تم دخولها موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر سباحة في تاريخ البطولات الدولية.. حققت البطولة في روسيا عند عمر تسع سنوات.. ووصلت إلى النهائيات في حلقات العالم بقطر عند عمر 11 عاما.... حاصلة على المركز الأول في رياضة المبارزة بالبحرين.. الزين طارق سالم لـ«أخبار الخليج»:
يقول الفيلسوف الألماني الشهير ارتور شوبنهاور: «توصلك الموهبة إلى الأهداف التي لا يمكن لأي شخص آخر أن يصل إليها»!
نعم، الموهبة بحق هي التي تمكنك من تحقيق هدفك، لكنها لا تكفي وحدها، بل لا بد أن يصاحبها الإصرار، فهي هبة من الخالق يميز بها الانسان، ولكن لا يستمر الإبداع بلا طموح ورغبة في التحليق خارج الدائرة، بل أحيانا يمكن القول بأن الاجتهاد يتفوق على الموهبة.
وتؤكد التجارب أن كل إنسان بداخله بذور جيدة من النشاط والطاقة والمواهب المختلفة، وتتفاوت طريقة وشخصية كل إنسان في اكتشاف تلك الطاقات والاستفادة منها، وأن الإنجازات العظيمة تحتاج إلى الاحتضان على اعتبار أنها ثروة وكنز وطني في المقام الأول.
الزين طارق سالم، فتاة من طراز خاص، حباها الله سبحانه وتعالى بالموهبة، وبالإرادة والإصرار بلغت أهدافها، وحققت طموحاتها، فأصبحت أصغر سباحة تشارك في بطولة العالم في كازان 2015، الأمر الذي أهلها لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية لتحقق فخرا كبيرا لوطنها ولعائلتها، هذا فضلا عن تميزها في رياضة المبارزة وتحقيقها المركز الأول على مستوى البحرين.
لقد كانت أسرتها هي الحاضن الأول لها، فوالدها بطل السباحة الشهير أخذ على عاتقه مسؤولية اكتشاف ورعاية وتنمية موهبة ابنته التي ورثتها عنه، حتى أوصلها إلى ما حققته اليوم من إبداعات محلية وعالمية.
مبدأها هو «إياك أن تفقد الأمل في موهبتك، فبإمكانك فعل المستحيل، وإذا كنت متميزا، فاستثمر ذلك»، هكذا سعت بكل جهدها عبر مشوارها القصير عمرا، الطويل إنجازا وإبهارا، والذي توقفنا عند أهم محطاته في الحوار التالي:
متى تم اكتشاف موهبتك؟
لقد ظهرت موهبتي في سن صغيرة للغاية ومنذ نعومة أظفاري، حيث ورثتها عن والدي وهو بطل سباحة شهير ماهر حاصل على العديد من البطولات والميداليات الذهبية، وحرص على تدريبي منذ أن كان عمري أربع سنوات، حين اكتشف ان هوايتي السباحة التي كنت أعشقها، وأستمتع بممارستها بشدة، وقد اختارني برنامج اكتشاف المواهب التابع للاتحاد البحريني للسباحة عند عمر سبع سنوات للمشاركة في أول مسابقة على مستوى البحرين، وحققت فيها المركز الأول، الأمر الذي مثل بالنسبة لي حافزا على مزيد من الاتقان لهذه الرياضة.
وما هي المشاركة اللاحقة؟
بعد حصولي على المركز الأول في بطولة البحرين، شاركت في بطولة دولية أقيمت بدولة عمان، وحصلت فيها على المركز الثالث، وكانت مخصصة لمن هم دون الثماني سنوات، ثم خضت تجربة بطولة كازان، حيث تم اختياري من قبل الاتحاد البحريني للسباحة كأفضل سباحة في الفريق النسائي، وكان عمري حينذاك عشر سنوات، وبالفعل شاركت في هذه البطولة الدولية وأحدثت ضجة هائلة وأبهرت العالم.
كيف كان شكل هذا الإبهار؟
حين رشحني الاتحاد الدولي للسباحة كأصغر سباحة تشارك في بطولات العالم عند عمر عشر سنوات، أثار ذلك ضجة كبيرة، وأذكر أن وسائل الإعلام العالمية ركزت الأضواء عليّ كمنافسة في هذا العمر الصغير أمام كبار السباحين الدوليين، وتهافتوا جميعا على إجراء أحاديث ومقابلات معي، وكنت قد نافست جبابرة العالم في رياضة السباحة في سباق خمسين مترا حرة، وخمسين مترا فراشة.
هل تواصل معك القائمون على موسوعة غينيس؟
لقد علمت بدخولي موسوعة غينيس للأرقام القياسية صدفة، حين أبلغني لاعب كان يتدرب لدى أكاديمية خاصة بذلك، وفي البداية لم أعر الموضوع أي اهتمام، إلى أن ذهبت إلى بريطانيا في رحلة عائلية سياحية، وأثناء زيارتي لأحد محلات الكتب وجدت نفسي أبحث عن أي مؤلفات عن تلك الموسوعة، وبالفعل اكتشفت أن اسمي مدون بها وكذلك صورتي، وسعدت كثيرا بذلك، حتى أنني قمت بشراء كل الكتب عن الموسوعة، والغريب أنه حتى الآن لم يتم التواصل معي من قبل القائمين عليها.
وكيف أثر هذا الإنجاز على مسيرتك؟
لا شك أن هذه الخطوة التي أفخر وأعتز بها كثيرا كانت حافزا قويا لي نحو مزيد من البطولات، وقد شاركت في بطولة قطر عام 2017، ووصلت إلى النهائي ضمن بطولة حلقات كأس العالم، وكنت أصغر سباحة تحقق ذلك عند عمر 11 عاما، وقد خسرت أمام بطلة العالم المجرية الجنسية، ومع ذلك فهو إنجاز مهم أن أصل إلى النهائيات رغم صغر سني، ولكني مؤخرا اتخذت قرارا مصيريا أحدث نقلة مهمة في مشواري.
وما هي تلك النقلة؟
لقد قررت مؤخرا التوقف عن ممارسة رياضة السباحة، ووجدت شغفي الجديد في لعبة أخرى هي رياضة المبارزة، فبعد مشاركتي في بطولة العالم في كازان تم تكريمي من قبل جلالة الملك ومن سمو الشيخ ناصر، وكم سعدت بذلك كثيرا، بل أعتبر ذلك من أهم الأشياء التي حدثت لي عبر مشواري، ولكني شيئا فشيئا بدأت أشعر بنوع من الإحباط، لعدم توافر الاحتضان لموهبتي والدعم اللازم للاستمرارية سواء ماديا أو معنويا، وقد تزامن ذلك مع فترة كورونا، ووجدت شغفي الجديد في رياضة المبارزة يحقق لي الكثير من المتعة والرضا، وخاصة بعد أن اتخذ الاتحاد الدولي للسباحة قرارا سبب لي الكثير من الحزن.
ما هو ذلك القرار؟
لقد أقدم الاتحاد الدولي للسباحة على تعديل قانون المشاركات في الاولمبياد للسباحة، وذلك قبل بطولة البرازيل بشهرين، حيث تم رفع الحد الأدنى لسن المشاركين إلى 14 عاما، وذلك لضمان استبعادي من البطولة إكراما لباقي المشاركين الذين غضبوا كثيرا بعد أن سرقت منهم الأضواء في كازان، وخاصة أن وسائل الاعلام العالمية كانت تلاحقني وتبحث عني في الوقت الذي لم يحظ فيه بطل العالم بنفس هذا الاهتمام، وبالطبع حرمني هذا التعديل من المشاركة في بطولة البرازيل التي كنت قد سجلت بها، وكان أمرا محبطا لي إلى أقصي درجة.
ما أهم أهدافك في مجال رياضة المبارزة؟
لقد أحببت رياضة المبارزة مؤخرا وعلى كبر، وقد تم اختياري ضمن فريق الخماسي الحديث، الذي يضم خمس ألعاب هي السباحة، والمبارزة، وركوب الخيل، والجري، والرماية، وهو يتبع الاتحاد العسكري الرياضي، ووجدت نفسي في هذه الرياضة بشدة، وحاليا أتدرب في الاتحاد البحريني للمبارزة، وقد حققت المركز الأول على مستوى البحرين في شهر رمضان الماضي، والآن أتهيأ للمشاركة في بطولة الخليج، وأتمنى أن أحقق إنجازات مهمة في هذا المجال وأن أصل إلى العالمية، وأعكس صورة مشرفة ومشرقة لوطني في هذه اللعبة.
أصعب تحدٍ مرَّ بك؟
من أهم التحديات التي واجهتني خلال مشواري الرياضي هو الوقت وكيفية إدارته، وخاصة أنني أتدرب مرتين يوميا، مرة في الخامسة صباحا، والأخرى بعد الدوام المدرسي، ومع ذلك سعيت جاهدة إلى عدم تأثر دراستي بذلك، بل إنني من المتفوقات علميا، وقد ثبت أن السباحين بشكل عام متفوقون دراسيا بواقع 80% منهم، وهذا ما أثبتته اللجنة الأولمبية البحرينية حين كرمت جميع الأولاد والبنات المتفوقين في المدارس في جميع المراحل الدراسية، والذين ينتمون إلى كل الاتحادات الرياضية، حيث تم تكريم 53 طفلا وطفلة، كان 37 منهم من الاتحاد البحريني للسباحة.
ماذا ينقص المواهب الرياضية؟
أتمنى أن يتم الاهتمام بالمواهب الرياضية بصورة أكبر، وأن يقدم لهم الدعم المادي والمعنوي اللازم للمواصلة، فأنا على سبيل المثال أشارك في بطولات المبارزة على نفقتي الخاصة، ويدعمني في ذلك والدي، كما أناشد المعنيين بأن تكون هناك خطط وميزانية محددة ومناسبة لاحتضان هذه المواهب، وأن تكون هناك نظرة استراتيجية من قبل الاتحادات الرياضية لكل رياضة على حدة، وأرى أن البنية التحتية الرياضية بشكل عام مازالت بحاجة إلى جهود مضاعفة.
ما هو طموحك العلمي؟
أخطط لدراسة القانون المصرفي في مرحلة الجامعة وهو من التخصصات التي تتماشي مع ميولي، وأن يتوازى ذلك مع تحقيق طموحي الرياضي في مجال المبارزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك