العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الإرهاب اليميني في الغرب

حين‭ ‬جرت‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬مؤخرا‭ ‬سادت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الرعب‭ ‬والهلع‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬اعقاب‭ ‬ظهور‭ ‬نتائج‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى،‭ ‬اذ‭ ‬اجتاحت‭ ‬احزاب‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الانتخابات‭ ‬وتصدرت‭ ‬النتائج‭.‬

على‭ ‬الفور‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬حديث‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬سوى‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمينية‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬الى‭ ‬الفوز‭ ‬بالجولة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬وبالتالي‭ ‬حكم‭ ‬فرنسا‭ ‬وتشكيل‭ ‬الحكومة‭.‬

حالة‭ ‬الرعب‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬سببها‭ ‬انها‭ ‬اعتبرت‭ ‬فوز‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬انقلاب‭ ‬سياسي‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬ستترتب‭ ‬عليه‭ ‬نتائج‭ ‬كارثية‭ ‬رهيبة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬تعاديهم‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭.‬

وتنفست‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الصعداء‭ ‬عندما‭ ‬تراجعت‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬وبالتالي‭ ‬زال‭ ‬خطر‭ ‬حكمها‭ ‬لفرنسا‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬يمثل‭ ‬كابوسا‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭.‬

وفي‭ ‬بريطانيا‭ ‬شهدت‭ ‬البلاد‭ ‬اعمال‭ ‬عنف‭ ‬وتخريب‭ ‬رهيبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المدن‭ ‬تقريبا‭. ‬اعمال‭ ‬العنف‭ ‬بدأت‭ ‬عندما‭ ‬انتشرت‭ ‬معلومة‭ ‬كاذبة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تزعم‭ ‬ان‭ ‬مهاجرا‭ ‬مسلما‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬ثلاث‭ ‬فتيات‭. ‬على‭ ‬الفور‭ ‬حشدت‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمينة‭ ‬المتطرفة‭ ‬كل‭ ‬قواها،‭ ‬واجتاحت‭ ‬المدن‭ ‬البريطانية‭ ‬تدميرا‭ ‬وتخريبا‭. ‬وبالطبع‭ ‬كان‭ ‬المسلمون‭ ‬هم‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬للاعتداءات‭ ‬اليمينية،‭ ‬وشهدت‭ ‬البلاد‭ ‬اعتداءات‭ ‬على‭ ‬المساجد‭ ‬وممتلكات‭ ‬المسلمين،‭ ‬وامتدت‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬المهاجرين‭ ‬والأقليات‭ ‬الأخرى‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

حالة‭ ‬من‭ ‬الرعب‭ ‬أيضا‭ ‬اجتاحت‭ ‬السلطات‭ ‬البريطانية‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬عمدة‭ ‬لندن‭ ‬المسلم‭ ‬قال‭ ‬انه‭ ‬شخصيا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يشعر‭ ‬بالأمان‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬السلطات‭ ‬انتابتها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والارتباك‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬اعمال‭ ‬العنف‭ ‬والتخريب‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭. ‬وتحدث‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬اهلية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

وفي‭ ‬أمريكا،‭ ‬وكما‭ ‬سبق‭ ‬وكتبت،‭ ‬تسود‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والهلع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬حول‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬اعمال‭ ‬عنف‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وحدوث‭ ‬مواجهات‭ ‬دامية‭ ‬مع‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬نفسه‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬شكه‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬انتقال‭ ‬سلمي‭ ‬للسلطة‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭. ‬وبالفعل‭ ‬الجماعات‭ ‬اليمينية‭ ‬والمليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬تحشد‭ ‬قواتها‭ ‬وتضع‭ ‬خططها‭ ‬تحسبا‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتمال‭. ‬وأيضا‭ ‬يتخوف‭ ‬الكثيرون‭ ‬علنا‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬اهلية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

اذن،‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬الى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وحش‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬يفتك‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭. ‬والسلطات‭ ‬الحاكمة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬بالضبط‭ ‬كيف‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬وتردعه‭ ‬باستثناء‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬بريطانيا‭ ‬مثلا‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬قمعية‭ ‬شديدة‭ ‬للذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬اعمال‭ ‬العنف‭ ‬الأخيرة‭. ‬نعني‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬استراتيجية‭ ‬سياسية‭ ‬رشيدة‭ ‬وواضحة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقتية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬تطور‭ ‬جديد‭ ‬يحدث‭.‬

مسؤول‭ ‬كبير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬البريطانية‭ ‬هو‭ ‬نيل‭ ‬باسو،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مديرا‭ ‬لجهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وصف‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬والشغب،‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬البلاد‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تجاوزت‭ ‬الحدود‭ ‬لتدخل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الإرهاب‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬إنه‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬ينتبه‭ ‬المسؤولون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬وينظروا‭ ‬إليها‭ ‬عن‭ ‬كثب‮»‬‭. ‬واضاف‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬خطيرة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ترهيب‭ ‬فئة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬القانوني‭ ‬للإرهاب‭ ‬عندما‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‮»‬‭.‬

الأمر‭ ‬هو‭ ‬هكذا‭ ‬بالفعل‭ ‬كما‭ ‬وصفه‭ ‬المسئول‭ ‬البريطاني‭. ‬اليمين‭ ‬العنصري‭ ‬المتطرف‭ ‬أصبح‭ ‬وحشا‭ ‬إرهابيا‭ ‬كاسرا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬هذ‭ ‬النحو‭ ‬يهدد‭ ‬بتقويض‭ ‬استقرار‭ ‬هذه‭ ‬البلاد،‭ ‬وبتفجير‭ ‬صراعات‭ ‬أهلية‭ ‬اجتماعية‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬وبتدمير‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬السياسية‭.. ‬الخ‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬وصل‭ ‬الغرب‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الحال؟‭.. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬توحش‭ ‬اليمين‭ ‬الإرهابي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا