يقول المهاتما غاندي «العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر.. ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها»!
نعم، الحياة مليئة بالحجارة، فلا تتعثر بها، اجمعها، وابن بها سلما نحو النجاح، فإن تتعثر فهذا لا يعني سقوط، بل هو دليل على أنك تسير وتتحرك وتنجز!
اليوم أصبحت المشاريع المنزلية فكرة رائجة في العالم العربي، فهي قد تقوم أحيانا على اقتطاع جزء من المنزل، أو حتى تخصيص غرفة واحدة لإطلاقها، من دون الحاجة إلى رأس مال كبير أو إجراءات مكلفة، وذلك تحت شعار «مشروعك من بيتك»، أما أفكارها فحدث ولا حرج، لذلك أصبحت مصدر دخل للكثيرين، وخاصة من النساء.
ومن بين هؤلاء هاتان الأختان نيفين ونرمين جعفر عبدالله، صاحبتا أول مشروع منزلي من نوعه لتجارة الاكسسوارات التركية، واللتان استطاعتا أن تتركا أثرا من خلاله، حيث قدمتا نموذجا للمرأة المكافحة التي تستحق أن نفخر بها، ونتحدث عنها، ونكون عونا لها، لنجاحها في إحداث التغيير الإيجابي الذي تسعى إليه، ولقيامها بدور كبير في بناء مجتمعها.
«أخبار الخليج» رصدت تفاصيل هذه التجربة في السطور التالية:
كيف بدأت رحلة العمل الحر؟
- لنا في مجال العمل الحر تجارب عديدة، وفي الواقع المشروع الحالي هو ثالث مشاريعنا، حيث كانت البداية عبارة عن مشروع تجارى للإكسسوارات والملابس المستوردة من تايلاند، والذى كنا قد أطلقناه من البيت، بعد أن عزمنا على خوض مجال المشاريع المنزلية، وكان تعاملنا محدودا يقتصر على المعارف والأصدقاء والمقربين كما كانت لنا مشاركات في بعض المعارض، وبعد عام تقريبا توقف المشروع بعد اكتشافنا أن المنتجات التركية أفضل، وذلك في أعقاب زيارة قمنا بها إلى تركيا، سواء فيما يتعلق بالذوق أو الجودة، وبالفعل توجهنا إلى الاستيراد من تركيا منذ عام 2011 تقريبا.
ثم ماذا؟
- بعد توجهنا للاستيراد من تركيا والتعامل مع منتجاتها، بدأنا العمل من خلال حساب خاص بنا على الانستغرام، واستمر ذلك حوالي عامين، ثم توقفنا مرة أخرى لظروف عائلية، إلى أن أطلقنا مشروعنا الحالي عام 2018، وقد عزمنا هذه المرة على الاستمرارية والمواصلة بغض النظر عن أي عقبات أو عثرات أو تحديات، وهو مشروع للتجارة في الاكسسوارات التركية من الأساس، ثم توسعنا به وأدخلنا مؤخرا معدن الفضة في تجارتنا، وكانت البداية متواضعة حيث كان عملنا من خلال الانستغرام، وحتى التصوير والتسويق والدعاية كلها أمور ننجزها بأنفسنا، كذلك نسافر شخصيا من أجل اختيار الموديلات وضمان الجودة، وكنا أول من أنشأ مشروعا منزليا لتجارة الاكسسوارات التركية بالبحرين.
أصعب تحد؟
-في البدايات كانت التحديات الأساسية تتعلق بالأسرة، والتفرغ لتربية أبنائنا والإيفاء بمتطلبات ذلك، ولهذا السبب توقفنا عن عملنا مرتين متتاليتين، أما بالنسبة إلى المشروع الحالي فيمكن القول إن فترة كورونا كانت أهم تحد واجهناه، حيث تعرضنا خلال هذه الأزمة إلى خسائر كبيرة، خاصة وأننا اعتمدنا على الاستيراد أون لاين لصعوبة السفر فترة طويلة، الأمر الذي تسبب في تسلمنا لبضائع دون المستوى، ونظرا إلى حرصنا على تحقيق الجودة والذوق للزبائن، فاضطررنا إلى عدم بيعها مما كبدنا الكثير من الخسائر، إلى أن انفرجت الأمور بعض الشيء، فعاودنا نشاطنا، وسافرنا حين سمحت الأوضاع بذلك لجلب البضاعة بأنفسنا.
ما مخاطر التعامل التجاري أون لاين؟
- التعامل التجاري أون لاين أحيانا لا يكون آمنا، فكثيرا ما كانت تصلنا بعض القطع المكسورة أو بجودة أقل من توقعاتنا، ولا شك أن المصانع الموردة نفسها قد تضررت كثيرا أيضا، وواجهت الكثير من الصعوبات في الحصول على الأدوات والمواد اللازمة لصناعتهم، ومع ذلك بعد انفراج الأزمة تم الاتفاق مع صاحب المصنع على إرجاع البضاعة التي رفضنا بيعها له، ولكن بأسعار أقل من الأصلية بالطبع.
كيف تم تعويض الخسائر؟
- لقد حاولنا التغلب على خسائرنا بالابتكار وإدخال منتجات جديدة مصنوعة من الفضة في أعمالنا، وهو مجال واسع، وكذلك التعامل مع اكسسوارات ذات جودة عالية، ولا تتغير ألوانها مع الوقت، يقومون في تركيا باستيرادها، كما قررنا التجارة في بعض المنتجات المتعلقة بالمناسبات، مثل العيد وشهر رمضان وغيرهما، إلى جانب اختيار تصاميم حصرية يقوم المصنع بتنفيذها لنا خصيصا، وكلها أمور مكنتنا من إنعاش تجارتنا، وتعويض خسائرنا، حتى التغليف نقوم بتصميمه بأنفسنا ونحرص أن يكون مميزا وجذابا.
إلى أي مدى تعد المشاريع المنزلية مجدية؟
- لا شك أن المشاريع المنزلية مجدية وانتعشت كثيرا خلال السنوات الأخيرة وخاصة عبر السوشيال ميديا، وهي مربحة بالطبع لأنها لا تتطلب رأس مال كبيرا، ولا إيجارات، ولا إجراءات برسوم وغيرها من الأمور المكلفة، ولكن مؤخرا قامت منصة الانستغرام بتضييق الخناق علينا من خلال تغيير النظام المعمول به، وأصبح الوصول إلى كل المتابعين أمر صعب، ومحدود للغاية، الأمر الذي أثر في عملنا سلبا، ودفعنا إلى اللجوء إلى البلوغرز لتسويق منتجاتنا، وبالطبع هذا يضيف علينا أعباء مالية، فعلى سبيل المثال اليوم تصل منتجاتي على حسابي إلى حوالي 300 متابع فقط من بين 18 ألف متابع وهذا بسبب التغييرات التي طرأت على نظام الانستغرام.
ماذا يحتاج أصحاب تلك المشاريع المنزلية؟
- أصحاب المشاريع المنزلية بحاجة إلى دعم مادي يمكنهم من الاستمرار وتحقيق الربح، خاصة في المرحلة الحالية التي ارتفعت فيها كلفة التسويق عبر النت، حتى المشاركة في المعارض أصبحت تتطلب مبالغ كبيرة مقارنة بالسابق، الأمر الذي أدى إلى تعثر الكثيرين من أصحاب الأعمال وخروجهم من السوق، ويمكن القول بأن مشاريع الطعام المنزلي هي الوحيدة التي حققت انتعاشا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، وبرغم هذه الصعوبات إلا أننا لم نحاول رفع أسعارنا لحرصنا على أن تكون بضاعتنا في متناول يد الجميع، لأننا على قناعة بتحقيق ربح معقول وليس مبالغا فيه، وهذا ما ضاعف من حرب المنافسة ضدنا.
هل فكرتم في التوقف خلال كورونا؟
- من المؤكد أننا مررنا بأوقات عصيبة، وواجهنا تحديات كبيرة، وتعرضنا لخسائر ليست قليلة، ولكننا هذه المرة عزمنا على المواصلة مهما كانت الظروف، وقررنا التغلب على العثرات بالتجديد والابتكار، وبالإرادة والمثابرة استطعنا الصمود، ولا شك أن دعم أزواجنا ووالدتنا الكبير لنا خاصة في فترات محددة كنا نعاني فيها من ضغوطات كبيرة تتطلب جهودا مضاعفة كالمناسبات أو خلال مشاركتنا في بعض المعارض، كان سببا في استمرارنا، ونجاحنا، وترك بصمة خاصة بنا في عالم سيدات الأعمال.
أصعب محنة؟
- نيفين: لعل أصعب محنة واجهتها عبر مسيرتي كانت صدمة وفاة والد زوجي بكورونا، الأمر الذي مثل ضغطا نفسيا كبيرا على أسرتي بأكملها.
نرمين: من أصعب الفترات التي مرت بي كانت وقت إصابتي بأزمة صحية من جراء ضغوط العمل والحياة والمسؤوليات المتشعبة، ولله الحمد تخطيتها بكل قوة وإيمان.
متى تفشل المرأة؟
- تفشل المرأة إذا فقدت الثقة في نفسها، واستسلمت لأي عثرات قد تواجهها، فنحن مررنا بالكثير من التحديات والعثرات، وفي كل مرة لم نسمح لأنفسنا بالسقوط، بل نحاول النهوض والوقوف على أقدامنا من جديد، وكان أي تحد يصادفنا يمثل لنا خطوة نحو النجاح.
أهم قيمة حرصتم على تعليمها لأبنائكم؟
- من أهم القيم التي حرصنا على غرسها في نفوس أبنائنا هي الثقة في النفس وتحقيق الاستقلالية، والمشاهدة لما يحدث حولهم بفهم ووعي وخاصة ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي.
نرمين: كنت دائما أهتم بالديكور المنزلي وجميع من حولي يستشيرونني وقد ظهرت هذه الموهبة مؤخرا ولكني درست المحاسبة وأتمنى أن يكون لي مكتب متخصص في الديكور المنزلي ولكنه حلم صعب حاليا تحقيقه.
نيفين: حلمي الضائع هو مواصلة رحلة تعليمي التي توقفت عند الثانوية العامة وأشعر كذلك بأن الوقت متأخر لتحقيقه وقد حدث ذلك بسبب انشغالي مع أسرتي ولم أندم على ذلك.
حلمكما الحالي؟
- نتمنى أن يتوسع ويتطور مشروعنا حتى نصبح أصحاب محل كبير خاص بنا نمارس من خلاله تجارتنا بما يحقق طموحاتنا في عالم التجارة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك