العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحل المؤجَّل في السودان

بقلم: د. عمرو الشوبكي

السبت ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

استضافت‭ ‬القاهرة‭ ‬مؤتمر‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬مؤخرا؛‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬للصراع‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وقبلها‭ ‬كانت‭ ‬مدينة‭ ‬جدة‭ ‬السعودية‭ ‬مسرحا‭ ‬لمفاوضات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع؛‭ ‬أي‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬برعاية‭ ‬سعودية‭ ‬أمريكية،‭ ‬وتواصل‭ ‬نفس‭ ‬المدينة‭ ‬استعدادها‭ ‬لاستضافة‭ ‬جولات‭ ‬ومفاوضات‭ ‬أخرى‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتثبيت‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬للصراع‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المواجهات‭ ‬المسلحة‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الاستحالة‭ ‬أن‭ ‬يحسمه‭ ‬أحد‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬جذريا‭ ‬لصالحه،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تقدم‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وسيطر‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الرئيسية،‭ ‬فلو‭ ‬نجح‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬قوة‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬فإنه‭ ‬غير‭ ‬مطروح‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬وجود‭ ‬عناصرها‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف،‭ ‬وسيعاد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬دمجها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬والمؤسسات‭ ‬النظامية،‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬بصورة‭ ‬تسمح‭ ‬بدمج‭ ‬عناصر‭ ‬الوافد‭ ‬الجديد،‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬تحديات‭ ‬كبرى‭ ‬يجب‭ ‬بحثها‭ ‬من‭ ‬الآن،‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬طريقا‭ ‬لتسوية‭ ‬سياسية‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬القوى‭ ‬المدنية‭ ‬المسار‭ ‬السلمي‭ ‬إذا‭ ‬احتفظت‭ ‬بحيادها‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع،‭ ‬واعتبرت‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬شروط‭ ‬الانتقال‭ ‬الديمقراطي‭ ‬هو‭ ‬توحيد‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مهنية‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وحيادها،‭ ‬ويكون‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬تغيير‭ ‬بعض‭ ‬القيادات‭ ‬وليس‭ ‬هدم‭ ‬المؤسسات‭.‬

‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬عدم‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬امتداد‭ ‬للنظام‭ ‬القديم،‭ ‬والخلط‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحسبوا‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬القديم‭ ‬وبين‭ ‬مؤسسة‭ ‬عسكرية‭ ‬يجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وتوحيد‭ ‬فصائلها‭ ‬وضمان‭ ‬حيادها‭.‬

إذا‭ ‬نجحت‭ ‬المؤتمرات‭ ‬التي‭ ‬تعقد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬ضرورة‭ ‬التحرك‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإنساني‭ ‬والسياسي‭ ‬لإيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬للصراع‭ ‬الدموي،‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬سياسي‭ ‬جديد‭.‬

مطلوب‭ ‬أن‭ ‬يراجع‭ ‬الجميع‭ ‬أخطاءه‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تصحيحها،‭ ‬ومطلوب‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬نظرة‭ ‬شاملة‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬السودان‭ ‬المعاصر،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬بلد‭ ‬استقل‭ ‬منذ‭ ‬67‭ ‬عاما،‭ ‬عرف‭ ‬فيها‭ ‬حكما‭ ‬أو‭ ‬دورا‭ ‬مدنيا‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬حوالى‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يطرح‭: ‬لماذا‭ ‬يتعثر‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬السودان؟‭.‬

الواقع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬حدث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬حكومة‭ ‬إسماعيل‭ ‬الأزهري‭ ‬عقب‭ ‬الاستقلال،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬رهانات‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬المدنية‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬المكون‭ ‬العسكري،‭ ‬وهو‭ ‬واقع‭ ‬يجب‭ ‬مواجهته‭ ‬بشفافية،‭ ‬وتقديم‭ ‬مخرجات‭ ‬للتعامل‭ ‬معه،‭ ‬لا‭ ‬القفز‭ ‬عليه‭ ‬بشعارات‭ ‬سياسية‭. ‬

على‭ ‬السودانيين‭ ‬وكل‭ ‬الحريصين‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬أن‭ ‬يبدأوا‭ ‬بطرح‭ ‬سؤال‭: ‬لماذا‭ ‬فشلنا؟‭ ‬ولماذا‭ ‬فشل‭ ‬المسار‭ ‬الانتقالي‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬مأزوما‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬4‭ ‬سنوات؟‭ ‬ومن‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية؟

لا‭ ‬يجب‭ ‬تحميل‭ ‬القوى‭ ‬المدنية‭ ‬بمفردها‭ ‬مسؤولية‭ ‬الفشل،‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬فالكل‭ ‬مسؤول،‭ ‬وحان‭ ‬وقت‭ ‬المراجعة‭ ‬وتصحيح‭ ‬الأخطاء‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا