العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

«محمية العرين» .. وسيارة الجولف..!!

لا‭ ‬أذكر‭ ‬آخر‭ ‬مرة‭ ‬زرت‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬،‭ ‬ولكني‭ ‬أذكر‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬رحلة‭ ‬مدرسية‭ ‬جميلة،‭ ‬و«كشتة‮»‬‭ ‬عائلية‭ ‬بهيجة،‭ ‬وكنا‭ ‬نتفاخر‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬معارفنا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬أننا‭ ‬نمتلك‭ ‬حديقة‭ ‬كبيرة‭ ‬للحيوانات‭ ‬والحياة‭ ‬البرية،‭ ‬تضم‭ ‬أنواعا‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الزهور‭ ‬والطيور،‭ ‬والزرافة‭ ‬والمها،‭ ‬وحتى‭ ‬النمور‭.‬

بالأمس‭ ‬أبلغني‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬وعائلته‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الإجازة‭ ‬بزيارة‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬،‭ ‬لاستعادة‭ ‬الذكريات‭ ‬الجميلة،‭ ‬وقضاء‭ ‬وقت‭ ‬عائلي‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬ممتع،‭ ‬وتمكين‭ ‬الأبناء‭ ‬الصغار‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬الحيوانات‭ ‬والحياة‭ ‬البرية‭ ‬والحدائق‭ ‬والأزهار‭.. ‬ولكن‭ ‬يا‭ ‬فرحة‭ ‬ما‭ ‬تمت‭..!! ‬حيث‭ ‬صدم‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬عكرت‭ ‬صفو‭ ‬الرحلة،‭ ‬وأفسدت‭ ‬متعة‭ ‬‮«‬الكشتة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تسببت‭ ‬بتغيير‭ ‬مسار‭ ‬الرحلة‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬أكثر‭ ‬جمالا‭ ‬ومتعة،‭ ‬وأقل‭ ‬نفقة‭.‬

يقول‭ ‬الزميل‭: ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬رسوم‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬‭ ‬ارتفعت‭ ‬إلى‭ ‬دينارين‭ ‬للفرد‭ ‬الواحد،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نتوقعه،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬معرفتنا‭ ‬سابقا‭ ‬بأن‭ ‬الرسوم‭ ‬كانت‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.. ‬فقلنا‭ ‬ربما‭ ‬أن‭ ‬المحمية‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬وتوسعتها،‭ ‬وربما‭ ‬تم‭ ‬إدخال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬فيها،‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬الحدائق‭ ‬أوسع،‭ ‬والزهور‭ ‬أكثر،‭ ‬والجولات‭ ‬أكبر‭.‬

ولكن‭ ‬كل‭ ‬توقعاتنا‭ ‬وأحلامنا،‭ ‬وآمالنا‭ ‬وأمنياتنا،‭ ‬ذهبت‭ ‬سدى‭ ‬وتبخرت‭.. ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬المحمية‭ ‬لم‭ ‬تتغير،‭ ‬والحدائق‭ ‬لم‭ ‬تتطور،‭ ‬والمساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬لم‭ ‬تتبدل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الزهور‭ ‬لم‭ ‬تطولها‭ ‬أي‭ ‬لمسات‭ ‬جمالية،‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬‮«‬حطت‭ ‬يدك‮»‬‭..!! ‬فقلنا‭: ‬ربما‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الحيوانات‭ ‬والطيور‭ ‬بديلا،‭ ‬وفي‭ ‬رؤية‭ ‬الجديد‭ ‬منها‭ ‬عوضا‭.. ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬أي‭ ‬جديد،‭ ‬فالحيوانات‭ ‬والطيور‭ ‬والدواجن‭ ‬و«الدبش‮»‬‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬فأين‭ ‬الجديد؟‭ ‬وأين‭ ‬التطوير‭..‬؟؟

قلنا‭: ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعوض‭ ‬متعة‭ ‬الأطفال‭ ‬برؤية‭ ‬‮«‬النمور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬الزجاجي‭ ‬المغلق،‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬نراه‭ ‬سابقا‭.. ‬ولكننا‭ ‬صدمنا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬‮«‬النمور‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الغرفة‭ ‬والمكان‭ ‬المخصص‭ ‬تم‭ ‬إغلاقه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭.. ‬وأصبحت‭ ‬أرى‭ ‬نظرات‭ ‬‮«‬اللوم‭ ‬والعتب‮»‬‭ ‬من‭ ‬أطفالي،‭ ‬ولسان‭ ‬حالهم‭ ‬يقول‭: ‬ألهذا‭ ‬المكان‭ ‬قطعنا‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المسافة،‭ ‬لنرى‭ ‬دواجن‭ ‬وحديقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭..!!‬

فقلت‭ ‬لهم‭: ‬انتظروا‭ ‬ولا‭ ‬تستعجلوا،‭ ‬فهناك‭ ‬رحلة‭ ‬مجانية‭ ‬في‭ ‬الباص‭ ‬الجماعي،‭ ‬وسوف‭ ‬نقوم‭ ‬بجولة‭ ‬ممتعة‭ ‬داخل‭ ‬المحمية،‭ ‬لنرى‭ ‬الجمال‭ ‬والمتعة،‭ ‬والحيوانات‭ ‬البرية‭.. ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬الصدمة‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الباص‭ ‬أصلا،‭ ‬وتم‭ ‬توفير‭ ‬‮«‬سيارات‭ ‬الجولف‮»‬‭ ‬للتنقل‭ ‬والجولة‭.. ‬فذهبت‭ ‬إلى‭ ‬سائق‭ ‬‮«‬سيارة‭ ‬الجولف‮»‬‭ ‬وقلت‭ ‬له‭: ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬المحمية‭ ‬لو‭ ‬سمحت،‭ ‬فرد‭ ‬علي‭ ‬بجواب‭ ‬صادم‭ ‬آخر‭ ‬قائلا‭: ‬لا‭ ‬مانع،‭ ‬ولكن‭ ‬الجولة‭ ‬في‭ ‬‮«‬سيارة‭ ‬الجولف‮»‬‭ ‬بقيمة‭ ‬10‭ ‬دنانير‭..!! ‬فسألته‭ ‬عن‭ ‬السبب؟‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬سيارة‭ ‬الجولف‮»‬‭ ‬تعمل‭ ‬بالكهرباء‭ ‬وليس‭ ‬بالبنزين‭ ‬أصلا،‭ ‬فهل‭ ‬معقول‭ ‬أن‭ ‬أدفع‭ ‬10‭ ‬دنانير‭ ‬قيمة‭ ‬ملء‭ ‬سيارة‭ ‬عادية،‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬قصيرة؟‭ ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الخدمة‭ ‬اختيارية‭ ‬لمن‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬الخصوصية‭ ‬ولا‭ ‬يركب‭ ‬الباص‭ ‬الجماعي،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬فرضها‭ ‬كخيار‭ ‬وحيد؟‭ ‬ولم‭ ‬يجب‭ ‬عليّ‭ ‬السائق‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬بحريني‭..!!‬

لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أسرد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصدمات‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬الزميل‭ ‬لـ‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬بعض‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬دعمها،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬استثمارها‭ ‬في‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬الوطنية‭ ‬أصلا‭.. ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يُعاد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المحمية،‭ ‬وفي‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬سيارة‭ ‬الجولف‮»‬‭.. ‬وعدم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالزيارات‭ ‬الطلابية،‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬المدارس‭ ‬منهم‭ ‬الرسوم‭ ‬وغيرها‭.. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬كان‭ ‬يا‭ ‬مكان‭.. ‬كان‭ ‬عندنا‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬‭.‬

ختاما‭.. ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬قيل‭ ‬لأحدهم‭: ‬ما‭ ‬لنا‭ ‬نراك‭ ‬كثير‭ ‬الصمت؟‭ ‬فرد‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬في‭ ‬لساني‭ ‬‮«‬سبع‮»‬،‭ ‬أخاف‭ ‬إن‭ ‬أطلقته‭ ‬أكلني‭.. ‬ونحن‭ ‬نقول‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬الزميل‭ ‬‮«‬محمية‭ ‬العرين‮»‬‭: ‬إن‭ ‬في‭ ‬قلمي‭ ‬رصاص‭.. ‬أخشى‭ ‬إن‭ ‬ضغطت‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭.. ‬قتلني‭..!!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا