العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

«عائشة نور».. والقضية الفلسطينية

بالأمس‭ ‬نشرت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬دفن‭ ‬جثمان‭ ‬الناشطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التركية،‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬نور‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬قُتلت‭ ‬برصاص‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬جثة‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬نور‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬إزمير،‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬الجمعة‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬معهد‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬لتشريحها،‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬ديديم،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬في‭ ‬أيدين،‭ ‬تركيا‭.‬

وكانت‭ ‬الشابة‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬26‭ ‬عاما‭ ‬قد‭ ‬قُتلت‭ ‬بالرصاص‭ ‬خلال‭ ‬مظاهرة‭ ‬مناهضة‭ ‬للاستيطان‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬نابلس‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬قبل‭ ‬ثمانية‭ ‬أيام‭.. ‬وقال‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حينها‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬أصيبت‭ ‬بنيران‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭.‬

‮«‬عائشة‭ ‬نور‮»‬‭.. ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬قتلهم‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولكن‭ ‬برز‭ ‬اسمها‭ ‬لكونها‭ ‬تحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬اهتم‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالحادثة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والمرشحة‭ ‬الحالية‭ ‬للرئاسة‭ ‬‮«‬كامالا‭ ‬هاريس‮»‬‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬المحاسبة‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬قتلها‭.. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬الاهتمام‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالحادثة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قتل‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وقد‭ ‬أجاب‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬سليمان‭ ‬جودة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقالته‭ ‬بالأمس‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬تلك‭ ‬التساؤلات،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬تدعو‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬محاسبة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬ثم‭ ‬عندما‭ ‬تتكلم‭ ‬بهذه‭ ‬اللهجة،‭ ‬فالحقيقة‭ ‬أنها‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بصفتين‭ ‬اثنتين،‭ ‬إحداهما‭ ‬أنها‭ ‬تتبوأ‭ ‬موقع‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬والثانية‭ ‬أنها‭ ‬تتحرك‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بصفتها‭ ‬المرشح‭ ‬الرسمي‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.. ‬وربما‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬صفة‭ ‬ثالثة‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬تتكلم‭ ‬بلسان‭ ‬المنتصر‭ ‬في‭ ‬مناظرتها‭ ‬مع‭ ‬مرشح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭.‬

وأنا‭ ‬أضيف‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬الثالثة‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬نور‮»‬‭ ‬لقيت‭ ‬مصرعها‭ ‬قبل‭ ‬المناظرة‭ ‬بأيام،‭ ‬وتكلم‭ ‬عنها‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬وأثار‭ ‬موضوعها‭ ‬باهتمام‭.. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الموضوع‭ ‬لم‭ ‬يصادف‭ ‬اهتمامًا‭ ‬خاصًّا‭ ‬من‭ ‬مرشحة‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬المناظرة‭.. ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬إحساسها‭ ‬بنشوة‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬هو‭ ‬السبب؟‭.. ‬ربما،‭ ‬بل‭ ‬مؤكد‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬تفسير‭ ‬آخر‭.‬

وتبدو‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬نور‮»‬‭ ‬من‭ ‬اسمها‭ ‬وكأنها‭ ‬عربية،‭ ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنها‭ ‬تركية‭ ‬الأصل‭ ‬تحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬وتعيش‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سياتل‭ ‬الشهيرة‭.. ‬ويكفي‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬الجنسية‭ ‬لتصبح‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬ساكن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ونائبته‭.. ‬فالرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬نفسه‭ ‬اهتم‭ ‬شخصيًّا‭ ‬بموضوعها،‭ ‬وأطلق‭ ‬حوله‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬يؤنب‭ ‬فيها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ثم‭ ‬تراجع‭- ‬للأسف‭- ‬خطوات‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬وقال‭ ‬ما‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬مقتلها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عن‭ ‬قصد‭.‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬ضبط‭ ‬بايدن‭ ‬ولا‭ ‬تم‭ ‬ضبط‭ ‬نائبته‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مماثلة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مشابهة‭ ‬من‭ ‬الاهتمام،‭ ‬بمصرع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮«‬عائشة‮»‬‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الفلسطيني‭.. ‬وعندما‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮«‬عائشة‮»‬‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فأنا‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬آلاف،‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬عشرات‭.. ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬ضحايا‭ ‬المقتلة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬41118‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ،‭ ‬وبالإجمال‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬العُزّل،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬سلاح‭ ‬في‭ ‬أيديهم‭ ‬يدافعون‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وهذا‭ ‬الرقم‭ ‬بالمناسبة‭ ‬جرى‭ ‬الإعلان‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬دعت‭ ‬فيه‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬المحاسبة‭ ‬الكاملة‭ ‬إياها‭.. ‬ولا‭ ‬معنى‭ ‬لذلك‭ ‬كله‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مرشحة‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬بعين‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬آخرها،‭ ‬بينما‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬‮«‬عائشة‭ ‬فلسطينية‮»‬‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬بعين‭ ‬مغمضة‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬شيئًا‭.‬

والشاعر‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬لخص‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬قتلُ‭ ‬امرئ‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬جريمة‭ ‬لا‭ ‬تُغتفر‭.. ‬وقتلُ‭ ‬شعب‭ ‬آمن‭ ‬مسألة‭ ‬فيها‭ ‬نظر‭!‬‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا