الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الهوية الوطنية.. والتراث الثقافي غير المادي
بالأمس سألني أحد الأصدقاء: ما فائدة إقامة منتدى عالمي لسياحة الطهي؟ هل انتهت المواضيع والاهتمامات حتى نقيم منتدى عالميا لنعرف الفرق بين الباستا والبيتزا وبين المجبوس والمحمر؟ سؤال طبيعي على الرغم من «سطحيته».. والإجابة عنه واجبة، لتنوير الرأي العام بشأن أثر مثل هذه الفعاليات.
فقلت له: ليس الأمر متعلقا بتذوق الطعام والتعرف على فنون الطهي.. لقد أصبحت علوما تدرس في الجامعات والكليات، والمعاهد والمراكز.. وأضحت مصدرا جاذبا للسياحة وزيادة النمو الاقتصادي والإيرادات، كما أمست فرصا نوعية للوظائف والتخصصات للشباب الباحثين عن العمل.. أرباحها عديدة.
حينما جاء اللاعب البرازيلي «رونالدو» إلى البلاد، وزار أحد المطاعم الشعبية.. تناقلت الوسائل الإعلامية الخبر بشكل كبير.. أصبح باب البحرين مقصدا للسياح، ومحرك البحث «جوجل» كشف حجم المتابعة العالمية لذلك الخبر.. عن البحرين أولا.. وعن السياحة ثانيا.. وعن الثقافة البحرينية غير المادية ثالثا.
عدد المطاعم في مملكة البحرين تجاوز 155 مطعما سياحيا، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.. لدينا 445 عربة طعام.. فضلا عن المشاريع المنزلية المتخصصة في الأكلات الشعبية.. وكلها تمثل مصدر دخل للأفراد والأسر والبيوت.. وخدمات الإقامة والطعام نمت بنسبة 10.7% في عام 2023.. هذه الإحصائيات تؤكد أن فن الطهي محرك للتنويع الاقتصادي والسياحي.. وأن سياحة فن الطهي تعتبر من ضمن محركات التنويع الاقتصادي في البحرين.. وهي من عناصر التراث الثقافي غير المادي.
التراث الثقافي غير المادي هو: «مجموعة الطقوس والممارسات التي تتبنّاها الأمم والجماعات في التعبير عن نفسها، والتي تتّخذ مع تقادمها طابعاً مميزاً لدى الشعوب المنتمية إلى ثقافة معينة».. ومملكة البحرين صادقت على اتفاقية اليونسكو منذ عام 2014، وتهدف الاتفاقية إلى صون التراث الثقافي غير المادي، تماشياً مع الاتفاقيات الدولية الأخرى الداعمة للتنمية المستدامة، والاحترام المتبادل بين المجتمعات البشرية.
هيئة البحرين للثقافة والآثار نجحت في إدراج «فن الفجري» المرتبط بمهنة صيد اللؤلؤ على قائمة التراث العالمي غير المادي للبشرية، وأقامت عدة ملتقيات متخصصة للتراث الثقافي غير المادي.. في أكتوبر الماضي نظمت الهيئة «ملتقى الشباب للتراث الثقافي غير المادي»، كما استضافت الهيئة في الأسبوع الماضي اجتماع ممثلي الدول العربية المشتركة في ملف ترشيح «الخيل العربي» للتسجيل في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، امتداداً لجهود مملكة البحرين للتعريف بالتراث الوطني وصونه، وفي قيادة ملفات الترشيح.
قائمة طويلة ومجالات عديدة في التراث الثقافي غير المادي شاركت فيها مملكة البحرين، وتمكنت من تسجيلها وتوثيقها علامة وطنية متميزة، وذات ارتباط بالثقافة العربية والهوية البحرينية.. ومن الأهمية بمكان إطلاع الرأي العام على هذه القائمة، ومملكة البحرين تمتلك سجلا حافلا وعناصر تراثية غير مادية متنوعة.. ومن المهم مواصلة الجرد الوطني للمحافظة على الثقافة غير المادية ذات الارتباط بالهوية البحرينية.
لذلك كله ولكثير غيره.. ليس الأمر متعلقا بالطهي والطعام، والمجبوس والمحمر.. ولكنه ثقافة أصيلة، وهوية وطنية، ورافد اقتصادي مهم.. في عالم يحترم المجتمع الذي يحافظ على هويته، ويعزز نقلها إلى الجيل القادم.. ويفتح فرص التوظيف للشباب.. وهذا مربط الفرس الذي يشغلنا اليوم.
كل التحية والتقدير لوزارة السياحة.. ولهيئة البحرين للسياحة والمعارض.. ولهيئة البحرين للثقافة والآثار كذلك.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك