العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

العلامات الرمزية الدلمونيَّة.. بين الإبداع الفني والثقافة الجماهيريَّة

الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

متابعة‭: ‬زينب‭ ‬علي‭ ‬البحراني

 

لا‭ ‬يزدهرُ‭ ‬مُستقبَل‭ ‬أرضٍ‭ ‬إلا‭ ‬بمُنجزات‭ ‬الحاضِر‭ ‬التي‭ ‬تغترف‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬تجارب‭ ‬الماضي،‭ ‬ولا‭ ‬يستمر‭ ‬صعود‭ ‬الحضارات‭ ‬إلا‭ ‬باستمرار‭ ‬تدفُّق‭ ‬الفِكر‭ ‬الذي‭ ‬يُذكّر‭ ‬بأبرز‭ ‬اللمحات‭ ‬المُضيئة‭ ‬في‭ ‬عصور‭ ‬البُلدان،‭ ‬وحينَ‭ ‬تتضافر‭ ‬جهود‭ ‬الأفراد‭ ‬ودعم‭ ‬المؤسَّسات‭ ‬لتعزيز‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬السامية؛‭ ‬تتجلَّى‭ ‬الآمال‭ ‬المُتفائِلة‭ ‬بانتعاش‭ ‬الوعي‭ ‬الجماهيري‭ ‬تجاه‭ ‬تفاصيل‭ ‬قيّمة‭ ‬قادرة‭ ‬المُساهمة‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬اتساع‭ ‬مدارك‭ ‬المُتلقّي‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬ذائقته‭ ‬الفنيَّة‭ ‬ومخزون‭ ‬معلوماته‭ ‬التاريخيَّة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أبدعهُ‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الفنان‭ ‬والباحث‭ ‬التاريخي‭ ‬البحريني‭ ‬‮«‬محمود‭ ‬عبدالصاحب‭ ‬البقلاوة‮»‬‭ ‬وفُندق‭ ‬‮«‬داون‭ ‬تاون‭ ‬روتانا‭ ‬‭ ‬المنامة‮»‬‭ ‬عند‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬ورشة‭ ‬العلامات‭ ‬الرمزية‭ ‬الدلمونيَّة‮»‬‭ ‬‭ ‬لجَمعٍ‭ ‬من‭ ‬المُهتمينَ‭ ‬‭ ‬بصُحبة‭ ‬معرضٍ‭ ‬فني‭ ‬تشكيلي‭ ‬يُسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ذاك‭ ‬الجانِب‭ ‬المُضيء‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬دِلمون‭ ‬الخالِدة‭.‬

عبرَ‭ ‬ورشة‭ ‬‮«‬العلامات‭ ‬الرمزية‭ ‬الدلمونيَّة‮»‬‭ ‬أوضحَ‭ ‬الفنان‭ ‬محمود‭ ‬البقلاوة‭ ‬جوانب‭ ‬قيّمة‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬دِلمون‭ ‬التي‭ ‬عُرِفَت‭ ‬خلال‭ ‬الألفيَّة‭ ‬الثالِثة‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬الخلود‮»‬،‭ ‬وأشارَ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬العلامات‭ ‬الرمزية‭ ‬الدلمونية‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تطويره‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحضارة‭ ‬المُفعمة‭ ‬بالحيويَّة‭ ‬المُجتمعيَّة‭ ‬والدينيَّة‭ ‬والتجاريَّة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1500‭ ‬‭ ‬1950‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬اشتقاقها‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬وادي‭ ‬السند،‭ ‬وهي‭ ‬رموز‭ ‬اتصاليَّة‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬على‭ ‬الأختام‭ ‬والمنقوشات‭ ‬الحجريَّة‭ ‬والأواني‭ ‬الفخاريَّة،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الرموز‭ ‬نراها‭ ‬مُقتبسة‭ ‬من‭ ‬موضوعات‭ ‬شتَّى‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬وثيقة‭ ‬بالواقع‭ ‬المحلّي‭ ‬مثل‭: ‬أغصان‭ ‬شجار‭ ‬النخيل،‭ ‬المذابِح،‭ ‬المعابِد،‭ ‬الأهلَّة‭ ‬والشمس‭ ‬والنجوم‭.. ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الرموز‭ ‬كانت‭ ‬ثقافة‭ ‬حصريَّة‭ ‬بمؤسسة‭ ‬المعبد‭ ‬وبعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬المُجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الدلموني‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الزمنيَّة،‭ ‬وقدَّم‭ ‬المُحاضِر‭ ‬35‭ ‬رمزًا‭ ‬دِلمونيًا‭ ‬وما‭ ‬يُقابلها‭ ‬من‭ ‬العلامات‭ ‬الصوتيَّة‭ ‬باللاتينيَّة،‭ ‬ما‭ ‬يُساعد‭ ‬على‭ ‬فك‭ ‬شفرة‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬ذاك‭ ‬الزمان،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬اكتشاف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬هموم‭ ‬وشؤونٍ‭ ‬وشجونٍ‭ ‬في‭ ‬فِكرِ‭ ‬انسان‭ ‬تلكَ‭ ‬الأيَّام،‭ ‬واختُتمت‭ ‬الفعاليات‭ ‬العملية‭ ‬للورشة‭ ‬بتدرُّب‭ ‬الحاضرين‭ ‬على‭ ‬نقش‭ ‬الرموز‭ ‬فوق‭ ‬ألواح‭ ‬طينيَّة‭ ‬مُحاكاة‭ ‬لتجربة‭ ‬الإنسان‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬ابتدعَ‭ ‬تلكَ‭ ‬الرموز‭ ‬وكتبها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستمتعوا‭ ‬بالتجوال‭ ‬بين‭ ‬37‭ ‬لوحة‭ ‬تُركز‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬لوحات‭ ‬معرض‭ ‬الفنان‭ ‬المُقام‭ ‬في‭ ‬بهو‭ ‬الفندق،‭ ‬مُذكرة‭ ‬المُتلقين‭ ‬بإبداع‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعكس‭ ‬أفكاره‭ ‬ومُعتقداته‭ ‬وخُلاصة‭ ‬مشاعره‭ ‬على‭ ‬جُدران‭ ‬المعابد‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬عصورٍ‭ ‬مضَت‭.‬

إن‭ ‬‮«‬داون‭ ‬تاون‭ ‬روتانا‮»‬‭ ‬باحتضانه‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفعاليَّات‭ ‬الفنية‭ ‬والثقافيَّة‭ ‬يؤكد‭ ‬حرصهُ‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬المعرفة‭ ‬الجادَّة‭ ‬والقِيَم‭ ‬العُليا‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بالإنسان‭ ‬ككيانٍ‭ ‬عظيم‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬مُجرَّد‭ ‬‮«‬سِلعة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬لُعبة‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬طُغيان‭ ‬النظام‭ ‬الرأسمالي،‭ ‬فالورشة‭ ‬أُقيمت‭ ‬مجانًا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُطالَب‭ ‬الحاضرين‭ ‬برسوم‭ ‬ماديَّة‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تنظيمها‭ ‬اختارت‭ ‬قاعةً‭ ‬فخمةً‭ ‬شاسعةً‭ ‬تليق‭ ‬باسم‭ ‬الفندق‭ ‬ومكانة‭ ‬المُحاضِر،‭ ‬وحرِصَت‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬مُترجمٍ‭ ‬فوري‭ ‬من‭ ‬العربيَّة‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزيَّة‭ ‬لتيسير‭ ‬وصول‭ ‬المعلومة‭ ‬للجميع،‭ ‬وقدَّمت‭ ‬للحاضرينَ‭ ‬الذين‭ ‬قارب‭ ‬تعدادهم‭ ‬الخمسين‭ ‬ضيافةً‭ ‬مجانيَّة‭ ‬بمستوى‭ ‬خمس‭ ‬نجوم،‭ ‬وهي‭ ‬لفتةٌ‭ ‬تستحق‭ ‬التقدير‭ ‬والإكبار‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فنادق‭ ‬الخمس‭ ‬نجوم‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تستقطب‭ ‬الفعاليَّات‭ ‬التجاريَّة‭ ‬ذات‭ ‬العائد‭ ‬المادي‭ ‬المُرتفع‭ ‬لتتمكن‭ ‬من‭ ‬تغطية‭ ‬تكاليفها‭ ‬التشغيليَّة‭ ‬العالية،‭ ‬ما‭ ‬يُشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬يمتازون‭ ‬بحرصٍ‭ ‬حقيقي‭ ‬على‭ ‬تأدية‭ ‬دورهم‭ ‬المُجتمعي‭ ‬بصدقٍ‭ ‬وإيمانٍ‭ ‬حقيقي‭ ‬برسالتهم‭ ‬تجاه‭ ‬الفن‭ ‬والجمال‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا