفتاة‭ ‬الجمالية‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬فيه‭ ‬المدرسة‭ ‬الإغريقية‭ ‬واليونانية‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬النَّحت‮»‬‭.‬

وأنا‭ ‬تعمدت‭ ‬أن‭ ‬أبحث‭ ‬خلال‭ ‬عملي‭ ‬الفني‭ ‬في‭ ‬أهم‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬السَّائدة‭ ‬أو‭ ‬أهم‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تتجسد‭ ‬فيها‭ ‬شخصية‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني،‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬فنَّ‭ ‬النَّحت‭ ‬دائمٌ‭ ‬ومعمرٌ‭ ‬له‭ ‬ديمومة‭ ‬طويلة‭ ‬ويعتمد‭ ‬عن‭ ‬التَّكوين‭ ‬والهيئة،‭ ‬وكلَّما‭ ‬أظهر‭ ‬الفنان‭ ‬تفاصيل‭ ‬حركته‭ ‬أصبح‭ ‬موطنَ‭ ‬جذبٍ‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الناظر‭. ‬

وجهت‭ ‬له‭ ‬سؤالاً‭ ‬أن‭ ‬يحدثني‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬مؤسسة‭ ‬هند‭ ‬كاليري‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬وأثره‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بالطاقات‭ ‬الشَّبابية‭ ‬نحو‭ ‬الإبداع‭ ‬الفنِّي‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭.. ‬الشكرُ‭ ‬قليلٌ‭ ‬في‭ ‬حقِّه،‭ ‬فأستاذنا‭ ‬خامة‭ ‬فنية‭ ‬وطنية‭ ‬وعالمية‭ ‬له‭ ‬حضور‭ ‬عالمي‭ ‬وثقافي‭ ‬متميز‭ ‬وله‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التَّربية‭ ‬والتَّعليم،‭ ‬وله‭ ‬الفضل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬وظهور‭ ‬واحتضان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬رئيساً‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬لجمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للفنون‭ ‬التشكيلية،‭ ‬هذا‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬أعده‭ ‬مظلتي‭ ‬ومستشاري‭.. ‬الأستاذ‭ ‬الفنَّان‭ ‬المحميد‭ ‬استفدت‭ ‬منه‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والتَّفاني‭ ‬والعطاء‭ ‬له‭ ‬تاريخ‭ ‬فني‭ ‬حاضر‭ ‬و‭ ‬شاهد‭ ‬فهو‭ ‬صاحب‭ ‬أول‭ ‬ملتقى‭ ‬في‭ ‬النَّحت‭ ‬على‭ ‬الرُّخام‭ ‬بمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬2003‭ ‬وخلال‭ ‬ثماني‭ ‬دوراتٍ‭ ‬أصبح‭ ‬‭ ‬سمبوزيم‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي‭ ‬للنحت‭ ‬مدرسةً‭ . ‬ويستحضرني‭ ‬الفنان‭ ‬المحميد‭ ‬صاحب‭ ‬التَّحديات‭ ‬في‭ ‬ملتقاه‭ ‬الأخير‭ ‬نتذكر‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬يوليو‭ ‬2020م‭ ‬قدَّم‭ ‬أعمالاً‭ ‬نحتية‭ ‬تظل‭ ‬شاهدة‭ ‬للفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدُّولي‭. ‬فملتقى‭ ‬‮«‬هند‭ ‬كاليري‮»‬‭ ‬فني‭ ‬نجده‭ ‬دائماً‭ ‬يحتضن‭ ‬الفنَّانين‭ ‬النَّحاتين‭ ‬،‭ ‬ويغوص‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬الإنسان‭ ‬تشكيلا‭.‬

‭   ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الممتع‭ ‬عن‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬وجدت‭ ‬محادثته‭ ‬مُتعةً‭ ‬إعلامية‭ ‬لي‭ ‬سأطلب‭ ‬منه‭ ‬التحدث‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬إنجازاته‭ ‬الفنية‭.. ‬كان‭ ‬وجودي‭ ‬فرصة‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المبدع‭ ‬الذي‭ ‬هيأ‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬بكل‭ ‬إمكانياته‭ ‬للفنانين‭. ‬فسألته‭ ‬عن‭ ‬مؤسسته‭ ‬هند‭ ‬كاليري‭. ‬فقال‭: ‬‮«‬ظهرت‭ ‬مؤسستي‭ ‬هند‭ ‬كاليري‭ ‬بفنها‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬وانطلقت‭ ‬لخدمة‭ ‬الفنانين‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬ومتابعة‭ ‬أعمالهم‭ ‬وأصبحت‭ ‬ملتقى‭ ‬الفنانين‭ ‬ومكان‭ ‬تجمعهم،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬بمثابة‭ ‬أكاديمية‭ ‬تقيم‭ ‬المعارض‭ ‬الفنية‭ ‬للفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬وغير‭ ‬البحرينيين‭ ‬وتعمل‭ ‬الورش‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬النّحت‭ ‬والرَّسم‭ ‬وفي‭ ‬الطباعة‭ ‬وهي‭ ‬مفتوحة،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬نعلن‭ ‬الورش‭ ‬التدريبية‭ ‬ليستفيد‭ ‬منها‭ ‬الشّباب‭ ‬الهواة‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬برامجها‭ ‬الورشية‭ ‬الفنية‭ ‬حققت‭ ‬أهدافها‮»‬‭.‬

وأردف‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬الطباعة‭ ‬بالشاشة‭ ‬الحريرية‭ ‬وهذا‭ ‬عملي‭ ‬منذ‭ ‬السبعينيات‭ ‬ولا‭ ‬أرسم‭ ‬بالفرشاة‭ ‬ولكن‭ ‬أجيد‭ ‬النَّحت‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعه‭ ‬على‭ ‬الخشب‭ ‬وبالجبس‭ ‬والطين‭ ‬والرُّخام‭ ‬،‭ ‬وأول‭ ‬ملتقى‭ ‬نظمته‭ ‬برعاية‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الثقافة‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬2003‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬توالت‭ ‬الملتقيات‭ ‬فنظمت‭ ‬سبعة‭ ‬ملتقيات‭ ‬فنية‭ ‬أخرها‭ ‬ملتقى‭ ‬‮«‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدُّولي‮»‬‭ ‬شاركتُ‭ ‬بالفنانين‭ ‬النحاتين‭ ‬البحرينيين‭ ‬وقد‭ ‬تحقق‭ ‬للملتقى‭ ‬النجاح‭ ‬وأعمالهم‭ ‬النَّحتية‭ ‬أصبحت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬المطار‭ ‬وخارجه‮»‬‭. ‬

‭  ‬اليوم‭ ‬‮«‬هند‭ ‬كاليري‮»‬‭ ‬تقيم‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬السمبوزيم‮»‬‭ ‬في‭ ‬صالاتها‭ ‬للفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬النحاتين‭ ‬بالطين،‭ ‬فمنذ‭ ‬أسبوع‭ ‬ونحن‭ ‬نحضر‭ ‬الطين‭ ‬ونعمل‭ ‬لننجز‭ ‬المجسمات‭ ‬النَّحتية‭ ‬وشرطنا‭ ‬الوحيد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأعمال‭ ‬تغوص‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬وتنحت‭ ‬بالحجم‭ ‬الطبيعي‭  ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المجسمات‭ ‬كلاسيكية‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬القليل‭ ‬منهم‭ ‬نفذ‭ ‬منحوتات‭ ‬تجريدية‭. ‬وكان‭ ‬هدفنا‭ ‬من‭ ‬المنحوتات‭ ‬الطينية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كلاسيكية‭ ‬واقعية‭ ‬لأننا‭ ‬نرى‭ ‬أنها‭ ‬نادرة‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‮»‬‭. ‬

وارتأينا‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬كل‭ ‬فنَّان‭ ‬بعمل‭ ‬واحد‭ ‬يضع‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬إمكاناته‭ ‬الفنية‭ ‬ويتعرف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬منحوتات‭ ‬الفنانين‭ ‬الآخرين‭ ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬سنعمل‭ ‬لهم‭ ‬قوالب‭ ‬من‭ ‬الجبس‭ ‬ونصُبهم‭ ‬في‭ ‬القوالب‭ ‬لأن‭ ‬الطين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحتفظ‭ ‬به‭ ‬مدة‭ ‬طويلة،‭ ‬وأنت‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬المجسمات‭ ‬المنحوتة‭ ‬بالطين‭ ‬ثقيلة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحريكها‭.. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الفنِّي‭ ‬الجميل‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أجمع‭ ‬الفنانين‭ ‬وعددهم‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬ألفة‭ ‬ومهارة‭ ‬لكي‭ ‬يعملوا‭ ‬بهدوء‭ ‬ليكون‭ ‬إنتاجهم‭ ‬فنياً‭ ‬مركزاً‭ ‬وسوف‭ ‬نستعد‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬النحت‭ ‬لإقامة‭ ‬المعرض‭ ‬الذي‭ ‬سنعلنه‭ ‬للجمهور‭ ‬الكريم‭ ‬ويحتوي‭ ‬المجسمات‭ ‬النَّحتية‭ ‬للفنانين‭ ‬في‭ ‬صالات‭ ‬هند‭ ‬كاليري‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا