العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

هل نجَحَت مسرحيَّة «إنذار كاذِب»؟

{ بقلم: زينب علي البحراني

السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

عاملان‭ ‬يُمكن‭ ‬اعتبارهما‭ ‬مقياسًا‭ ‬لتقييم‭ ‬أي‭ ‬عملٍ‭ ‬فني‭ ‬يستهدف‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭: ‬التفاعُل‭ ‬الجماهيري‭ ‬بالحضور‭ ‬وابداء‭ ‬الاستحسان،‭ ‬واستيفاء‭ ‬الشروط‭ ‬النقديَّة‭ ‬والإبداعيَّة‭ ‬التي‭ ‬تهَبُ‭ ‬العمَل‭ ‬فُرصة‭ ‬للحياة‭ ‬زمنًا‭ ‬أطول‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأرشيف‭ ‬الفني‭ ‬للمنطقة‭ ‬التي‭ ‬وُلِدَ‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬وباعتبار‭ ‬أعمال‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬مافيا‭ ‬سكراب‮»‬‭ ‬المسرحي‭ ‬ذات‭ ‬صوتٍ‭ ‬مسموع‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬أعوامٍ‭ ‬من‭ ‬العمَل‭ ‬الجاد؛‭ ‬استحقَّ‭ ‬آخر‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬مُتمثلاً‭ ‬بمسرحيَّة‭ ‬‮«‬إنذار‭ ‬كاذِب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نموذجًا‭ ‬لتقييم‭ ‬نجاحه‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬آخر‭ ‬عرضٍ‭ ‬من‭ ‬عُروضِه‭.‬

فيما‭ ‬يتعلَّق‭ ‬بالتفاعُل‭ ‬الجماهيري‭ ‬الإيجابي؛‭ ‬لا‭ ‬يسع‭ ‬أي‭ ‬مُقيِّمٍ‭ ‬مُنصِف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬أن‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تذاكرها‭ ‬تنفد‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬نجاحًا‭ ‬جماهيريًا‭ ‬ساحقًا،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬ثلاثة‭ ‬عوامل‭ ‬قويَّة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭: ‬التسويق‭ ‬الممتاز‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عبر‭ ‬وسائط‭ ‬التواصُل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وبطولة‭ ‬‮«‬نجم‭ ‬شُبَّاك‮»‬‭ ‬يحظى‭ ‬بشعبيَّة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬خصوصًا‭ ‬والخليج‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬وهو‭ ‬الفنان‭ ‬‮«‬‭ ‬حسن‭ ‬محمد‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أجواء‭ ‬‮«‬المودَّة‭ ‬العائليَّة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬وَفقَ‭ ‬ما‭ ‬أشاروا‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬لقاءٍ‭ ‬إعلامي‭.‬

بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬العوامل‭ ‬الثلاثة‭ ‬لنجاح‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬جماهيريًا؛‭ ‬يُمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬أهمّها‭ ‬هو‭ ‬النجم‭ ‬‮«‬الجوكر‮»‬‭ ‬حسن‭ ‬محمد،‭ ‬فقد‭ ‬وُلِد‭ ‬بالموهبة‭ ‬وترعرَعَت‭ ‬معه‭ ‬منذ‭ ‬أيَّام‭ ‬استمتاعه‭ ‬بقراءة‭ ‬أعداد‭ ‬‮«‬مجلَّة‭ ‬ماجد‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬الطفولة،‭ ‬إنهُ‭ ‬يعشق‭ ‬التمثيل،‭ ‬ويفهمه،‭ ‬ويغوص‭ ‬في‭ ‬أعماقه،‭ ‬ويبذل‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬بوسعه‭ ‬للتفوّق‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬يحترم‭ ‬ثقة‭ ‬جمهوره‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬كل‭ ‬مشهد‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكتفي‭ ‬بدوره‭ ‬فقط،‭ ‬كانت‭ ‬بصماتهُ‭ ‬الكوميديَّة‭ ‬واضِحة‭ ‬على‭ ‬النص‭ ‬عندمَّا‭ ‬أدَّى‭ ‬دور‭ ‬شخصيَّة‭ ‬الطبيبة‭ ‬العربيَّة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الثاني،‭ ‬أمَّا‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الرابع‭ ‬فقد‭ ‬ذكَّرني‭ ‬بالروح‭ ‬الحلوة‭ ‬للفنان‭ ‬الكويتي‭ ‬القدير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬المنصور‮»‬‭ ‬في‭ ‬مسرحيَّة‭ ‬‮«‬عزوبي‭ ‬السالميَّة‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬قُدرته‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬دور‭ ‬مُحامٍ‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشهَد‭ ‬إلى‭ ‬دورٍ‭ ‬كوميدي‭ ‬نجحَ‭ ‬في‭ ‬إضحاك‭ ‬الجمهور‭ ‬بأسلوبه‭ ‬السهل‭ ‬المُمتنِع‭ ‬تؤكد‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬فنان‭ ‬مُثقف‭ ‬في‭ ‬مجاله‭ ‬بامتياز؛‭ ‬ولا‭ ‬يعتبره‭ ‬مُجرد‭ ‬مصدر‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬المادي‭ ‬وحَسب‭. ‬بعد‭ ‬مُشاهدة‭ ‬مئات‭ ‬الأعمال‭ ‬العربيَّة‭ ‬وغير‭ ‬العربيَّة‭ ‬من‭ ‬الطّراز‭ ‬الرفيع‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬زمنٍ‭ ‬طويل‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬المُشاهِد‭ ‬المُثقف‭ ‬فنيًا‭ ‬الضحِك‭ ‬أمام‭ ‬مشهدٍ‭ ‬كوميدي؛‭ ‬لكنني‭ ‬أُسجّل‭ ‬اعترافًا‭ ‬أنني‭ ‬وجدتُ‭ ‬نفسي‭ ‬أضحك‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬اللقطات‭ ‬المُفاجئة‭ ‬لهذا‭ ‬الفنَّان‭ ‬الذي‭ ‬يمتاز‭ ‬بقدرة‭ ‬فائقة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬ما‭ ‬يُمكننا‭ ‬أن‭ ‬نُطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬صَعقَة‭ ‬الدغدَغة‮»‬‭! ‬فأسلوبه‭ ‬يُدغدغ‭ ‬روح‭ ‬المُشاهِد‭ ‬في‭ ‬لحظةٍ‭ ‬مُباغِتة‭ ‬غير‭ ‬مُتوقعة‭ ‬بما‭ ‬يُشبه‭ ‬الصَّعقة‭ ‬التي‭ ‬تنتزع‭ ‬معه‭ ‬ضحكة‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬بحيث‭ ‬يشعُر‭ ‬أن‭ ‬تلكَ‭ ‬الضحكة‭ ‬توازي‭ ‬رسوم‭ ‬تذكرة‭ ‬الدخول‭ ‬بكاملها‭.‬

كان‭ ‬دور‭ ‬الفنانة‭ ‬‮«‬سلوى‭ ‬الجراش‮»‬‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬مُثيرًا‭ ‬للإعجاب‭ ‬بصورة‭ ‬تستحق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه،‭ ‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬قدَّمت‭ ‬فيه‭ ‬شخصيَة‭ ‬سيدة‭ ‬شابَّة،‭ ‬حُبلى‭ ‬بطفل‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تظهر‭ ‬بعباءةٍ‭ ‬فضفاضة‭ ‬دون‭ ‬إفراطٍ‭ ‬في‭ ‬التأنُّق‭ ‬أو‭ ‬الدلال‭ ‬الأنثوي؛‭ ‬أكَّدَت‭ ‬للمُشاهِد‭ ‬أنها‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬المهارة‭ ‬والموهبة‭ ‬ما‭ ‬يُمكن‭ ‬الاستعانة‭ ‬به‭ ‬لتأدية‭ ‬أدوار‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬‮«‬الشابة‭ ‬الحسناء‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬السيدة‭ ‬الفاتِنة‮»‬،‭ ‬ثمة‭ ‬طاقةٌ‭ ‬فنيَّة‭ ‬كامنة‭ ‬في‭ ‬أعماقها‭ ‬يمكن‭ ‬استثمارها‭ ‬في‭ ‬أدوارٍ‭ ‬أكثر‭ ‬عُمقًا‭ ‬وتعقيدًا‭ ‬وأُخرى‭ ‬أكثر‭ ‬بساطة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬الجانب‭ ‬الأنثوي‭.‬

المُمثل‭ ‬‮«‬جعفر‭ ‬التمار‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يُمكن‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬ثروة‭ ‬فنيَّة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكوميديا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬منه‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬هنيدي‮»‬‭ ‬الخليج‭! ‬فالميزةُ‭ ‬النادرة‭ ‬التي‭ ‬وُلِدَ‭ ‬بها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬عشرات‭ ‬الأبواب‭ ‬الكوميديَّة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬تُفتح‭ ‬لغيره،‭ ‬وهناكَ‭ ‬عشرات‭ ‬النصوص‭ ‬الكوميدية‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬كتابتها‭ ‬خصيصًا‭ ‬ليكون‭ ‬هو‭ ‬بطلها،‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬بالتوفيق‭ ‬الإلهي‭ ‬الذي‭ ‬يُحلّق‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تليق‭ ‬بموهبته‭.‬

نصِل‭ ‬إلى‭ ‬العامل‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬تقييم‭ ‬نجاح‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬عملٍ‭ ‬فني؛‭ ‬وهو‭ ‬استيفاء‭ ‬الشروط‭ ‬الإبداعيَّة‭ ‬والمعايير‭ ‬الفنيَّة‭.. ‬من‭ ‬باب‭ ‬المصداقيَّة‭ ‬والشفافية‭ ‬يصعُب‭ ‬قول‭ ‬ان‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬حققت‭ ‬هُنا‭ ‬نجاحًا‭ ‬موازيًا‭ ‬لنجاحها‭ ‬الجماهيري،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬كُل‭ ‬المشاهد‭ ‬كانت‭ ‬بمستوى‭ ‬‮«‬المشهد‭ ‬الثالث‮»‬‭ ‬لتداعَت‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬وتقلَّص‭ ‬عدد‭ ‬حاجزي‭ ‬التذاكر‭ ‬بعد‭ ‬أوَّل‭ ‬عَرضين‭.‬

يُحسب‭ ‬لفريق‭ ‬‮«‬مافيا‭ ‬سكراب‮»‬‭ ‬أنهُ‭ ‬مازال‭ ‬صامدًا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفنيَّة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬رُغم‭ ‬كُل‭ ‬التحديات،‭ ‬ونأمَل‭ ‬أن‭ ‬يستكمِل‭ ‬مسيرتهُ‭ ‬صعودًا‭ ‬نحو‭ ‬مزيدٍ‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬والتألُّق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬يأسٍ‭ ‬أو‭ ‬كَلل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا