العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مسيرة الراحل الدكتور خالد العوهلي بين دفتي الإنسانية والحنكة الإدارية

الراحل د. خالد العوهلي.

بقلم: د. رنده ربحي حماده {

الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

تتداخل‭ ‬المساحات‭ ‬الشاسعة‭ ‬للمواقف‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬جمعتنا‭ ‬مع‭ ‬فقيدنا‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬العوهلي‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الراحل‭ ‬مع‭ ‬مساحات‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬والإخلاص‭ ‬والدأب‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬والتجديد‭ ‬وملاحقة‭ ‬المستجدات‭ ‬المواكبة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬تطوير‭ ‬التعليم‭ ‬والارتقاء‭ ‬به؛‭ ‬فعند‭ ‬رثاء‭ ‬قامة‭ ‬كشخصه‭ ‬جمعت‭ ‬جل‭ ‬الخصال‭ ‬النبيلة‭ ‬مع‭ ‬الحكمة‭ ‬والحلم‭ ‬والحنكة‭ ‬الإدارية،‭ ‬تحتار‭ ‬بأيها‭ ‬تبدأ‭!‬

التحقت‭ ‬بالعمل‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬والعلوم‭ ‬الطبية‭ ‬بجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬العام‭ ‬1991،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬الأكاديميات‭ ‬بدوام‭ ‬كلي‭ ‬اثنين‭ ‬فقط،‭ ‬وبقي‭ ‬عدد‭ ‬الاكاديميات‭ ‬في‭ ‬الكادر‭ ‬النسائي‭ ‬بالكلية‭ ‬متواضعا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬ترأس‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬العوهلي‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009،‭ ‬حينها‭ ‬بدأ‭ ‬الزمن‭ ‬الاستثنائي،‭ ‬وبدأ‭ ‬العدد‭ ‬يزداد‭ ‬حتى‭ ‬تجاوزت‭ ‬نسبة‭ ‬الأكاديميات‭ ‬الثلث‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬الأكاديميين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الأكاديمي‭ ‬2021-2022‭.‬

وهذا‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء؛‭ ‬إنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬إيمانه‭ ‬بالكفاءة‭ ‬قبل‭ ‬النوع‭ ‬رجلا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬امرأة،‭ ‬والعدالة‭ ‬والتساوي‭ ‬ومنح‭ ‬المساحات‭ ‬للعطاء‭ ‬والإبداع‭ ‬أمام‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرجل‭.‬

أتذكر‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬أول‭ ‬شهر‭ ‬لانضمام‭ ‬الدكتور‭ ‬العوهلي‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬مر‭ ‬على‭ ‬مكتبي‭ ‬أثناء‭ ‬تفقده‭ ‬المبنى،‭ ‬فأخبرته‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬قاعات‭ ‬وغرفا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬وصيانة،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬ان‭ ‬أترأس‭ ‬لجنة‭ ‬لإعداد‭ ‬مقترحات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬أول‭ ‬مهمة‭ ‬أوكلها‭ ‬إليّ‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬وحتى‭ ‬دخوله‭ ‬المستشفى‭ ‬عملت‭ ‬معه‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملي‭ ‬كنائبة‭ ‬العميد‭ ‬لشؤون‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬والعلوم‭ ‬الطبية،‭ ‬وأثناء‭ ‬عضويتي‭ ‬بمجلس‭ ‬الجامعة‭ ‬وترؤسي‭ ‬وعضويتي‭ ‬ببعض‭ ‬اللجان‭ ‬الجامعية‭. ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬لقاءات‭ ‬واتصالات‭ ‬كثيرة‭ ‬بحكم‭ ‬مسؤولياتي‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والإدارية،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬عرفت‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬خصاله‭ ‬وصفاته‭ ‬وأخلاقه‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬كان‭ ‬مستمعا‭ ‬جيدا،‭ ‬محترما‭ ‬للرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬حكيما،‭ ‬مقدرا‭ ‬للجهود‭ ‬المبذولة،‭ ‬شاكرا‭ ‬حامداً‭ ‬مبتسماً‭.. ‬دائما‭ ‬ينسب‭ ‬أي‭ ‬نجاح‭ ‬يتم‭ ‬تحقيقه‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬منسوبي‭ ‬الجامعة،‭ ‬رافضا‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬جهوده‭ ‬أن‭ ‬ينسب‭ ‬الجهد‭ ‬اليه‭ ‬شخصيا‭. ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬يرسل‭ ‬لي‭ ‬قصاصات‭ ‬الجرائد‭ ‬والمقالات‭ ‬التي‭ ‬تشدني‭ ‬موضوعاتها‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية‭ ‬يشاركني‭ ‬المعرفة‭ ‬التي‭ ‬اكتسبها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القراءات،‭ ‬وانا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنه‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الزملاء‭ ‬والزميلات‭.‬‮ ‬

لقد‭ ‬آمن‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬الراحل‭ ‬بإتاحة‭ ‬الفرص‭ ‬للجنسين‭ ‬منذ‭ ‬التحاقه‭ ‬بالجامعة،‭ ‬وقبل‭ ‬تشكيله‭ ‬لجنة‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬الشرف‭ ‬ان‭ ‬أترأسها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬وقد‭ ‬أصدر‭ ‬قرارات‭ ‬منها‭ ‬اعتماد‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬عند‭ ‬التعيينات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والإدارية‭ ‬واعتماد‭ ‬ميزانية‭ ‬خاصة‭ ‬لأبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬تعنى‭ ‬بالمرأة‭ ‬الخليجية‭ ‬حرصا‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬ورعاية‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة‭ ‬الخليجية‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬العوهلي‭ ‬منصفا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لافت،‭ ‬لا‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬الا‭ ‬بالكفاءة،‭ ‬وأعطى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أقسام‭ ‬الجامعة‭ ‬سواء‭ ‬الأكاديمية‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬الإدارية‭ ‬الفرص‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬مثل‭ ‬التعيينات‭ ‬بالمناصب‭ ‬الإدارية‭ ‬ورئاسة‭ ‬اللجان‭ ‬وعضويتها‭ ‬والابتعاث‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬للدراسة‭.‬

كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬مميزاً‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬وتعامله،‭ ‬وكشخصية‭ ‬قيادية‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬القدوة‭ ‬لنا‭ ‬جميعا،‭ ‬إذ‭ ‬يجمع‭ ‬كل‭ ‬منسوبي‭ ‬الجامعة‭ ‬على‭ ‬إخلاصه‭ ‬للجامعة‭ ‬وتفانيه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬تقدم‭ ‬الجامعة‭ ‬وتطورها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مستمر‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬أنموذجا‭ ‬حيًّا‭ ‬للوحدة‭ ‬الخليجية،‭ ‬حاضنة‭ ‬للبرامج‭ ‬الفريدة‭ ‬والمتميزة‭ ‬والمبتكرة‭. ‬وعرف‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الراحل‭ ‬بأنه‭ ‬واسع‭ ‬المعرفة،‭ ‬ذو‭ ‬نظرة‭ ‬حكيمة‭ ‬ثاقبة،‭ ‬ودائما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بالمستجدات‭ ‬التربوية‭ ‬والعلمية،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تفرد‭ ‬بإنسانيته‭ ‬وتواضعه‭ ‬وأخلاقه‭ ‬العالية‭ ‬وحكمته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬دبلوماسية؛‭ ‬فنال‭ ‬حب‭ ‬واحترام‭ ‬جميع‭ ‬منسوبي‭ ‬الجامعة‭ ‬وطلبتها‭.‬

سيبقى‭ ‬اسم‭ ‬خالد‭ ‬العوهلي‭ ‬محفورا‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬نتذكره‭ ‬دائما‭ ‬ونترحم‭ ‬عليه‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬سعادة‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬الراحل‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭.. ‬و«إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‮»‬‭.‬

{‭ ‬أكاديمية‭ ‬بحرينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا