العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

«من يهودي صهيوني إلى إيرلندي أمريكي صهيوني»

حين‭ ‬التقى‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بالرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬‮«‬من‭ ‬يهودي‭ ‬صهيوني‭ ‬إلى‭ ‬إيرلندي‭ ‬أمريكي‭ ‬صهيوني،‭ ‬شكرا‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬والدعم‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

يشير‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬بايدن‭ ‬ويكرره‭ ‬باستمرار‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬صهيوني‮»‬‭ ‬ويفتخر‭ ‬بهذا‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬سوف‭ ‬يدخل‭ ‬التاريخ‭ ‬باعتباره‭ ‬أكبر‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬قدَّم‭ ‬خدمات‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬قدموا‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬الدعم‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تقوم‭ ‬أصلا‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬التفوق‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬النوعي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة،‭ ‬لكن‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬بايدن‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬فاق‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭.‬

بايدن‭ ‬شارك‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬أكبر‭ ‬عملية‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬عرفها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالجسر‭ ‬الجوي‭ ‬الذي‭ ‬أقامه‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أشهر‭ ‬لنقل‭ ‬الأسلحة‭. ‬لولا‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬لما‭ ‬تمكن‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭. ‬وبايدن‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬كل‭ ‬إمكانيات‭ ‬أمريكا‭ ‬ونفوذها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬الإدانات‭ ‬الدولية‭ ‬ومن‭ ‬معاقبته‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬بمناسبة‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬أمريكا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬اغتيال‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬وتهديدات‭ ‬إيران‭ ‬بالانتقام‭ ‬والرد‭ ‬على‭ ‬الاغتيال‭.‬

أمريكا‭ ‬قررت‭ ‬فورا‭ ‬الدفع‭ ‬بأكبر‭ ‬حشد‭ ‬عسكري‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭.. ‬بوارج‭ ‬حربية،‭ ‬وحاملات‭ ‬طائرات،‭ ‬وأسرابا‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الحربية،‭ ‬وآلاف‭ ‬الجنود‭.. ‬وهكذا‭.‬

المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أعلنوا‭ ‬صراحة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحشد‭ ‬العسكري‭ ‬يأتي‭ ‬تحسبا‭ ‬للرد‭ ‬الإيراني‭ ‬المتوقع‭ ‬على‭ ‬اغتيال‭ ‬هنية،‭ ‬وذلك‭ ‬لحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬بداية‭ ‬أن‭ ‬إقدام‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬اغتيال‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬هو‭ ‬عدوان‭ ‬إرهابي‭ ‬سافر‭.. ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬توصيف‭ ‬آخر‭.‬

هذا‭ ‬العدوان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مُدانا‭ ‬من‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تطورات‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭.‬

ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬ترسل‭ ‬أمريكا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحشود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت؟

من‭ ‬المفهوم‭ ‬بالطبع،‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تدفع‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬الحشد‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬عامل‭ ‬ردع‭ ‬لإيران؛‭ ‬بمعنى‭ ‬دفع‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬ستتدخل‭ ‬مباشرة‭ ‬لمواجهتها‭ ‬بكل‭ ‬قواها‭ ‬العسكرية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تخويف‭ ‬إيران‭ ‬بحيث‭ ‬يأتي‭ ‬ردها‭ ‬محدودا‭.‬

لكن‭ ‬يبقى‭ ‬المعنى‭ ‬الأكبر،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تستخدم‭ ‬كل‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬الضاربة‭ ‬وكل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬لحماية‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

بعبارة‭ ‬أدق،‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬إرسالها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬اليوم‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬هي،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬مطلقة‭ ‬السراح،‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬تريد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.. ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تشنَّ‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دولة‭.. ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تغتال‭ ‬مَنْ‭ ‬تشاء‭ ‬وتدمِّر‭ ‬ما‭ ‬تشاء،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أحدٍ‭ ‬أن‭ ‬يردَّ‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬يحاسبها،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬أمريكا‭ ‬جاهزة‭ ‬تماما‭ ‬لحمايتها‭ ‬مهما‭ ‬فعلت‭!‬

وكما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬كتبت،‭ ‬الأمر‭ ‬يتعدى‭ ‬بكثير‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬بعد‭ ‬اغتيال‭ ‬هنية‭ ‬واحتمالات‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭. ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬باستراتيجية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لفرض‭ ‬أوضاع‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.. ‬أوضاع‭ ‬جوهرها‭ ‬فرض‭ ‬الإرادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بمشاركة‭ ‬وحماية‭ ‬أمريكا‭.‬

الأمر‭ ‬هو‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬نتنياهو‭ ‬فعلا‭.. ‬أمر‭ ‬لقاء‭ ‬إرادات‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬بين‭ ‬‮«‬يهودي‭ ‬صهيوني،‭ ‬وإيرلندي‭ ‬أمريكي‭ ‬صهيوني‮»‬‭.‬

العجيب‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬مازال‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬وعلى‭ ‬دور‭ ‬تلعبه‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬سلام‭ ‬واستقرار‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا