العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الدور الإعلامي للوكالات الإخبارية العربية

بقلم: د. إيهاب عمرو

الثلاثاء ١٢ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

ترددتُ‭ ‬قبل‭ ‬تناول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬سوى‭ ‬لكوني‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزعجهم‭ ‬الشيء‭ ‬البسيط،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬إذا‭ ‬تعلق‭ ‬بمصالح‭ ‬وطن‭ ‬وأمة‭ ‬فإن‭ ‬الواجب‭ ‬المهني‭ ‬والأخلاقي‭ ‬يملي‭ ‬القيام‭ ‬بدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬السياسية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباها‭.‬

ولعل‭ ‬المتابع‭ ‬للوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬العربية‭ ‬يشعر‭ ‬بقلق‭ ‬متزايد،‭ ‬ولا‭ ‬أبالغ‭ ‬إن‭ ‬قلت‭ ‬إنه‭ ‬بات‭ ‬يشعر‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الحنق،‭ ‬تجاه‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬التي‭ ‬وإن‭ ‬ادعت‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والأمة‭ ‬من‭ ‬أولوياتها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬ربما‭ ‬يثبت‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬فلسطين‭ ‬مثلا،‭ ‬تقوم‭ ‬إحدى‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬بتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أخبار‭ ‬الفنانين‭ ‬والفنانات،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬سببا‭ ‬كافيا‭ ‬لانتقادها‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالفنون‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬علمنا‭ ‬بقيام‭ ‬تلك‭ ‬الوكالة‭ ‬بتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أخبار‭ ‬الفنانين‭ ‬والفنانات‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الفضائح‭ ‬الأخلاقية‭ ‬فإن‭ ‬الصورة‭ ‬تكون‭ ‬أوضح‭ ‬من‭ ‬الكلام،‭ ‬والرسالة‭ ‬التي‭ ‬تؤديها‭ ‬تلك‭ ‬الوكالة‭ ‬الإخبارية،‭ ‬تكون‭ ‬رسالة‭ ‬مشوهة‭ ‬ومسيئة‭ ‬للنضال‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭.‬

إذ‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬الوكالة‭ ‬الإخبارية‭ ‬المذكورة،‭ ‬بإبراز‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وفضح‭ ‬ممارسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬وبنات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فإنها‭ ‬تقوم‭ ‬بإبراز‭ ‬صورة‭ ‬مغايرة‭ ‬عن‭ ‬نضالات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أمام‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية،‭ ‬وحتى‭ ‬أمام‭ ‬أبناء‭ ‬وبنات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ممن‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬قسرا‭ ‬أو‭ ‬طوعا‭ ‬بواسطة‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬الأخبار‭ ‬والتقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬إسفاف‭ ‬يدغدغ‭ ‬مشاعر‭ ‬الشبان‭ ‬والشابات‭.‬

ومازلت‭ ‬أتذكر‭ ‬ذلك‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬جمعني‭ ‬وأحد‭ ‬زملائي‭ ‬الأكاديميين‭ ‬المخضرمين‭ ‬بشأن‭ ‬دور‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وقيامه‭ ‬بوصف‭ ‬تلك‭ ‬الوكالة‭ ‬الإخبارية‭ ‬بأنها‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬هشك‭ ‬بشك‮»‬‭ ‬الإخبارية‭.‬

وثمة‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬فلسطين،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬بنشر‭ ‬أخبار‭ ‬وتقارير‭ ‬لجهات‭ ‬عربية‭ ‬ودولية‭ (‬رسمية‭ ‬وغير‭ ‬رسمية‭) ‬مؤداها‭ ‬تبرير‭ ‬مواقف‭ ‬تعكس‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬بتلك‭ ‬الوكالة‭ ‬قيامها‭ ‬بنشر‭ ‬تقارير‭ ‬صادرة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬خصوم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬طبيعة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬تلك‭ ‬الوكالة‭ ‬المشبوهة‭. ‬وقد‭ ‬وصفها‭ ‬أحد‭ ‬الإعلاميين‭ ‬ممن‭ ‬لهم‭ ‬باع‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬بالقول‭: ‬إنها‭ ‬وكالة‭ ‬للتضليل‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وليست‭ ‬وكالة‭ ‬إخبارية‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬تلك‭ ‬الوكالة‭ ‬الإخبارية‭ ‬هو‭ ‬نشر‭ ‬أخبار‭ ‬غير‭ ‬موثوقة،‭ ‬وليس‭ ‬نشر‭ ‬الفكر‭ ‬والمعرفة‭ ‬بين‭ ‬العموم‭.‬

وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬العربية‭ ‬ذات‭ ‬الميول‭ ‬والاتجاهات‭ ‬المحددة‭ ‬ما‭ ‬معناه‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬تلك‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬بنشر‭ ‬أية‭ ‬أخبار‭ ‬أو‭ ‬مقالات‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬تلك‭ ‬الميول‭ ‬والاتجاهات،‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬الدور‭ ‬المنوط‭ ‬بها‭ ‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬مساسا‭ ‬بأهم‭ ‬الأسس‭ ‬والركائز‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬مهنة‭ ‬الإعلام،‭ ‬وأقصد‭ ‬الحيدة‭ ‬والنزاهة‭ ‬والموضوعية‭.‬

غير‭ ‬أنه،‭ ‬ومن‭ ‬قبيل‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق،‭ ‬فإن‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬العربية‭ ‬تؤدي‭ ‬دورا‭ ‬إيجابيا‭ ‬ومحوريا‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬المعرفة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭.‬

تأسيسا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬الوكالات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬المعنية‭ ‬يتعين‭ ‬عليها‭ ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬بوصلتها‭ ‬نحو‭ ‬خدمة‭ ‬مصالح‭ ‬الوطن‭ ‬والأمة،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬قول‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬سوف‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭: ‬‮«‬دواؤك‭ ‬فيك‭ ‬وما‭ ‬تبصر،‭ ‬وداؤك‭ ‬منك‭ ‬وما‭ ‬تشعر،‭ ‬أتزعم‭ ‬أنك‭ ‬جرم‭ ‬صغير‭ ‬وفيك‭ ‬انطوى‭ ‬العالم‭ ‬الأكبر‮»‬‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا