العدد : ١٧٠٩٤ - الجمعة ١٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٤ - الجمعة ١٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الرؤية الملكية المتكاملة لتنمية جزر حوار.. فرصة للاستثمار السياحي في البحرين بلمسة خضراء

بقلم: د. فاطمة ناصر العالي {

الخميس ٠٩ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

تُعد‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المعالم‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬حيث‭ ‬تتميز‭ ‬بتنوعها‭ ‬البيئي‭ ‬والجغرافي؛‭ ‬لذا‭ ‬تتطلب‭ ‬تنميتها‭ ‬رؤية‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الاستثمار‭ ‬السياحي‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬الطبيعي‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬إلى‭ ‬استعراض‭ ‬رؤية‭ ‬متكاملة‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬الذي‭ ‬تميزت‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وثراء‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وتشمل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجزر‭ ‬الصغيرة‭ ‬المتميزة‭ ‬بتنوعها‭ ‬البيولوجي،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬موطنًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬ووفقاً‭ ‬لدراسة‭ ‬نشرتها‭ ‬مجلة‭ ‬Marine‭ ‬Ecology‭ ‬Progress‭ ‬Series،‭ ‬فإن‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬هي‭ ‬منطقة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬بيئية‭ ‬عالمية‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬احتوائها‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬بيئية‭ ‬حساسة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬تضم‭ ‬أنواعًا‭ ‬مهددة‭ ‬بالانقراض،‭ ‬مثل‭ ‬الأطوم‭ ‬والسلاحف‭ ‬البحرية‭ ‬النادرة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الطيور‭ ‬المهاجرة‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجزر‭ ‬محطة‭ ‬استراحة‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬الحماية‭ ‬البيئية‭ ‬العالمية‭ (‬IUCN‭)‬،‭ ‬‮«‬تعتبر‭ ‬المناطق‭ ‬البيئية‭ ‬ذات‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬الغني‭ ‬أحد‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‮»‬‭. ‬وبذلك،‭ ‬تُعد‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬منصة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتعزيز‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬فقد‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬مرسومًا‭ ‬برقم‭ (‬115‭) ‬لسنة‭ ‬2024م،‭ ‬بإنشاء‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬لتطوير‭ ‬جزر‭ ‬حوار،‭ ‬وذلك‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬عرْض‭ ‬رئاسة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وبعد‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬الأولي‭ ‬جاءت‭ ‬نصيًا‭: ‬‮«‬تُنشأ‭ ‬هيئة‭ ‬تُسمى‭ (‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬لتطوير‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭)‬،‭ ‬ويُشار‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المرسوم‭ ‬بكلمة‭ (‬الهيئة‭)‬،‭ ‬وتُشكَّل‭ ‬برئاسة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‮»‬،‭ ‬وعضوية‭ ‬كُل‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقرين‭ ‬وممثلين‭ ‬عن‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وذلك‭ ‬بحَسَبَ‭ ‬المهام‭ ‬الموكلة‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬جزر‭ ‬حوار،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬بحسب‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التطوير‭ ‬والتنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬لجزر‭ ‬حوار،‭ ‬لضمان‭ ‬التخطيط‭ ‬كنموذج‭ ‬للسياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬فيها‭ ‬وتوظيف‭ ‬موارد‭ ‬الجزيرة‭ ‬للاستثمار‭ ‬السياحي‭ ‬المستدام،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬للهيئة‭ ‬العليا‭ ‬كافة‭ ‬الصلاحيات‭ ‬ضمن‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬لسياسة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والخطط‭ ‬التنموية‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭: ‬البدء‭ ‬في‭ ‬اقتراح‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬أيضا‭ ‬اقتراح‭ ‬البرامج‭ ‬اللازمة‭ ‬لتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لجزر‭ ‬حوار‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تطوير‭ ‬المواصلات‭ ‬والاتصالات‭ ‬والترويج‭ ‬اللازم‭ ‬لجذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬السياحية‭ ‬ضمن‭ ‬الشروط‭ ‬والمعايير‭ ‬المحددة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا،‭ ‬التي‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬مهامها‭ ‬ضرورة‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بالثروة‭ ‬البحرية‭ ‬وحماية‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬فيها‭.‬،‭ ‬كما‭ ‬وجه‭ ‬جلالته‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬الى‭ ‬تطوير‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬لمواصلة‭ ‬أعمال‭ ‬التطوير‭ ‬والتنمية‭ ‬ومشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والخدمية‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬المحمية‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬البيئية‭ ‬فيها،‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بتضاريسها‭ ‬المنفردة‭. ‬وأكد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬أن‭ ‬المعالم‭ ‬البيئية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تحظى‭ ‬بكامل‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وتطويرها،‭ ‬بما‭ ‬يظهر‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬المعالم‭ ‬البيئية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬الرافد‭ ‬للسياحة‭.‬

إن‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬مستدامة‭ ‬ونقطة‭ ‬التقاء‭ ‬لدمج‭ ‬البيئة‭ ‬الطبيعية‭ ‬والتنمية‭ ‬الشاملة،‭ ‬وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬ترجمة‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬حول‭ ‬خُطَّة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بإطلاق‭ ‬استراتيجية‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬2022‭-‬2026‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬مؤشرات‭ ‬السياحة‭ ‬كإنفاق‭ ‬السياح‭ ‬إلى‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬حيثُ‭ ‬تمحورت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬حول‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬وهي‭: ‬الواجهات‭ ‬والأنشطة‭ ‬البحرية،‭ ‬سياحة‭ ‬الأعمال،‭ ‬السياحة‭ ‬الرياضية،‭ ‬الثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬والتاريخ،‭ ‬السياحة‭ ‬الترفيهية،‭ ‬الإعلام‭ ‬والأفلام‭ ‬السينمائية،‭ ‬والسياحة‭ ‬العلاجية،‭ ‬كما‭ ‬تعتمد‭ ‬استراتيجية‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬على‭ ‬أربع‭ ‬أولويات‭ ‬وهي‭: ‬تسهيل‭ ‬الدخول،‭ ‬والجذب‭ ‬السياحي،‭ ‬والتسويق‭ ‬والترويج،‭ ‬والإقامة‭. ‬ولو‭ ‬تأملنا‭ ‬واقع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬لوجدنا‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬بنيت‭ ‬ثقافته‭ ‬وارتبطت‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بالبيئة‭ ‬بجميع‭ ‬أنماطها‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية،‭ ‬وقد‭ ‬اشتهرت‭ ‬البحرين‭ ‬بالموائل‭ ‬البرية‭ ‬والبيئية‭ ‬الهامة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬والمرافق‭ ‬السياحية‭ ‬التي‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتها‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬مواقع‭ ‬جاذبة‭ ‬للسياح‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬المملكة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المحميات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬تجذب‭ ‬محبي‭ ‬الطبيعة‭ ‬والحياة‭ ‬البرية،‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬كافة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الطبيعة‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالكائنات‭ ‬البحرية،‭ ‬والنباتات،‭ ‬والطيور‭ ‬وغيرها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المواقع‭ ‬الطبيعية‭ ‬المميزة،‭ ‬باعتبار‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭ ‬إرثا‭ ‬وطنيًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬مهما‭.‬

وضمن‭ ‬نتائج‭ ‬دراسة‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬استطلاعًا‭ ‬لعينات‭ ‬الدراسة‭ (‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬والخبرات،‭ ‬المكاتب‭ ‬السياحية،‭ ‬الجمهور‭)‬،‭ ‬حيثُ‭ ‬كانت‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬مدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬19‭ ‬موقعًا‭ ‬سياحيا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬والتي‭ ‬أشارت‭ ‬عينات‭ ‬الدراسة‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬تنميتها‭ ‬واستغلالها‭ ‬للسياحة‭ ‬البيئية‭ ‬كأحد‭ ‬المقومات‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬عليها‭ ‬السياحة‭ ‬بالمملكة،‭ ‬ورغم‭ ‬الإمكانات‭ ‬والمقومات‭ ‬العدّة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬البحرين‭ ‬لتنمية‭ ‬جزر‭ ‬حوار،‭ ‬فإنها‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬بيئية‭ ‬متعددة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وتأثير‭ ‬النشاط‭ ‬البشري‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬جراء‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المقدرات‭ ‬والأرصدة‭ ‬البيئية؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬تنموية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭. ‬ولتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الاستثمار‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬فقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬البيئي‭ ‬المتكامل‭ ‬وأحراء‭ ‬الدراسات‭ ‬لتقييم‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي‭ ‬قبل‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروعات‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬وتحديد‭ ‬المناطق‭ ‬المحمية‭ ‬لضمان‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬تشغيل‭ ‬المنشآت‭ ‬السياحية،‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬مبانٍ‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬البناء‭ ‬الأخضر،‭ ‬وكذلك‭ ‬زيادة‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي،‭ ‬بإطلاق‭ ‬حملات‭ ‬توعية‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬وإشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬جزر‭ ‬سياحية‭ ‬مستدامة،‭ ‬ومثالًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭  ‬جزر‭ ‬المالديف‭ ‬وسيشيل‭.‬

إن‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬تمثل‭ ‬فرصة‭ ‬فريدة‭ ‬للمملكة‭ ‬لتطوير‭ ‬نموذج‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬بفضل‭ ‬اعتماد‭ ‬رؤية‭ ‬وطنية‭ ‬متكاملة‭ ‬تتوافق‭ ‬بين‭ ‬الاستثمار‭ ‬السياحي‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬استدامة‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭. ‬باتخاذ‭ ‬الخطوات‭ ‬الصحيحة‭ ‬الآمنة‭ ‬للبيئة،‭ ‬يمكن‭ ‬لجزر‭ ‬حوار‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬رمزًا‭ ‬للسياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬جزر‭ ‬المالديف،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تبنت‭ ‬نموذج‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬منتجعات‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وتحظر‭ ‬استخدام‭ ‬البلاستيك،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لدراسة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬Journal‭ ‬of‭ ‬Sustainable‭ ‬Tourism،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬السيّاح‭ ‬بالتوازن‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬توجيهات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬السامية‭ ‬لوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬تعكس‭ ‬رؤية‭ ‬حكيمة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‭ ‬تستفيد‭ ‬منها‭ ‬الأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية‭. ‬

انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬مستدام‭ ‬ومسؤول،‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭ ‬جزر‭ ‬حوار‭ ‬لتصبح‭ ‬نموذجًا‭ ‬عالميًا‭ ‬يدمج‭ ‬بين‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬وفقّا‭ ‬للخطوات‭ ‬المتبعة،‭ ‬فإنها‭ ‬تضع‭ ‬نفسها‭ ‬كنموذج‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬السياحية‭ ‬المستدامة‭ ‬للمناطق‭ ‬الطبيعية‭. ‬ووفقاً‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فإن‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬تًعد‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أنواع‭ ‬السياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الطبيعي‭ ‬والثقافي،‭ ‬وإن‭ ‬أكبر‭ ‬فائدة‭ ‬تقدمها‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬هو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬والطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬تتميز‭ ‬به،‭ ‬ثَمّ‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬تكثيف‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬البيئية‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بها‭ ‬مثل‭ ‬مناطق‭ ‬وجود‭ ‬مستعمرات‭ ‬الطيور‭ ‬ونباتات‭ ‬القرم‭ ‬والمها‭ ‬العربية‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الكنوز‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬لذا‭ ‬فإنّ‭ ‬للسياحة‭ ‬البيئية‭ ‬فوائد‭ ‬عدّة،‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬البيئة؛‭ ‬إنما‭ ‬تصل‭ ‬آثارها‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والثقافة‭ ‬والتراث‭ ‬الذي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬استدامتها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭.‬

وختامًا،‭ ‬إننا‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬دعوة‭ ‬نحو‭ ‬تحويل‭ ‬التوجيهات‭ ‬السامية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفه‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬مشاركة‭ ‬نشطة‭ ‬ومدروسة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إشراك‭ ‬جميع‭ ‬فئات‭ ‬وأفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬ومؤسساته‭ ‬وترجمة‭ ‬القوانين‭ ‬والمراسيم‭ ‬بأساليب‭ ‬وطرق‭ ‬تناسب‭ ‬الواقع‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يحاكي‭ ‬المتطلبات‭ ‬المجتمعية‭ ‬والوطنية‭ ‬والعالمية‭.‬

إن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأرصدة‭ ‬الطبيعية‭ ‬يحقق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والبيئي؛‭ ‬ويترجم‭ ‬نتيجة‭ ‬للسياحة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬صناعة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬عالمي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬وحماية‭ ‬المعالم‭ ‬الجمالية‭ ‬للبيئة‭ ‬البحرية‭ ‬والبرية؛‭ ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬السياحة‭ ‬ستزدهر‭ ‬ويتبعها‭ ‬انتعاش‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬للمملكة،‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬المسؤولية‭ ‬المجتمعية‭ ‬فيجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبذل‭ ‬ما‭ ‬بوسعنا‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المملكة‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المستدامة‭ ‬والمتأصلة‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬ورسالة‭ ‬كل‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬وذلك‭ ‬أثناء‭ ‬اتباع‭ ‬أعلى‭ ‬معايير‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬وفعاليات‭ ‬مستقبلية؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬البيئية‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيلها‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬السياحة‭ ‬والبيئة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والمصلحة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬الى‭ ‬الأخذ‭ ‬به‭ ‬لضمان‭ ‬مستقبل‭ ‬واعد‭ ‬لمملكتنا‭ ‬الحبيبة‭.‬

 

{ مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات

‭ ‬البيئية‭ ‬وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا