العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

إعاقتي هي طاقة إرادتي ومصدر قوتي

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00


 

‮«‬ركزوا‭ ‬على‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعيقكم‭ ‬إصابتكم‭ ‬عن‭ ‬فعلها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬ولا‭ ‬تشعروا‭ ‬بالألم‭ ‬في‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تمنعكم‭ ‬الإعاقة‭ ‬عن‭ ‬فعلها،‭ ‬ولا‭ ‬تجعلوا‭ ‬إعاقتكم‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬أرواحكم‭ ‬كما‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أجسادكم‮»‬‭!‬

تلك‭ ‬كانت‭ ‬نصيحة‭ ‬ستيفن‭ ‬هوكينغ‭ ‬عالم‭ ‬الفيزياء‭ ‬البريطاني‭ ‬الشهير‭ ‬لذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬تنظيرا‭ ‬أدبيا،‭ ‬فإعاقته‭ ‬لم‭ ‬تحرمه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬علماء‭ ‬الفيزياء‭ ‬وأكثرهم‭ ‬عبقرية‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬المثال‭ ‬الأول‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬الأخير،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬حققوا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإنجازات،‭ ‬وتحولوا‭ ‬إلى‭ ‬أبطال‭ ‬لقصص‭ ‬إنسانية‭ ‬تكتب‭ ‬حروفها‭ ‬من‭ ‬ذهب‭.‬

سلمى‭ ‬أحمد‭ ‬العصفور،‭ ‬تلك‭ ‬المرأة‭ ‬الصماء،‭ ‬هي‭ ‬أحد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبطال‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬لنفسها‭ ‬‮«‬أذني‭ ‬لا‭ ‬تسمع‭.. ‬ولكن‭ ‬هنا‭ ‬قلبي‭ ‬يسمع‭ ‬وينظر‭ ‬وبه‭ ‬عزمي‮»‬‭ ‬لتؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬إعاقة‭ ‬مع‭ ‬الإرادة،‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬هم‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لهم‭ ‬طموحاتهم‭ ‬وأحلامهم‭ ‬وأهدافهم‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬البشر،‭ ‬ولا‭ ‬يحبون‭ ‬الهزيمة،‭ ‬ولا‭ ‬نظرات‭ ‬الشفقة،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬أشخاص‭ ‬مميزون،‭ ‬يستطيعون‭ ‬ممارسة‭ ‬حياتهم‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي،‭ ‬ويتمتعون‭ ‬بصفات‭ ‬ومواهب‭ ‬فريدة‭ ‬خصهم‭ ‬الخالق‭ ‬بها‭.‬

هي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬جميلة،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكننا‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬النواحي‭ ‬الجيدة‭ ‬بها،‭ ‬واستثمارها‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬مستقبل‭ ‬ملؤه‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬فدعونا‭ ‬نفتش‭ ‬في‭ ‬مشوارها‭ ‬عن‭ ‬نافذة‭ ‬من‭ ‬النور‭ ‬يهتدي‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ظن‭ ‬أن‭ ‬طريقه‭ ‬سيظل‭ ‬معتما‭ ‬حتى‭ ‬نهايته،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭: ‬

متى‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الإعاقة؟

عند‭ ‬عمر‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬اكتشفت‭ ‬والدتي‭ ‬أنني‭ ‬طفلة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬الأطفال،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أستجيب‭ ‬لأي‭ ‬صوت‭ ‬وكأنني‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬آخر‭ ‬بمفردي،‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬لها‭ ‬الأطباء‭ ‬بعد‭ ‬الفحوصات‭ ‬اللازمة‭ ‬أنني‭ ‬صماء،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كانت‭ ‬صدمة‭ ‬شديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تجاوزتها‭ ‬لقناعتها‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتراض‭ ‬عليها،‭ ‬وعند‭ ‬عمر‭ ‬عامين‭ ‬بلغها‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مدرسة‭ ‬للصم‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬لكنها‭ ‬رفضت‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬بعيدا‭ ‬عنها،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬مركز‭ ‬تأهيل‭ ‬الصم‭ ‬بالبحرين،‭ ‬والتحقت‭ ‬به،‭ ‬وكان‭ ‬عمري‭ ‬حينذاك‭ ‬لم‭ ‬يتعد‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬وتعلمت‭ ‬هناك‭ ‬لغتي‭ ‬الإشارة‭ ‬والشفاه،‭ ‬ومازلت‭ ‬أتذكر‭ ‬معلمتي‭ ‬فاتن‭ ‬البوسميط‭ ‬التي‭ ‬ساعدتني‭ ‬ودعمتني‭ ‬كثيرا،‭ ‬وواصلت‭ ‬بالمركز‭ ‬حتى‭ ‬عمر‭ ‬18‭ ‬عاما‭.‬

ثم‭ ‬ماذا؟

بعد‭ ‬أن‭ ‬تركت‭ ‬مركز‭ ‬تأهيل‭ ‬الصم‭ ‬التحقت‭ ‬بمعهد‭ ‬البحرين‭ ‬للتدريب،‭ ‬ودرست‭ ‬تخصص‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬ثم‭ ‬تخرجت‭ ‬وعملت‭ ‬بوظيفة‭ ‬مدخلة‭ ‬بيانات‭ ‬بالمعهد‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬عقب‭ ‬ذلك‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بمدرسة‭ ‬حكومية‭ ‬كفني‭ ‬معلومات،‭ ‬بالطبع‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬تحديا‭ ‬كبيرا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬نظرا‭ ‬لصعوبة‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنني‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬ضمن‭ ‬الكادر‭ ‬الوظيفي‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬التأقلم‭ ‬وترقيت‭ ‬وأصبحت‭ ‬اختصاصي‭ ‬أول‭.‬

كيف‭ ‬أكملتِ‭ ‬دراستك‭ ‬حتى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية؟

لقد‭ ‬أكملت‭ ‬دراستي‭ ‬بعد‭ ‬الشهادة‭ ‬الإعدادية‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬المستمر‭ ‬المسائي،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬طالبت‭ ‬به‭ ‬أثناء‭ ‬ترؤسي‭ ‬جمعية‭ ‬الصم‭ ‬كأول‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬وخليجية‭ ‬تحتل‭ ‬هذا‭ ‬المنصب،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬تخرجت‭ ‬ضمن‭ ‬أول‭ ‬دفعة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬وقت‭ ‬أزمة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬حيث‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬والدراسة‭ ‬في‭ ‬المساء،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬ألتحق‭ ‬بالجامعة‭ ‬لمواصلة‭ ‬مشواري‭ ‬التعليمي‭ ‬ولكن‭ ‬خاب‭ ‬أملي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭. ‬

ما‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬واجهتك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمنية؟

دفعني‭ ‬حلم‭ ‬إكمال‭ ‬تعليمي‭ ‬الجامعي‭ ‬إلى‭ ‬طرق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأبواب‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬محاولاتي‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل،‭ ‬حتى‭ ‬بالجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬نظرا‭ ‬لعدم‭ ‬إتقاني‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تخصصات‭ ‬للصم‭ ‬بجامعتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬وكم‭ ‬تمنيت‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬الحاسوب‭ ‬وهو‭ ‬حلم‭ ‬سيظل‭ ‬يراودني‭ ‬طوال‭ ‬العمر،‭ ‬ولن‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬تحقيقه‭. ‬

أصعب‭ ‬مرحلة‭ ‬مرت‭ ‬بك؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬طفولتي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬المراحل‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اكتشاف‭ ‬الإعاقة‭ ‬والتأقلم‭ ‬عليها‭ ‬والتعايش‭ ‬معها‭ ‬ونجاحي‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬ومنهم‭ ‬أسرتي‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬الإخوة‭ ‬والأخوات،‭ ‬علما‭ ‬بأنني‭ ‬الابنة‭ ‬الثانية‭ ‬لوالدي،‭ ‬فكم‭ ‬كنت‭ ‬أتألم‭ ‬كثيرا‭ ‬حين‭ ‬يتحدثون‭ ‬أمامي‭ ‬وأجد‭ ‬نفسي‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬يقولون،‭ ‬فقد‭ ‬عشت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الصامت‭ ‬فترة‭ ‬صعبة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعلمت‭ ‬لغتي‭ ‬الشفاه‭ ‬والإشارة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬التأهيل،‭ ‬ولن‭ ‬أنسى‭ ‬فضل‭ ‬أختي‭ ‬إيمان‭ ‬وهي‭ ‬الأقرب‭ ‬لي‭ ‬وكذلك‭ ‬صديقتي‭ ‬المقربة‭ ‬منى‭ ‬فخر‭ ‬في‭ ‬دعمي‭ ‬ومساندتي‭ ‬طوال‭ ‬مشواري،‭ ‬فقد‭ ‬كانتا‭ ‬دوما‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬لي،‭ ‬ويجمعني‭ ‬بهما‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬الفكري،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنني‭ ‬حين‭ ‬بدأت‭ ‬أفهم‭ ‬لغة‭ ‬الشفاه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بكت‭ ‬والدتي‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الفرحة،‭ ‬وكان‭ ‬عمري‭ ‬حينها‭ ‬حوالي‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭.‬

هل‭ ‬مرت‭ ‬بك‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬اليأس؟

بالطبع‭ ‬مررت‭ ‬بلحظات‭ ‬مؤلمة‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط،‭ ‬ولكني‭ ‬إنسانة‭ ‬قوية،‭ ‬ومصدر‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬والداي،‭ ‬فقد‭ ‬زرعا‭ ‬بداخلي‭ ‬الصلابة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬تحدٍ‭ ‬منذ‭ ‬صغري،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأن‭ ‬إعاقتي‭ ‬هي‭ ‬مكمن‭ ‬إرادتي‭ ‬وعزيمتي،‭ ‬وبأنني‭ ‬لست‭ ‬ناقصة،‭ ‬بل‭ ‬المعاق‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يرانا‭ ‬معاقين‭ ‬ويتعامل‭ ‬معنا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬فالإعاقة‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الفكر،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬زوجي‭ ‬وأبنائي‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬الفضل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تخطي‭ ‬أي‭ ‬صعوبات‭ ‬أو‭ ‬عثرات‭ ‬واجهتني‭ ‬عبر‭ ‬مشواري‭. ‬

تجارب‭ ‬مؤلمة‭ ‬لا‭ ‬تنسى؟

من‭ ‬أهم‭ ‬المواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬بل‭ ‬والمؤلمة‭ ‬التي‭ ‬واجهتني‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬تفهم‭ ‬البعض‭ ‬لظروفي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬لي‭ ‬ضغوطا‭ ‬نفسية‭ ‬قاسية،‭ ‬وخاصة‭ ‬اذا‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بعدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدراتي‭ ‬واستبعاد‭ ‬بعض‭ ‬المهام‭ ‬عني‭ ‬نتيجة‭ ‬التشكك‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬الإيفاء‭ ‬بها،‭ ‬ولكني‭ ‬اعتدت‭ ‬وتكيفت‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬أتوقف‭ ‬كثيرا‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الأمور،‭ ‬ومن‭ ‬الأشياء‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تشعرني‭ ‬أحيانا‭ ‬بالحرج‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬هو‭ ‬رفع‭ ‬نبرة‭ ‬صوتي‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬نظرا‭ ‬لعدم‭ ‬سماعي‭ ‬لها،‭ ‬وخجلي‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬حولي‭. ‬

نقطة‭ ‬ضعفك؟

نقطة‭ ‬ضعفي‭ ‬بناتي،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬استطعت‭ ‬رغم‭ ‬حالتي‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬من‭ ‬الصداقة‭ ‬فيما‭ ‬بيننا،‭ ‬وهن‭ ‬يكن‭ ‬لي‭ ‬ولوالدهن‭ ‬كل‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام،‭ ‬وقد‭ ‬علمتهن‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافرهن‭ ‬أن‭ ‬الترابط‭ ‬العائلي‭ ‬أهم‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فلولا‭ ‬دعم‭ ‬أسرتي‭ ‬وأهلي‭ ‬لما‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭. ‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬زواجك؟

لقد‭ ‬كنت‭ ‬رافضة‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬طبيعي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬أمانع‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أصم‭ ‬مثلي‭ ‬وحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬أنني‭ ‬قابلت‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬السمع‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬التأهيل،‭ ‬وكان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬النطق‭ ‬بدرجة‭ ‬تفوق‭ ‬فيها‭ ‬عليّ،‭ ‬وقررنا‭ ‬الزواج‭ ‬رغم‭ ‬تحفظ‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬تخوفا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬قدرتنا‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أبنائنا‭ ‬مستقبلا،‭ ‬ولكني‭ ‬أقنعته‭ ‬وتمت‭ ‬خطبتي‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬22‭ ‬عاما،‭ ‬وبعد‭ ‬انجاب‭ ‬طفلتي‭ ‬الأولى‭ ‬واصلت‭ ‬مشواري‭ ‬العملي،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬تجربة‭ ‬زواجي‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬أصم‭ ‬مثلي‭ ‬ناجحة‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬تفاهما‭ ‬وتقاربا‭ ‬شديدا‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدهش‭ ‬الكثيرين‭ ‬وأولهم‭ ‬والدي‭. ‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬تعاملكما‭ ‬مع‭ ‬الأبناء؟

يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأننا‭ ‬لم‭ ‬نواجه‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬بناتنا‭ ‬الثلاث،‭ ‬ففي‭ ‬البداية‭ ‬كنا‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬حاسة‭ ‬التلامس‭ ‬فيما‭ ‬بيننا،‭ ‬ثم‭ ‬ظهرت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬سهلت‭ ‬علينا‭ ‬الأمر‭ ‬كربط‭ ‬الجرس‭ ‬بالإضاءة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وقد‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬تعليمهن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬ولغة‭ ‬الإشارة‭ ‬منذ‭ ‬صغرهن،‭ ‬وكم‭ ‬هن‭ ‬فخورات‭ ‬بنا‭ ‬ويتحدثن‭ ‬عنا‭ ‬بكل‭ ‬اعتزاز‭ ‬وتقدير‭. ‬

أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترؤسك‭ ‬جمعية‭ ‬الصم؟

لا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أتوجه‭ ‬بالشكر‭ ‬الجزيل‭ ‬للقائمين‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬لتعاونهم‭ ‬وتواصلهم‭ ‬الدائم‭ ‬معنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجمعية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ساعدنا‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإنجازات،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬والأنشطة،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬انجاز‭ ‬أثناء‭ ‬ترؤسي‭ ‬جمعية‭ ‬الصم‭ ‬هو‭ ‬مطالبتي‭ ‬بالتعليم‭ ‬المستمر‭ ‬المسائي‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬سعيدة‭ ‬وفخورة‭ ‬بالاستجابة‭ ‬لي،‭ ‬وقد‭ ‬تخرجت‭ ‬ضمن‭ ‬أول‭ ‬دفعة‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ومازلت‭ ‬عضوة‭ ‬بالجمعية‭. ‬

درس‭ ‬علمتك‭ ‬إياه‭ ‬الحياة؟‭ ‬

علمتني‭ ‬الحياة‭ ‬الإيجابية‭ ‬وعدم‭ ‬الاستسلام،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬رسالتي‭ ‬للصم،‭ ‬لذلك‭ ‬سأظل‭ ‬أسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬حلم‭ ‬إكمال‭ ‬تعليمي‭ ‬الجامعي‭ ‬ولن‭ ‬أيأس،‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬براتب‭ ‬أفضل‭ ‬لمواصلة‭ ‬طريقي‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬والأمان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا