العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

تجربة واقعية في المحاكم الشرعية

في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬زرت‭ ‬مبنى‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬بمنطقة‭ ‬الحنينية‭ ‬بالرفاع،‭ ‬لإجراء‭ ‬معاملة‭ ‬روتينية‭.. ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الزيارة‭ ‬الأولى‭ ‬لي‭ ‬لهذا‭ ‬الصرح‭ ‬الشامخ‭ ‬والمبنى‭ ‬المعماري‭ ‬المتميز‭.. ‬وقد‭ ‬شاهدت‭ ‬حجم‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬الذي‭ ‬تسير‭ ‬به‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬وعجبت‭ ‬من‭ ‬تكاسلنا‭ ‬وتقصيرنا‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬ما‭ ‬حققه‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الحضاري،‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬أسرية‭ ‬رفيعة،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬مقر‭ ‬المحاكم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المنامة‭.‬

حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬أمر‭ ‬بتخصيص‭ ‬مبنى‭ ‬مستقل‭ ‬للمحاكم‭ ‬الأسرية‭ ‬بشقيها،‭ ‬يراعي‭ ‬خصوصية‭ ‬القضايا‭ ‬الشرعية‭ ‬الأسرية،‭ ‬ويسرع‭ ‬في‭ ‬إجراءاتها،‭ ‬تأكيدا‭ ‬لحرص‭ ‬واهتمام‭ ‬جلالته‭ ‬بالأسرة‭ ‬البحرينية،‭ ‬وللحفاظ‭ ‬على‭ ‬خصوصيتها،‭ ‬وتعزيز‭ ‬استقرارها‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وبدعم‭ ‬ومتابعة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭.‬

وفكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬مشروع‭ ‬مبنى‭ ‬خاص‭ ‬للقضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬والمحاكم‭ ‬الأسرية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬توصيات‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الثالث‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬المرأة‭ ‬والقانون‭: ‬مسيرة‭ ‬وإنجاز‭.. ‬تحديات‭ ‬وتطلعات‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016م،‭ ‬برعاية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬قرينة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬رئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬حفظها‭ ‬الله،‭ ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬مناسبة‭ ‬يوم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬الذي‭ ‬خصص‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬للاحتفاء‭ ‬بالمرأة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬القانوني‭ ‬والعدلي،‭ ‬وخلاله‭ ‬تم‭ ‬تدشين‭ ‬بوابة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العدلي‭ ‬والقانوني‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء،‭ ‬وصفحة‭ ‬متخصصة‭ ‬بتشريعات‭ ‬المرأة‭ ‬بهيئة‭ ‬التشريع‭ ‬والرأي‭ ‬القانوني‭.‬

خلال‭ ‬زيارتي‭ ‬لمبنى‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬وجدت‭ ‬التنظيم‭ ‬والانسيابية‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬مواقف‭ ‬السيارات،‭ ‬وأماكن‭ ‬الاستراحة‭ ‬والانتظار،‭ ‬مرورا‭ ‬بإجراءات‭ ‬العمل‭ ‬الالكتروني،‭ ‬ومهنية‭ ‬وإنسانية‭ ‬القضاة‭ ‬الأجلاء،‭ ‬وحسن‭ ‬الاستقبال‭ ‬والتعامل‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬الكرام،‭ ‬وسرعة‭ ‬انجاز‭ ‬المعاملات،‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية،‭ ‬وحرفية‭ ‬متميزة،‭ ‬وحرص‭ ‬كبير‭.‬

كنت‭ ‬أتصور‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وآلية‭ ‬العمل‭ ‬وانسيابية‭ ‬التنظيم‭ ‬موجودة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مباني‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والبنوك‭ ‬والمصارف‭ ‬الضخمة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬التي‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬راحة‭ ‬الزبون‭ ‬والزائر،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬وجدته‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬وانسيابية،‭ ‬ومن‭ ‬سرعة‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬الإجراءات،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الخصوصية،‭ ‬أمر‭ ‬مبهر‭ ‬جدا،‭ ‬ويبعث‭ ‬على‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتزاز‭. ‬

صور‭ ‬ومواقف‭ ‬إنسانية‭ ‬كثيرة‭ ‬شاهدتها‭ ‬هناك،‭ ‬تؤكد‭ ‬الغاية‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬المبنى‭ ‬المستقل‭ ‬للمحاكم‭ ‬الأسرية،‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬خصوصية‭ ‬الأسرة،‭ ‬وتعزز‭ ‬من‭ ‬استقرارها،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬التوافق‭ ‬الأسري،‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬والشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحة،‭ ‬وكذلك‭ ‬القيم‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأصيلة‭ ‬والثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬الراسخة‭. ‬

ولكوني‭ ‬عملت‭ ‬مدرسا‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الديني‭ ‬بوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬فقد‭ ‬تشرفت‭ ‬بلقاء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضاة‭ ‬الأفاضل،‭ ‬والموظفين‭ ‬المحترمين،‭ ‬الذين‭ ‬أبدوا‭ ‬كل‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭ ‬وسعدت‭ ‬بهم،‭ ‬وأبلغوني‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬مدرسا‭ ‬لهم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نسياني‭ ‬أسماء‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تشرفت‭ ‬بتدريسهم‭.. ‬ربما‭ ‬لتعاقب‭ ‬الزمن‭ ‬وكبر‭ ‬السن‭.‬

مبنى‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬إنجاز‭ ‬وطني‭ ‬رفيع‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء،‭ ‬والمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة،‭ ‬ووزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭.. ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬تطوير‭ ‬القضاء‭ ‬البحريني‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬ورؤية‭ ‬البحرين‭ ‬2030،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يستوجب‭ ‬كذلك‭ ‬تضمين‭ ‬مواصلة‭ ‬التطوير‭ ‬القضائي‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬2050‭.. ‬لأن‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬سيكون‭ ‬بخير‭ ‬دائما‭ ‬طالما‭ ‬القضاء‭ ‬الشامخ‭ ‬بخير‭ ‬وتطور‭ ‬مستدام‭. ‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬إجراءات‭ ‬المحاكم‭ ‬قد‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الملاحظات،‭ ‬وتستلزم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬التطويرية،‭ ‬ولكنني‭ ‬اليوم‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬وجها‭ ‬مشرقا‭ ‬وتجربة‭ ‬واقعية‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا