العدد : ١٧٠٨٨ - السبت ٠٤ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٨ - السبت ٠٤ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رجب ١٤٤٦هـ

مقالات

احتفالات اليوبيل الفضي وتعزيز الهوية الوطنية

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

منذ‭ ‬بدأ‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬لهذا‭ ‬العام،‭ ‬اتخذت‭ ‬الفرحة‭ ‬الوطنية‭ ‬منحىً‭ ‬مُختلفاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مظاهر‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬تضافرت‭ ‬الجهود‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬في‭ ‬إضفاء‭ ‬نكهة‭ ‬جديدة‭ ‬لأعياد‭ ‬البحرين‭ ‬2024،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬وخصوصية‭ ‬الذكرى‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬تولّي‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم،‭ ‬فكان‭ ‬عام‭ ‬اليوبيل‭ ‬الفضيّ‭ ‬عاماً‭ ‬متفرّداً‭ ‬بتفاصيله‭ ‬بتوفيق‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ومن‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬المخلصة‭ ‬التي‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬قاطبة،‭ ‬واستقطبت‭ ‬أبناء‭ ‬الجوار‭ ‬من‭ ‬الأشقاء‭ ‬الخليجيين‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لمشاركة‭ ‬البحرين‭ ‬فرحتها‭ ‬بأعيادها‭ ‬الوطنية‭ ‬فكان‭ ‬الفرح‭ ‬يجُرّ‭ ‬الفرح‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معنى‭. ‬

وفي‭ ‬خضمّ‭ ‬حرص‭ ‬الفعاليات‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬الفعالة‭ ‬بالاحتفال‭ ‬بأعياد‭ ‬البحرين،‭ ‬يظهر‭ ‬جليّاً‭ ‬اشتغال‭ ‬بعض‭ ‬الفعاليات‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوبيل‭ ‬الفضي‭ ‬ومسألة‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬حيث‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬اقتناص‭ ‬هذه‭ ‬الفرحة‭ ‬لتجعل‭ ‬منها‭ ‬رسالة‭ ‬موجهة‭ ‬الى‭ ‬جميع‭ ‬الأجيال‭ ‬والفئات‭ ‬العمرية‭ ‬ولاسيما‭ ‬صغارها‭ ‬ببثّ‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬ورموزه‭ ‬وترسيخ‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬البحريني‭ ‬باعتباره‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬هويتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وحبلا‭ ‬يجمعنا‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬إرث‭ ‬تاريخي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وانساني‭ ‬مشترك،‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬تشمل‭ ‬النسيج‭ ‬المجتمعي‭ ‬البحريني‭ ‬بكل‭ ‬أطيافه‭ ‬واختلافها‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الرسمي‭ ‬يبقى‭ (‬مهرجان‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق‭) ‬بصمة‭ ‬بحرينية‭ ‬أصيلة‭ ‬حققت‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬بتفوّق،‭ ‬إذ‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يُرضي‭ ‬جميع‭ ‬الأذواق‭ ‬والمستويات‭ ‬الفكرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بأنشطته‭ ‬المتنوعة‭ ‬المختلفة‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬محورها‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬البحريني‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬استحضار‭ ‬الحرفة‭ ‬الأولى‭ ‬لشعب‭ ‬البحرين‭ (‬مهنة‭ ‬الغوص‭) ‬والتي‭ ‬احتواها‭ (‬مسار‭ ‬اللؤلؤ‭)‬،‭ ‬تلك‭ ‬البصمة‭ ‬الحضارية‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬باعتراف‭ ‬دولي‭ ‬يوثّق‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬المميزة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وإرثها‭ ‬الحضاري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬السمعة‭ ‬العالمية‭ ‬البرّاقة‭ ‬التي‭ ‬يحظى‭ ‬بها‭ ‬لؤلؤ‭ ‬البحرين،‭ ‬بجانب‭ ‬الفنون‭ ‬الشعبية‭ ‬البحرينية‭ ‬الكفيلة‭ ‬بمخاطبة‭ ‬الروح‭ ‬والقلب‭ ‬والتي‭ ‬حظيت‭ ‬بمشاهدات‭ ‬فعلية‭ ‬وافتراضية‭ ‬كبيرة‭ ‬جداً،‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬الفرق‭ ‬الشعبية‭ ‬البحرينية‭ ‬وانعاش‭ ‬سوق‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬العريقة،‭ ‬وتقديم‭ ‬عروض‭ ‬تراثية‭ ‬ومعاصرة‭ ‬تُلبّي‭ ‬الذائقة‭ ‬وتوارث‭ ‬المعرفة،‭ ‬وترسل‭ ‬رسائل‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬البحرين‭ ‬وملكها‭ ‬المعظم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلمات‭ ‬الأغنيات‭ ‬التي‭ ‬تغنّت‭ ‬بها‭ ‬تلك‭ ‬الفرق،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تغفل‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬ثقافة‭ ‬المأكل،‭ ‬فجعلت‭ ‬للأكلات‭ ‬الشعبية‭ ‬البحرينية‭ ‬نصيباً‭ ‬بجانب‭ ‬ثقافة‭ ‬الملبس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحرف‭ ‬الشعبية‭ ‬الأخرى‭.‬،‭ ‬ويضاهي‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي،‭ ‬الفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬القرية‭ ‬التراثية‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬قيمة‭ ‬وأهمية‭ ‬وزخماً‭ ‬عما‭ ‬قدمته‭ ‬الأولى‭.‬

وفي‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬حرصت‭ ‬أكثر‭ ‬الفعاليات‭ ‬الأهلية‭ ‬على‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وقد‭ ‬اشتغلت‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬دمج‭ ‬الفرح‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬الفعاليات‭ ‬الوطنية‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬كانت‭ ‬احتفالية‭ ‬جمعية‭ ‬الشعر‭ ‬الشعبي‭ ‬والتي‭ ‬حالفها‭ ‬التوفيق‭ ‬في‭ ‬احتفالها‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الغالية‭ ‬على‭ ‬قلوبنا،‭ ‬حينما‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تضمينها‭ ‬فقرات‭ ‬متنوعة‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بالأمسية‭ ‬الشعرية‭ ‬والتي‭ ‬تغنّى‭ ‬شعرائها‭ ‬بحب‭ ‬الوطن‭ ‬والحامي‭ ‬الأسمى‭ ‬له،‭ ‬مروراً‭ ‬بتوظيف‭ ‬الفنون‭ ‬الحربية‭ ‬الشعبية‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬العرضة‭ ‬البحرينية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬مفرداتها‭ ‬وحركاتها‭ ‬وأدواتها‭ ‬من‭ ‬ولاء‭ ‬وحماس‭ ‬وفخر‭ ‬وحميّة‭ ‬واعتزاز‭ ‬بالبحرين‭ ‬وبحكامها‭ ‬وشعبها،‭ ‬بجانب‭ ‬الفنون‭ ‬البحرية‭ ‬وأهمها‭ ‬فن‭ ‬الفجري‭ ‬والنهمة‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬يتفرّد‭ ‬بها‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬البحريني‭ ‬والخليجي،‭ ‬فكان‭ ‬احتفالها‭ ‬موفقاً‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬رسائله‭ ‬المرجوّة‭.‬

وإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاحتفالات‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تضمنتها‭ ‬من‭ ‬فقرات‭ ‬تراثية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬المواطنة‭ ‬والهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وربما‭ ‬تفتح‭ ‬آفاق‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬لدى‭ ‬بقية‭ ‬المنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬لتقديم‭ ‬أفكار‭ ‬مشابهة‭ ‬ومتقدمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬المرجو،‭ ‬فيجتمع‭ ‬الفرح‭ ‬بالوطن‭ ‬ونفعه‭ ‬معاً‭.‬

وبما‭ ‬أنه‭ ‬المقال‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬نقف‭ ‬معاً‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬يطيب‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أهنئكم‭ ‬بعامٍ‭ ‬جديد‭ ‬مقبل‭ ‬بالخير‭ ‬والفرح‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا