العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

عبد الحليم حافظ ودوره في الأغنية الوطنية

بقلم: محيي الدين بهلول

السبت ٢٠ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

مازال‭ ‬تأثير‭ ‬العندليب‭ ‬الأسمر‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭ ‬باقيا‭ ‬بيننا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬عدة‭ ‬وغياب‭ ‬أسماء‭ ‬عديدة،‭ ‬أنظمة‭ ‬سقطت،‭ ‬ودول‭ ‬جديدة‭ ‬ولدت،‭ ‬وبقي‭  ‬تأثير‭ ‬حليم‭ ‬موجودا‭ ‬بصوته،‭ ‬وأغانيه‭ ‬وأفلامه،‭ ‬فها‭ ‬نحن‭ ‬نرى‭ ‬ونسمع‭ ‬ونشعر‭ ‬بجودة‭ ‬أغانيه‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ (‬46‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬رحيله‭).‬

قال‭ ‬الشاعر‭ ‬العربي‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭: ‬‮«‬إن‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭ ‬قاد‭ ‬شعبا‭ ‬بصوته،‭ ‬وكان‭ ‬المدفعية‭ ‬الثقيلة‭ ‬التي‭ ‬جمع‭ ‬بها‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬عاطفيا‭ ‬وسياسيا‮»‬‭ ‬وقالوا‭ ‬عليه‭ ‬أيضا،‭ ‬مؤرخ‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬وقال‭ ‬فيه‭ ‬الشاعر‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الشهير‭ (‬ديزمونت‭ ‬ستيوارت‭) ‬إنه‭ ‬وزارة‭ ‬إعلام‭ ‬الحقبة‭ ‬الناصرية‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬مطربا‭ ‬وفنانا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬سباقا‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المشاريع‭ ‬والمساعي‭ ‬الوطنية،‭ ‬لذلك‭ ‬سيظل‭ ‬خالد‭ ‬الذكر‭ ‬لن‭ ‬تنساه‭ ‬الأجيال،‭ ‬كان‭ ‬ممتزجا‭ ‬مع‭ ‬أحلام‭ ‬كل‭ ‬وطنه،‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬الانتصارات‭ ‬والانكسارات‭.‬

يقول‭ ‬خالد‭ ‬محي‭ ‬الدين‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬عام‭ ‬1958،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ (‬استوكهولم‭) ‬بالسويد‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬منظمات‭ ‬السلام‭ ‬العالمي،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬المصرية‭ ‬للسلام‮»‬،‭ ‬ويتابع‭ ‬خالد‭ ‬محي‭ ‬الدين‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬مازال‭ ‬ينتفض‭ ‬جسدي‭ ‬عندما‭ ‬أسمع‭ ‬أغنية‭ ‬بلدي‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬صدق‭ ‬ووطنية‭ ‬جارفة‭ ‬وعشق‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‮»‬‭.‬

ويقول‭ ‬الصحفي‭ ‬مصطفى‭ ‬بكري‭: ‬‮«‬إن‭ ‬عبدالحليم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ظاهرة‭ ‬فنية‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬ظاهرة‭ ‬سياسية‭ ‬وشعبية‭ ‬أيضا،‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يترجم‭ ‬كل‭ ‬إنجازات‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952‭ ‬ترجمة‭ ‬فنية‭ ‬راقية،‭ ‬يحكي‭ ‬تاريخ‭ ‬شعب‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬مقاومته‭ ‬للظلم‭ ‬والاستعمار،‭ ‬وعندما‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬شعرنا‭ ‬جميعا‭ ‬بأن‭ ‬ركنا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الثورة‭ ‬قد‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬العطاء‮»‬‭.‬

يقول‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬فؤاد‭ ‬نجم‭: ‬‮«‬كان‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬مغني‭ ‬الحلم‭ ‬أو‭ ‬مغني‭ ‬المشروع‭ ‬القومي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أحلام‭ ‬الناس،‭ ‬واليوم‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حلم‭ ‬ولا‭ ‬مشروع‭ ‬كان‭ ‬حليم‭ ‬يمثل‭ ‬زمنا‭ ‬جميلا،‭ ‬وسيظل‭ ‬متعدد‭ ‬الأغنيات‭ ‬والتأثير،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬عبدالحليم‭  ‬حافظ‭ ‬يعد‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬المطربين،‭ ‬احترم‭ ‬ناسه،‭ ‬فاحترموه‭ ‬وقدروه‭ ‬وتواصلوا‭ ‬معه،‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬هو‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬‮»‬1952‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الإذاعي‭ ‬الكبير‭ (‬جلال‭ ‬معوض‭)  ‬فيقول‭: ‬‮«‬كان‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أخ،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬ارتباطي‭ ‬به‭ ‬بدأ‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬بعد‭ ‬رحيله،‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬1977،‭ ‬عبدالحليم‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬أسر‭ ‬قلوب‭ ‬جميع‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬ضفاف‭ ‬الخليج‭ ‬ولذلك‭ ‬سيظل‭ ‬باقيا‭ ‬في‭ ‬الوجدان،‭ ‬متربعا‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬الأغنية‭ ‬العربية‭ ‬والوطنية،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬فنانا‭ ‬يحترم‭ ‬نفسه‮»‬،‭ ‬ويذكر‭ ‬جلال‭ ‬معوض‭  ‬عن‭ ‬حليم‭ ‬أنه‭  ‬لن‭ ‬ينسى‭ ‬لعبد‭ ‬الحليم‭ ‬يوما‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬موجودا‭ ‬في‭ ‬أسوان‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬وكان‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬والملك‭  ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬عاهل‭  ‬المغرب،‭ ‬وكان‭ ‬معنا‭ ‬أيضا‭ (‬فريد‭ ‬الأطرش‭) ‬فلمست‭ ‬إنسانا‭ ‬تسمو‭ ‬إنسانيته‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فكان‭ ‬إنسانا‭ ‬عاديا‭ ‬لذلك‭ ‬سيظل‭ ‬متقدما‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬نظرائه‭ ‬وسيظل‭ ‬حبه‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الجماهير‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬المصرية‭.‬

تقول‭ ‬الإذاعية‭ ‬المعروفة‭ (‬آمال‭ ‬فهمي‭) ‬عن‭ ‬ذكرياتها‭ ‬مع‭ ‬حليم‭: ‬‮«‬سافرت‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬رحلتنا‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬أضواء‭ ‬المدينة‭ ‬عندما‭ ‬وصلنا‭ ‬تخيلت‭ ‬كل‭ ‬الشجر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬طرب‭ ‬ناس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وفي‭ ‬العمارات‭ ‬وكل‭ ‬الأسوار،‭ ‬وركب‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬سيارة‭ ‬مكشوفة‭ ‬لتحية‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬الجميل‮»‬‭.‬

كذلك‭ ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬عندما‭ ‬سافرنا‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يغني‭ ‬حليم‭ ‬أربع‭ ‬أغنيات‭ ‬وفجأة‭ ‬جاء‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬ماسكا‭ ‬مسدسا‭ ‬وهدده‭ ‬أن‭ ‬يغني‭ ‬وإلا‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬الرصاص،‭ ‬وبالفعل‭ ‬غنى‭ ‬حليم‭ ‬تحت‭ ‬تهديد‭ ‬السلاح‭ ‬للمحب‭ ‬الولهان‭ ‬عشر‭ ‬أغان‭ ‬أخرى‭.‬

ولكن‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحفل‭ ‬أحس‭ ‬ببعض‭ ‬الأضرار‭ ‬الصحية،‭ ‬وتقول‭ ‬آمال‭ ‬فهمي،‭ ‬كان‭ ‬عبدالحليم‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬حفلاته‭ ‬متعبا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يغمض‭ ‬عينه‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬ولذلك‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي،‭ ‬فقلت‭ ‬له،‭ ‬يا‭ ‬حليم‭ ‬اغمض‭ ‬عينك‭ ‬ثم‭ ‬قم‭ ‬بفتحها‭. ‬

ويقول‭ ‬الدكتور‭ ‬حسن‭ ‬همام‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬تفسيرا‭ ‬لظاهرة‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭: ‬‮«‬إن‭ ‬قوة‭ ‬الحنين‭ ‬إلى‭ ‬الماضي‭ ‬تفوق‭ ‬بكثير‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬أخرى‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬استغراب‭ ‬لاستمرار‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬محتلا‭ ‬مكان‭ ‬الصدارة‭ ‬في‭ ‬الغناء‮»‬،‭ ‬ويقول‭ ‬حسن‭ ‬همام،‭ ‬لقد‭ ‬سألت‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ (‬بليغ‭ ‬حمدي‭) ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬زميلا‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬شبرا‭ ‬الثانوية‭ ‬عن‭ ‬عبدالحليم‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬هو‭ ‬المغني‭ ‬ذو‭ ‬الصوت‭ ‬الصافي،‭ ‬وصاحب‭ ‬الكلمة‭ ‬الراقية‭ ‬المعبرة‭ ‬إذا‭ ‬سمعته‭ ‬لن‭ ‬تستغني‭ ‬عنه،‭ ‬وستبحث‭ ‬عنه‭ ‬بحنين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤشرات‭ ‬محطات‭ ‬الإذاعة‮»‬‭.‬

يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬زايد،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب،‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬الأول‭ ‬يضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬أحاسيس‭ ‬الناس،‭ ‬عاكسا‭ ‬مقاييس‭ ‬ومستويات‭ ‬الذوق‭ ‬عند‭ ‬الشعب‭ ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬مصالح‭ ‬وأهداف‭ ‬عابرة‭. ‬يبقى‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬هو‭ ‬الحكاية‭ ‬الصادقة،‭ ‬تسترسل‭ ‬فيها‭ ‬وتتحدث‭ ‬عنها‭ ‬وتتذكر‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وتسترجع‭ ‬أحلامك‭ ‬معها‭ ‬وأجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا