في ظل التطورات الاقتصادية العالمية والحاجة المتزايدة إلى حلول مرنة وفعالة لحل النزاعات، تبرز الوساطة المدنية والتجارية كأداة بديلة تدعم المنظومة العدلية، حيث إنها ليست بديلاً عن المحاكم، بل هي مسار مكمل يساهم في تخفيف الضغط عن النظام العدلي، ما يسمح له بالتركيز على القضايا الأكثر تعقيداً، لذا فإن الوساطة وبما تقدمه من سرعة ومرونة تعكس اهتمام مملكة البحرين في تهيئة بيئة أعمال جاذبة وداعمة للاستثمار.
إن الوساطة تهدف إلى توفير حلول مبتكرة للنزاعات من دون التقليل من أهمية القضاء، فتظل المحاكم الجهة المختصة في إصدار الأحكام القضائية التي ترعى الحقوق وتنظم الالتزامات على مبدأ «رابح/خاسر»، ومع ذلك فإن اللجوء إلى الوساطة في بعض القضايا يخفف الأعباء عن النظام العدلي ويسهم في تسريع الفصل في المنازعات التي تتطلب حلولاً مناسبة تراعي الظروف المستجدة في العلاقات التعاقدية التجارية.
تمر النزاعات بعدة مراحل في الإجراءات العدلية بدءاً من إقامة الدعوى ثم تداولها أمام المحاكم وصولاً إلى صدور الأحكام وأخيراً مرحلة التنفيذ، إن هذه المراحل قد تستغرق وقتاً طويلاً ما يؤدي في بعض الأحيان إلى اهدار الوقت، اما الوساطة فتقدم إطاراً أكثر مرونة وسرعة، حيث يشارك الأطراف بفعالية في وضع حلول وسطية تلبي احتياجاتهم وتتسق مع رؤاهم، ما يحافظ على استمرار العلاقة التجارية القائمة بينهم، ولأن مبدأ الوساطة «رابح/رابح» يسعى الأطراف بمساعدة الوسيط إلى التوصل إلى اتفاق مرضٍ من دون فرض قرارات تعقد العلاقة التجارية المتبادلة.
تتميز مملكة البحرين ببيئتها القانونية المرنة التي تدعم الاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث توفر المنظومة العدلية فيها إطاراً شاملاً يعزز العدالة ويحفظ الحقوق ما يسهم في ترسيخ الثقة بين المستثمرين ويوفر لهم حلولاً تتماشى مع طبيعة التجارة الحديثة، التي تتطلب سرعة في التسوية ومرونة في التنفيذ والذي بدوره يدعم تبني الوساطة كخيار فعال لحل النزاعات ما يضفي مزيدا من الجاذبية على بيئة الاعمال والاستثمار.
إن توفير خيار الوساطة كمسار موازٍ للإجراءات العدلية يسهم في تحقيق توازن بين السرعة في فض النزاعات والحفاظ على سيادة القانون لتعزيز مناخ الأعمال التجارية وجعلها وجهة مثالية لرؤوس الأموال التي تبحث عن بيئة مستقرة ومرنة، وحيث إن السرعة والمرونة من أساسيات الأعمال، وتلعب الوساطة دوراً أساسيّاً في تسهيل المعاملات تجارية وتجنب التعقيدات القانونية التي قد تنشأ عن المسار القضائي.
أشجع كمختص في الوساطة المؤسسات والشركات على تبني هذا النهج الذي يسهم في تحقيق التوازن بين العدالة والمرونة في مملكة البحرين، حيث تتكامل الوساطة مع القضاء وستكون بيئة الشركات بيئة مثالية تدعم النمو والاستدامة في إطار قانوني مرن يحمي الحقوق ويضمن استمرارية الأعمال التجارية، ومن هذا المنطلق، لم تدخر غرفة تجارة وصناعة البحرين جهدًا في توفير بيئة عمل مثالية للمؤسسات والشركات، وضمان سلاسة أعمالهم وتيسير عملية نموهم وتطورهم، حيث أطلقت مركز تسوية المنازعات التجارية الذي يتحمل مسؤولية معالجة وحل النزاعات التجارية بكل كفاءة وحيادية، فيعمل المركز على تقديم حلول مبتكرة وسريعة تُسهم في تسوية الخلافات بين الأطراف المختلفة، ما يعزز بيئة الأعمال ويضمن استمرارية الاستثمارات وتقديم الدعم اللازم للمؤسسات التجارية لتحقيق التقدم والازدهار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك