العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

الثقافي

معـضلـة الرقابة على الكتاب المحلي

بقلم : أحمد المـُؤذّن

السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تداول‭ ‬هواجس‭ ‬الثقافة‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الكتاب‭ ‬والمثقفين‭ ‬كلما‭ ‬اجتمعوا‭ ‬أو‭ ‬دار‭ ‬بينهم‭ ‬حديث‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭... ‬ينقل‭ ‬أحد‭ ‬الكتاب‭ ‬المحليين‭ ‬مشكـلته‭ ‬مـع‭ ‬كتابـه‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬القاهـرة‭ ‬ووضع‭ ‬مسألة‭ ‬الترخيص‭ ‬كحجر‭ ‬عـثرة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬‮«‬السماح‭ ‬للكتاب‭ ‬بالتداول‭ ‬المحلي‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كبـد‭ ‬هذا‭ ‬الكاتب‭ ‬دفع‭ ‬أجور‭ ‬التخليص‭ ‬الجمركي‭ ‬والركض‭ ‬المحموم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬والعلاقة‭ ‬لكن‭ ‬ظـل‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬قيد‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬حتى‭ ‬إشعارٍ‭ ‬آخَـر»؟‭!‬

وضعيـة‭ ‬حرجـة‭ ‬كهذه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إتاحة‭ ‬حرية‭ ‬تداول‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬ساحتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬رؤيتي‭ ‬الشخصية‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬أيما‭ ‬جدوى‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الموضوعـية‭ ‬في‭ ‬عـصرنا‭ ‬الراهن،‭ ‬فالواقع‭ ‬يشهد‭ ‬بتخطـي‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬الرقيب‭ ‬المحلي‭ ‬يمتلك‭ ‬سلطـة‭ ‬المنع‭ ‬والمصادرة‭ ‬في‭ ‬وزارات‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬هيئات‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حينما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬تقنيات‭ ‬ووسائل‭ ‬تواصل‭ ‬وميديا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭.‬

سلطة‭ ‬المنع‭ ‬أحكمت‭ ‬قبضتها‭ ‬وعـاشت‭ ‬عصرها‭ ‬الذهبي‭ ‬في‭ ‬مصادرة‭ ‬وقمـع‭ ‬الكلمة‭ ‬ثم‭ ‬تلاشت‭ ‬بفعل‭ ‬هذا‭ ‬الانفجار‭ ‬المعلوماتي‭ ‬الرهيب،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬أي‭ ‬مصنف‭ ‬سمعي‭ ‬أو‭ ‬قرائي‭ ‬مُتاحا‭ ‬بكبسة‭ ‬زر‭ ‬واحدة‭ ‬وحسب‭! ‬لـذا‭ ‬فإن‭ ‬المشرع‭ ‬القانوني‭ ‬سواءً‭ ‬تقبل‭ ‬هذه‭ ‬الحـقيقـة‭ ‬واستوعـبها‭ ‬أم‭ ‬تجاهـلها،‭ ‬فمتطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬تواصل‭ ‬تطورها‭ ‬والكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مضطـراً‭ ‬لنشر‭ ‬مصنفه‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬‮«‬ما‭ ‬دام‭ ‬الفعل‭ ‬الرسمي‭ ‬لمقص‭ ‬الرقيب‭ ‬متوتـرًا‭ ‬يراقب‭ ‬كـل‭ ‬شيء‮»‬،‭ ‬الكاتب‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬فضاءً‭ ‬واسعـًا‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬النشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬الورقي‭  ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وعـليـه‭. ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الرقابة‭ ‬الرسمية‭ ‬تطـوير‭ ‬مستويات‭ ‬عـملها‭ ‬مع‭ ‬إتاحة‭ ‬مقدار‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬وتطورات‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه،‭ ‬فالكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬كـل‭ ‬الأحـوال‭ ‬لن‭ ‬يرهن‭ ‬حـرية‭ ‬حرفـه‭ ‬كيما‭ ‬يـدقق‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬لموظف‭ ‬يستعين‭ ‬بعدسة‭ ‬مكبرة‭ ‬يحاول‭ ‬اكتشاف‭ ‬حقل‭ ‬الألغـام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السطور‭! ‬فعـل‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬ساحتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬متواصل‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬وآلية‭ ‬الببلوغرافيا‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬مركز‭ ‬عـيسى‭ ‬الثقافي‭ ‬يفوته‭ ‬العلم‭ ‬بأن‭ ‬ثمـة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المطبوعـات‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬تنفـر‭ ‬من‭ ‬الرقابة‭ ‬المحلية‭ ‬وتختار‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬وبذلك‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تسجيلها‭ ‬ككتب‭ ‬ومصنفات‭ ‬بحرينية‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحرمها‭ ‬من‭ ‬الرصد‭ ‬الببلوغـرافي‭ ‬السنوي،‭ ‬وهو‭ ‬بالمناسبة‭ ‬لا‭ ‬يتعامل‭ ‬إلا‭ ‬مـع‭ ‬المصنفات‭ ‬المجازة‭.‬

بالنتيجـة‭ ‬ثمـة‭ ‬فاقـد‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬تلك‭ ‬الكتب‭ ‬المحليـة‭ ‬التي‭ ‬تطبع‭ ‬خارج‭ ‬المملكة‮»‬‭ ‬ولأنها‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬ترخيصها‭ ‬حسب‭ ‬آلية‭ ‬قانون‭ ‬النشر‭ ‬والمطبوعـات‭ ‬لدينا،‭ ‬فهي‭ ‬بشكل‭ ‬آلي‭ ‬تفقـد‭ ‬فرصتها‭ ‬بالاعـتراف‭ ‬بها،‭ ‬بالرغـم‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬الكتاب‭. ‬فحتى‭ ‬الدارس‭ ‬المحلي‭ ‬لحركة‭ ‬الأدب‭ ‬البحريني‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬سيقـع‭ ‬في‭ ‬حـرج‭ ‬وتلتبس‭ ‬عـليه‭ ‬الأمـور‭ ‬حينما‭ ‬يشرع‭ ‬بدراسـة‭ ‬حياة‭ ‬أي‭ ‬كاتب‭ ‬بحريني‭.‬

فقاعـدة‭ ‬البيانات‭ ‬المحليـة‭ ‬ستعتريها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الثغـرات‭ ‬الموضوعـية،‭ ‬التي‭ ‬ستوجـد‭ ‬إرباكـًا‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬المعلومة‭ ‬والحالة‭ ‬الضبابية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخدم‭ ‬حركتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬المحلية‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭.. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬مشروع‭ ‬رقمنة‭ ‬الكتاب‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬تبنـته‭ ‬مبادرة‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مركز‭ ‬عـيسى‭ ‬الثقافي،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رصد‭ ‬دقـيق‭ ‬وحثيث‭ ‬لحركة‭ ‬الكتاب‭ ‬المحلي‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قاعـدة‭ ‬معلوماتية‭ ‬قوية‭ ‬الحضور‭ ‬حتى‭ ‬يبلغ‭ ‬النجاح‭ ‬المأمول،‭ ‬لأجل‭ ‬كل‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬استعراضها‭ ‬آنفـًا،‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬المحلي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مراجعـة‭ ‬تخدم‭ ‬حركة‭ ‬الكتابة‭ ‬والنشر‭ ‬وترفع‭ ‬من‭ ‬منسوب‭ ‬التطور،‭ ‬فتعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬الأوراق‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬وانفتاح‭ ‬عصرنا‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الحضارية‭ ‬التي‭ ‬علينا‭ ‬استيعاب‭ ‬معطياتها‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا