العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

الراحل.. إسماعيل عبدعلي ترجل عن صهوة الشعر وعاش في القلوب

بقلم: محمد أبو حسن

الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

ضمن‭ ‬معزوفة‭ ‬رائعة،‭ ‬استطاع‭ ‬الشاعر‭ ‬المرحوم‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬الذي‭ ‬فقدناه‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬إصداراته‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬بأهازيج‭ ‬القرية‭ ‬ومواويل‭ ‬البحر‭ ‬والطبيعة‭ ‬الخلابة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬بحرها‭ ‬وأشجارها‭ ‬وعروسه‭ ‬الشامخة‭ ‬‮«‬النخلة‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬لإصداره‭ ‬الأخير‭ ‬‮«‬هوا‭ ‬الكوس‮»‬‭ ‬معناً‭ ‬حقيقياً‭ ‬وتجسيدياً‭ ‬لذلك‭ ‬التراث‭ ‬في‭ ‬أهازيجه‭ ‬الجميلة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬عناق‭ ‬الماضي‭... ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نبراته‭ ‬الحسية‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬وكلماته‭ ‬ومواويله‭ ‬الجميلة‭ ‬الرائعة‭.‬

 

كان‭ ‬لحرفية‭ ‬هذه‭ ‬الأشعار‭ ‬والكتب‭ ‬المميزة‭ ‬والمعنونة‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬صداً‭ ‬رائعاً‭ ‬في‭ ‬أغانيها،‭ ‬ودندنتها‭ ‬الخاصة‭ ‬لدى‭ ‬شاعرنا‭ ‬المرحوم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬استنتاجه‭ ‬وعناقه‭ ‬لتلك‭ ‬الطبيعة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬النخلة‭ ‬في‭ ‬روعتها‭ ‬وجمال‭ ‬قامتها،‭ ‬ومن‭ ‬غصة‭ ‬البحار‭ ‬ونهمات‭ ‬البحر‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬هموم‭ ‬الغواص‭ ‬وخطورة‭ ‬البحر‭ ‬وفرحة‭ ‬صيادي‭ ‬الأسماك‭ ‬عند‭ ‬سواحلها‭ ‬وهم‭ ‬يداعبون‭ ‬أمواجه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جلب‭ ‬الرزق‭ ‬ولقمة‭ ‬العيش‭.. ‬كان‭ ‬لعطش‭ ‬النخيل‭ ‬ولهفتها‭ ‬وطول‭ ‬النهار‭ ‬المرهق‭ ‬مكانة‭ ‬لدى‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬ترانيمه‭ ‬وحسه‭ ‬العاطفي‭ ‬المتوقد‭ ‬إبداعاً‭ ‬كما‭ ‬عرفناه‭ ‬طيلة‭ ‬حياته‭.‬

نعم‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬الإصدار‭ ‬جمال‭ ‬روحي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المضمون‭ ‬المشبع‭ ‬بنكهة‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬بساطة‭ ‬العيش‭ ‬وقوة‭ ‬العزيمة‭ ‬وعفويتها،‭ ‬وجمال‭ ‬طبيعتها‭ ‬حيث‭ ‬البحر‭ ‬ومواويله‭ ‬وصداه‭ ‬البعيد‭... ‬في‭ ‬صدق‭ ‬المعاني‭ ‬والمشاعر‭ ‬التي‭ ‬جسدها‭ ‬دون‭ ‬تكلف‭ ‬أو‭ ‬تصنع‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬الشعري‭ ‬للأغنية‭ ‬الشعبية‭ ‬الجميلة‭ ‬الإيقاع‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬قراءتي‭ ‬لهذا‭ ‬الإصدار‭ ‬في‭ ‬تجسيده‭ ‬لتلك‭ ‬المعاني‭ ‬وتجانسه‭ ‬الجميل‭ ‬الرائع‭ ‬في‭ ‬صوره‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البعد‭ ‬بمعالم‭ ‬واضحة‭ ‬ومعمارية‭ ‬فنية‭ ‬بارزة‭ ‬للبيت‭ ‬البحريني‭ ‬والصبغة‭ ‬التقليدية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬تراثها‭ ‬الجميل‭. ‬كان‭ ‬للموال‭ ‬وهواجس‭ ‬البحر‭ ‬مكانة‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬تلك‭ ‬الهمسات‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الكوس‮»‬‭ ‬لينثر‭ ‬عبيرها‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬بين‭ (‬دهاليز‭ ‬القرية‭ ‬وأزقتها‭ ‬الضيقة،‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬العود‭ ‬والليوان،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الفيء‭ ‬في‭ ‬ظله‭ ‬وبرهته‭ ‬وشوقه‭ ‬للبقاء‭ ‬طويلا،‭ ‬وبين‭ ‬أشجار‭ ‬اللوز‭ ‬وأنهار‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬مياهها‭ ‬الصافية،‭ ‬كان‭ ‬لألم‭ ‬الشاعر‭ ‬ومعاناته‭ ‬همسة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الأسلوب‭ ‬والتعبير‭ ‬عما‭ ‬بداخل‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر‭ ‬المشحون‭ ‬بحب‭ ‬الأشياء‭ ‬حوله‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬أدق‭ ‬تفاصيل‭ ‬المشاعر‭ ‬المحلقة‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الجمال‭.‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجماليات،‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬ألقها‭ ‬لنقرأ‭ ‬هذا‭ ‬الإصدار،‭ ‬بشكل‭ ‬موجز،‭ ‬لكي‭ ‬نكتشف‭ ‬مكامن‭ ‬وأبعاد‭ ‬الجمال‭ ‬المتواري‭ ‬خلف‭ ‬الغلاف‭.‬

‮«‬رغم‭ ‬الشقا‮»‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الموال‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تركيبته‭ ‬التجانسية‭ ‬استطاع‭ ‬الشاعر‭ ‬المرحوم‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬أن‭ ‬يجسد‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬المقطع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الموال‭ ‬في‭ ‬قوله‭:‬

أنسى‭ ‬الكدر‭ ‬وأبتسم،‭ ‬تهنا‭ ‬بدون‭ ‬إشكال

وانظر‭ ‬بيعن‭ ‬الأمل،‭ ‬مهما‭ ‬لقيت‭ ‬إشكال

تلقى‭ ‬السعادة‭ ‬تجي،‭ ‬مثل‭ ‬الهموم‭ ‬أشكال

من‭ ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬التصوير‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬بعده‭ ‬اللفظي‭ ‬والزمني‭ ‬حينما‭ ‬يهيم‭ ‬شاعرنا‭ ‬المرحوم‭ ‬ليجسد‭ ‬لنا‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬صداه‭ ‬الجميل،‭ ‬والذي‭ ‬يعني‭ ‬به‭ ‬نسيان‭ ‬ذلك‭ ‬الألم‭ ‬وذلك‭ ‬الكدر‭ ‬في‭ ‬وصفه‭ ‬وإشكالياته‭ ‬ومعاناته،‭ ‬حيث‭ ‬يبقى‭ ‬ذلك‭ ‬الأمل‭ ‬وبإصرار،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ولحظات‭ ‬يصعب‭ ‬فيه‭ ‬النسيان،‭ ‬هنا‭ ‬دعوة‭ ‬لتصالح‭ ‬الأنسان‭ ‬مع‭ ‬ذاته،‭ ‬هكذا‭ ‬نفهم‭ ‬البعد‭ ‬الفلسفي‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬شاعرنا‭ ‬الراحل‭.‬

هادنيا‭ ‬مي‭ ‬أم‭ ‬أحد،‭ ‬كم‭ ‬واحد‭ ‬مرها

عيش‭ ‬بإرادة‭ ‬وعزم،‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬مرها

لا‭ ‬تكون‭ ‬مثل‭ ‬الذي،‭ ‬نفسه‭ ‬بكدر‭ ‬مرها

دنياك‭ ‬رغم‭ ‬الشقى،‭ ‬فيها‭ ‬السرور‭ ‬أشكال

ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يؤكد‭ ‬الشاعر‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬في‭ ‬المقطع‭ ‬الثاني،‭ ‬بلحن‭ ‬جميل‭ ‬ورائع‭ ‬في‭ ‬وزنه‭ ‬وتجانسه‭ ‬لتلك‭ ‬الكلمات،‭ ‬ليقول‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬وصفه‭ ‬الدنيا‭ ‬ورغم‭ ‬شقاوتها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬روعتها‭ ‬لمن‭ ‬يسافر‭ ‬فيها‭ ‬باحثا‭ ‬عن‭ ‬نور‭ ‬الأمل‭ ‬رغم‭ ‬الظلمة‭.‬

أيضا‭ ‬وفق‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬تلك‭ ‬المصطلحات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التزامنية‭ ‬في‭ ‬تراثها‭. ‬مثل‭ ‬الكدر‭ ‬والهموم‭ ‬والشقى،‭ ‬هذي‭ ‬المصطلحات‭ ‬تمثل‭ ‬فضاء‭ ‬واسعا‭ ‬جميلا‭ ‬في‭ ‬لونه‭ ‬التراثي‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أجيال‭ ‬كانت‭ ‬ترد‭ ‬ألسنتهم‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬التعب‭ ‬وأيام‭ ‬الغوص‭ ‬ومرارتها‭ ‬التي‭ ‬يتغنى‭ ‬بها‭ ‬النهام،‭ ‬وهي‭ ‬التحام‭ ‬صادق‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحلية‭ ‬وتعبير‭ ‬شفاف‭ ‬في‭ ‬المفردات،‭ ‬يقرأ‭ ‬البيئة‭ ‬البحرينية‭ ‬بصدق‭ ‬التناول‭ ‬والإحساس‭.‬

كما‭ ‬ينقلنا‭ ‬الشاعر‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬آخر،‭ ‬فضاء‭ ‬مُلِئ‭ ‬بالإثارة‭ ‬البعيدة‭ ‬في‭ ‬مفهومها‭ ‬التراثي‭ ‬والتجانسي‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬موال‭ ‬آخر‭:‬

موال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬اتهزك‭ ‬الريح‮»‬

دائم‭ ‬أراعيك،‭ ‬مره‭ ‬فأهالعمر‭ ‬راعني

من‭ ‬سبة،‭ ‬الصد‭ ‬حاير‭ ‬والجفا‭ ‬راعني

أترك‭ ‬حكي‭ ‬الناس،‭ ‬وبعين‭ ‬الفكر‭ ‬راعني

في‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬الموال‭ ‬واضح‭ ‬إنّ‭ ‬الشاعر‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬التآلف‭ ‬والود‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬حيث‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يوصل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العطاء‭ ‬الودي‭ ‬بينهم‭. ‬كان‭ ‬يؤكد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬التجانس‭ ‬في‭ ‬معنى‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬راعني‮»‬‭ ‬ويعني‭ ‬بذلك‭ ‬العتاب‭ ‬الحميم‭ ‬للصديق،‭ ‬لهذا‭ ‬كان‭ ‬لذلك‭ ‬البعد‭ ‬معنى‭ ‬جميل‭ ‬وموفق‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬يعكس‭ ‬الصورة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الشاعر،‭ ‬في‭ ‬رؤيته‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬كسبت‭ ‬عبر‭ ‬ودروس‭ ‬الحياة‭ ‬فتجلت‭ ‬بنور‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬بوحها‭ ‬الشعري‭ ‬وأضاءت‭ ‬ما‭ ‬حولها‭ ‬بكل‭ ‬جميل‭.‬

هالناس‭ ‬ما‭ ‬يتركوا،‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬حاله

كم‭ ‬مغرض‭ ‬في‭ ‬الهوى،‭ ‬راعي‭ ‬الوفا‭ ‬حاله

خلى‭ ‬نهاره‭ ‬دُجى،‭ ‬وظل‭ ‬حالته‭ ‬حاله

لا‭ ‬تهزك‭ ‬الريح،‭ ‬خالف‭ ‬من‭ ‬وشى‭ ‬وراعني

رغم‭ ‬تكرار‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬مفهومه‭ ‬الحياتي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الشاعر‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المفاهيم‭ ‬خاصية‭ ‬في‭ ‬تركيبته‭ ‬اللفظية‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬البعد‭ ‬التراثي‭ ‬صورة‭ ‬رائعة‭ ‬في‭ ‬نهماتٍ‭ ‬طويلةٍ‭ ‬وبعيدة‭ ‬في‭ ‬صداها،‭ ‬تأسر‭ ‬الإحساس‭ ‬عند‭ ‬الملتقى‭.‬

كان‭ ‬لذلك‭ ‬التأمل‭ ‬حرفية‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬واختيار‭ ‬للتجانس‭ ‬اللفظي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أسقاطه‭ ‬النوعي‭ ‬لتلك‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬ذلك‭ ‬العطاء‭ ‬في‭ ‬جانبه‭ ‬الأدبي‭ ‬الجميل،‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬الشاعر‭ ‬دونما‭ ‬قراءة‭ ‬رؤيته‭ ‬الفلسفية‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬ما‭ ‬يبدع‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الشاعر‭ ‬الراحل‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬حينما‭ ‬هام‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬ذلك‭ ‬الفضاء‭ ‬الشعري‭ ‬العامي‭.‬

‮«‬هوى‭ ‬الكوس‮»‬

الموال‭ ‬الذي‭ ‬يتصدر‭ ‬عنوان‭ ‬وحنايا‭ ‬هذا‭ ‬الإصدار‭ ‬في‭ ‬معانيه‭ ‬الرقيقة‭ ‬والدقيقة‭ ‬في‭ ‬لفظها،‭ ‬حيث‭ ‬لجأ‭ ‬شاعرنا‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬بإشراقة‭ ‬جميلة‭ ‬ورائعة،‭ ‬في‭ ‬مداعبة‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬لما‭ ‬تعنيه‭ ‬تلك‭ ‬الهواجس‭ ‬والمعاناة‭. ‬هذا‭ ‬الموال‭ ‬والذي‭ ‬تتردد‭ ‬كلماته‭ ‬على‭ ‬مسامعنا‭ ‬بقولها‭:‬

بإشراقة‭ ‬الخير،‭ ‬يا‭ ‬صبح‭ ‬الفرح‭ ‬مرنا

وقطع‭ ‬عروق‭ ‬الشقى،‭ ‬خبرك‭ ‬وطر‭ ‬مرنا

خلنا‭ ‬نمس‭ ‬الهنا،‭ ‬ونتناسى‭ ‬كل‭ ‬مرنا

ما‭ ‬أروع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬التجانس‭ ‬بعد‭ ‬وهاجس‭ ‬جميل‭ ‬نتغنى‭ ‬به،‭ ‬مثل‭..‬

مرنا‭: ‬ويعني‭ ‬بذلك‭ ‬تواصل‭ ‬معنا‭ ‬دائما‭ ‬لنكون‭ ‬عالما‭ ‬وحدا‭ ‬وجسدا‭ ‬واحدا‭.‬

مرنا‭: ‬هنا‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الكلمة‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬والتي‭ ‬يعني‭ ‬بها‭ ‬شاعرنا‭ ‬المرحوم‭ ‬الزمن‭ ‬والأيام‭ ‬بمرارته‭ ‬ومعانيه،‭ ‬فمن‭ ‬تصفو‭ ‬له‭ ‬الأيام‭ ‬بلا‭ ‬تعبٍ‭ ‬أوشقاء‭ ‬أو‭ ‬أحزان‭.‬

مرنا‭: ‬يؤكد‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬تجانس‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬معناها‭ ‬بأن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتخذ‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬ونعمة‭ ‬النسيات‭ ‬والعزيمة‭ ‬عنوانا‭ ‬لنا‭ ‬لنستطيع‭ ‬أن‭ ‬نتعايش‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬وهذا‭ ‬أجمل‭ ‬وأرع‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البعد‭.‬

المقطع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الموال‭ ‬في‭ ‬قوله‭:‬

يـكفي‭ ‬يا‭ ‬ليل‭ ‬الكدر،‭ ‬من‭ ‬دفترك‭ ‬محنه

يا‭ ‬ما‭ ‬أتعبتنا‭ ‬المحن،‭ ‬محنه‭ ‬أثر‭ ‬محنه

يا‭ ‬ليل‭ ‬أحنا‭ ‬بشر،‭ ‬محنا‭ ‬بشر‭ ‬محنا

يكفي‭ (‬هوى‭ ‬الكوس‭)‬،‭ ‬عكس‭ ‬المشتهى‭ ‬مرنا

تتزايد‭ ‬المحن‭ ‬في‭ ‬لونها‭ ‬ونوعها‭ ‬المر‭ ‬الذي‭ ‬عاشه‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭.‬

محنه‭ ‬ورى‭ ‬محنه‭... ‬ألم‭ ‬ويتبعه‭ ‬ألم،‭ ‬وحرقة‭ ‬تلو‭ ‬الحرقة‭ ‬تثير‭ ‬شظايا‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬مباهاتها‭ ‬وعصفها‭ ‬الأليم‭. ‬لتجعل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬معاناة‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭ ‬شاعرنا‭ ‬المرحوم‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدعلي‭ ‬بصدق‭ ‬القول‭ ‬والمعنى‭. ‬في‭ ‬صداه‭ ‬البعيد‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬صوت‭ ‬البحر‭ ‬عندما‭ ‬تهاجر‭ ‬الطيور‭ ‬بعيدا‭. ‬ها‭ ‬هو‭ ‬غادرنا‭ ‬وبقت‭ ‬تلك‭ ‬الأحاسيس‭ ‬والمشاعر‭ ‬تجاه‭ ‬إنسان‭ ‬عاش‭ ‬وقلبه‭ ‬ينبض‭ ‬بالحب‭ ‬وجمال‭ ‬العشرة‭ ‬والبساطة‭ ‬بين‭ ‬أهله‭ ‬وزملائه‭ ‬ومحبيه‭ ‬الذي‭ ‬التصق‭ ‬بهم‭ ‬طيلة‭ ‬حياته،‭ ‬سيبقى‭ ‬ذكره‭ ‬قائماً‭ ‬في‭ ‬ساحتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا