العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دول الخليج والمتغيرات البحرية.. الفرص والتحديات

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٣ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

إلى جانب مضايق؛ تايوان، وملقا، وجبل طارق، تشتمل المياه المحيطة بالخليج العربي على سلسلة من المواقع الاستراتيجية ذات الأهمية الحيوية، مثل مضيق هرمز، وباب المندب، وقناة السويس. وتعد هذه المواقع مهمة للأمن البحري العالمي، ليس فقط فيما يتعلق بقيمتها الاستراتيجية المتأصلة، كمنافذ للوصول إلى بقية العالم؛ ولكن أيضًا في عالم التجارة الدولية، كما يعد أمنها وسلامتها شرطًا حيويًا، لتدفق أحجام التجارة الهائلة التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي.

ومع تسجيل إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تدفق أكثر من 20 مليون برميل نفط خام يوميا من دول الخليج، عبر مضيق هرمز إلى المستهلكين؛ فإنه يجب الإشارة إلى أهمية إبقاء ممرات الشحن في المنطقة مفتوحة، وآمنة، وفعالة. ووفقًا لشبكة بي بي سي، فقد أثبت إغلاق قناة السويس، بواسطة سفينة حاويات عالقة في أوائل عام 2021، أن أي تعطيل لممرات الشحن النشطة بالشرق الأوسط، يمكن أن يؤثر بشكل خطير على علاقات المنطقة الاقتصادية الخارجية، حيث أثرت الحادثة على 12% من حجم التجارة العالمية.

ونظرًا إلى اعتماد العديد من الدول على صادرات النفط والغاز من منطقة الخليج، فضلاً عن تأثير هذه الصادرات على سوق الطاقة العالمي بشكل كبير، فليس من المستغرب أن تتحرك العديد من القوى الخارجية من أجل الحفاظ على الأمن البحري لمياه المنطقة. وعلى سبيل المثال، سعت الولايات المتحدة، منذ فترة طويلة للحفاظ على وجود بحري، تمثل في الأسطول الخامس، في منطقة الخليج، كما تعهدت واشنطن، مؤخرًا بتعزيز قدراتها لردع أي قلاقل مستقبلية.

من جانبها، أبقت البحرية الملكية البريطانية، على وجود بحري دائم في الخليج منذ عام 1980 وتشارك بنشاط في عمليات مكافحة القرصنة، وتهريب الأسلحة والمخدرات. وأشار ليوناردو متزوكو، من معهد الشرق الأوسط، إلى عمل الدول الأوروبية الآن على تعزيز طموحاتها الأمنية البحرية في محيط الخليج؛ إثر نداءات أطلقها الأدميرال إيمانويل سلار، قائد القوات البحرية الفرنسية في مياه المنطقة، بشأن قيادة موحدة وتوسيع نطاق العمليات.

وفي إطار الجهود لتوفير حماية أفضل للخليج العربي، والمياه المحيطة به، أشار نيك تشايلدز، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى كيف أصبحت المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، بمثابة ساحة اختبار، لبحرية الدول الغربية، لاستخدام أحدث السفن، والآلات البحرية غير المأهولة المتقدمة؛ لتنفيذ مهام الاستطلاع والاستجابة، حيث تقود فريق العمل 59، التابع للبحرية الأمريكية، هذه الجهود وتهدف إلى تشغيل أسطول يضم أكثر من 100 سفينة قريبًا.

وبالنسبة إلى دول الخليج، ففي حين أتاحت المساعدة الأمنية الخارجية التدفق الآمن للصادرات من المنطقة، فقد شاركت هذه الدول نفسها مؤخرًا بنشاط في مبادرات خفض التصعيد مع الخصوم القدامى، وعلى الأخص إيران. ومع ذلك، حذر معهد الشرق الأوسط، من أن طهران، ووكلاءها لا يزالون يشكلون تهديدًا على الملاحة الدولية في الخليج العربي وخليج عُمان والبحر الأحمر، وهو تقييم يدعمه استمرار مصادرة القوات البحرية الإيرانية للسفن المحايدة بالقرب من مضيق هرمز. وأشار براد هوارد، من شبكة سي إن بي سي، إلى أنه في العامين الماضيين فقط، قامت بمضايقة أو مهاجمة أو اقتحام 15 سفينة تجارية ترفع علمًا دوليًا.

وفي ضوء سعي دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز مجال الأمن البحري الإقليمي، أشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن عملية تطور قدرات القوات البحرية المستمرة في الخليج؛ يعكس ما كان يحدث سابقا، حيث كان الاهتمام بالأفرع الأخرى لقواتها المسلحة، فضلا عن أن التفكير الدفاعي الجديد يمنح الخليج الآن أولوية للتقدم البحري، بالإضافة إلى تأكيد ديفيد روبرتس، من كينجز كوليدج لندن، على مخاوف الحماية، فيما يخص الدعم المفترض من الولايات المتحدة. فيما تطرقت فيكتوريا كوتس، من مؤسسة هيريتيج، إلى أن طهران، أصبحت الآن أكثر جرأة، ومن ثم بات هناك احتمال لشنها هجوما على نطاق أوسع.

وفيما يتعلق بالنهج الاستراتيجي الشامل لدول مجلس التعاون، لمواجهة التهديدات المتعلقة بإيران وتهريب الأسلحة والمخدرات، لاستكمال الموقف البحري الأمريكي الحالي المتمثل في الردع العقابي؛ رأى المعهد، أن دول الخليج، تسعى إلى تعزيز قدراتها الخاصة، التي تهدف إلى منع المعتدي من الهجوم عن طريق تقليل احتمالية إصابة هدفه، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الردع عن طريق الكشف في البحر، والتي من خلالها يمكنها مراقبة أية أنشطة معادية .وتوثيقًا للكيفية التي عززت بها دول الخليج، أساطيلها المشتركة من السفن من 512 سفينة في عام 2014، إلى 621 في عام 2022، أضاف أن الجهود المبذولة لتعزيز القدرات البحرية؛ ركزت في الغالب على إعادة هيكلة أساطيلها من المقاتلات السطحية البحرية، باستخدام العديد من الفرقاطات والطرادات الجديدة متعددة المهام.

وبالنظر إلى الكيفية التي حددت بها الإمارات، والسعودية، وتيرة التحسينات لدى قوتهما البحرية، أشار المعهد، إلى أن الأسطول الخاص بالرياض، قد تلقى زوارق دورية سريعة جديدة، كما سيحصل الأسطول الشرقي قريبًا على أربع سفن سطح قتالية جديدة متعددة المهام، ذات قدرات عالية على المناورة والاشتباك من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، والتي أوضحت شركة نافال تكنولوجي، الفرنسية، أن بإمكانها تنفيذ عملية هجومية في حرب الغواصات، والحرب المضادة للطائرات، حرب الألغام، والحرب الإلكترونية، والعمليات الخاصة.

وبالنسبة إلى الإمارات، تمت الإشارة إلى كيف طورت قدراتها المحلية الناشئة، حيث تقود شركة أبوظبي لبناء السفن، مبادرة مع شركة الإنشاءات الميكانيكية النورمندية الفرنسية، لبناء ستة طرادات من أجل تعزيز قواتها البحرية الحالية. وفيما يتعلق بالبحرين، أشار المعهد، إلى حصولها على 16 سفينة دورية جديدة بين عامي 2014 و2022.

علاوة على ذلك، قامت دول الخليج بتنويع شراكاتها في مجالات الاقتصاد، والسياسة، والأبعاد الأمنية الأخرى. وأكد المعهد، أيضًا أنها بدأت في تنويع علاقاتها الخارجية في مجال التعاون البحري، وذلك لتخفيف اعتمادها على الأسطول الخامس الأمريكي. وذكرت إليزابيث جوسلين، في مجلة ديفينس نيوز، أنها تتطلع نحو أوروبا لتلبية احتياجاتها من أنظمة الأسلحة البحرية.

وتأكيدا لهذا التحليل، كانت مجموعة نافال تكنولوجي الفرنسية هي الاختيار الأمثل بالنسبة للإمارات، وشركة فينكانتيري الإيطالية، هي الشريك البحري لقطر، أما السعودية، فقد فضلت الشراكة مع شركة نافانتيا، الإسبانية لبناء السفن الحربية. وفي الحالة الأخيرة، أشارت إليزابيث جوسلين، إلى تعاقد نافانتيا، مع المملكة، لشراء خمسة طرادات في عام 2018، تم تسليم أربعة منها عام 2023، وبعد أن وقعت الشركة أيضًا مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع السعودية، فإنها تتوقع تلقي اقتراح بحلول عام 2024 لبناء خمس سفن قتالية أخرى جديدة متعددة المهام.

وعلى الرغم من أن دول الخليج تمتلك خططًا، لتعزيز مشترياتها وقدراتها البحرية للدفاع بشكل أفضل عن ممراتها البحرية، وردع أي أعمال عدائية، واعتراض أنشطة التهريب والاتجار في مياه المنطقة؛ إلا أن المعهد، أشار إلى سلسلة من التحديات والقيود العملية التي قد تعيق هذه الدول، وتحتاج إلى التغلب عليها لتعزيز طموحات التنمية البحرية الخاصة بها. ومن بين تلك القيود، أشار إلى وجود فجوة لديها بين امتلاك المنصات البحرية ومنظومة الأسلحة، وبين ضمان استعدادها التشغيلي وأدائها، بالإضافة إلى أن قدرتها على دمج التطورات البحرية في أنظمتها الدفاعية، ستستغرق وقتًا.

وفيما يتعلق بالتصورات بين الخبراء الغربيين حول نقاط القوة والقدرات البحرية الخاصة في المنطقة، فقد أُشير إلى أنه في حين يُنظر إلى تطور سلطنة عُمان، بشكل كبير؛ بسبب علاقتها البحرية طويلة الأمد مع البحرية الملكية البريطانية، فضلا عن تطور القوات البحرية لكل من السعودية، و الإمارات، فإنه يُنظر إلى قطر، على أنها تتمتع بمستويات أقل من المعايير المهنية البحرية، والتي سوف تستغرق وقتًا لتحسينها.

وهناك عنصر آخر، قد يتطلب تخطيطًا، طويل المدى، وهو كيفية تلبية احتياجات التجنيد الكافية لقطاع الأمن البحري. وأوضح المعهد، أن المخاوف المتعلقة بكيفية توفير المزيد من القوات الكافية لتشغيل وإدارة الأساطيل الخليجية البحرية المتنامية، تمثل تحديًا كبيرًا، أمام الطموحات الدفاعية لدول المجلس، وخاصة مع كونها حاليًا تعاني من عدم توافق بين قدراتها الشرائية الفائقة للقدرات البحرية الأمنية والمتطورة، ومشاكل العثور على أعداد كافية من الأطقم لتشغيل مثل هذه السفن البحرية. ولعل المثال الواضح على هذا التحدي؛ هو أنه مع تسلم قطر، سفينة دوريات بحرية، ومنصة هبوط مروحيات من فينكانتيري الإيطالية، اتضح جليًا أن تشغيل وإدارة هاتين السفينتين وحدهما سيشكل بعد ذلك أكثر من ربع قدرة الأيدي العاملة الحالية بالقوات البحرية الأميرية القطرية، وهو ما يستلزم حملة تجنيد هائلة في المجال البحري للعديد من الأفراد المدربين تدريبا كافيا.

وفي ضوء الفرص والتحديات المستقبلية التي تم تناولها حول الأمن البحري الخليجي، تبنى المعهد، استنتاجات أساسية، أولاً: أن الأمن البحري في المنطقة من المرجح أن يظل معتمدًا على الولايات المتحدة خلال العقود المقبلة، نظرًا لوجودها العسكري البحري المتمركز حاليًا، والذي لا مثيل له في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية. ثانيًا: توقع أن الأمن البحري الراهن سيشهد تعاونًا بشكل متزايد في المستقبل القريب والبعيد، حيث باتت واشنطن، تشجع حلفاءها على العمل معًا لتعزيز قدراتهم الأمنية البحرية المتبادلة، وبالتالي تخفيف العبء عنها.

على العموم، أشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن تحديث القدرات البحرية لدول الخليج، يجب أن يُنظر إليه كجزء من تفكير أوسع حول تفعيل آليات الردع الإقليمية، وأدوات الاحتواء لتجنب اشتعال أية صراعات محتملة، وبالإضافة إلى المبادرات الدبلوماسية الأخيرة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، ومنافسيهم الإقليميين على المدى الطويل -وعلى الأخص إيران- فإن هناك بارقة أمل لخلق مزيد من سبل التعاون والازدهار في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح أن يعزز هذا الشعور القوي من تعزيز العلاقات الثنائية والمشتركة بين العديد من دول المنطقة.

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا