العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

كلنا فائزون

بقلم: د. عباس حسن القصاب

الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

اختتمت‭ ‬فعاليات‭ ‬المهرجان‭ ‬المسرحي‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬بمدينة‭ ‬الرياض‭ ‬الحبيبة‭ ‬بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أيام‭ ‬مفعمة‭ ‬بالمحبة‭ ‬والإبداع،‭ ‬وهذه‭ ‬الدورة‭ ‬كانت‭ ‬بحق‭ ‬استثنائية‭ ‬بكافة‭ ‬المقاييس‭ ‬حيث‭ ‬التأم‭ ‬شمل‭ ‬المسرحيين‭ ‬الخليجيين‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬التوقف،‭ ‬وقد‭ ‬احتضنت‭ ‬الرياض‭ ‬أبناء‭ ‬الخليج‭ ‬بكل‭ ‬محبة‭ ‬وابتهاج،‭ ‬وفتحت‭ ‬باعها‭ ‬لاستقبال‭ ‬ضيوفها،‭ ‬وسخرت‭ ‬كل‭ ‬إمكاناتها‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬واللوجستية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬العرس‭ ‬الخليجي‭ ‬الكبير،‭ ‬وذلك‭ ‬بعمل‭ ‬مضن‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬سعادة‭ ‬الأستاذ‭ ‬سلطان‭ ‬البازعي‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لهيئة‭ ‬المسرح‭ ‬والفنون‭ ‬الأدائية،‭ ‬وجهد‭ ‬مشهود‭ ‬اضطلع‭ ‬به‭ ‬دينامو‭ ‬ومدير‭ ‬المهرجان‭ ‬الأستاذ‭ ‬خالد‭ ‬الباز‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬لجانه‭ ‬المختلفة‭ ‬بكفاءة‭ ‬ودقة،‭ ‬والحضور‭ ‬العملي‭ ‬القوي‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬بقيادة‭ ‬رئيسها‭ ‬الشاب‭ ‬الفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬خالد‭ ‬الرويعي‭ ‬ورفاقه‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬العتيدة‭.‬

أبدع‭ ‬الفنانون‭ ‬فوق‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬وشاهدنا‭ ‬أعمالا‭ ‬مسرحية‭ ‬جميلة،‭ ‬وقدم‭ ‬لنا‭ ‬الشباب‭ ‬الخليجيون‭ ‬فرجة‭ ‬مسرحية‭ ‬رصينة،‭ ‬حاول‭ ‬فيها‭ ‬الفنانون‭ ‬وكل‭ ‬في‭ ‬تخصصه‭ ‬ومجاله‭ ‬أن‭ ‬يرسخوا‭ ‬قدما‭ ‬فنية‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬الجاد،‭ ‬وقد‭ ‬استقبلها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المتلقين‭ ‬بالتصفيق‭ ‬والترحيب‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬التفاعل،‭ ‬وقد‭ ‬صاحبت‭ ‬العروض‭ ‬المسرحية‭ ‬فعاليات‭ ‬أخرى‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬الندوات‭ ‬التطبيقية‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬عرض،‭ ‬إلى‭ ‬الندوات‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬فنانو‭ ‬الخليج‭ ‬بأوراقهم،‭ ‬كما‭ ‬كرّم‭ ‬أيضا‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬المسرح‭ ‬الخليجي،‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬غلوم‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬ومؤسس‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬مسامرات‭ ‬ليلية‭ ‬ثقافية‭ ‬وأدبية‭ ‬تتناول‭ ‬موضوعات‭ ‬مسرحية‭ ‬متنوعة،‭ ‬يتداخل‭ ‬فيها‭ ‬الحاضرون‭ ‬ويثرون‭ ‬النقاش‭ ‬بكل‭ ‬محبة‭ ‬ومودة،‭ ‬ولقاء‭ ‬حميم‭ ‬لتبادل‭ ‬الوفود‭ ‬الهدايا‭ ‬والدروع‭ ‬التذكارية‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬نشطت‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الأهلية‭ ‬رئيسا‭ ‬نشطا‭ ‬وأعضاء‭ ‬أفذاذا‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الكيانات‭ ‬المسرحية‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬لتوحيد‭ ‬الجهود‭ ‬وتكاتفها‭ ‬والتنسيق‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬عديدة،‭ ‬وذلك‭ ‬لإبراز‭ ‬المسرح‭ ‬الخليجي؛‭ ‬ليكون‭ ‬كيانا‭ ‬مبدعا‭ ‬متقدما‭ ‬قويا‭ ‬واعيا،‭ ‬وللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬طموحات‭ ‬مشروعة‭ ‬وبرامج‭ ‬عملية‭ ‬قادمة‭ ‬للأخذ‭ ‬بيد‭ ‬الفنان‭ ‬المسرحي‭ ‬الخليجي‭ ‬لإعادة‭ ‬تكوينه‭ ‬فنيا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الاشتغال‭ ‬المسرحي‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬والرؤى‭ ‬الفنية‭ ‬والفكرية‭ ‬والفلسفية‭ ‬الحديثة‭.‬

ومن‭ ‬الإفرازات‭ ‬الإيجابية‭ ‬للمهرجان‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬هو‭ ‬لقاء‭ ‬الفنانين‭ ‬الخليجيين‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الرياض،‭ ‬وهي‭ ‬فرصة‭ ‬مواتية‭ ‬للتعارف‭ ‬بينهم،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات،‭ ‬وربما‭ ‬تعقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬للتنسيق‭ ‬الفني‭ ‬بينهم،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬أوجد‭ ‬الأرضية‭ ‬الصلبة‭ ‬للتشاور‭ ‬والتباحث‭ ‬في‭ ‬هموم‭ ‬العمل‭ ‬المسرحي،‭ ‬وتداول‭ ‬الاقتراحات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مسرح‭ ‬خليجي‭ ‬متقدم‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬بالذات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الفوز‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬حقا‭ ‬مشروعا‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬المشاركة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬حقا‭ ‬من‭ ‬فرحة‭ ‬عارمة‭ ‬يوم‭ ‬الاختتام،‭ ‬وإعلان‭ ‬النتائج‭ ‬وقد‭ ‬غمرت‭ ‬السعادة‭ ‬جميع‭ ‬الفرق‭ ‬والفنانين‭ ‬المسرحيين‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬آخر،‭ ‬حيث‭ ‬غصت‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬بكل‭ ‬الفنانين،‭ ‬وهم‭ ‬يهنئون‭ ‬زملاءهم‭ ‬الفائزين‭ ‬بفرح‭ ‬وسرور،‭ ‬معتبرين‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬المهرجان‭ ‬هو‭ ‬الفوز‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حضر‭ ‬المهرجان‭ ‬ورأى‭ ‬البهجة‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬الجميع‭.‬

وتشجيعا‭ ‬لكل‭ ‬الفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الأهلية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬المشاركة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المشاركة‭ ‬استحدثت‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬جائزة‭ ‬الفرق‭ ‬المشاركة‭ ‬المتميزة،‭ ‬وهي‭ ‬بحق‭ ‬التفاتة‭ ‬رائعة‭ ‬لإنصاف‭ ‬الفرق‭ ‬المشتغلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬توفق‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر،‭ ‬فتعطى‭ ‬الفرصة‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الفرق‭ ‬المشاركة،‭ ‬وإن‭ ‬غاب‭ ‬عرضها‭ ‬عن‭ ‬المهرجان،‭ ‬ولا‭ ‬يفوتنا‭ ‬أيضا‭ ‬أهمية‭ ‬تفكيك‭ ‬جائزة‭ ‬السينوغرافيا؛‭ ‬لتكون‭ ‬ثلاثا‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ (‬الإضاءة‭ ‬والزي‭ ‬والديكور‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬بذل‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬مضاعفة‭ ‬قيمة‭ ‬الجوائز؛‭ ‬لتكون‭ ‬بمستوى‭ ‬الحدث‭ ‬الكبير‭.‬

بعد‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬المشهود‭ ‬لهذه‭ ‬الدورة‭ ‬المنفردة‭ ‬حقيقة‭ ‬هنالك‭ ‬تحديات‭ ‬قادمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬متقدمة‭ ‬ونوعية‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الأهلية‭ ‬الخليجية‭ ‬والإدارات‭ ‬والهيئات‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المهرجان‭ ‬أحد‭ ‬مفردات‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬مع‭ ‬مفردات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عنه‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالتكوين‭ ‬الفني‭ ‬والفكري‭ ‬للمسرحيين‭ ‬الخليجيين،‭ ‬ورصف‭ ‬الطريق‭ ‬أمامهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬الطموحات‭ ‬المرجوة،‭ ‬حتى‭ ‬يتألق‭ ‬نجمه‭ ‬بين‭ ‬المسارح‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أهمية‭ ‬تثقيف‭ ‬الجمهور؛‭ ‬ليستوعب‭ ‬المسرح‭ ‬جميع‭ ‬الأطياف؛‭ ‬ليكونوا‭ ‬من‭ ‬مريديه‭ ‬وعشاقه‭ ‬والمتذوقين‭ ‬لعروضه‭.‬

{‭ ‬باحث‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الفني‭ ‬والأدبي‭ ‬والمدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا