يقول رجل الأعمال الأمريكي «كيفن روز» الذي اشتهر بنشاطه في تأسيس الأعمال الجديدة: «عندما تؤمن بفكرة.. اعمل على تحقيقها على مر ليالي وأسابيع.. ولن تشعر أنك كنت تعمل»!
نعم، فكل ما يحتاج اليه المرء هو الشغف بفكرة عظيمة، وامتلاك حافز لتنفيذها، وإرادة لتحقيقها، وحين يخطئ أو يتعثر، يتعلم ويصمد ويواصل، لإيمانه بأن النجاح مثل سلم صاعد، لا طريق ممهد له، وبدايته من الأسفل.
تلك هي قناعة هذه المرأة، التي عشقت كل ما هو جميل يتعلق بالمرأة، وانطلقت من الصفر في مرحلة الجامعة، فكانت أول من جلب أجهزة الليزر التجميلية إلى المملكة، وامتلك مشروع صالون تجميلي متنقل، وقد احترفت مجالات متعددة منها إنتاج مستحضرات التجميل، وتصميم الأزياء، وصناعة العطور وغيرها، حتى أصبحت اليوم صاحبة أول براند بحريني شامل يرتبط بأناقة النساء وجمالهن.
نبيلة نبيل أحمد، سيدة أعمال عصامية، ترى أن النجاح الحقيقي هو أن تبدأ من أسفل السلم، ثم تصعده بالتدريج حتى الوصول إلى القمة، منحتها التجارب المريرة القوة والحافز نحو المواصلة، ولم تسمح لظروفها الصعبة أن تكسرها بل قاومت وصمدت وحققت أهدافها بكل إرادة وقوة، لتحتل مكانا تحت شمس عالم النساء المتميزات.
المشوار كان طويلا وعسيرا، أما النتاج فكان تجربة ثرية ومتفردة استحقت التوقف عند محطاتها في الحوار التالي:
حدثينا عن نشأتك؟
أنا أنحدر من عائلة بسيطة، ولذلك أرى نفسي إنسانة عصامية بنيت نفسي بنفسي ولله الحمد، وقد كنت طفلة طموحة ومجتهدة في دراستها إلى أقصى درجة، وحريصة على التميز والتفوق العلمي في جميع المراحل الدراسية، وكان حلمي منذ الصغر أن أصبح سيدة أعمال مرموقة في المستقبل، وهو ما كنت أفصح عنه لجميع من حولي في هذه السن الصغيرة، وقد بدأت بالفعل في تحقيق هذا الطموح منذ أن قررت دراسة تخصص الأعمال المصرفية والبنكية في المرحلة الجامعية.
كيف كانت بداية تحقيق الحلم؟
لقد حصلت على بعثة دراسية بعد حصولي على الثانوية العامة، وذلك من المصرف المركزي، وتخرجت في الجامعة بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وأثناء دراستي الجامعية كنت قد بدأت أولى خطوات مشواري العملي، وذلك من خلال إقدامي على صناعة بعض مستحضرات التجميل المميزة، حيث تعلمت ذلك ذاتيا عبر قراءاتي ومتابعتي لكل ما يخص هذا العالم، حتى أصبحت أتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال وبات لدي كل المعلومات التي تؤهلني للقيام بهذا العمل على أكمل وجه، وقد كنت أول بحرينية تطلق مشروع صالون متنقل للتجميل، وكان ذلك برأس مال متواضع للغاية، حيث كنت أتقاضى راتبا شهريا لتفوقي في الدراسة، ومن ادخاره تمكنت من خوض تجربة العمل الحر، وكان هدفي الأول هو تحقيق الاستقلال المادي، وباجتهادي وجهدي حققت طموحي وصعدت السلم بالتدريج.
أهم محطات رحلة الصعود؟
رحلة الصعود لم تكن سهلة مطلقا، لكنها ممتعة للغاية، وخاصة أنني على قناعة تامة بأن أي شخص يمكنه أن يتذوق المعنى الحقيقي للنجاح حين يبدأ من الصفر وهذا ما حدث فعليا، وكلي فخر بأنني كنت أول من جلب أجهزة الليزر التجميلية إلى البحرين، حيث كنت أقوم بتأجيرها للعاملين في هذا المجال، وقد حدث أن تزوجت اثناء الدراسة الجامعية، ورغم انني لست من مؤيدي الزواج المبكر إلا أني قد استفدت من هذه التجربة دون شك.
وما هو المستفاد من تجربة الزواج المبكر؟
لا شك أن تجربة الزواج المبكر لها إيجابياتها وسلبياتها، ولعل الأمر الإيجابي المتحقق من ورائها هو أنها تعلم الفتاة معنى الحياة في هذه السن الصغيرة، كذلك تمدها بمهارة تحمل المسؤولية، وكيفية إحداث التوازن في المهام المتعددة والمتشعبة لها كأم وزوجة وامرأة عاملة في ذات الوقت، أما الشيء السلبي الأهم فهو ما يتعلق بتقييد بعض الطموحات أو تأجيلها أو تجميدها، وذلك نظرا لمسؤولياتها الأسرية سواء تجاه الزوج أو الأبناء، وعن نفسي يمكن القول بأنني استطعت ولله الحمد أن أحقق هذا التوازن إلى حد كبير، وواصلت الطريق، ووفقت في مهامي المتنوعة رغم أي صعوبات أو تحديات واجهتني عبر مسيرتي وما أكثرها.
أول منتجاتك التجميلية؟
أول منتجاتي التجميلية كان ابتكار كريم ليلي للبشرة ذات مواصفات خاصة وساحرة لاقى إقبالا منقطع النظير، هذا فضلا عن دخولي مجالا آخر يتعلق بالجمال كذلك ألا وهو تصميم الأزياء، وقد راعيت أن تكون صالحة لكل الأوقات والمناسبات، مع الحرص على إضفاء الطابع الكلاسيكي الذي يتميز باستمراريته وعدم انتهاء موضته، حيث أستعين في ذلك بمصممين ماهرين عالميين من خارج البحرين، ورغم وجودي في السوق منذ حوالي عشرين عاما، إلا أنه يمكن القول بأن الانطلاقة الحقيقية والقوية كانت قد تحققت منذ عامين تقريبا.
وماذا عن دخولك عالم صناعة العطور؟
لقد دخلت عالم صناعة العطور الساحر وتعاملت مع مصنع في المملكة العربية السعودية، حيث كنت أقوم باقتراح المكونات والمواصفات، ثم يتم تنفيذ كل ذلك من خلال المصنع، كما أنني أصمم التغليف بنفسي وعلى ذوقي، هذا فضلا عن عملي في فترة من الفترات ككاتبة في قسم التجميل بمجلة روتانا الشهيرة، ودوري في تقديم بعض المظاهر الخاصة بالمشاهير والنصائح والصفات التجميلية للمرأة بشكل عام.
أصعب مرحلة؟
يمكن القول بأن أصعب مرحلة مررت بها كانت أثناء فترة إصابتي بأزمة صحية شديدة في عمر صغير، ورغم الألم والمعاناة خلالها، فإنني استطعت بفضل الله سبحانه وتعالى ودعم الأهل تحويل هذه المحنة إلى منحة، تعلمت منها معنى القوة والصلابة والوقوف في وجه أي تحديات قد تصادفني، وعدم السماح لها بأن تكسرني أو تعطل مسيرتي.
ماذا علمتك التجارب المؤلمة؟
فالتجارب الصعبة تمنح أصحابها في أغلب الأحيان القوة والعزيمة على المواصلة، وتمثل لهم حافزا على النجاح، وهذا ما حدث معي شخصيا وهو ما حاولت غرسه في نفس ابني، فقد اجتهدت في إقناعه دوما بضرورة أن يجعل من أي شيء سلبي عاملا إيجابيا يدفعه إلى تحقيق الأفضل، إلى جانب الالتزام بمبادئ الأخلاق الجميلة والطيبة والتسامح مع الآخر، خاصة في هذا العصر الذي ندرت فيه مثل هذه القيم.
في رأيك متى تفشل المرأة؟
أري أن المرأة قوية وناجحة بشكل عام، لكنها قد تفشل إذا سمحت للعاطفة بأن تتغلب على عقلها بشكل عام، فالمرأة العقلانية من الصعب أن تتعرض للفشل أو للتعثر في حياتها، وشخصيا أنا ضد انجرار بعض النساء وراء مشاعرهن، وعلى كل امرأة أن تؤمن بأن النجاح بشكل عام ليس له عمر، وأن الاحلام لا تتعلق بالسن، المهم أن تبدأ، لأنه في كل يوم هناك فرصة جديدة وأمل في مستقبل أفضل.
نصيحتك لأي فتاة مقدمة على مشروع خاص؟
نصيحتي لأي فتاة مقدمة على مشروع جديد هي عدم التسرع، ومحاولة ابتكار أفكار مختلفة ومغايرة، وعدم تكرار نفس المشاريع الموجودة حولها، فالازدواجية كانت وراء فشل الكثيرات، فأنا على سبيل المثال أحتضن غيري من المبدعات في مجال التجميل داخل الصالون الخاص بي، وامنحهن مساحة لممارسة عملهن من خلال مشروعي، وفي النهاية استفيد وأفيد، وذلك بدلا من امتلاك كل منهن صالونا خاصا يتشابه مع غيره في عمله، الأمر الذي قد يؤدي إلى غلق بعضهن لمشاريعهن.
هل لديك أنشطة أخرى؟
أنا إنسانة طموحة بشدة ومتعددة الاهتمامات والأنشطة، ومن المجالات التي جذبتني بشدة الاستثمار في مجال الأسهم، وهو أمر يحتاج إلى متابعة جيدة واختيار ذكي وصحيح للمجالات التي يجب الاستثمار بها، وهنا أنصح بالاستثمار في السندات الحكومية التي ليس بها أي مخاطر، وكذلك في شركات الأغذية بشكل عام لأنها من الصعب أن تتوقف أو تتعرض لخسائر ضخمة.
حلمك القادم؟
حلمي القادم هو السعي نحو الخروج من الإطار المحلي والوصول إلى العالمية، وتواجد فروع للبراند الخاص بي في دول أخرى، وانا أري أن أي إنسان قادر على تحقيق حلمه، مهما كان نوعه أو حجمه، طالما توافر لديه الشغف والإخلاص، وتمتع بالإرادة القوية، وعدم سماحه لأي عثرات أو تحديات أن تعترض طريقه، أو توقفه عن بلوغ أهدافه، وهذا ما حدث معي على أرض الواقع وعن تجربة شخصية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك