العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

((حتّاك)).. وموقف الدول الخليجية

ذات‭ ‬يوم،‭ ‬استلم‭ ‬الأديب‭ ‬المصري‭ ‬الراحل‭ ‬د‭. ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬رسالة‭ ‬غاضبة‭ ‬من‭ ‬صحفي‭ ‬شاب،‭ ‬ينتقد‭ ‬ويسب‭ ‬فيها‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭.. ‬ولكن‭ ‬د‭. ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ((‬حتّاك‭))! ‬فلما‭ ‬سُئل‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة؟‭ ‬قال‭: ‬لم‭ ‬أشأ‭ ‬أن‭ ‬أعطيه‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجمه‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬الرد‭.. ‬فقد‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬له‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬أنت‭ ‬تهاجمني‭!‬‮»‬‭ ‬فلما‭ ‬نظرت‭ ‬إليها‭ ‬وجدتها‭ ‬كبيرة‭ ‬جداً‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬فكتبت‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬أنت‮»‬‭.. ‬فلم‭ ‬أستسغ‭ ‬أن‭ ‬أعطيه‭ ‬ضميراً‭ ‬منفصلاً‭ ‬وبثلاثة‭ ‬أحرف‭.. ‬فوجدت‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬ضمير‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الكاف‮»‬‭.. ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬حرف‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬فكتبت‭ ‬له‭: ((‬حتّاك‭)).‬

منذ‭ ‬عقد‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الـ‭ ‬33‭ ‬ونجاحها‭ ‬وأصدائها،‭ ‬وجهود‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬والعالم‭ ‬أجمع‭ ‬يتابع‭ ‬الحرص‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬مقومات‭ ‬الدعم‭ ‬والنجاح‭ ‬العالمي،‭ ‬لمبادرة‭ ‬البحرين‭ ‬بشأن‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين‭.. ‬والعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬والشامل،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬بين‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والدول‭ ‬الصديقة‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومستجدات‭ ‬الأمور‭ ‬والأوضاع‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يتضاعف‭ ‬الدور‭ ‬والمسؤولية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خصوصا،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬عموما،‭ ‬لوقف‭ ‬‮«‬الهستيريا‭ ‬الإسرائيلية‮»‬‭.. ‬كما‭ ‬يستوجب‭ ‬الأمر‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الكلام‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الفعل،‭ ‬وهو‭ ‬بالتمام‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسباني‭ ‬لحظة‭ ‬إعلان‭ ‬بلاده‭ ‬والنرويج‭ ‬وإيرلندا،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

كنت‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أحترم‭ ‬الرأي‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬وحق‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الحديث‭ ‬وبيان‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭.. ‬ولكن‭ ‬حينما‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬التشكيك‭ ‬والمزايدة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬أسلوب‭ ‬التطاول‭ ‬والإساءة،‭ ‬ضد‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬تحديدا،‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬وفضائيات‭ ‬معروفة،‭ ‬والحديث‭ ‬غير‭ ‬الموضوعي‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الدعم‭ ‬الخليجي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.. ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬بحاجة‭ ‬ضرورية‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬‮«‬الهذيان‮»‬‭.  ‬

الأوضاع‭ ‬الكارثية‭ ‬الحاصلة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬رفح،‭ ‬والمستمرة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكافة‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ينبغي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭ ‬والفضائيات‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها،‭ ‬وحشد‭ ‬العالم‭ ‬لمناصرتها،‭ ‬لا‭ ‬توجيه‭ ‬سهام‭ ‬النقد‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية،‭ ‬وحيوية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العربية،‭ ‬والتحرك‭ ‬الفاعل‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬اعترفت‭ ‬بها‭ ‬144‭ ‬دولة،‭ ‬وبانضمام‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬أصبح‭ ‬العدد‭ ‬147،‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬193‭ ‬دولة‭.‬

من‭ ‬الملاحظ‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الجولات‭ ‬والزيارات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬ويشارك‭ ‬فيها‭ ‬المسؤولون‭ ‬الخليجيون،‭ ‬تكون‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬وضمن‭ ‬أولوياتها،‭ ‬وتأخذ‭ ‬الحيز‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المباحثات‭ ‬واللقاءات،‭ ‬حتى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الخليجية،‭ ‬إيمانا‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬بموقفها‭ ‬العروبي‭ ‬والإنساني،‭ ‬الثابت‭ ‬والراسخ،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وحق‭ ‬الحاضر‭ ‬وأجيال‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬للعيش‭ ‬بأمن‭ ‬واستقرار،‭ ‬ونماء‭ ‬وازدهار‭. ‬

‭((‬حتّاك‭)) ‬كلمة‭ ‬قالها‭ ‬د‭. ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭.. ‬ولكنها‭ ‬الآن‭ ‬تمثل‭ ‬شخصيات‭ ‬ومنصات‭ ‬وفضائيات،‭ ‬‮«‬تتاجر‮»‬‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وترى‭ ‬أن‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬ودعم‭ ‬شعبها‭ ‬الشقيق،‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتقاص‭ ‬دور‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬وعرقلة‭ ‬جهودها‭ ‬وتحركاتها‭.. ‬اللهم‭ ‬أنقذ‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ((‬حتّاك‭)) ‬وأشباهه‭.. ‬وكن‭ ‬عونا‭ ‬ومعينا‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ورفح‭ ‬من‭ ‬القتلة‭ ‬ومجرمي‭ ‬الحرب‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا