العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

ميتاسـرد أحمد المؤذن في مجموعـة «وترقصين»

السبت ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

سرني‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬سردي‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وهو‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬أحمد‭ ‬المؤذن،‭ ‬وجدت‭ ‬مجموعـته‭ ‬القصصية‭ ‬الإلكترونية‭ (‬وترقصين‭) ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬بـوفار‭ ‬للنشر‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ / ‬الطبعة‭ ‬الأولى‭ ‬2022‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬134‭ ‬صفحة‭ ‬بواقع‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة،‭ ‬المجموعـة‭ ‬القصصية‭ ‬متوافرة‭ ‬للتحميل‭ ‬المتاح‭ ‬مجاناً‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسهل‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬وتحميلها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القراء‭.‬

 

وككاتبة‭ ‬ومهتمـة‭ ‬بالسرد‭ ‬العربي‭ ‬أجد‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬أبدعها‭ ‬أحمد‭ ‬المؤذن‭ ‬والتي‭ ‬ترصد‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬حازت‭ ‬من‭ ‬الجماليات‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬السرد‭ ‬القصصي‭ ‬مذاقـاً‭ ‬آخَـر‭ ‬يستحق‭ ‬الوقوف‭ ‬عـليه‭ ‬ضمن‭ ‬قراءة‭ ‬سريعة‭ ‬نقدمها‭ ‬هنا‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬العنونـة،‭ ‬يعتبر‭ ‬العنوان‭ ‬من‭ ‬المفاتيح‭ ‬الأولى‭ ‬لفهم‭ ‬فحوى‭ ‬النص،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬جاء‭ ‬مربكـاً‭ ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬التعبير‭ (‬وتـرقصين‭) ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يعنيه‭ ‬الكاتب؟‭ ‬الرقص‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬نصر،‭ ‬ولـهُ‭ ‬من‭ ‬التأويلات‭ ‬الكثير،‭ ‬فالرقص‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬على‭ ‬رأي‭ ‬ابن‭ ‬سيرين‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬مشاكل‭ ‬وأزمات‭ ‬مالية‭. ‬

وهناك‭ ‬مثل‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الأثر‭ ‬يقول‭: ‬يوم‭ ‬رامت‭ ‬ترقص‭ ‬قالت‭ ‬الميدان‭ ‬ضيق،‭ ‬وهذا‭ ‬المثل‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الفئـة‭ ‬التي‭ ‬ذهبت‭ ‬لغزو‭ ‬قبيلة‭ ‬وعـادت‭ ‬وهي‭ ‬تتجرع‭ ‬المر‭. ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬مجموعـة‭ ‬كاتبنا‭ ‬فسنجد‭ ‬بأن‭ ‬لكل‭ ‬شخصية‭ ‬وجعها،‭ ‬ورقصها،‭ ‬لقد‭ ‬حرص‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬تحميل‭ ‬شخصياته‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬في‭ ‬مجتمعها‭ ‬بدايةً‭ ‬من‭ ‬افتتاحية‭ ‬المجموعـة‭ ‬بقصة‭ (‬حُلم‭ ‬منتهي‭ ‬الصلاحية‭) ‬ص‭ ‬4‭ ‬ورصد‭ ‬معاناة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬الزوجية،‭ ‬معاندة‭ ‬المجتمع‭ ‬والصراع‭ ‬مع‭ ‬أمها‭ ‬بغرض‭ ‬الرضوخ‭ ‬للزوج‭ ‬والتسليم‭ ‬بحقيقـة‭ ‬المصير‭ ‬في‭ ‬تبعية‭ ‬المرأة‭ ‬للزوج،‭ ‬والرغبة‭ ‬بإنهاء‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬والعيش‭ ‬بحرية‭ ‬وما‭ ‬يتركه‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬ضغط‭ ‬نفسي‭ ‬متواصل‭.‬

يحق‭ ‬لنا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الأدب‭ ‬هو‭ ‬عـراب‭ ‬للمجتمع،‭ ‬فعندما‭ ‬نتمعـن‭ ‬بتلك‭ ‬المفردات‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬ملزمين‭ ‬بقوانين‭ ‬أدبية‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬خاصة‭ ‬تؤطـر‭ ‬التجربة،‭ ‬لذلك‭ ‬هنا‭ ‬أديبنا‭ ‬المؤذن‭ ‬حارساً‭ ‬لما‭ ‬يكتب،‭ ‬معرياً‭ ‬جوانب‭ ‬سلبية‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬محيطه‭ ‬المجتمعـي،‭ ‬مهمة‭ ‬الكاتب‭ ‬كشف‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬المحتدم‭ ‬بالصراع‭ ‬كيما‭ ‬يوقظ‭ ‬العقول‭. ‬لنكتب‭ ‬أدبـاً‭ ‬رصينـاً‭ ‬فمراوغـة‭ ‬النصوص‭ ‬المفتوحة‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬النقـد،‭ ‬تعني‭ ‬يُـسر‭ ‬المعنى‭ ‬والتمكن‭ ‬منه‭ ‬ظاهرياً‭ ‬ومراوغـة‭ ‬الدلالة،‭ ‬لتقف‭ ‬اللغـة‭ ‬النصية‭ ‬في‭ ‬منطقـة‭ ‬وسطـى‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬ولا‭ ‬تفصح،‭ ‬منطقة‭ ‬محايدة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الشمس‭ ‬والظل،‭ ‬تجعلنا‭ ‬كقراء‭ ‬نستظل‭ ‬بجماليات‭ ‬السرد،‭ ‬حيث‭ ‬يبتـرد‭ ‬الجسد‭ ‬وتبقى‭ ‬الروح‭ ‬معـذبة‭.‬

امتازت‭ ‬المجموعـة‭ ‬في‭ ‬جمال‭ ‬الوصف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتقاء‭ ‬المفردات‭ ‬المدروسة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬أستخدم‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حـد‭ ‬لنهاية‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬يكتبها‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬ببعض‭ ‬القصص،‭ ‬وفي‭ ‬قصص‭ ‬أخرى‭ ‬ترك‭ ‬النهاية‭ ‬مفتوحة‭ ‬أمام‭ ‬القارئ‭. ‬المعاناة‭ ‬ظهرت‭ ‬جلية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬القصص‭ ‬الواردة‭ ‬ففي‭ ‬قصة‭ (‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأيام‭ ‬الخوالي‭) ‬ص‭ ‬15‭ - ‬هيفاء‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسة،‭ ‬تريد‭ ‬تأمين‭ ‬دراستها‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬تقديم‭ ‬جسدها‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬مومس‭. (‬هيفاء‭ ‬بنت‭ ‬ناس‭ ‬خاف‭ ‬الله‭ ‬فيها‭) ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬التي‭ ‬قيلت‭ ‬ضمن‭ ‬حبكة‭ ‬القصة‭ ‬تلخص‭ ‬جملة‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬حياة‭ ‬المدينة‭ ‬وتختزل‭ ‬شتى‭ ‬الأوجاع‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الإنسان‭ ‬المعاصر‭ ‬بالذات‭ ‬الأنثى‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬وسط‭ ‬مجتمعه،‭ ‬كأنه‭ ‬يدفع‭ ‬ضريبة‭ ‬الحياة‭!‬

في‭ ‬استمرارية‭ ‬القراءة‭ ‬يواصل‭ ‬المؤذن‭ ‬إدهاش‭ ‬القارئ،‭ ‬ففي‭ ‬قصة‭ (‬حـفرة‭) ‬عـرج‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬نهاية‭ ‬أب‭ ‬له‭ ‬أولاد‭ ‬قلوبهم‭ ‬قاسية‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬قلة‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭ ‬وتخليهـم‭ ‬عن‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬بشأن‭ ‬مرضه،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬يتجه‭ ‬للمقبرة‭ ‬ويحفـر‭ ‬لنفسه‭ ‬حفـرة‭ ‬لكي‭ ‬يموت‭ ‬فيها،‭ ‬تلك‭ ‬معاناة‭ ‬أي‭ ‬كبير‭ ‬ينتهي‭ ‬به‭ ‬المطاف‭ ‬محطمـاً‭ ‬يلملم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬الحياة‭ ‬وخيباتها‭ ‬ونكرانها‭ ‬وما‭ ‬يجلبهُ‭ ‬من‭ ‬غـدرها‭ ‬بأهلها‭. ‬أما‭ ‬قصة‭ (‬ذات‭ ‬صباح‭) ‬ص‭ ‬61‭ ‬فهي‭ ‬قصة‭ ‬أي‭ ‬أنثى‭ ‬يمـر‭ ‬بها‭ ‬العمـر،‭ ‬لتقف‭ ‬أمام‭ ‬المـرآة‭ ‬وتجد‭ ‬كـل‭ ‬شيء‭ ‬فيها‭ ‬تغـير،‭ ‬هـي‭ ‬صرخـة‭ ‬تبثها‭ ‬عـبر‭ ‬قنوات‭ ‬ذاتها،‭ ‬تستشعـر‭ ‬فيها‭ ‬احتواء‭ ‬رجـل‭ ‬يكون‭ ‬لها،‭ ‬وتذكيرها‭ ‬بأنها‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬هي‭ ‬الحبيبـة‭ ‬الأولى‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬قصـة‭ (‬ورطـة‭ ‬لذيذة‭) ‬ص‭ ‬108‭ - ‬الكاتب‭ ‬عـبر‭ ‬عن‭ ‬مكنون‭ ‬تلك‭ ‬الشخصية،‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يستشعـر‭ ‬جمال‭ ‬المرأة‭ ‬الغربية،‭ ‬بعطـرها‭ ‬النفاذ‭ ‬وملابسها‭ ‬الأنيقة،‭ ‬وحركاتها‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬كنسيم‭ ‬الهواء‭ (‬هذا‭ ‬الجمال‭ ‬الغربي‭ ‬الممزوج‭ ‬بحمـرة‭ ‬هؤلاء‭ ‬القوم‭ ‬يجعل‭ ‬دمي‭ ‬العربي‭ ‬يضطـرب‭ ‬في‭ ‬رأسي‭). ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬لبثت‭ ‬ومالت‭ ‬لغـة‭ ‬الكاتب‭ ‬للسخرية،‭ ‬فتلك‭ ‬الورطة‭ ‬كانت‭ ‬وكأنها‭ ‬المقلب‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬بطل‭ ‬القصة،‭ ‬الحب‭ ‬المفاجئ‭ ‬واللـذة‭ ‬ببقاء‭ ‬رأسها‭ ‬على‭ ‬كـتفه،‭ ‬شيء‭ ‬مثل‭ ‬الحلم‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ ‬لكمـة‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬البطل‭!‬

لم‭ ‬يكتف‭ ‬كاتبنا‭ ‬المؤذن‭ ‬بهذا‭ ‬المقلب‭ ‬ولكن‭ ‬تبعـه‭ ‬وجود‭ ‬صديق‭ ‬للبطـل‭ ‬كان‭ ‬يغمـز‭ ‬بعينـه‭ ‬كأنما‭ ‬يغبطـه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النعيم‭! ‬لكن‭ ‬مسار‭ ‬الأمور‭ ‬حيث‭ ‬انقلبت‭ ‬عمل‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬منحنيات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مشهديته‭ ‬السردية‭ ‬والخلط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السخرية‭ ‬والواقعيـة،‭ ‬يجعلنا‭ ‬نستشعـر‭ ‬جمالية‭ ‬القصة‭.. ‬يزيدها‭ ‬بالطبع‭ ‬روح‭ ‬اللغـة‭ ‬المتوثبـة‭ ‬التي‭ ‬تجعلنا‭ ‬كقـراء‭ ‬نلهـث‭ ‬فيما‭ ‬وراء‭ ‬الكلمات‭.‬

‭(‬ها‭ ‬أنا‭ ‬الآن‭ ‬أكـوي‭ ‬جرحـي‭) ‬ص‭ ‬102‭ ‬العنوان‭ ‬هو‭ ‬قصة‭ ‬بحد‭ ‬ذاته،‭ ‬أما‭ ‬لو‭ ‬دخلنا‭ ‬في‭ ‬سرداب‭ ‬القصة‭ ‬لوجدناها‭ ‬جملاً‭ ‬تُغني‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭.. (‬كيف‭ ‬أنساها،‭ ‬أخبرتني‭ ‬أختي‭ ‬أنه‭ ‬كي‭ ‬أنسى‭ ‬امرأة‭ ‬عليّ‭ ‬كيّ‭ ‬جرحها‭ ‬بامرأة‭ ‬أخرى‭). ‬الكاتب‭ ‬أقترب‭ ‬من‭ ‬أحاسيس‭ ‬شخصياته‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬أقتحم‭ ‬ذاك‭ ‬الأفق‭ ‬الذي‭ ‬يلامس‭ ‬جروحهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬تركنا‭ ‬نتحد‭ ‬معهم‭ ‬بصدق‭ ‬ونتلمس‭ ‬ما‭ ‬يعانونه،‭ ‬هكذا‭ ‬هو‭ ‬الكاتب‭ ‬كأنه‭ ‬يمارس‭ ‬كيّ‭ ‬وعـي‭ ‬القارئ‭ ‬ليقدم‭ ‬العلاج،‭ ‬فهذه‭ ‬القصة‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬إنسانًا‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬بذات‭ ‬التجربة‭ ‬فيجد‭ ‬نهاية‭ ‬النفق‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬تلقيها‭. ‬استمتعت‭ ‬بالقصص‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬أسلط‭ ‬عليها‭ ‬الضوء‭ ‬وشعرت‭ ‬بأن‭ ‬قلم‭ ‬المؤذن‭ ‬فيه‭ ‬نبضات‭ ‬أنثوية،‭ ‬لكونه‭ ‬قلم‭ ‬جميل‭ ‬جدًا،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬أقرأ‭ ‬اسمـه‭ ‬على‭ ‬المجموعة‭ ‬القصصية‭ ‬لحسبت‭ ‬بأنه‭ ‬أنثى‭.‬

‭(‬أعـيد‭ ‬ترتيب‭ ‬أناي‭) ‬تلك‭ ‬الجمل‭ ‬الشاعـرية‭ ‬في‭ ‬السرد‭ ‬قد‭ ‬أكسبت‭ ‬النصوص‭ ‬متانة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬المعنى‭ ‬وكأننا‭ ‬وقعـنا‭ ‬في‭ ‬شراك‭ ‬اللغة‭. ‬الدلالة‭ ‬الذرائعيـة‭ ‬ككل‭ ‬الدلالات‭ ‬التي‭ ‬عـكسها‭ ‬الكاتب‭ ‬كانت‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬بعناية‭ ‬فكانت‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬ودم‭. ‬أيضًا‭ ‬الجانب‭ ‬اللساني،‭ ‬الواقع‭ ‬ولكثرة‭ ‬غـنى‭ ‬ثقافة‭ ‬الكاتب،‭ ‬فقد‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬الجمل‭ ‬التي‭ ‬صاغـها‭ ‬في‭ ‬مجموعـته،‭ ‬فحين‭ ‬يكتب‭ ‬متقمصًا‭ ‬لسان‭ ‬الشخصية‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬لها‭ ‬الانفلات‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬اللاوعـي‭ ‬إلى‭ ‬الوعـي،‭ ‬يطلق‭ ‬حريتها‭ ‬لكنه‭ ‬يعرف‭ ‬بوصلتها‭. ‬بهذه‭ ‬المجموعـة‭ ‬‮«‬وترقصين‮»‬‭ ‬الجنس‭ ‬الأدبي‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬ينضوي‭ ‬تحت‭ ‬عـنوان‭ ‬‮«‬الميتاسرد‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬عـرفهُ‭ (‬وليام‭ ‬غـاس‭) ‬بأنه‭ ‬القص‭ ‬الذي‭ ‬يجذب‭ ‬الانتباه‭ ‬لنفسه،‭ ‬كونه‭ ‬صنعه‭ ‬ليطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬عـن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬القص‭ ‬والواقع،‭ ‬وهذا‭ ‬فعلاً‭ ‬ما‭ ‬لمسناه‭ ‬في‭ ‬قصص‭ ‬كاتبنا‭ ‬‮«‬المؤذن‮»‬‭.. ‬نجده‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬قصصه‭ ‬التي‭ ‬ألفها‭ ‬بوعي‭ ‬جمالي‭ ‬أتت‭ ‬نهاياتها‭ ‬مغايرة‭ ‬لما‭ ‬يتوقع‭ ‬المتلقي‭. ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬نجد‭ ‬الشخصية‭ ‬تقول‭:‬

‭(‬ختامها‭ ‬كـأن‭ ‬ثمـة‭ ‬أشباحا‭ ‬ترقص‭ ‬في‭ ‬رأسي‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬لي‭).‬

أشباح‭ ‬هذا‭ ‬الكاتب‭ ‬تلاحقنا،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭. ‬هناك‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬تبقى‭ ‬معلقـة‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المجموعـة‭ ‬القصصية،‭ ‬تحتاج‭ ‬أكيد‭ ‬لقراءة‭ ‬أكثر‭ ‬عـمقًا‭ ‬حول‭ ‬مشوار‭ ‬كاتب‭ ‬عـربي‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬يقدم‭ ‬سرده‭ ‬بفن‭ ‬ووحده‭ ‬الناقد‭ ‬المختص‭ ‬من‭ ‬يجيب‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬ويضيء‭ ‬عـلى‭ ‬إشكالياتها،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬أننا‭ ‬ككتاب‭ ‬عـرب‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬تجاربنا‭ ‬لكشف‭ ‬ما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬كـل‭ ‬ساحة‭ ‬أدبية‭ ‬عـن‭ ‬نظيراتها‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬يستحق‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭. ‬

 

{ كاتبـة‭ ‬من‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا