العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

كي لا نصادر حق الأجيال القادمة

عرضت‭ ‬أمس‭ ‬لحديث‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬الذي‭ ‬تطرق‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭ ‬لدى‭ ‬النشء‭ ‬والشباب‭ ‬وحماية‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والغزو‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭.‬

وذكرت‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬وحده‭ ‬مسؤولا‭ ‬عنها‭.‬

القضية‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تتعرض‭ ‬لهجمة‭ ‬شرسة‭ ‬تستهدف‭ ‬هويتها‭ ‬وقيمها‭ ‬وثقافتها‭. ‬هجمة‭ ‬هدفها‭ ‬تحطيم‭ ‬الهوية،‭ ‬وتزييف‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بالذات،‭ ‬وضرب‭ ‬الولاء‭ ‬الوطني‭.. ‬وهكذا‭.‬

هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وعلى‭ ‬القيم‭ ‬والثقافة‭ ‬وراءها‭ ‬هدف‭ ‬استراتيجي‭ ‬أكبر‭. ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬تحطيم‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.. ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬إبقاء‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ضعيفة‭ ‬مشتتة‭ ‬ضائعة‭.. ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬الجديدة‭ ‬أجيال‭ ‬خنوعة‭ ‬طيعة،‭ ‬هويتها‭ ‬مشوهة‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أو‭ ‬المقاومة‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أوطانها‭.‬

الفكرة‭ ‬الجوهرية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬دولنا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬مجتمعات‭ ‬ودولا‭ ‬عربية‭ ‬هويتها‭ ‬محطمة‭ ‬وقيمها‭ ‬مشوهة،‭ ‬وأجيالها‭ ‬الجديدة‭ ‬بلا‭ ‬اعتزاز‭ ‬وطني‭ ‬بهويتها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وثقافتها،‭ ‬وبلا‭ ‬ولاء‭ ‬وطني‭.. ‬مجتمعات‭ ‬ودول‭ ‬هكذا‭ ‬هو‭ ‬حالها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والمقاومة‭ ‬ومواجهة‭ ‬المخططات‭ ‬التي‭ ‬تستهدفها‭.‬

لكل‭ ‬هذا،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬القضية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عنها،‭ ‬على‭ ‬أهميته‭ ‬الكبرى‭ ‬الحاسمة‭.‬

هذه‭ ‬مسؤولية‭ ‬يتحملها‭ ‬المجتمع‭ ‬كله،‭ ‬والدولة‭ ‬بكل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬وأجهزتها‭.‬

الأسرة‭ ‬مثلا‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبرى،‭ ‬بل‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تزرع‭ ‬الأسرة‭ ‬لدى‭ ‬أبنائها‭ ‬قيم‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والولاء‭ ‬الوطني‭ ‬وقيم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬فأغلب‭ ‬الظن‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬تجدي‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرا‭. ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬تزرع‭ ‬لدى‭ ‬أبنائها‭ ‬مثلا‭ ‬قيم‭ ‬إعلاء‭ ‬الطائفية‭ ‬وأولويتها‭ ‬على‭ ‬الولاء‭ ‬للوطن‭ ‬ترتكب‭ ‬جريمة‭ ‬بحق‭ ‬المجتمع‭ ‬والوطن‭ ‬وتقدم‭ ‬خدمة‭ ‬عظمى‭ ‬للقوى‭ ‬والجهات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تستهدفنا‭ ‬بمخططاتها‭.‬

الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مخططات‭ ‬استهداف‭ ‬دولنا‭ ‬وأبعادها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬وفي‭ ‬التوعية‭ ‬العامة،‭ ‬وفي‭ ‬تكريس‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭. ‬الإعلام‭ ‬أصبح‭ ‬دوره‭ ‬خطيرا،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬فوضى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬والإنترنت‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تستهدفنا،‭ ‬وأحد‭ ‬أكبر‭ ‬أدوات‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططاتها‭.‬

كل‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬كبيرة،‭ ‬كلٌ‭ ‬في‭ ‬مجاله‭ ‬وقطاع‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يخاطبه‭.‬

وقبل‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬وبعده،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬عامة‭ ‬محددة‭ ‬المعالم‭ ‬لحماية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وتكريس‭ ‬الولاء‭ ‬الوطني‭ ‬ومواجهة‭ ‬المخططات‭ ‬الأجنبية‭.‬

بالطبع،‭ ‬الدولة‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬المختلفة‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬تتحدد‭ ‬أدوار‭ ‬مختلف‭ ‬الجماعات‭ ‬والقوى‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذها‭.‬

المسألة‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬تواجه‭ ‬خطرا‭ ‬جسيما‭.. ‬خطرا‭ ‬يستهدف‭ ‬هويتها‭ ‬ومكانتها،‭ ‬لتبقى‭ ‬خاضعة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬مخططات‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أساسية‭ ‬اليوم‭ ‬لحماية‭ ‬أجيالنا‭ ‬الجديدة‭ ‬بالذات‭ ‬وتحصينها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭.. ‬نتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أن‭ ‬يتربى‭ ‬أبناؤنا‭ ‬وأحفادنا‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الاعتزاز‭ ‬والصمود‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أوطاننا‭.‬

المسألة‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نصادر‭ ‬حق‭ ‬أجيالنا‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحققوا‭ ‬ما‭ ‬فشلنا‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭.. ‬وكي‭ ‬نفعل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نربيهم‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية‭ ‬السليمة‭ ‬وعلى‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية،‭ ‬لا‭ ‬قيم‭ ‬الخنوع‭ ‬والاستسلام‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا