العدد : ١٦٩٩٢ - الاثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٢ - الاثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

رسائل من تحت القصف في غزة: «ما زلنا على قيد الحياة»

الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

القدس‭ ‬المحتلة‭ ‬–الوكالات‭: ‬أصبحت‭ ‬الرسائل‭ ‬القصيرة‭ ‬والاتصالات‭ ‬الصعبة‭ ‬وسيلة‭ ‬لسكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬للتواصل‭ ‬صباح‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مع‭ ‬أقارب‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أصقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬لطمأنتهم‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل‭ ‬على‭ ‬القطاع‭.  ‬ويتعرض‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭ ‬إلى‭ ‬عدوان‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭.  ‬على‭ ‬رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يسعى‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬طمأنة‭ ‬أقاربهم‭ ‬وأصدقائهم‭ ‬خارجه،‭ ‬ومواصلة‭ ‬نقل‭ ‬صورة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭. ‬

ويقول‭ ‬محمود‭ ‬شلبي‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬العون‭ ‬الطبي‭ ‬للفلسطينيين‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬لزملائه‭ ‬‮«‬أسجّل‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة،‭ ‬على‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬آمل‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬كذلك‮»‬‭. ‬

ويروي‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬بيت‭ ‬لاهيا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع،‭ ‬يومياته‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬‮«‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬يطال‭ ‬الجميع‮»‬،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬أترك‭ ‬منزلي‭... ‬سأموت‭ ‬واقفا،‭ ‬مجرد‭ ‬وجودي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬فعل‭ ‬مقاومة‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬التحضير‭ ‬لعملية‭ ‬برية‭ ‬محتملة،‭ ‬طلب‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬الانتقال‭ ‬نحو‭ ‬جنوبه‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬قالت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إنها‭ ‬تطال‭ ‬1‭,‬1‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭.  ‬وتعكس‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬يبعث‭ ‬بها‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬أقاربهم‭ ‬وأصدقائهم،‭ ‬وتلك‭ ‬المنشورة‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حال‭ ‬المعاناة‭. ‬

ويروي‭ ‬وليد،‭ ‬وهو‭ ‬غزّي‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬أنه‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬مقاطعة‭ ‬محدثيه‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬يبدأون‭ ‬بقول‭ ‬عبارة‭ (‬إذا‭ ‬حصل‭ ‬لنا‭ ‬أي‭ ‬مكروه،‭ ‬اعتنِ‭ ‬بنفسك‭)‬‮»‬‭. ‬

ولا‭ ‬يتمكن‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬طلب‭ ‬عدم‭ ‬كشف‭ ‬اسمه‭ ‬الكامل،‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬ذويه‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬نظرا‭ ‬لضعف‭ ‬شبكات‭ ‬الاتصال‭. ‬

ويوضح‭ ‬‮«‬أتصل‭ ‬أحيانا‭ ‬عشر‭ ‬مرات‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رد،‭ ‬وأحيانا‭ ‬تصلني‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬السابق،‭ ‬وأحيانا‭ ‬ينقطع‭ ‬الاتصال‭ ‬بعد‭ ‬30‭ ‬ثانية‭ ‬فقط‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬شبه‭ ‬استحالة‭ ‬الاتصال‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال،‭ ‬يعتمد‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬وأقاربهم‭ ‬على‭ ‬الخطوط‭ ‬الهاتفية‭ ‬الثابتة‭ ‬وهي‭ ‬قليلة،‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬نادرا‭ ‬بسبب‭ ‬انقطاع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭. ‬ولجأ‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬مولّدات‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬وقود‭ ‬بات‭ ‬شحيحا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بطاريات‭ ‬السيارات‭. ‬

وتوضح‭ ‬هبة‭ ‬جمّال،‭ ‬الغزّيّة‭ ‬المقيمة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ماينهايم‭ ‬الألمانية،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عائلتي‭ ‬باتت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الزيوت‭ ‬النباتية‭ ‬لتشغيل‭ ‬المولدات‭ ‬لإعادة‭ ‬شحن‭ ‬الهواتف‮»‬‭.  ‬ووفق‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أدى‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الثلاثة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للاتصالات‭ ‬النقالة‭ ‬وشبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬

وأكدت‭ ‬جمال‭ ‬أنها‭ ‬بالكاد‭ ‬تستطيع‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬عائلتها،‭ ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬المنصرمة‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬معلومات‭ ‬بشأن‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬عائلة‭ ‬زوجها‭. ‬أما‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬معهم،‭ ‬فينقلون‭ ‬صعوبة‭ ‬ظروفهم‭ ‬اليومية‭. ‬

وتتحدث‭ ‬عن‭ ‬حوار‭ ‬كالآتي‭ ‬‮«‬قصفوا‭ ‬اليوم‭ ‬منطقتكم‭ ‬في‭ ‬خان‭ ‬يونس،‭ ‬هل‭ ‬الجميع‭ ‬بخير؟‮»‬،‭ ‬أتى‭ ‬الجواب‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يُقصف‭ ‬منزلنا،‭ ‬الحمد‭ ‬الله،‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‮»‬‭.  ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬وليد،‭ ‬باتت‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزة‭ ‬وسيلة‭ ‬لمحاولة‭ ‬الاطمئنان‭. ‬

فبعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أنباء‭ ‬من‭ ‬أقاربه،‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مشاهدة‭ ‬وجوه‭ ‬ضحايا‭ ‬القصف‭ ‬عبر‭ ‬شاشة‭ ‬الجزيرة‭... ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الوسيلة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لمعرفة‭ ‬الأخبار‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬على‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬دائما‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬منطقة‭ ‬هوت‭ ‬سافوا‭ ‬الفرنسية،‭ ‬يحاول‭ ‬وفا‭ ‬عليوة‭ ‬الاتصال‭ ‬بذويه‭ ‬الستينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الوقت،‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬الاتصال‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬

وإذ‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬يخشى‭ ‬سؤالهما‭ ‬عما‭ ‬يأكلانه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شحّ‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الناس‭ ‬يعانون‭ ‬الصدمة‮»‬‭. ‬

ويواجه‭ ‬الصحفيون‭ ‬المحليون‭ ‬الصعوبات‭ ‬نفسها‭ ‬لسكان‭ ‬القطاع‭. ‬ويتعذّر‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬صحفي‭ ‬أجنبي‭ ‬حاليا‭ ‬دخول‭ ‬القطاع‭. ‬

نزحت‭ ‬الصحفية‭ ‬والكاتبة‭ ‬جميلة‭ ‬توفيق‭ (‬26‭ ‬عاما‭) ‬وعائلتها‭ ‬إلى‭ ‬خان‭ ‬يونس‭.  ‬

وتقول‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬منفصلون‭ ‬تماما‮»‬،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬ذويها‭ ‬يسألون‭ ‬شقيقها‭ ‬المقيم‭ ‬خارج‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حيال‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬في‭ ‬القطاع‭. ‬

وتؤكد‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬‮«‬أي‭ ‬معلومات‭ ‬بشأن‭ ‬الآخرين‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بات‭ ‬يحصل‭ ‬‮«‬من‭ ‬طريق‭ ‬الصدفة‮»‬‭ ‬فقط‭. ‬

ومن‭ ‬مركز‭ ‬الإيواء‭ ‬المؤقت‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬تقيم‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتها،‭ ‬تضطر‭ ‬توفيق‭ ‬للمشي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬لبلوغ‭ ‬مكان‭ ‬يتوافر‭ ‬فيه‭ ‬اتصال‭ ‬بالهاتف‭ ‬النقال‭. ‬

على‭ ‬رغم‭ ‬مشقة‭ ‬ذلك‭ ‬وخطر‭ ‬التعرض‭ ‬للقصف،‭ ‬تؤكد‭ ‬توفيق‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬صورة‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬يعنيها‭ ‬مباشرة‭ ‬و«هو‭ ‬مسؤولية‭ ‬مهمة‮»‬‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا