العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

التأهيل والتوظيف.. الجامعات والقطاع الخاص

في‭ ‬معظم‭ -‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كل‭- ‬جامعات‭ ‬إحدى‭ ‬الدول،‭ ‬توجد‭ ‬إدارة‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬شعبة‭ ‬التأهيل‭ ‬والتوظيف‭ ‬والمتابعة‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬برز‭ ‬إنشاء‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬بعد‭ ‬تزايد‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬بشكل‭ ‬مفرط،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬سياسة‭ ‬تنظم‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬وتعالجها‭.. ‬وتهدف‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬التأهيل‭ ‬والتوظيف‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬ناجعة،‭ ‬وتغيير‭ ‬الأنماط‭ ‬المتبعة‭ ‬والتوجهات،‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭. ‬

هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬تضع‭ ‬الطلبة‭ ‬وخريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬هدفها‭ ‬الأساس‭.. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تدريبهم‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭.. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬تأهيلهم‭ ‬لدخول‭ ‬عالم‭ ‬ريادة‭ ‬الاعمال،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬ومهارات‭ ‬الطلاب،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬والمنافسة‭ ‬على‭ ‬الوظائف،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل‭ ‬المتنوعة‭ ‬خلال‭ ‬دراستهم،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وتوفير‭ ‬خريجين‭ ‬مؤهلين‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬عبر‭ ‬اتفاقيات‭ ‬تعاون‭ ‬فاعل‭ ‬بين‭ ‬الجامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتكون‭ ‬لتلك‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬مزايا‭ ‬وتحفيز‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الأكثر‭ ‬تفاعلا‭ ‬مع‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭.‬

طبعا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الواقعي‭ ‬في‭ ‬جامعاتنا‭ ‬المحلية،‭ ‬التي‭ ‬اكتفت‭ ‬بوجود‭ ‬قسم‭ ‬إداري‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬قسم‭ ‬التدريب‭ ‬الجامعي‮»‬،‭ ‬شأنه‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مخاطبة‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬لتوفير‭ ‬مساحة‭ ‬تدريب‭ ‬عملي‭ ‬لإكمال‭ ‬عدد‭ ‬الساعات‭ ‬الجامعية‭ ‬للطالب‭ ‬والطالبة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الأقسام‭ ‬توعز‭ ‬للطالب‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭ ‬مؤسسة‭ ‬تقبل‭ ‬بتدريبه‭..!! ‬

دع‭ ‬عنك‭ ‬التقارير‭ ‬المكتوبة‭ ‬وزيارة‭ ‬المشرفين‭ ‬للطلبة‭ ‬المتدربين،‭ ‬لأنها‭ ‬تقارير‭ ‬وزيارات‭ ‬لا‭ ‬تكشف‭ ‬الواقع،‭ ‬ولا‭ ‬تحقق‭ ‬الهدف‭ ‬الأساس‭ ‬وهو‭ ‬التوظيف‭.. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬التدريب‭ ‬الذي‭ ‬يناله‭ ‬الطالب‭ ‬الجامعي،‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬‮«‬إداري‮»‬،‭ ‬ومخلص‭ ‬مهام‭ ‬روتينية‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬بها‭ ‬الموظفون‭..!!‬

كثرة‭ ‬برنامج‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬بتعدد‭ ‬أسمائها‭ ‬ومسمياتها،‭ ‬وبتعدد‭ ‬مزاياها‭ ‬ودعمها،‭ ‬وزيادة‭ ‬أخبارها‭ ‬وصورها،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تسفر‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬الخريج‭ ‬والباحث‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬فهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬وتقويم‭ .. ‬بحاجة‭ ‬لتصحيح‭ ‬المسار‭ .. ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للجامعات،‭ ‬لتعزيز‭ ‬مفهوم‭ ‬ومسؤولية‭ ‬‮«‬التأهيل‭ ‬والتوظيف‮»‬‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬بشكل‭ ‬إلزامي‭.. ‬وإنشاء‭ ‬شراكة‭ ‬‮«‬حقيقية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬ووزارة‭ ‬العمل،‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬وتمكين‭.. ‬لبحث‭ ‬الموضوع‭ ‬ووضع‭ ‬برنامج‭ ‬قابل‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬الحكومي‭ ‬المباشر‭.‬

وزير‭ ‬العمل‭ -‬أي‭ ‬وزير‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭- ‬لن‭ ‬يتمكن‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬البطالة‭ ‬وتصفير‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭.. ‬لأن‭ ‬الزيادة‭ ‬مستمرة،‭ ‬وخريجي‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬هذه‭ ‬معادلة‭ ‬بسيطة‭ ‬ومعروفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات،‭ ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بدأت‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتوظيف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬غرس‭ ‬مفاهيم‭ ‬العمل‭ ‬والتربية‭ ‬المهنية‭ ‬منذ‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى،‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬وتفعيل‭ ‬دور‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬التوظيف،‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬الطالب‭ ‬إلى‭ ‬أبواب‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وقد‭ ‬تمكنت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬الثقافة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الرغبة‭ ‬للشباب‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لأنه‭ ‬يوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬أكثر‭ ‬وأكبر‭.‬

أعلم‭ ‬أنني‭ ‬أثقلت‭ ‬على‭ ‬القارئ‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬والكتابة‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬التوظيف،‭ ‬طوال‭ ‬المقالات‭ ‬الماضية،‭ ‬ولكنه‭ ‬التوجه‭ ‬المستقبلي‭ ‬للجامعات‭ ‬حاليا،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غائبا‭ ‬عنا‭ ‬وغير‭ ‬مفعل‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ .. ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الوقت‭ ‬لأن‭ ‬تبادر‭ ‬‮«‬الجامعات‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬وتمكين‮»‬‭ ‬لخلق‭ ‬مبادرة‭ ‬جديدة‭ (‬خارج‭ ‬الصندوق‭)‬،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬مسألة‭ ‬التوظيف،‭ ‬وتساند‭ ‬الدولة‭ ‬وخططها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المستقبل‭ ‬الأفضل‭ ‬للوطن‭ ‬والشباب‭ ‬والأجيال‭ ‬القادمة‭.. ‬فقط‭ ‬فكروا‭ ‬وبادروا‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني،‭ ‬وخففوا‭ ‬الأعباء‭ ‬عن‭ ‬الدولة،‭ ‬وحققوا‭ ‬‮«‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‮»‬‭ ‬برؤية‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭.  ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا