«هدف بلا خطة لا يزيد على كونه مجرد أمنية»
أنطوان دو سانت-إيكسوبيري
مع بداية كل عام جديد، يجب على كل شخص يسعى إلى النجاح والتفوق في حياته أن يضع لنفسه أهدافًا وخططًا لتنفيذها، فلا يقتصر التخطيط على المؤسسات والشركات والوزارات الحكومية فحسب، بل يمتد ليشمل الأفراد في حياتهم اليومية، ينبغي على كل فرد أن يضع خطة واضحة لحياته، وأن يرسم الطريق الذي يسير عليه لتحقيق الفائدة له ولأسرته وحياته العملية والاجتماعية.
من أبرز التعريفات للتخطيط أنه نشاط يقوم به الأفراد في شؤونهم العامة، ويعتمد على إعداد خطة ذهنية، ومن ثم تحويلها إلى خطة عملية حقيقية. فالتخطيط السليم يتطلب التفكير المسبق قبل البدء في التنفيذ.
سأتناول هنا التخطيط الشخصي للأفراد، سواء على الصعيد الخاص أو المهني، بما يعود بالنفع عليهم وعلى أسرهم وحياتهم، من أجل هدف أو مجموعة من الأهداف التي يسعى الفرد لتحقيقها ضمن إمكانياته المادية المحدودة وضمن فترة زمنية معينة. وغالبًا ما تكون هذه الخطط قصيرة الأجل، لا تتجاوز السنة الواحدة، وتختلف هذه الأهداف من شخص لآخر بحسب طموحات الفرد وإمكاناته.
وتتنوع الأهداف بحسب نوعية الحياة التي يسعى الفرد لتحسينها أو تطويرها، ومن هذه الأهداف:
{ أهداف تجارية واقتصادية كفتح مشروع تجاري صغير، أو العمل من المنزل عبر منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق دخل مالي مستقر يعزز من جودة الحياة.
{ تطوير مهارات وقدرات الذات مثل حضور دورات تدريبية، أو المشاركة في مؤتمرات وورش عمل محلية ودولية، أو تعلم لغة جديدة.
{ أهداف ثقافية ودينية كالانضمام إلى برامج تحفيظ القرآن، وحضور محاضرات ودروس متنوعة لتنمية الاستقرار الروحي والنفسي.
{ اهداف اجتماعية مثل زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران للحفاظ على علاقات اجتماعية قوية.
{ اهداف تطوعية كالانضمام إلى جمعيات خيرية أو مؤسسات إغاثة إنسانية لبناء مكانة اجتماعية متميزة.
{ أهداف ترويحية ونفسية مثل السفر في رحلات داخلية أو خارجية للاسترخاء والتجديد وتحسين الراحة النفسية والروحية.
{ أهداف صحية ووقائية مثل القيام بفحوصات طبية دورية، أو تعلم معلومات صحية عبر المواقع الإلكترونية الطبية، أو تلقي التطعيمات الوقائية، وتعزيز اللياقة البدنية بالانضمام إلى النوادي الرياضية.
ويأتي هنا دور التخطيط لأهميته الكبيرة، فهو يعد أداة أساسية لتحقيق الأهداف، ومن مزاياه:
* ترتيب الأهداف بحسب الأولوية بما يضمن تخصيص الموارد والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الأكثر أهمية.
* تنظيم العمل عن طريق تحديد خطوات العمل بشكل منظم ومتسلسل، مما يقلل من فرص التخبط والفوضى.
* توقع العقبات والمشاكل فالتخطيط يتيح التنبؤ بالمشاكل التي قد تعترض طريقك، وبالتالي يمكنك اتخاذ خطوات استباقية للتغلب عليها.
{ تحديد الموارد المالية مما يساعد في تقدير المبالغ المالية اللازمة لتحقيق الأهداف، وبالتالي يقلل من المخاطر المالية غير المتوقعة.
{ التنبؤ بالمستقبل، يوفر التخطيط فرصة لوضع افتراضات حول ما قد يحدث في المستقبل، مما يساعد في التكيف مع الظروف المتغيرة.
{ تقليل المخاطر وخاصة في الأهداف التجارية والاقتصادية، حيث يمكن تقييم المخاطر واتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليلها.
{ تحديد المدة الزمنية، يساعد التخطيط في تحديد الوقت اللازم لتحقيق الهدف بشكل دقيق.
{ تحديد الوسائل والأدوات من خلال التخطيط، يمكن تحديد الوسائل المطلوبة لتحقيق الهدف.
ولتحقيق كل أهدافنا وطموحاتنا مع بداية كل عام جديد، الفرصة امامنا لوضع أهداف جديدة وخطط عملية لتنفيذها. لنعيش حياة هادفة، حياة متزنة، حياة مستقرة وآمنة ونحقق التوازن بين الجوانب المختلفة في حياتنا.
والطريق يختلف لتحقيق هذه الأهداف من شخص لآخر. كما قال الدكتور إبراهيم الفقي - رحمه الله: «النجاح ليس مجرد تحقيق الهدف، بل في الثقة في نفسك والإصرار على تحقيقه».
إن التخطيط له قيمة كبيرة في ديننا أيضًا. فنجد في كتاب الله القرآن الكريم، مثالاً حيًّا في قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما تحدث عن كيفية مواجهة المجاعة المتوقع حدوثها، قال الله تعالى: «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ» (سورة يوسف، الآية 47).
كانت هذه خطة محكمة لمواجهة كارثة اقتصادية مرتقبة، وتعد مثالًا رائعًا للتخطيط البعيد المدى.
ختاماً التخطيط ليس مجرد أداة، بل هو ضرورة أساسية لتحقيق النجاح في الحياة، لنعيش حياة ذات معنى، حياة مليئة بالإنجازات والتوازن بين مختلف جوانب الحياة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك