العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حقيقة الموقف الأمريكي من حكومة السوداني في العراق

بقلم: د. فاضل البدراني

الأربعاء ٢٦ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬تتصدع‭ ‬قناعات‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحجب‭ ‬دعمها‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬محمد‭ ‬شياع‭ ‬السوداني،‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬فرضية‭ ‬عدم‭ ‬دعوته‭ ‬لزيارة‭ ‬واشنطن‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وهذا‭ ‬التصدع‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المواقف‭ ‬الداعمة‭ ‬كثيرة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اتفقنا‭ ‬أن‭ ‬لإدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬رأيا‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬دعوة‭ ‬السوداني‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬لواشنطن‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬أسلافه‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لكن‭ ‬سؤالا‭ ‬ملحا‭ ‬لمن‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدعم،‭ ‬خارجيا‭ ‬أم‭ ‬داخليا؟‭ ‬

إن‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬للسوداني‭ ‬واضح‭ ‬لمن‭ ‬يتابع‭ ‬أوضاع‭ ‬العراق‭ ‬جيدا،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬ورسائل‭ ‬التواصل‭ ‬لإجراءات‭ ‬حكومة‭ ‬السوداني‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأشهر‭ ‬الثمانية‭ ‬الماضية،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراض‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬المقايضة‭ ‬النفطية‭ ‬الغازية‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬وطهران،‭ ‬فواشنطن‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لحكومة‭ ‬السوداني‭ ‬لتحقيق‭ ‬إنجازات‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المجالات‭ ‬الصناعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتنموية‭ ‬والأمنية،‭ ‬ومجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬ومثل‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬بشأن‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

والأرجح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬منتظر‭ ‬بعد‭ ‬إقرار‭ ‬الموازنة‭ ‬المالية‭ ‬العراقية‭ ‬الجديدة،‭ ‬ولا‭ ‬أستبعد‭ ‬أن‭ ‬السوداني‭ ‬تباحث‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬قبل‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬مقايضة‭ ‬النفط‭ ‬الأسود‭ ‬بالغاز‭ ‬الإيراني‭ ‬لإدامة‭ ‬استمرار‭ ‬وصول‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الصعب‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬هذا‭ ‬الصيف،‭ ‬وأظنها‭ ‬خطوة‭ ‬وقتية‭ ‬لتفادي‭ ‬أزمة‭ ‬مستفحلة‭.‬

وهذه‭ ‬الفرضية‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دعما‭ ‬أمريكيا‭ ‬لحكومة‭ ‬السوداني‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إحراجها‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاقياتها‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬أما‭ ‬قرار‭ ‬الاعفاء‭ ‬الامريكي‭ ‬للعراق‭ ‬مدة‭ ‬120‭ ‬يوما‭ ‬لسداد‭ ‬مستحقات‭ ‬ايران‭ ‬عليه،‭ ‬فينظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬مساندة‭ ‬حكومة‭ ‬السوداني‭ ‬لتجاوز‭ ‬أزمة‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الذروة‭ ‬بفصل‭ ‬الصيف‭ ‬عندما‭ ‬تصل‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬أيام‭ ‬شهري‭ ‬يوليو‭ ‬وأغسطس‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الغليان‭ ‬من‭ (‬50‭ ‬درجة‭) ‬فما‭ ‬فوق‭.‬

لكن‭ ‬الاشتراط‭ ‬الأمريكي‭ ‬بتحويل‭ ‬المبالغ‭ ‬لبنوك‭ ‬غير‭ ‬عراقية‭ ‬يثبت‭ ‬بقاء‭ ‬الموقف‭ ‬المتصلب‭ ‬لواشنطن‭ ‬إزاء‭ ‬طهران،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬السوداني‭ ‬المنتظرة‭ ‬لواشنطن‭ ‬لن‭ ‬يطول‭ ‬وقتها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬جربت‭ ‬واشنطن‭ ‬خطوات‭ ‬السوداني‭ ‬المتعقلة‭ ‬وغير‭ ‬المندفعة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬حكومته‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لميول‭ ‬معينة‭ ‬لحكومة‭ ‬السوداني‭ ‬تجاه‭ ‬جهة‭ ‬خارجية‭ ‬معينة‭.‬

لقد‭ ‬أخطأت‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬عندما‭ ‬اعتبرت‭ ‬تأخر‭ ‬زيارة‭ ‬السوداني‭ ‬لواشنطن‭ ‬قد‭ ‬يجعلها‭ ‬تواجه‭ ‬المصير‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬مرت‭ ‬به‭ ‬حكومة‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي،‭ ‬وهذه‭ ‬المقاربة‭ ‬غير‭ ‬منصفة‭ ‬عندما‭ ‬شبهت‭ ‬اتفاق‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬في‭ ‬مقايضة‭ ‬النفط‭ ‬الأسود‭ ‬قبالة‭ ‬الغاز‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬2023،‭ ‬بالاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬أبرمته‭ ‬حكومة‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬ضمن‭ ‬شعار‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬فالواضح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مطلقا‭ ‬إحداثيات‭ ‬الحكومتين‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬طبيعة‭ ‬الشخصية‭ ‬والاتجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬رئيسي‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسبق‭ ‬والحالي،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العراق،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬رأي‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي‭ ‬حيال‭ ‬كلا‭ ‬الشخصيتين،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نظرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭. ‬فالسوداني‭ ‬يدير‭ ‬الحكومة‭ ‬والعراق‭ ‬بمنهج‭ ‬إصلاحي‭ ‬وحرص‭ ‬ومركزية‭ ‬وطنية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مواجهته‭ ‬تركة‭ ‬ثقيلة‭ ‬من‭ ‬أعباء‭ ‬الحكومات‭ ‬السابقة‭. ‬

وهذه‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬المراقبين،‭ ‬فإن‭ ‬النجاح‭ ‬المأمول‭ ‬منها‭ ‬مرهون‭ ‬بشرط‭ ‬نيل‭ ‬دعم‭ ‬العراقيين‭ ‬أولا،‭ ‬قبل‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وأول‭ ‬الداعمين‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬البرلمانية‭ ‬وخارجها‭ ‬التي‭ ‬تمرست‭ ‬على‭ ‬تخريب‭ ‬العمل‭ ‬الصالح‭ ‬لأي‭ ‬حكومة‭ ‬سابقة،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬الأخيرة‭ ‬هي‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬سابقاتها‭ ‬طبقا‭ ‬للصفات‭ ‬الخاصة‭ ‬برئيسها‭ ‬ولقناعة‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬بأدائه‭.‬

{ كاتب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي

‭ ‬Faidel‭.‬albadrani@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا